إقتصادقراءات معمقة

أصل العلة في الازمات: تضخم ميزانيات البنوك المركزية

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

كيف تسهم الميزانيات العمومية للبنوك المركزية في وقوع الأزمات المالية المتكررة
على الرغم من أن الأصول الخاصة بالبنك الفيدرالي الأمريكي والبنوك الأوروبية وبنك اليابان قد بلغت ثلاثة أضعاف ما كانت عليه قبل وقوع الأزمة المالية العالمية السابقة، إلا أن بعض العوامل كاستخدام سياسة الحمائية والأيدولوجية الشعبوية فضلا عن حالة الاضطراب السياسي قد تمثل جميعها إنطلاقة الزناد نحو الوقوع في فخ أزمة مالية جديدة.
قد يبدو من الحماقة أن نحكم على التنبؤات بوقوع أزمة مالية أو اقتصادية قادمة بأنها صحيحة تماما، فلكل أزمة ظروفها ودوافعها ومؤشراتها أيضا، ولكن أحيانا ما يتم تجاهل بعض التحذيرات التي تتوقع حدوث الأزمات ومن ثم تقع الكارثة.
ولعل أفضل ما يمكن ان يقوم به الاقتصاديون هو تقييم الأوضاع الحالية من أجل وضع التصورات المستقبلية، فأحيانا ما يفيد تفنيد مواضع الخلل في البحث عن حلول اقتصادية إصلاحية، ولكن يختلف الأمر تبعا لشدة الأزمة ومدى ضعف الدولة. بمعنى أن التنبؤات إزاء الأزمات القادمة قد تجدي نفعا أحيانا ولكنها قد لا تؤثر بدرجة كبيرة في أحيان أخرى.
ويعتقد بعض الخبراء بأن مصدر القلق الحقيقي يكمن في ميزانية البنوك المركزية، وذلك للأسباب التالية:
أولاً، إن ميزانية البنك المركزي قابلة للتمدد، فقد بلغت قيمة الأصول الخاصة بالبنوك المركزية الكبرى وتشمل كل من البنك الفيدرالي الأمريكي وبنك اليابان والبنك المركزي الأوروبي 14.5 تريليون دولار في نوفمبر 2019 وهو ما يمثل انخفاضا طفيفا عن الذورة التي بلغت حوالي 15 تريليون دولار في أوائل عام 2018 بما يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف المعدل الذي وصلت إليه قبل الأزمة والبالغ 4 تريليون دولار.
وترتبط زيادة حجم الأصول في الأساس بحجم اقتصاد الدولة، حيث تأتي اليابان في المقدمة بواقع 102% يليها البنك المركزي الأوروبي بنسبة 39% أما الفيدرالي الأمريكي 17% فقط.
ثانياً ، التوسع في الميزانية العمومية للبنوك المركزية هو في الأساس سياسة فاشلة. فعلى الرغم من نجاحها في وضع حد للأسواق المنهارة منذ أكثر من عقد من الزمان ، في أعماق الأزمة في أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009. لكنها فشلت في تحقيق انتعاش اقتصادي قوي.
لقد اعتقدت البنوك المركزية أن ما نجح خلال الأزمة سينجح بنفس القدر خلال فترة الانتعاش. ولكن هذا لم يحدث. فقد ارتفع إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان بمقدار 5.3 تريليون دولار أمريكي في الفترة من عام 2008 إلى عام 2018 ، أو ما يقرب من نصف إجمالي ميزانية البنوك المركزية مجتمعة البالغ 10 تريليونات دولار أمريكي خلال نفس الفترة. وما تبقى من 4.7 تريليون دولار أمريكي هو المعادل الوظيفي اللازم لتوفير السيولة اللازمة لدعم أسواق الأصول على مدار فترة ما بعد الأزمة.
وثالثا، فبعد محاولات من الإنكار، عاودت البنوك المركزية التطلع نحو توسيع الميزانية العمومية كوسيلة لتحقيق الانتعاش الاقتصادي وكانت البداية من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي في أواخر 2018 وذلك أولا من خلال اتباع سياسة عكسية لحالة التطبيع المخطط لسعر الفائدة بأثر رجعي ومن ثم السماح للميزانية العامة الخاصة به بالنمو مرة أخرى بزعم إدارة الاحتياطي الفيدرالي، وجاء ذلك متبوعا بالتخفيضات التي حدثت خلال الفترة من منتصف 2017 وحتى أغسطس 2018
أما في اليابان فقد بقيت مستويات مشتريات الأصول مرتفعة كجزء أساسي من خطة الإنعاش الاقتصادي. ومن جانبه فقد أكد الرئيس الجديد للبنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد- والذي يعتبر أحدث مصرفي يقود بنك مركزي في العالم- أن السياسات النقدية الأوروبية الجديدة سوف تحدث طفرة كبرى وتغييرات جذرية في جميع ما هو قائم بالفعل بما في ذلك الميزانيات العمومية.
وفي ظل ما يعيشه العالم من انخفاض للتضخم، فإنه يبدو أن البنوك المركزية ليس لديها ما تقلق بشأنه، ولعل ذلك ما يدفعها نحو اتباع إجراءات نقدية غير عادية سواء على صعيد تخفيض أسعار سعر الفائدة أو التوسع في حجم الميزانيات العمومية.
ولكن تكمن المشكلة نسبيا في مسألة تفويض استقرار الأسعار على المدى الطويل في حد ذاته، وهو الأمر الذي لا يتماشى حاليا مع السياسة النقدية نظرا لما يشكله من مخاطر متزايدة على الاستقرار المالي. ولعل حالة عدم الاستقرار المحتملة في سوق الأسهم الأمريكية هي مثال على ذلك.
ويتوقع الخبراء بأنه في ظل تلك الأوضاع الاقتصادية الغير مستقرة عالميا، قد يبقى من غير المستبعد حدوث أزمة جديدة في 2020 وبخاصة بعد انعقاد اتفاقية “المرحلة الأولى” بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية والتي يراها البعض خرقاء جوفاء.
رابط المقال الأصلي: اضغط هنا

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

قد يعجبك ايضاً

http://box5852.temp.domains/~iepcalmy/strategicfile/إقتصاد/لماذا-تتخلف-الدول-عن-سداد-ديونها؟/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى