أمنقراءات معمقة

هل فشلت خوارزميّات منصّات التواصل الاجتماعي في كشف لغة الارهاب؟

عن Vice

هل أخفقت المنصات الاجتماعية الكبرى مثل فيسبوك ويوتيوب في كشف لغة الإرهاب؟
يبدو أن الجماعات الإرهابية على يقين تام بأن استخدام اللغة العربية في بث المحتوى الخاص بهم عبر المنصات الاجتماعية يعد بمثابة الملاذ الآمن لهم، وذلك نظرا لعجز مواقع التواصل الاجتماعي الكبرى كفيسبوك ويوتيوب عن تفسير الكثير من المفردات العربية، مما يجعل الرسائل الإرهابية تمر في سلام دون أن تتعرض للحذف.
وفي كتابه” إدارة التوحش .. أخطر مرحلة ستمر بها الأمة ” يسعى المؤلف أبي بكر ناجي جاهدا لإقناع القارئ بأن كارثة مفاعل تشيرنوبل التي وقعت في روسيا منذ سنوات ما هي إلا نتاج دعوة المسلمين في أفغانستان ضد الروس، وقد اعتبر هذا الكتاب من أخطر المؤلفات التي صدرت في نهاية القرن الماضي والتي تروج للفكر المتطرف وتشرح الاستراتيجية الجديدة للجماعات الجهادية، والتي تمثلت في محاربة العدو الخارجي المتمثل في أمريكا وإسرائيل بدلا من مقاومة الأنظمة الحاكمة في الدول العربية والتي وصفها الجهاديون بـ “المرتدة”.
ويعتبر البعض أن كتاب ناجي والذي نشر في عام 2004 هو الإطار الفكري المؤسس للاستراتيجية الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” مما جعله يتصدر قائمة الكتب المحظورة في العالم العربي، وبخاصة أن المؤلف قد عمد إلى تحليل ونقد الفكر الخاص بالجماعات الجهادية حول العالم أجمع مع طرح الحلول وتقديم المسار الصحيح الذي يقود-في نظره- إلى تأسيس “الخلافة”.
والجدير بالذكر أن الكتاب قد نجح في النفاذ إلى العالم عبر المنصات الاجتماعية وبخاصة كل من يوتيوب الذي يستخدمه أكثر من 70% من سكان أمريكا في الحصول على خدمات البث الصوتي، وفيسبوك أيضا والذي اشتملت العديد من صفحاته على روابط تساعد في الوصول إلى المحتوى النصي للكتاب.
وفيما يبدو أن تداول الكتاب المحظور عبر المنصات الاجتماعية قد بدأ فعليا في عام 2017 عندما قام أحد مدوني يوتيوب ببث مقاطع صوتية لصفحات من ذلك الكتاب عبر قناته الخاصة بنشر الكتب الصوتية التعليمية، وقد حصل التسجيل على نحو 22 ألف و500 مستمع والعديد من المشاركات، وقد نجح المحتوى في النجاة من الحذف إلى أن تمكن بعض الباحثين من معهد الحوار الاستراتيجي (ISD) من كشف ماهية التسجيل الصوتي المحرض على العنف من خلال البحث باستخدام بعض المفردات العربية، والسؤال الآن ،إذا كان المحتوى المتطرف قابلا للاكتشاف والتحقق بهذه السهولة، فلماذا عجز كل من فيسبوك ويوتيوب عن ذلك؟
وفي المنتدى الدولي الأول لمكافحة الإرهاب المنعقد في سان فرانسيسكو ، ناقشت كل من يوتيوب وتويتر وفيسبوك ومايكروسوفت آليات التصدي للمحتوى الذي يحض على العنف والذي يتم بثه باللغة العربية، حيث اعترف أصحاب المنصات الكبرى حول العالم بأن الجهاديون يستخدمون المفردات العربية كنوع من الفزاعة، حيث توفر لهم جدار حماية لغوي يجد الخصوم صعوبة في اختراقه.
وقام الفريق البحثي التابع لمعهد الحوار الاستراتيجي، وهو مؤسسة تهدف إلى التصدي إلى العنف والتطرف حول العالم، بتفقد المحتوى الذي يتم بثه عبر يوتيوب وفيسبوك وذلك من خلال البحث باستخدام بعض الكلمات المفتاحية العربية والمرتبطة بمحتوى كتاب “إدارة التوحش” أو الإرهاب والتطرف بوجه عام، حيث بات يتعين على إدراة كلا المنصتين القيام بالمراجعة المستمرة للمحتوى سواء المقاطع الصوتية والمصورة عبر يوتيوب أو الروابط التي تقود إلى تحميل الكتاب المحظور عبر صفحات فيسبوك، ثم القيام بحذفها فورا.
وعلى مدار الأربع سنوات الأخيرة، استمرت المنصات الاجتماعية الكبرى في تفقد المحتوى الذي يتم بثه ومشاركته بواسطة المستخدمين والقيام بحذف كافة المنشورات والتسجيلات المتعلقة بكل من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية وكافة أنواع المحتوى المشابه لذلك، إلا أن الكثير من الأنشطة الإرهابية قد نجح في النفاذ إلى العالم عبر منصات تشفيرية أخرى مثل تليجرام، مما جعل من الصعوبة بمكان، العمل على تكثيف الجهود الرامية إلى تتبع المحتوى العربي وبخاصة أن اللغة العربية هي أسرع اللغات نموا عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وقد أعلنت شركة فيسبوك أنها نجحت في إزالة الملايين من المنشورات والروابط الخاصة بتنظيم القاعدة خلال العام الجاري، هذا في الوقت الذي أعلنت فيه جوجل بأنها تمكنت من مراجعة نحو مليون جزء من المحتويات المتعلقة بالإرهاب بوجه عام.
وفيما يبدو أن المتعاطفين مع الجماعات الإرهابية من مستخدمي المنصات الاجتماعية قد نجحوا في استغلال بعض الثغرات التقنية في كل من فيسبوك ويوتيوب في تمرير المحتوى الإرهابي ونشر الأفكار المتطرفة، حيث قام هؤلاء المستخدمين بتمييز الصفحات الإرهابية عبر فيسبوك على أنها “تعليمية” أو “شخصيات عامة” أو “شركات” مما قد يجعلها غير قابلة للكشف من قبل إدراة المنصة، ووفقا لقواعد السلوك الخاصة بمجتمع فيسبوك، فإن أي محتوى تعليمي يثبت انتهاكه للقواعد العامة للنشر فإنه يتعرض للحجب فورا، وذات الأمر بالنسبة لشركة يوتيوب والتي تصنف المحتوى المرفوض تحت بند “سياسات التعامل الخاصة بالمنظمات الإرهابية”.
ويمكن القول بأن تصميم فيسبوك قد ساعد المستخدمين في العثور على المزيد من المحتوى الإرهابي وذلك من خلال خيار “صفحات ذات الصلة” والتي يمكن وصفها بكونها جسرا خوارزميا يقود المستخدم من الصفحات التي تحمل نصا صريحا مثلا لتنظيم القاعدة إلى محتوى آخر يتحدث عن السلفية الجهادية أو أيدولوجية الجهاديين السلفيين، فمثلا يمكن النقر المزودج بعيدا عن “إدارة الوحشية” لتجد نفسك أمام صفحة أخرى لشركة تحمل اسم “الجهاد من أجل الله” والتي يتابعها أكثر من 42.000 ألف متابع ، وهي مكرسة لمواجهة “الشيوخ المضللين”.
ومن الأساليب الماكرة التي يلجأ إليها مروجو الأفكار المتطرفة عبر منصة يوتيوب، هي ربط المحتوى الإرهابي بالمحتوى السائد والعمل على تحويل حركة المرور والمشاهدات نحوه وأيضا العمل على نشر عدد من المقاطع المحظورة عبر قوائم التشغيل التي تحتوي على مقاطع عادية من المحتوى السائد كمقاطع الأغاني المصرية والرقص الشرقي والمقاطع المصورة التي تلتقطها كاميرات الهواة.
وقد حقق كل من فيسبوك ويوتيوب نجاحا كبيرا على صعيد التصدي للمحتوى الإرهابي، حيث زعمت فيسبوك العام الماضي أنه تم إزالة نحو 99% من المنشورات والصفحات المروجة للتطرف، وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2019 قال يوتيوب إنه أزال 89،968 مقطع فيديو، ولكن يبقى السؤال الهام هنا، ما هي نسبة المحتوى الإرهابي الذي لازال متوفرا باللغة العربية عبر المنصات الاجتماعية؟ وفي أي يوم وفي أي ساعة يتم بثه من قبل مروجي الفكر المتطرف؟ الأمر الذي علقت عليه شركة يوتيوب قائلة بأنها تمكنت من حذف 90% من المقاطع الخطيرة قبل أن يتم تداولها بين رواد المنصة وقبل أن تحظى بعدد من المشاهدات من الأساس.
من الواضح أن الكثير من الجهود التي تبذلها منصات وسائل التواصل الاجتماعي كانت تركز على محتوى اللغة الإنجليزية ، ومع ذلك ، فإن عدم القدرة على اكتشاف محتوى إرهابي محدد بوضوح باللغة العربية ، وهي اللغة الأسرع نمواً في المجال الرقمي ، يمثل ثغرة كبيرة بالنسبة للشركات. وعليه فإنه يجب على كل من فيسبوك ويوتيوب تحديث جهودهما في الكشف عن اللغة العربية لضمان عدم استمرار المحتوى الإرهابي في برامجهم.
ويجب أن تركز المنصتان على الأسماء العربية المرتبطة بأيدولوجية تنظيم القاعدة وداعش ، وألقاب الاستراتيجيات والنشرات والكتب والأفلام الإرهابية. وفي الوقت الذي كانت المنصات حريصة على إزالة بعض المحتوى الإرهابي باللغة الإنجليزية ، فإن نفس النهج لم يتم استنساخه باللغة العربية.
وفيما يبدو أن المحتوى الإرهابي سيظل “باقيا” على حد تعبير تنظيم القاعدة إلى أن يتم إنشاء أو تطوير التكتيكات الخاصة بالبحث والكشف عن المحتوى الذي يتم بثه باللغة العربية.
رابط المقال الأصلي: اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى