اجتماع

لبنان.. أفضل دولة فاشلة في العالم

عن The Spectator

إذا أمعنت النظر إلى سلاسل الجبال الممتدة خارج بيروت، فلابد وأنك ستلاحظ السحابة الداكنة التي تخيم فوق كل شئ، ومن السهل عليك جدا أن تدرك أن تلك البقعة الشاسعة رمادية اللون ما هي إلا نتاج انبعاثات مولدات الديزل، هذا في الوقت الذي تعاني فيه كل البيوت اللبنانية تقريبا من أزمة الانقطاع المستمر للكهرباء.
ولايمكن حصر أسباب انقطاع الكهرباء في قيام إسرائيل بتدمير محطات توليد الطاقة في عام 2006 فحسب، فمن الأحرى أن نقول بأن الأسباب الحقيقية لتلك الأزمة هي الأطماع السياسية وانتشار الفساد وعدم الكفاءة.
وعلى الرغم من تعهد الحكومة اللبنانية ببناء المزيد من محطات الطاقة والانتهاء من ذلك المشروع خلال العام الجاري، إلا أن كل مسئول يدرك جيدا بأن المحطات الجديدة المزمع إنشائها لن تكفي لسد حاجة الشعب اللبناني من الكهرباء، وإذا سألت رجل الشارع العادي عن ذلك الأمر سيجيبك بأن الحكومة تعقد صفقات مشبوهة مع مافيا الاتجار في المولدات الكهربية من أجل عرقلة المشروع الوطني وتحقيق مكاسب خفية للطرفين.
وبكل أسف فإن جميع مواطني لبنان يدركون الحقيقة المؤلمة ويستسلمون للأمر الواقع، فدولتهم عاجزة فعليا عن سد حاجة الشعب من الكهرباء منذ نهاية الحرب الأهلية في عام 1990
ويمكن القول بأن الحرب اللبنانية قد انتهت بصورة ظاهرية فقط، ولكن المشهد الحالي يؤكد بأن أمراء وزعماء تلك الحرب لا زالوا يتجولون في شوارع بيروت داخل سيارات الدفع الرباعي ذات النوافذ الملونة، وكأنهم يتسابقون في قوافل ومواكب حافلة تستدعي إطلاق صافرات الإنذار وشل حركة المرور بصورة مؤقتة، الأمر الذي يسبب موجة عارمة من الاستياء.
والجدير بالذكر، أن الدولة اللبنانية كانت قد توصلت إلى اتفاق بهدف التغلب على مشكلة الانقسامات التي خلفتها الحرب، وذلك من خلال أن يتم تشكيل السلطة وفقا للأعراق المختلفة، بحيث يكون رئيس الدولة مسيحيا ورئيس الوزراء سنيا ورئيس البرلمان شيعيا، كما يتم تعيين الوزراء على نفس المنوال، الأمر الذي قد يجعل من الصعوبة بمكان إقالة أي وزير منهم حتى في حالات الفساد شديدة الوضوح.
ومن أشهر وقائع الفساد وأكثرها تكرار في لبنان، حينما يعمد أحد الوزراء إلى طلب آلاف الدولارات من أصحاب الأعمال الراغبين في إقامة بعض المشروعات من أجل تسهيل الحصول على التراخيص اللازمة، ونظرا لأن بعض الشركات في لبنان قد تكون مجرد وكيل لشركة متعددة الجنسيات، فإنها غير مخول لها في تلك الحالة القيام بدفع تلك الرشاوي المطلوبة، مما يجعلهم يحاولون طرق باب رئيس الوزراء سعد الحريري في بعض الأحيان، إلا أنهم قد لا يتسنى لهم فعل ذلك، مما يجعلهم يقصدون مكتب الوزير الفاسد والذي لا يستشعر الحرج أبدا في طلب آلاف الدولارات من أجل توفير بعض التسهيلات.
ويستدعي الكاتب هنا أحد المواقف الدالة على حجم الفساد المستشري في لبنان، وذلك عندما أراد أحد الأشخاص تركيب وصلة الانترنت بمنزله الجديد، فذهب مرارا إلى شركة الاتصالات الوطنية اللبنانية “أوجيرو” دون جدوى، فحاول جاهدا الحصول على واسطة لتسهيل الأمور، وبعد وصول المهندس المسئول عن التركيبات من أجل معاينة موقع المنزل، قال بأن المنطقة مغطاة بالفعل بشبكة الألياف الضوئية ولكنها لم تدخل حيز التشغيل بعد.
وهنا كانت المفاجأة، حيث استطرد المهندس قائلا بأن بعض السياسيين قدموا وعودا بتوصيل خدمة الانترنت قبل الانتخابات القادمة، مما يعني أن الخدمات الرئيسية بالدولة باتت معلقة بيد النخبة السياسية والمتطلعين إلى حجز مقاعد البرلمان، ياله من أمر محبط! وعندما تساءل صاحب المنزل عن إمكانية توصيل الانترنت من خلال خط الهاتف الأرضي ومد الكابلات اللازمة لذلك، جاء رد المهندس صادما:” هل تعرف رئيس الوزراء بشكل شخصي!” فقرر الرجل الرحيل عن الأراضي اللبنانية والهجرة إلى كندا مخلفا وراءه كافة المشكلات والتعقيدات التي فاقت جميع التصورات.
ومن العبارات المؤثرة التي ألقيت على مسامع كاتب المقال أيضا أثناء تواجده في أحد حفلات العشاء بحضور عدد من السياسيين والشخصيات البارزة في لبنان، تلك العبارة التي قالها نائب برلماني سابق ، والتي صدرت منه تعقيبا على النقاشات التي تبادلها الحضور بشأن الأزمات الاقتصادية في لبنان والتي كانت المحرك الأول لاشتعال الحركات الاحتجاجية بين المواطنين، حيث قال:” برغم كل المشكلات السائدة في لبنان، فالدولة لازالت تحتفظ بماهيتها من حيث جمال الطبيعة والليالي الساهرة، قد نكون دولة فاشلة حقا، ولكننا أفضل دولة فاشلة في العالم”.
وإذا ما سألت المواطن اللبناني عن رأيه في الأوضاع المتردية من حوله، قد يجيبك ساخطا عليها ولكنه يؤكد أن ذلك في جميع الأحوال أفضل بكثير من دخول لبنان ساحة الحرب مجددا مع اسرائيل، حيث يزعم حزب الله –الميليشيا الشيعية المسيطرة على جنوب لبنان- امتلاكه نحو 150 ألف رأس من الصواريخ والتي بمقدروه توجيهها إلى قلب اسرائيل، ولكن المؤشرات العامة توحي باستحالة حدوث ذلك لأن حزب الله يدرك جيدا بأن العواقب ستكون وخيمة.
…..
لقراءة المقال الأصلي كاملاً: اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى