اجتماع

وأنت تُنفق مالَكَ احذر ان تنفق اخلاقك معه!

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

كيف نتعلم الإنفاق من منظور أخلاقي؟
هل تصورت يوما أن عاداتك الشرائية ومعدل إنفاقك اليومي يفرض عليك نوع من المسئولية الاجتماعية! قد يبدو الأمر غريبا بعض الشئ ولكنها الحقيقة، فالطريقة التي تنفق بها أموالك قد تشكل خطوط عريضة لبعض الأخلاقيات والمعايير الاجتماعية لمن هم حولك، فضلا عن كونها مرآة عاكسة لمعتقداتك الخاصة.
وفي هذا المقال تحكي لنا الكاتبة لورا ويليامز عن تجربتها الخاصة والتي جعلتها تتيقن تماما بأن ما يؤمن به الإنسان من أفكار ينعكس بصورة مباشرة على سلوكه الشرائي. فقد امتنعت ويليامز عن تقديم الهدايا التي تحمل العلامة التجارية الخاصة بالرابطة الوطنية لرياضة الجامعات NCAA إلى أصدقائها من مشجعي كرة القدم، وذلك بعد أن لاحظت المعاملة السيئة من قبل الرابطة للطلاب.
كما أن بعض التقارير التي أفادت بأن عملية صناعة بعض الملابس الرياضية الخاصة بطلاب الجامعات تتم من خلال العمل القسري لمسلمي الأويغور في الصين، كفيلة بأن تجعل الفرد منا يقرر مقاطعة بعض المنتجات، وبالتالي فإن رغباتنا ومعتقداتنا هي من توجهنا في المقام الأول نحو السلوك الشرائي.
وعلى سبيل المثال، فإذا قررت أن تنفق المزيد من الدولارات في سبيل الحصول على البيض الخالي من الهرمونات، فإنك بذلك توجه المزارعين نحو الاستمرار على النهج السليم في تربية الدجاج. ولكن ربما يتساءل البعض عن مدى أهمية التعبير عن قيمهم الخاصة عبر سلوكهم الشرائي في ظل السيطرة التامة لسلاسل التوريد العالمية على العمليات الصناعية والتجارية!
وهنا تجدر الإشارة إلى أصحاب جيل الألفية “Millennials” باعتبارهم الأكثر امتلاكاً للقوة الشرائية، حيث من المتوقع أن يتمكنوا من التفوق على أصحاب “جيل إكس” نظرا لأعدادهم الكبيرة هذا بالرغم من دخولهم المتواضعة نسبيا، الأمر الذي يعني أن الشركات ، وخاصة تجار التجزئة ، حريصون على تلبية رغبات جيل الألفية في المقام الأول.
كما سيتمكن أصحاب “جيل زد” أيضا من فرض رغباتهم على اتجاهات وقرارات الشركات الكبرى، وذلك عبر ما يمارسونه من نقاش أو تصويت جماعي غير مقصود عبر سلال التسوق الالكترونية كل يوم، وبالتالي فإن الاتجاه القادم سيكون لأولئك الشباب، حيث تحرص بعض الشركات على وضع اهتماماتهم وتفضيلاتهم على قائمة أولوياتها، مما يجعل العالم يبدو في صورة أفضل مستقبلاً.
كيف يمكن ترشيد الاستهلاك في عالم شديد التعقيد!
لا شك أن عالم الاقتصاد يقوم في الأساس على التفضيلات، وبالتالي فإن قرارتنا الشرائية وخياراتنا قادرة على توجيه مسار العالم نحو الأفضل. فهناك مثلا النباتيون ممن يتجنبون جميع الأطعمة ذات الأصل الحيواني، كما أن هناك من يتمسكون بمبدأ “التجارة العادلة” والمتمثل في دعم بعض السلع الاستهلاكية مثل البن والكاكاو، رغبة في تحسين الأوضاع المعيشية الخاصة بصغار المزارعين. والحقيقة أن جميع تلك الخيارات تبدو صحيحة لأنها تعكس معتقداتنا وتوجهنا نحو إنفاق أموالنا فيما نهتم به فقط. فهذا النوع من الاستهلاك الرشيد يتطلب درجة من الأمان المالي بحيث يصبح الفرد قادرا على رفض مسألة الإنفاق العشوائي للحصول على السلع باهظة الثمن. ولكن تبقى النقطة الهامة التي عادة ما تثار في أذهان الكثيرين، فهل حقا أن قراراتنا الشرائية تصنع الفرق!
وعلى الرغم من أن الجميع اليوم يمتلكون هواتف ذكية، إلا أن لا أحد يكترث أبدا بمشكلة التلوث الناجم عن عمليات التعدين اللازمة لإنتاج الملايين من تلك الأجهزة، ولا حجم التلوث الالكتروني السام الناجم عن تلك الصناعة. كما أننا نعشق السفر ولا نفكر بما تخلفه الرحلات الجوية من تلوث للبيئة بسبب الانبعاثات الكربونية الصادرة عن الطائرات.
وبالعودة مرة أخرى للحديث عن العلامات التجارية الرياضية، فقد لوحظ تهافت الشباب نحو شراء منتجات نايك الشهيرة متناسين تماما ظروف العمل القاسية التي يتكبدها أصحاب الجنسيات الأخرى في سلاسل التوريد الخاصة بالشركة الأمريكية الكبرى.
على أية حال فإن التعقيد الشديد الذي نلمسه اليوم في الأسواق الحديثة قد يجعلنا لا نشعر بالآثار الملموسة لقرارتنا الشرائية، ولكن علينا ألا نيأس. فالمسئولية الاجتماعية لا تعني أن نقوم بفرض قيمنا ومعتقداتنا على الآخرين، لأن أي محاولة بهذا الصدد ستبوء حتما بالفشل. ولكن تعني أن يسعى كل منا إلى الاستفادة مما ينعم به من أثر واضح على من حوله في سبيل تغيير العالم، ولتكن عاداتنا الشرائية هي نقطة البداية لتحقيق ذلك.
رابط المقال الأصلي اضغط هنا

قد يعجبك ايضاً http://box5852.temp.domains/~iepcalmy/strategicfile/إقتصاد/بمناسبة-البلاك-فراي-داي-دعوة-عالمية-لل/

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى