دوليقراءات معمقة

٢٠٢٠: استمرار الية القضاء على الطبقة الوسطى عبر العالم

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

آراء غير متفائلة على الإطلاق.. 2020 لن تكون أحسن حالا من سابقتها
في نهاية كل عام يقوم البعض بتسجيل أفضل ما حدث على مدار شهوره المنقضية، إلا أن عام 2019 بما حمله من اضطرابات في جميع أرجاء العالم دفع الكثيرون نحو التشاؤم عند مطلع 2020 مماجعلهم يرونه ليس أفضل حالا وربما الأسوأ قادم.
ويجمع بعض الخبراء على أنه قد يكون غير مرجحا أن يشهد العالم خلال العام الجديد تراجعا للظروف التي أدت إلى وقوع الاضطرابات بل من المتوقع أن يزداد الامر سوءا وبخاصة في ظل تباطؤ معدلات النمو الاقتصادية العالمية فضلا، عن احتمال استجابة طفيفة للضغوط الشعبية التي أدت إلى حالة من السخط العام.

واشنطن مصدر أساسي للاضطرابات
وبالحديث عن أمريكا، فإنه يمكن القول بأن العالم يحيا في فوضى عارمة منذ أن قررت الولايات المتحدة بقيادة ترامب التخلي عن الدور الأمريكي المعهود كضامن لتحقيق الاستقرار العالمي. وذلك من خلال انسحاب واشنطن من بعض الاتفاقيات الدولية كاتفاقية باريس الخاصة بالتغيرات المناخية والاتفاقية الشاملة بخصوص الشراكة عبر المحيط الهادئ والتي تهدف إلى تحرير تجارة آسيا والمحيط الهادئ بوجه عام.
هذا فضلا عن انسحاب واشنطن من خطة العمل المشتركة حول البرنامج النووي الإيراني، حيث أن الموقف الأمريكي الذي أقر فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران قد زاد من زعزعة استقرار المنطقة الأكثر اضطراباً في العالم.
وأضف إلى ذلك الوضع المتأزم بين الصين وأمريكا بما يوحي بأن 2020 لا تبشر بالخير على الإطلاق وبخاصة في ظل الحرب الاقتصادية والتكنولوجية التي تنشر حالة من الكآبة حول العالم بدرجة تفوق ما أحدثته الأزمة الاقتصادية في عام 2008 والتي اقتصر مداها على الحكومات ومؤسسات الإقراض الدولية، ولكن الأمر لم يصل إلى حد إثارة الأزمات العالمية واسعة النطاق كما هو الحال الآن.
ويمكن القول بأن الاحداث في 2019 قد اتخذت قالبا دراميا من الدرجة الأولى، فالاحتجاجات الجماهيرية على الوجه القبيح للعولمة والمصحوبة بتراجع الثقة في النماذج الديمقراطية العالمية، تشكل تحديا للافتراضات التي يقوم عليها النظام الرأسمالي الليبرالي الغربي. وقد أدى الشعور بالظلم إلى اندلاع الاحتجاجات ضد النظام القائم في أماكن متفرقة حول العالم مثل لاباز في بوليفيا وبيروت في لبنان. حيث أن رائحة الفساد باتت تفوح في كل مكان ملوحة في الأفق.
وإذا تحدثنا على نحو أكثر تحديدا، فإن الدافع الأساسي وراء الاحتجاجات الشعبية هي الشعور بالظلم وغياب عدالة التوزيع وبخاصة في ظل التوسعات الاقتصادية العالمية. فقد أفاد تقرير صادر عن مؤسسة أوكسفام أن أغنى 26 فرد حول العالم يملكون ثروة تكفي لحياة نصف الفقراء على كوكب الأرض.
ولازالت الفجوة بين الفقراء والأغنياء في جميع أنحاء العالم تشهد اتساعا ملحوظا إلى الحد الذي لم يعد من الممكن فيه القول بأن نموذج النمو الاقتصادي الذي يخدم النخبة فقط هو الحل لتحقيق عدالة التوزيع.

عدم المساواة والغضب
يعترف البروفيسور هنري كاري من جامعة ولاية جورجيا بوجود اختلافات في الدوافع وراء وقوع الاضطرابات التي تجتاح العالم الآن ، لكنه يحدد أيضًا العوامل المشتركة. وتشمل، التفاوت المتزايد في توزيع الثروة والفساد والنمو الاقتصادي البطيء وانعدام سيادة القوانين الديمقراطية.
كما أن معدل الاكتظاظ السكاني داخل المدن والذي من المتوقع أن يبلغ مؤشرات شديدة الخطورة في 2050 بحسب تقديرات الأمم المتحدة، سوف يؤدي إلى ازدياد حجم المشكلات الموجودة في البيئة الحضرية أصلا كالإتجار في المخدرات وجرائم العصابات، مما يهدد بالمزيد من التفشي للأمراض الاجتماعية.
وهناك العديد من القصص المشابهة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا، ففي لبنان ، الذي اجتاحته الاحتجاجات لعدة أشهر ، اضطر رئيس الوزراء سعد الحريري إلى التنحي وسط غضب متزايد من ارتفاع تكاليف المعيشة ، ونقص فرص العمل ، وتفشي والفساد.
كما تكافح جنوب إفريقيا لمواجهة التحديات الاقتصادية الهائلة التي يفرضها تدفق اللاجئين وزيادة رقعة المخيمات الواقعة على أطراف مدنها الرئيسية.
وفي أوروبا، لازالت السيطرة على الاحتجاجات في فرنسا ضد خطط الرئيس ماكرون الاقتصادية محدودة. وفي آسيا ، فمن المتوقع أن يثير تفعيل قانون تسليم المتهمين بين الدول موجة من الغضب الشعبي والذي يحوي في باطنه دوافع تتعلق بالظلم الاجتماعي وبخاصة في هونج كونج والتي تشهد فجوة هائلة في توزيع الثروات.

الاضطرابات الناجمة عن التغيرات المناخية
وفي جميع أنحاء العالم تندلع الموجات الاحتجاجية المطالبة حكومات العالم بضرورة التصدي لقضية التغيرات المناخية، وبخاصة في استراليا التي تشهد حاليا أسوأ موجة من حرائق الغابات. ففي جميع أنحاء العالم يبدو أن الجهات الرسمية والمسئولين غير مهتمين بتلك القضية أبدا.
وختاما فإنه يمكن القول بأنه على الرغم من أن التطور التكنولوجي قد ساعد على إلغاء الحواجز التجارية وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي وزيادرة حجم الناتج المحلي العالمي إلا أنه قد ادى إلى القضاء على الطبقة الوسطى في العديد من البلدان الغربية والتي تضم الغالبية العظمى من البشر بوجه عام.
رابط المقال الأصلي اضغط هنا

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

قد يعجبك ايضاً
http://box5852.temp.domains/~iepcalmy/strategicfile/ملفات-دولية/ماذا-بعد-موجات-التظاهر-السلمي-عبر-العا/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى