الاحدثقراءات معمقة

تقي الدين الصلح: حارس الميثاق الوطني في حياته وفي غيابه رَسَمَ خارطة الطريق الوطنية | بقلم المحامي عمر زين

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

سياسيو بعد الحرب الاهلية ما زالوا في مرحلة الحضانة السياسية حيث لا يعرفون تاريخ البلد ولا مواقف رجاله على مدى المائة سنة التي مرت، نجزم بأن لا أحد منهم يقرأ كتاب، ولا احد منهم يدرك ويعرف أي أمر عن السياسات الدولية وتطورها ليستفيد منها ويأخذ العبر لصالح وطنه، الذين “يتعاطون” العمل السياسي يُسَخّرون مواقفهم لمصالحهم الشخصية، ويستعينون بكل الوسائل الميلشيوية التي تدربوا عليها ومارسوها خلال تلك الحرب القذرة لإنتهاك حقوق الانسان في الوطن، ولإنتهاك الوطن في سيادته واستقلاله وثرواته، هؤلاء نذكرهم بمبادئ وطنية عمل لها حارس الميثاق الوطني الرئيس تقي الدين الصلح لا ليتعلموا منها والعمل بموجبها، بل ليغادروا الى غير رجعة بإرادتهم لأن ارادة الشعب الذي هو مصدر السلطات ستكون موجعة.
ونورد بعض هذه المبادئ لتكون البوصلة للشعب في نضاله للانقاذ الوطني:
يقول الرئيس تقي الدين الصلح:
1- الميثاق عبارة عن روح اطار، وليس صيغة دستورية او نصاً دستورياً، لذلك هو ليس قابلاً للتعديل او للتبديل، فهو حقيقة اليوم وحقيقة الغد فليتمسك به اللبنانيون ولا يتنكروا له. فنحن آمنا وما زلنا نؤمن بالوفاق المسيحي الاسلامي هذا هو الميثاق.
(فالمنظرون لمؤتمرات يسمونها تأسيسية وللفيدرالية والكونفودرالية يحاولون أن يتنكروا للميثاقية الى مشاريع تخدم اعداء لبنان)

2- ان التفاهم والحوار والبناء المشترك هو من صُنْع العقل لا من صُنْع العضلات والبنادق.
(توجيه واضح لكيفية البناء الوطني)
3- لا أستطيع أن أتصور لبنان دون ديمقراطية ولا أستطيع أن أتكلم عن الديمقراطية دون لبنان.
(ان العمل لنظام ديمقراطي حقيقي غير مزيف هو لبنان بكل المقاييس ودونه لا وجود للبنان)
4- بقدر ما يعطى اللبنانيون وطنهم من دم الحياة يعيش هذا الوطن ويستمر وينمو.
( دعوة للبذل والعطاء والفداء للوطن وليس للزعامات والطوائف والاحزاب)
5- الشرعية من الكل وللكل وعلى الكل.
(أعطى وصفاً للشرعية وما تعنيه لاغياً الشخصانية والمحاصصة مؤكداً على إرادة الشعب دون تمييز لمن يكوِّنها، ولمن تكون، وعلى من تطبق)
6- على الدولة ان تشعر ان التوازن المطلوب لا يضعه المسؤول وحده ولا فريق واحد بل يضعه كل الفرقاء وكل المواطنين.
(أكد بذلك ان التوازن هو صُنْع الشعب لا صُنْع الافراد ولا المسؤولين بإعتباره مصدر السلطات)
7- كل محاولة لتغليب اي دويلة على الدولة هي التخريب بعينه وهي الهدم الحقيقي للبنان.
(أشار بوضوح الى المخربين وكأنه يدعو الى إلغاء الاحزاب المذهبية والطائفية، والى وضع قانون للأحزاب لتبنى على اساس وطني فعلي لا على اساس دويلات، داعياً الى مساءلة ومحاسبة العاملين للهدم الحقيقي للبنان)
8- اذا تعرضت الدولة والمؤسسات للإهتزاز فإن لبنان قد يقع تحت وطأة التقسيم والتجزئة ويسمح بقيام الدويلات على أسس طائفية.
(هذه رسالة لكل مواطن وحزب وطائفة)
9- ان الكلام في الطائفية يحييها ولا يميتها. وانا لست ممن يردن المطالبة المجدية هي ان تتساوى بعضها ببعض، انما اعتقادي ان هناك مساواة اخرى فلنفتش عن المساواة بين اللبناني واللبناني.
(هكذا تبنى الدول، وهذا ما قصده الاستقلاليون الحقيقيون لا المزيفون)
10- ان معركة رئاسة الجمهورية باعتقادي هي مشروع وفاق وطني.
( وهذا توجيه لكل من يخوضون معركة الرئاسة والذين يعملون لها بغياب انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة)

فيا ايتها القوى الحية في الوطن عليكم ان تعرفوا التاربخ والجغرافيا السياسية للوطن، وعليكم التوجيه والتشبيك تحت مظلة الميثاق الوطني، ولا بد من تنظيم الشعب وفق مصالحه الحقيقية لمنع العاملين لهدم لبنان من الوصول الى اهدافهم، وندعوكم الى توحيد صفوفكم تحت رؤى سياسية واقتصادية واجتماعية أصبحت واضحة لتفوزوا بقيادة شعبكم نحو الخلاص والانقاذ وقبل فوات الآوان.

ونتابع ما قاله حارس الميثاق، وما دعا اليه، وما تبناه قولاً وعملاً، وهي من المبادئ الوطنية والثوابت التي يقتضي اعتمادها والنضال من اجلها، لبناء دولة القانون والمؤسسات تحت مظلة فكرية واضحة وحاسمة لما فيها من تمسك بالوطن واستقلاله وسيادته عملياً لا لفظياً فيقول:
1- الحرية لها طعم واحد سواء أكان الذي يسلبك اياها إبن وطنك او اجنبياً، ويجب ان تعرف كيف تمارس الحرية وتستعملها، فهي ضرورة وبدونها تنعدم الحياة لانها الاساس، والحرية هي ان تأخذها لنفسك ولا تحرم منها نقيضك.
(فأكد بذلك ان السالب للحرية والمعتدي على حقوق الانسان ليس بالضرورة ان يكون اجنبياً بل من الممكن ان يكون مواطناً او فئة او حزباً، او سياسياً، وبالتالي ينزله منزلة الاجنبي في الجريمة، ويدعونا للانتباه الشديد من هؤلاء، وعدم افساح المجال لهم لارتكاب ذلك، ولا بد من خضوعهم للمحاسبة والمساءلة. وفي كل الاحوال علينا ان نتعلم ممارسة الحرية).

2- وهو القائل: القوة التي تحملها الفكرة هي اعظم قوة، اهتدى اليها الانسان.
(دعوة واضحة الى المفكرين والادباء واساتذة الجامعات وسواهم الى توليد الافكار التي تضع الدولة في مسار صحيح، ومطلوب ذلك على الاصعدة السياسية والاجتماعية والاقتضادية والثقافية والبيئية والزراعية والصناعية والتجارية والسياحية….)

3- ويؤكد بأنه: يجب ان يكون جيش لبنان لكل لبنان، وان يكون كل لبنان للجيش الواحد الموحد.
(كم نحن اليوم بحاجة الى بناء الانسان في لبنان على المواطنة والتي منها ان نكون جميعاً للجيش داعمين له بكل الوسائل المتاحة وهو منذ الاستقلال الى اليوم لكل لبنان ولم يحد عن هذا الخط الوطني ويجب ان يبقى كذلك الى الابد)

4- وهو القائل ان لبنان يذوب كالشمعة فلنتداركه قبل ان ينتهي.
(الرئيس تقي الدين الصلح غادرنا من دنيا الفناء الى دنيا البقاء عام 1988 وكأنه اليوم بيننا يشاهد ما وصلنا اليه من انهيار ويحذرنا ويدعونا الى تدارك ذلك بالوحدة الوطنية الحقيقية غير المزيفة)
وهو القائل ايضاً، لقد شهدنا الاستقلال كيف يولد، ولن نرضى ان نشهد الاستقلال كيف يزول.
(وعدم الرضى يعني هنا ان نكون مقاومين للاعداء وللجهل والفقر والبطالة….)

5- وهو القائل ايضاً وايضاً: بأنه لا يمكن للسنّة ان يفكروا بالتفرد والاكتفاء بأنفسهم، والا يكونوا يلعبون لعبة التقسيم، ولعبة التجزئة والشعوبية الجديدة التي يخطط لها الاستعمار.
(توجبه بأعلى درجات من الإناقة في تحذير كل الطوائف من ذلك حيث اعطى مثلاً عن السنّة منعاً للتأويل وعلى قادتهم وقف الشحن الطائفي والمذهبي، ولم يعطي المثل عن اي طائفة اخرى لتصل الفكرة اليهم جميعاً، اي الى كل الطوائف والمذاهب، وحذر الجميع من التفكير او العمل في التفرد داخل الوطن، من خلال هذا المثل، علماً ان السنّة لم يفكروا يوماً بذلك)

6- وهو المنبه بأن الذي يمهد للمؤامرة ويسهل لها النجاح ليس المتصل بالمصدر المتآمر فقط وانما ذلك المواطن البريء الذي لا ينتبه الى مخاطر الانزلاق والوقوع في تصرفات هي في النهاية عدوة.
(وهنا كما ترون يشير الى ضرورة التربية على المواطنة التي ينشأ عليها ابناء الوطن حيث يستطيعون معها التمييز بينما هو لصالح الوطن من اعمال وما هو ضده، بحيث اذا فقد المواطن هذه الميزة وقع في فخ المؤامرات التي تحاك ضد الوطن وعلينا واجب قيادة هؤلاء المواطنين الابرياء لما فيه مصلحة الوطن ومصلحتهم)

7- وهو الذي وضع قاعدة في الوظيفة العامة وطبقها اثناء توليه رئاسة مجلس الوزراء:
“لن تبقى وظيفة حكراً على طائفة بل كل الوظائف لكل الطوائف”
(بعد ان رأى كيف تتحول الوظائف الى مراكز نفوذ للطوائف، بحيث تصبح كل واحدة من المؤسسات الحكومية منطقة نفوذ لطائفة او مذهب من المذاهب، وطبعاً تقل او تكبر وفق نشاط المسؤول التدميري، والمواطن ليس لديه الصعوبة في معرفة طبيعة الموقع الرسمي الذي يدخله ويتعامل معه وكأنه يدخل الى جمعية او نادي مذهبي في منطقة من المناطق، ومن هنا تتفشى المحسوبية والمحاصصة والفساد، ويهتز الوطن، ومن اجل ذلك يدعونا الرئيس الصلح جازماً، و يعطي الامر لتطبيق هذه القاعدة التي تعبّر على البناء الصحيح لدولة المؤسسات والقانون)

هذا النوع من الرجال الرجال افتقدناه مع الاسف، لكن علينا العمل الدائم إلى البناء وليس الهدم من البيت الى المدرسة فالجامعة بتعميم مفهوم المواطنة الذي هي الطريق الوحيد لنجاح الدولة، والحفاظ على استقلالها وسيادتها ونهضتها وتقدمها، ويقتضي العمل ايضاً لإزاحة الأميّين والفاسدين والمنفذين للمخططات الاجنبية بوعي او بدون وعي في السياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها وذلك بعمل دؤوب ومنظم وبالتضامن والتكافل الشعبي الذي من خلاله نعزز قيادات وطنية حقيقية تتبنى الدولة الحديثة.

ونتابع أيضاً وأيضاً وهذا غيض من فيض من افكاره وتوجهاته اللبنانية والعربية، رأيت انه لا بد من اعادة التذكير بها حيث ان في الاطلاع عليها والعمل بموجبها يضع لبنان ليس على خارطة المنطقة فحسب بل على خارطة العالم، حيث له دور عربي وعالمي وانساني عليه ان يمارسه بعد ان يتخلص من كل الشوائب التي اصابته في كل مناحي الحياة بسبب غياب القيادات التي يهمها لبنان ودوره وليس مصالحها الشخصية المتنوعة المبنية على الفساد.
يقول:
1- على لبنان ان يكون موقفه منسجماً مع مبادئه فينتصر لكل شعب ضعيف لا يملك القوة التي يملكها الاقوياء.
(انه يدل دلالة واضحة الى المبادىء التي ارساها الرجال الرجال من ابناء لبنان على مر الازمان فلبنان عنده رسالة منذ الثلاثين من القرن الماضي وقد كرَّس ذلك البابا يوحنا بولس الثاني في بداية القرن الحالي، ويذكرنا بذلك كيف ان لبنان من واضعي الاعلان العالمي لحقوق الانسان، و ان بيروت ام الشرائع)

ويدلنا بوضوح الى الاسباب التي فيما تصيب هذا الوطن من بلاء فيقول:
2- ان البلاء الاكبر لهذا الوطن الغالي كان دائماً اغراض الحكم الصغيرة المناقضة لطموح شعبه الكبير،
وان لبنان، متى بدأ حركة التغيير لن يغير نفسه فحسب، بل سيكون في قدرته بل يجب ان يكون في غايته وطموحه تغيير العرب، لانه معهم وبهم يقهر عدوه.
(يدعونا دولته ان لا نقزم دورنا وان لا نتقوقع وكأننا جزيرة معزولة، ويدعونا ايضاً الى الاصرار على حركة التغيير في لبنان والقضاء على اغراض الحكم الصغيرة لانها طريق خلاصنا)

ويؤكد دولته ايضاً على دور الامة العربية الرسالي على المستوى العالمي فيقول:
3- ان الامة العربية تستطيع ان تلعب دوراً لا بقوة تراثها وثرواتها فقط بل بقدرتها على المشاركة في حل مشاكل العصر وتنوير طريق الانسان.
(لكن المؤامرة استطاعت ان تعطل هذا الدور بتحويل جامعة الدول العربية الى جيفة لا حول لها ولا قوة، وكثر المتطاولون علينا، الا انه ما زال في الامة نبض قومي سينتصر لا محالة ويهزم اعدائها)

وقد اكد على الحرية ومعناها ونتائجها حيث قال:
4- على العرب ان يكونوا على مستوى الحرية وبذلك تكون لهم كل الانتصارات.
(ويعني بذلك ان ما يلحقنا من هزائم وخسائر هو لغياب الحرية عن ارضنا العربية، وعدم افساح المجال لكل الزهرات ان تتفتح ،وطبعاً المقصود هنا الحرية المسؤولة وليست الفوضى التي ينظمها ويقودها اعداء الامة)

 

وعن القضية المركزية للأمة العربية – فلسطين – فكانت له مواقف حاسمة ولا يجوز الا العمل بها فيقول:
5- ان حدود العرب في فلسطين ليست الا مياه البحر المتوسط، وفلسطين قطعة من الوطن العربي لا يملك عربي حق التنازل عن حفنة من ترابها.
وان قضية فلسطين هي رمز الآم العالم الثالث كلها.
(توجيه مباشر الى النضال القومي لتحرير ارض فلسطين بالمقاومة وليس بالاتفاقات الواهمة، فعلينا ان نبرز للعالم مدى هذه الالآم الناتجة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي يرتكبها العدو الصهيوني في فلسطين، وكذلك مدى ارتباطها بالآم العالم الثالث التي تقوم بها الولايات المتحدة الاميركية والكيان الصهيوني وحلفائهم)

وقد رأى منذ اكثر من ستين سنة واضاء على قضية مهمة في العلاقة مع افريقيا وكأنه معنا اليوم حيث قال:
6- ان اسرائيل تحاول ان تفتح افريقيا كلها فتحاً سياسياً واقتصادياً وفي ذلك كل الخطر على الدول العربية.
(لغياب العرب عن افريقيا، بتحجيم دور مصر العروبة عنها وكذلك دور الدول العربية وخاصة التي هي على ارض افريقياوسواء اكان هذا الغياب فعلاً ارادياً او غير ارادي لفعل ارادي او غير ارادي، لقد فتح الكيان الصهيوني افريقيا وما يحصل اليوم في اثيوبيا وبناء سد النهضة هو تهديد مباشر للأمن المائي لكل من السودان وجمهورية مصر العربية وسيحصل ايضاً مواقف تؤثر سلباً على امتنا في المؤسسات الاممية وسوى ذلك)

رأيت في هذه المقالات الثلاثة التي اقدمها لشعب لبنان وللأمة العربية ليدركوا مدى الاخطار المحدقة بهم ومسببيها، والدور المهم جداً في التغيير ليس فقط في لبنان بل في الامة العربية ،وكلها جاءت على لسان حارس الميثاق الوطني دولة الرئيس تقي الدين الصلح.
وعليه فلن نرضى الا ان يكون لبنان الرسالة وفق ما رسمها المغفور له دور الرئيس تقي الدين الصلح التي هي من نتاج كوكبة من الرجال الرجال الذين نذروا انفسهم في القرن الماضي لبناء لبنان الحضاري ولنا اضاءات أخرى لاحقاً على افكاره التي فيها خلاصنا ودورنا الحقيقي.

المحامي عمر زين، الامين العام السابق لاتحاد المحامين العرب

المحامي عمر زين الامين العام السابق لاتحاد المحامين العرب عضو في مجلس نقابة المحامين في بيروت بين عامي 1988 – 1996. المنسق العام لشبكة الامان للسلم الاهلي، رئيس المنظمة العربية لحماية ومساندة الصحفيين وسجناء الرأي، المنسق العام للجنة الدفاع عن الاسرى والمعتقلين في السجون الصهيونية، عضو لجنة الحكماء في اتحاد المحامين العرب، عضو المكتب الدائم في اتحاد الحقوقيين العرب، عضو اتحاد الكتاب اللبنانيين وعضو المؤتمر القومي العربي. المنسق العام للبرنامج التدريبي للمحامين اللبنانيين بيروت، وعضو في اللجنة العلمية للبرنامج.. مؤسس مكتب المحاماة ( عمر زين القانونية) المتعلق بالقضايا التجارية والمدنية والجزائية والادارية وادارة العقارات والتحكيم وادارة تحصيل الديون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى