اجتماع

بين خليل جبران وحسن كامل الصَبّاح: لبنان بين الفيلسوف والعبقري | علي مغنية

للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

تقع المسؤولية عن حالة الضياع التي تعانيها المجتمعات البشرية عامة في رسم مسارات التطوير لديها وتحديد القيمة الفكرية لها على عاتق شعوبها التي تعيش حالة الانفصام ما بين الماضي والحاضر واللاوعي مع المستقبل؛ فكم من حضارة فقدت كينونتها لمجرد تخليها عن تاريخها وقيمه والتأقلم مع حاضر لا يحمل هويتها الثقافية والمعرفية وبالتالي تتولد الصراعات لديها من رحم التناقض في الرؤية والانتماء.

هو الذي كان يبحث في لبنان عن “النبي” الذي ينقذه من صراعاته الطائفية والمذهبية لينتقل به نحو فضاء رومانسي رحب يطير بالوطن على اجنحة غير متكسرة تحمله الى العالمية و تنتشله من براثن الجهالة في التبعيات الى الرقي الحضاري والإبداع في العلم والمعرفة.

“جبران خليل جبران” ابن الشمال اللبناني الذي استطاع بعبقريته الفكرية رسم خارطة الطريق الاقتصادية للوطن في لوحة جمالية معبرة ؛عندما دعا شعبه اللبناني الى أن يأكل مما يزرع ويلبس مما ينسج ويشرب مما يعصر ليعود الى موارد وطنه وينسجم مع ذاتيته الثقافية دونما المس بوحدة هذا الكيان المتعدد ؛حيث نادى جبران؛ اللبناني المسلم ليعانق أخاه المسيحي في بناء مستقبلهم على قواعد ومرتكزات العلم والأدب والفضيلة ونبذ العنف الطائفي والتمرد على الأرواح الشريرة التي تعبث بمقدرات الوطن وأمنه الاجتماعي والمالي.

“حسن كامل الصباح” او “العبقرية المنسية” كما وصفه المفكر يوسف مروة في كتابه عن ابن الجنوب اللبناني الذي حمل هموم الوطن في عقله المتوقد ذكاءا؛ ليجوب بها سماء العلم والاختراع في مجالات الهندسة الكهربائية والطاقة الاشعاعية الكامنة والمتحركة.

هو الذي حلم في إضاءة عتمة الصحراء العربية ولبنان عبر زراعة البطاريات الشمسية والاستفادة من ضوء الشمس الذي يذهب هباءا منثورا دون جدوى استثمارية.
لقد عمل الصباح بعد هجرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية بحثا عن فرصة العمل في شركة “جنرال إلكتريك” والتي استفادت من عبقريته وأبحاثه في الهندسة الكهربائية من التلفاز والة التصوير والاتصالات حتى علمي الكتلة والطاقة.

هما وجهان لعملة وطنية واحدة؛ عملا لأجل ديمومة ومستقبل لبنان وحلما سويا بوطن يسكنه جنس الملائكة لا الشياطين الذين أضاعوا شمسه في صحراء الفقر والطبقية والطائفية وأطفؤا أنوار العلم والإبداع إلى أجل غير مسمى.

لقد نادى جبران شعبه أن يستثمروا في طاقات الوطن وموارده واقتصاده وعملته الوطنية ومصانعه وان يتخلوا عن اغلب الخارج؛ أراد لبنان منارة مضيئة عبر هندسات الصباح الإدارية لاعبر هندسات المال الأخضر التي أرادتها الأيدي الخفية لتدمير الذات والقدرات كما لخلق الفتن وتأجيج الصراعات.

كذلك هو ” الصباح” أو ” اديسون الشرق” أراد الضوء والنور الساطع من المنطق السيادي “الجبراني” لمكافحة العتمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية عبر الطبيعة ومكوناتها والاستفادة القصوى من سهول لبنان وجباله ومياهه في توليد الكهرباء التي كلفت وتكلف الوطن عجزا ماليا هائلا ومريبا بكلفة مالية زهيدة.
والرسالة الاخيرة لجبران: “بعضنا كالحبر وبعضنا كالورق فلولا سواد بعضنا لكان البياض اصم ولولا بياض بعضنا لكان السواد اعمى”.

فهل من منادي ؛عشتم وعاش لبنان.

للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

الدكتور علي احمد مغنية كاتب متخصص باستراتيجية الاعمال

باحث في الشؤون الإدارية واستراتيجيات الاعمال، حائز على بكالورويس ادراة اعمال من جامعة وستمنستر لندن وعلى ماجيستير ادارة اعمال من جامعة ماستريخت الهولندية ودرجة الدكتوراه في ادارة الاعمال من الاكاديمية السويسرية للأعمال. خبير استشاري في شؤون وادارة الشركات والصحة العامة والسياسات الادارية الصحية. مطور عقاري ورجل اعمال في مجال التجهيز الفندقي والضيافة، يعمل بين لبنان والدول العربية وخاصة دول الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى