اجتماع

المفكّرون احبّوا المشي… والأرصفة وصحّتنا ايضاً.

نُشر اولاً على بوابة الاهرام

اعجبتني جدًا تبني حملة “100 مليون صحة”.. تعليم وتحريض الناس على المشي.. على التوقف عن استخدام المواصلات لمسافات قريبة واستبدالها بالسير على الأقدام.. ومنها سنوفر أموالًا، ومنها سنحسن من صحتنا.

كان سائق السيارة في موسكو يتوقف بنا بعيدًا عن مقر ندوات المنتدى الذي نشارك فيه.. القانون يمنعه من الدخول على الباب الرئيسي، واللوائح لا تسمح لنا إلا بالمرور على أقدامنا برغم أننا وفد إعلامي من عدة دول بالعالم.

كنا نسير نحو 800 متر يوميًا من السيارة إلى مقر الاجتماعات والندوات.. ومثلها في العودة.

لا استثناء لنا لأننا غرباء؛ أو بمعنى أدق لا استثناء لنا لأننا ضيوف عندهم.. وإنما القانون يطبق على الجميع.

كنت في لندن جاءت مرشدة سياحية لتصتحبني إلى مبنى إداري على بعد عدة شوارع من الفندق الذي أقيم فيه وهو ليس بعيدًا وليس قريبًا، وكانوا يمكن أن يوفروا سيارة إلى المؤتمر ولكننا مشينا على الأقدام.

متى يمكن أن نعد المشي مسافات قصيرة ليس من قبيل عدم احترام الضيف أو الغريب؟!!

الكُتاب والساسة والفلاسفة عبر التاريخ كانوا يمارسون رياضة المشي .. العقاد كان ينزل من بيته بمصر الجديدة، ويسير في الشارع عدة دقائق بعد الظهر عندما تكون الحركة أقل والشارع أقل ازدحامًا.

أما نجيب محفوظ فكان يخرج من بيته في السادسة صباحًا ويتمشى من العجوزة حتى وسط القاهرة، فيجلس على المقهى ويقرأ الصحف ويشرب قهوته السادة، ويعود إلى البيت في العاشرة صباحًا.

وكان الفيلسوف أرسطو يعلم الفلسفة وهو يمشي‏..‏ والرئيس السادات كان يحب المشي بصفة مستمرة.. حتى إنه جعل ممرات حديقة منزله الضيقة الصغيرة ملتوية ليطيل خطوات السير.. وبالتالي المسافة تكون أطول.

المشي يساعد على تنشيط الذهن والعضلات وتحسين الصحة بشكل عام.. وتوليد الأفكار.

أستغرب لماذا يُصر الركاب عندنا على النزول في أول الكوبري وبعدها بثانية واحدة ينزل شخص آخر، آخر الكوبري؟! لماذا ننزل عند مطالع الدائري ومداخل المدن والدورانات وأول الشارع وآخره ونصفه؟!

ماذا لو توقفنا عن النزول في الأماكن غير المخصصة.. وماذا لو طبق المرور القانون على كل المركبات؟! وماذا لو منع النزول في أول الكوبري وآخره؟! ونسير عدة أمتار يوميًا.

بالمناسبة الفكرة ينفذها رجال المرور في رمضان بكفاءة عالية ونرى جدواها ونفعها.. وكيف تنساب الحركة المرورية ويقل الزحام في كل الطرق.. لكن يمكننا أن نضيف على فكرة الانسياب المروري ميزة أخرى وهي أن الناس يمكنها التمشية قليلًا، فهذا أحسن لصحتهم ولمرورهم.

متى نرى الناس مثل الماضي تسير محطة أو محطتين بدلاً من ركوب الأتوبيس أو الميكروباص أو التوك توك؟!

ولكن كيف يسير الناس ويستمتعون والأرصفة مليئة بالسيارات أو مفروشة بالباعة الجائلين أو بكراسي المحلات وبضاعاتها.. إذن إنها الكرة تعود مرة أخرى إلى المرور وقوانينه وتطبيقه فـ”100 مليون صحة” تطلق إليه وعبره وخلاله.

ولا جدوى من الهرب من تحمل المسئولية إن أردنا فعلًا تحسين الصحة.. تحسين صحة الناس والشوارع والأرصفة.

احمد سعيد طنطاوي كاتب وصحافي مصري

احمد سعيد طنطاوي كاتب وصحافي مرموق في الاهرام المصرية. هو يرآس قسم الشبكات الاجتماعية في الاهرام وبوابة الاهرام. عنوانه على تويتر: @tantawipress

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى