اجتماع

حكايا الدِّين روائع… فلماذا نشتري الخُرافات؟

نُشر أولاً على بوابة الاهرام

كم مرة استمعت داخل خطبة الجمعة إلى حكايات شعبية غير صحيحة وغير دقيقة ومكذوبة؟

حكايات لا ترقى إلى أن يصدقها طفل لم يتم المرحلة الابتدائية؛ ولكنها تجري على ألسنة بعض الخطباء كما يجري الماء في الشلال.

تقريبًا لا يكاد يمر شهر إلا وأجد جمعة فيها حكاية غريبة من الحكايات الشعبية التي تزيد فيها المبالغات فوق حد العقل وتصل إلى درجة الخرافة.

أتفهم أن الحكاية لكي تنتشر بين الناس وتستقر في نفوسهم، تميل أحيانًا إلى المبالغة، ولكن “أحيانًا” هذه، تحولت إلى غالبًا عند بعض الخطباء.

خد عندك مثلاً حكاية الأشجار التي نبتت بإحدى حدائق ألمانيا فالتفت حول بعضها بعضًا، وشكلت جملة لا إله إلا الله.. هذه الحكاية يجري تداولها بعدة أشكال وعدة صور.. مرة لرجل صالح أعلن إسلامه.. ومرة أخرى لرجل كان شديد السُكر والعربدة.. فتاب إلى الله، فتحول الخمر من حوله إلى مياه عذبة تسقي الأشجار التي تلتف حول بعضها.

وأغلب الناس لا تعرف أن الأشجار التي كونت شعار التوحيد، ما هي إلى رسمة من إبداع أحد الخطاطين الذي أراد أن يطلق العنان لخياله.. واستغلت إحدى المطابع تلك الرسمة لكي تحقق عائدًا ماديًا كبيرًا وبدأت في طباعة الرسمة على نطاق واسع.

لاحظ.. اختيار مكان الحكاية دائمًا يكون بعيدًا عن المتلقى حتى لا تستطيع التأكد من المعلومة، وهنا اختيرت ألمانيا.

وهناك حكاية أخرى حديثة عن الفتاة التي تحولت إلى كائن ممسوخ والشعر ينبت على كل جسدها.. وكيف وصلت إلى تلك الحالة بعد أن رفضت سماع القرآن الذي تشغله أمها كل يوم في المنزل.

وموطن الفتاة تلك يختلف من بلد إلى بلد ومن موقع إلى آخر.

اخترت تلك الحكايتين لأنهما الأحدث في عصر التكنولوجيا والإنترنت واستخدام الفوتوشوب.. أي أننا يمكننا التأكد من صحتهما أو لا.. وبرغم ذلك فقد أثرتا بشكل كبير في تفكير الناس وانتشرتا انتشارًا كبيرًا.

لم أتطرق إلى الحكايات القديمة البالغة في القدم والتي مر عليها مئات السنوات.. ويُتحفنا بها الخطباء على المنبر.. والخرافات فيها كثيرة، وأحيانًا يجعلون للصالحين ما ليس للرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم.

من كثرة استماعي للحكايات الخرافية.. لا أخفي على القارئ أنني فكرت كثيرًا في جمع الحكايات الشعبية الخرافية على المنابر في كتاب واحد.. وهذه دعوة لكل الباحثين أو أحدهم لكي يبدأ.. وعلى حد علمي لا أعرف كتابًا له ذلك العنوان.

وعندما بحثت على الإنترنت وجدت كاتبًا سعوديًا هو محمد عزيز العرفج، قد سبقنا في مصر بكتاب “خرافات الصحوة الإسلامية” بـ 96 حكاية شعبية خرافية أخذت بُعدًا سرياليًا ولبست لباس الدين، حتى وصلت لإقناع العامة أنها مرويات مقدسة.

الحكاية مطلوبة عبر التاريخ لا ضير، فهي الأسرع في توصيل المعلومة، والأقرب لقلوب الناس.. فالناس تميل للحكاية ومرادها وما تقصده، لكن من فضلكم بلا مبالغات أو خرافات.

ولو ركز بعض الخطباء على حكايات العلم الحقيقي بدلًا من الخرافة، فسيجدونها تفوق الخيال في أحيان كثيرة.

فالحكاية الصحيحة تحمل ماضينا، فلا داعي لتغييرها لتدمر مستقبلنا!.

لقراءة المقال على بوابة الاهرام : اضغط هنا

احمد سعيد طنطاوي كاتب وصحافي مصري

احمد سعيد طنطاوي كاتب وصحافي مرموق في الاهرام المصرية. هو يرآس قسم الشبكات الاجتماعية في الاهرام وبوابة الاهرام. عنوانه على تويتر: @tantawipress

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. موضوع شيق ومهم وموجود في الدين الاسلامي بكل مذاهبه وتدخلت الروايات بالعقلية الريفية وتطورت لتأخذ منحى ديني مقدس يخالف الشرع والعقيدة والاخطر هو تحول الروايات التراثية الشعبية بالاتجاه انف الذكر… بعد توفيق الله والتفات الطبقة المثقفة الواعية يمكن تحرير العقل العربي والمسلم من هذه الاوهام والقيود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى