نجح كل من الاتحاد الأوروبي ودول أمريكا الجنوبية في تحقيق تقدم ملحوظ على صعيد المباحثات التجارية بين الطرفين، حيث تم التوصل إلى اتفاق رسمي حول التعريفات الجمركية وتمهيد مسار التجارة الحرة بين الجانبين، وبالتالي فقد تمكنا أخيرا من إصابة الهدف الذي ظل بعيد المنال على مدار عقدين من الزمن استمرت فيهما المحادثات بين الطرفين ولكن دون جدوى.
وأسفرت المباحثات التي أجريت في بروكسل بين بعض المسئولين في الاتحاد الأوروبي وأعضاء رابطة الميركوسور أوالسوق الجنوبية المشتركة؛ وهم البرازيل والأرجنتين وبراجواي وأورجواي، عن الاتفاق بشأن زيادة الشحنات التجارية بين الجانبين بقيمة إجمالية تصل إلى 90 بليون يورو أي فيما يعادل نحو 102 بليون دولار سنويا.
كما توصل الجانبان إلى تسوية بشأن القضايا المعلقة بينهما في السابق، والمرتبطة بالقيود المفروضة على صادرات دول أمريكا الجنوبية من المنتجات الزراعية واللحوم والسكر إلى السوق الأوروبية، هذا بجانب مطالبة الاتحاد الأوروبي بتخفيض الميركسور لقيمة التعريفات الجمركية المفروضة على صادراته من السيارات إلى أسواق أمريكا الجنوبية، حيث أكد مسئولو الاتحاد الأوروبي بأنه سوف يتم تخفيض القيمة الجمركية التي كانت مفروضة بين الجانبين على مدار الـ 10 سنوات الماضية إلى حد كبير.
وتعتبر الاتقافية التجارية بين الجانبين بمثابة إنجازا جديدا حققه الاتحاد الأوروبي أسوة بالاتفاقيات التجارية التي أبرمها مع كل من كندا واليابان، بالإضافة إلى كونها بمثابة قوة دفع للمفاوضات السياسية بين كل من الاتحاد الأوروبي من جهة واستراليا ونيوزنلاند من جهة أخرى، ويأتي ذلك تزامنا مع اجتماع دول مجموعة العشرين المنعقدة في اليابان، والتي ركزت على أزمة الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين واللقاء بين كل من الرئيس الأمريكي ونظيره الصيني.
الرؤية المستقبلية لدول الاتحاد الأوروبي
ويمكن النظر إلى جهود الاتحاد الأوروبي باعتبارها خطة مستقبلية للتغلب على الأجندة الأمريكية السائدة على مدار العقود الماضية والتي تستند إلى مبدأ (أمريكا فوق الجميع)، وبالتالي يمكن القول بأن مساعي الاتحاد الأوروبي هي الشرارة الأولى لانطلاق العقوبات الاقتصادية الأمريكية والمتمثلة في رفع التعريفات الجمركية، إلى جانب التدخل الأمريكي لإفساد محاولات إقامة التحالفات الاستراتيجية بين الدول، وهو الأمر الذي أضفى صورة قاتمة على مستقبل الاقتصاد العالمي وأثر بالسلب على أوضاع منظمة التجارة العالمية.
ومن ناحية أخرى فإن المساعي الأوروبية تستهدف أيضا بسط بعض النفوذ على المملكة المتحدة والتي تستعد للانفصال عن الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر من العام الجاري، وفي الوقت الذي تدرك فيه بريطانيا جيدا أن عليها تحمل تبعات هذا القرار، لازالت هناك بعض الآمال المنعقدة على احتمال انضمام المملكة المتحدة إلى مظلة الاتفاقيات التجارية الناجحة التي حققها الاتحاد الأوروبي.
ولازالت المسودة الخاصة بالاتفاقية المنعقدة بين الاتحاد الأوروبي ودول الميركسور قيد المراجعة والتفنيد، الأمر الذي قد يستمر قرابة عام قبل دخوله فعليا حيز التنفيذ، حيث لابد من الحصول على موافقة الحكومات الأوروبية وتصديق البرلمان الأوروبي على بنود الاتفاق التجاري الجديد.
دول أمريكا الجنوبية تحتفي بالإنجاز منقطع النظير
أعرب عدد من المسئولين في دول أمريكا الجنوبية عن سعادتهم البالغة تجاه الاتفاقية التجارية المبرمة بين الميركسور والاتحاد الأوروبي، حيث وصفها البعض بكونها إنجازا غير مسبوق في تاريخ أمريكا الجنوبية.
وفي تغريدة له عبر تويتر، قال الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو بأن الصفقة التجارية بين الجانبين سوف تحقق نجاحا منقطع النظير على صعيد الاقتصاد العالمي، كما أنها ستفتح آفاقا جديدة أمام دول أمريكا الجنوبية للوصول إلى عالم هائل من المنتجات والبضائع العالمية.
كما أفاد وزير الاقتصاد البرازيلي بأنه من المتوقع أن ترتفع قيمة إجمالي الناتج المحلي خلال السنوات القادمة لتصل إلى 125 بليون دولار.
ومن جانبه، فقد وافق الاتحاد الأوروبي على استيراد 99 ألف طن سنويا من اللحوم من دول أمريكا الجنوبية مع الالتزام بتخفيض قيمة الرسوم الجمركية بنسبة 7.5% على مدار خمس سنوات، إلى جانب استيراد 180 ألف طن من السكر سنويا بإعفاء جمركي تام يستمر لعدة سنوات، هذا في الوقت الذي وافق فيه أعضاء الميركسور على تخفيض قيمة التعريفات الجمركية على السيارات الأوروبية بنسبة 35% على مدار 15 عام.
وفي تعليق له أيضا قال رئيس الخارجية الأرجنتيني جورجي فوري بأن الاتفاقية الجديدة ليست مجرد إنجازا اقتصاديا فحسب، بل تعدو أكثر من ذلك لتضع الأرجنتين في موقع متميز بين الدول، مما يعمل على تعزيز مكانة الأجندة الأرجنتينية على الصعيد الإقليمي والدولي.
رابط المقال الأصلي:اضغط هنا