من المعروف أن اليونان ليست دولة جاذبة للاستثمارات، وفي الوقت الذي تحدث فيه الكثيرون عن ضرورة اتخاذ بعض الإجراءات من أجل إنقاذ الموقف، لم يتغير أي شئ حتى على صعيد العمل المؤسسي، إلا فيما يتعلق ببعض الإصلاحات التي تهدف إلى محاولة استيعاب المبادرات المطروحة من قبل بعض المستثمرين والذين قد تجمعهم علاقة ما مع أحد الوزراء أو أعضاء الأحزاب، ولكن النتيجة النهائية في جميع الأحوال تفضي إلى وجود بعض العراقيل التي أدت إلى إفساد المناخ الاستثماري في الدولة بوجه عام.
وبالتالي فإن الجهود الحكومية الرامية إلى تعزيز مجال الاستثمار يجب أن تضرب بيد من حديد على الممارسات التي تؤدي إلى تعطيل سير حركة الاستثمارات والتغلب على كافة التحديات والعقبات التي قد تحول دون تشجيع المستثمرين على المضي قدما في طريقهم، وفي حال عدم التدخل الجاد من قبل الدولة واستمرار الوضع كما هو عليه من حيث وجود الروتين وانعدام الرقابة والتهرب من المسئولية، فلا أمل في النهوض بالقطاع الاستثماري أبدا.
وفي حال ما إذا ركزت الدولة على إعادة تعديل الأجواء العامة المحيطة بالأنشطة الاستثمارية فمن المتوقع أن يتم النهوض بهذا القطاع الحيوي الهام خلال سنوات، ولعل المثال الأقرب هو المشروعات الاستراتيجية الـ 19 والتي تم طرحها ومناقشتها في عام 2010 إلا أن البيئة العامة التي تعمل على تقويض الاستثمار قد أدت إلى وصول اثنين فقط من بين هذه المشروعات إلى مرحلة البناء، أما باقي المشروعات فيبدو أنه تم اسقاطها أو غض الطرف عنها بصورة متعمدة.
ولا يقتصر الأمر على الاستثمارات في القطاع الخاص فقط، ولكن هذا الوضع المؤسف قد امتد ليشمل القطاع العام أيضا وبخاصة على مدار العامين الماضين، وهناك من يزعم بأن الأمر قد يكون متعمدا من قبل الحكومة بهدف إيجاد بعض الفوائض، ولكن المشهد يبدو أكثر سوءا، حيث أن المكتب المحاسبي الرئيسي بالدولة يتولى مهمة منح الأموال إلى وزارة المالية، ومن ثم توزيعها على القطاعات المختلفة في الحكومة المركزية من أجل القيام بالأنشطة الاستثمارية، وهنا تتضح مظاهر التلاعب والخداع وتضارب المصالح بين القطاعات المختلفة، وتتوقف الخطط والدراسات ويتم وضع المزيد من العراقيل أمام المشروعات.
كما تعجز قطاعات الدولة أو ربما تمتنع عن تقديم كشوف محاسبية لتوضيح أوجه الإنفاق السنوي، مما يضطر وزارة المالية إلى إخبار المكتب المحاسبي الرئيسي بالدولة بأن الأموال التي تم توزيعها لم يتم تشغيلها والاستفادة منها على الإطلاق.
وعليه، فمن الخطأ القول بأن فرض المزيد من الضرائب قد يؤدي إلى تحسين مجال الاستثمار في اليونان، فالحقيقة هي أن صورة الدولة بأكملها في حاجة إلى التغيير من أجل إحداث طفرة في مجال الاستثمارات، الأمر الذي يتطلب ضرورة تبني نموذج إصلاحي شامل على كافة الأصعدة وتحقيق التكامل بين الحكومة والقطاع الخاص.
رابط المقال الاصلي
اضغط هنا