العدالة الاجتماعية بقلم علي الهماشي
لا شك أن المجتمع الذي يفقد مقومات العدالة يكن مجتمعا غير مستقر،مجتمعا يختزن الصراع ،ويعيش على فوهة بركان.
والعدالة الاجتماعية يمكن أن تتحقق فيما لو توفر نظام عادل يحمي جميع أفراد المجتمع على حد سواء .
والعدالة الاجتماعية إن لم تتحول الى ثقافة وشعور تبقى بحاجة الى القانون النافذ لفرضها.
وكما هو معلوم فالقانون بحاجة الى قوة لتنفيذه،فلايمكن للقانون أن يكون نافذاً ويبقى حبراً على ورق،إن لم تكن هناك قوة تنفيذية تترجم القانون على أرض الواقع،فمقومات العدالة الاجتماعية
نظام عادل ينفذ فقراته أُناس اقوياء
بقرارات من قضاة أكفاء ،نزهين،يملكون الحكمة وعلى دراية بروح القانون
متى يكون شديدا ومتى يمكن أن يلين.؟
ولابد من حماية القضاة لانهم ركيزة أساسية من ركائز العدالة الاجتماعية، إن كان عدولاً وتوفرت به الشروط أعلاه .
ويجب أن يصون المجتمع القاضي من التعرض للضغوط السياسية .
فلايمكن للقاضي أن تدفعه ميوله السياسية الى الاخلال بواجباته في الحكم
وأما الضغوط المالية فيجب حمايته من التعرض للرشى ولهذا تعمد بعض الدول الى أن تضع للقاضي الراتب الذي يكفيه،كنوع من الحماية المالية لوقايته من المغريات التي تقدم له بعد ذلك .
و الشرائع السماوية قد حرمت الرشوة ،ومنها الاسلام قد أدانها وحرمها وجعلها من الكبائر وكان القران صريحا في اعتبار الاموال التي تقدم الى القضاة او الحكام باطلة وما يتم جنيه بعدذلك باطلا وحراما { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }188البقرة.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا }29 النساء.
فالرشوة هي أساس الفساد وهي التي تمزق الروابط الاجتماعية وتقوض العدالة الاجتماعية .
ولأن إسمها قبيح فيحاول مقترفها أن يُغطيها بأسماءٍ وصفاتٍ اُخرى كالهدية .وكما هو معلوم فإن هذه التغطية ماهي إلا خداع للنفس أولا قبل خداع الاخرين .
وحاول المشرع الاسلامي حماية القضاة بحيث أمرهم أن لايذهبوا للاسواق كي لايقعوا في المحظور ويأتي يوم فيميل القاضي الى ذلك البائع الذي كان كريما معه،وعليه رد الدين فيحكم له على خصمه .
ولهذا تم تشخيص الرشوة على أنها الوباء الاجتماعي الذي يمنع إقامة العدالة الاجتماعية فلايمكن للقاضي أو منفذ القانون أن يكون عادلا وركيزة في تحقيق العدالة الاجتماعية وهو يقبل الرشوة .
لانريد هنا ذكر الامثلة عن الرشى وانواعها،وتقريب التواصيف فيما يتعلق بهذا الامر واصبح الامر معروفا وواضحا كوضوح الشمس .
ومتى ما استساغ المجتمع هذا الامر فهو مجتمع سيعم فيه الظلم ويأكل القوي الضعيف وسيطبق القانون على الضعفاء منه فقط، بينما جاءت القوانين ليحتمي بها الضعيف، فهو لايملك من القوة الا القانون ونفاذه .
ولربما يكون تفشي هذا المرض سببا من أسباب عدم توفر السلم الاجتماعي
الذي ندعو له في مناسبات سابقة .
إن السلم الاجتماعي لايمكن أن يتحقق دون وقاية وعلاج لامراض اجتماعية ونفسية، لا اُريد أن أذكر أمثلة فيما تحدثت فيه أعلاه، لكن مقومات العلاج بيد الشعب وعلى نخبه أن تقود المجتمع نحو بر الامان، بعد أن تكون محصنة من هذه الامراض .
ولا يمكن للعليل أن يداوي الناس وهو مبتلى بنفس المرض .