يرحل القومي الاجتماعي الملتزم رضا محمد طه كبريت ابن محلتنا في شارع عبد الغني العريسي من بيروت وهو من اصل صيداوي ومن مواليد بيروت، عُرف الراحل كمسرحي كيف يصل في اعماله الى الناس، ولعب على المسرح مع اشهر الممثلين في لبنان ومصر، كما لعب ايضاً على الشاشة الصغيرة، وكانت منابعه في كل ذلك “الحكواتي – والقبضاي”، والحزب القومي السوري الاجتماعي الذي هو احد اعضائه الناشطين.
حدثني الراحل العزيز بمناسبة اعداد كتابي “من ذاكرة بيروت” عن الاعمال الكثيرة التي قام بها ومنها “ليلة بالمخفر” و “مجنون يحكي” و “حالة طوارئ” و “يللي بلا مصيبة عجيبة” و “ثورة على الرصيف” و “سرفيس تاكسي” و “حشور ينام بالنص” و “الستارة”، وقد مثل الاولى في بعلبك عام 1955 وفي بيروت وباقي المناطق، وكان في كل مرة ينتهي من تقديم المسرحية يحضر رجال الشرطة ويحجزوه في المخفر ليلة واحدة، ويُخلى سبيله في اليوم التالي، حتى وصل به الحال ان قدم مسرحيته ولم تحضر الشرطة لتوقيفه فذهب هو بنفسه الى المخفر طالباً توقيفه شارحاً الاسباب، وطبعاً لم يُصر الى توقيفه، واصبحت هذه الزيارة للمخفر حديث الناس آنذاك.
واضاف الراحل بأنه في احد الايام وبعد الانتهاء من تقديم احدى المسرحيات استدعاه المفوض سمير الشعراني (مخفر حبيش) وطلب منه ابراز الترخيص بعرض المسرحية، حيث كان على مؤلف المسرحية الاستحصال على اذن بالموافقة من والي بيروت (ايام العهد العثماني وقد بقي هذا النص ساري المفعول في عهد الاستقلال) فأجابه المسرحي الملتزم رضا كبريت: “لقد اخذت الاذن من والي بيروت”، فأجابه المفوض: “واين والي بيروت ليعطيك الاذن؟؟”، أجابه المرحوم رضا: “لقد ذهبت الى مدافن الباشورة وقرأت على ضريح الوالي نص المسرحية مرتين، فلم يجاوبني واعتبرت سكوته موافقة على النص”، وقد تناقل الناس هذا الحوار ايضاً في كل لبنان.
كم نحن بحاجة اليوم الى امثالك في بيروت ليكون الشباب بأعلى الالتزام السياسي والوطني والقومي، لما فيه خير الوطن والمواطن، وان ينعكس ذلك في الاعمال الفنية المسرحية والسينمائية والشعرية والادبية والفكرية التي يقدمونها.
مَنْ كان مثل رضا كبريت لن يرحل ابداً، يرحل الجسد لكن تبقى الروح بين شعبه الى الابد الذي لن ينساه بعقيدته والتزامه بها وبحسن الآداء في ايصال الفكرة الى الناس وبِظُرف قياسي
تغمدك الله برحمته ايها الراحل الكبير