لا أعرف لماذا يصمت العرب كل هذه الفترة على وضع وترتيب حروف اللغة العربية بين نظامي التشغيل الأشهر في العالم.. وهما نظام ويندوز ونظام آي أو إسIOS.
من تعامل مع كلا النظامين يدرك منذ الوهلة الأولى أن ترتيب الحروف هنا غير هنا، وهذا غير ذاك، فوضع وترتيب الحروف يتشابه فقط في الصف الأوسط على لوحة المفاتيح أما الصفان العلوي والسفلي فمختلفان عن بعضهما.
قد تبدو المشكلة بسيطة أو غير مهمة لمن يستخدم نظام تشغيل واحد.. لكنها في الواقع عميقة ومهمة جدًا.. فإذا عرفنا أن كل لغات العالم حروفها لها ترتيب ثابت وراسخ على لوحة المفاتيح على كلا النظامين، فلماذا إذن اللغة العربية متغيرة ومختلفة؟!
الحقيقة ليست عندي إجابة.. فقد حاولت منذ عدة سنوات أن أعثر على ضالتي في طرح التساؤل على مجموعة من مديري الشركات الإلكترونية العالمية.. لكن لا أحد يعرف.. من الذي بدأ بالترتيب قبل الآخر؟! ولماذا لم يلتزم به أحدهما؟! ولماذا ظلا مختلفين؟!
لماذا يبدو الترتيب مهمًا؟! لأننا في عصر التكنولوجيا.. عصر الهاتف الذكي.. والأجهزة الذكية من حولنا في كل شيء، والمعنى أننا نستخدم الهاتف والجهاز اللوحي والكمبيوتر كل يوم وكل ساعة وبطريقة مباشرة وواضحة.
هنا تحديدًا يتضح المعنى، أرغب أن يشب أطفالنا على حروف لغتنا العربية ثابتة الترتيب على لوحة المفاتيح يحفظون وضعها بسرعة ويتعاملون معها بسهولة، رويدًا رويدًا كلما استخدموا هواتفهم زادت سرعتهم في الكتابة، فوفروا الوقت والجهد.
حينما أجلس مصادفة بجوار طفل غير عربي في أحد مطارات العالم، وأراه يستخدم لوحة مفاتيح هاتفه بسهولة ويسر وسرعة تزيد وتنقص على حسب سنين عمر الطفل، وحينما أجلس بجوار صحفيين غير عرب في المؤتمرات العالمية وأرى سرعتهم في الكتابة على لوحة المفاتيح.. أعرف جيدًا أننا ينقصنا الترتيب الواحد للغتنا العربية على كلا نظامي التشغيل.
يحكي أن أكثر ما كان يغيظ اليابان أو الصين أن يطلق الغرب عليهما أنها معجزة.. خرافة.. شيء لا يصدقه العقل، والمعنى أن ما حققاه وفعلاه بعد الحرب العالمية الثانية من تطور في بلدانهم وتقدم في الاقتصاد والعلم والصناعة.. لم يكن يتصوره عقل.
فالصين واليابان وكل دول النمور الآسيوية يندهشون إلى هذه الصفات الحميدة، ويرون أن كل ما حققوه جاء عن طريق العمل، ثم العمل ثم العمل.. بالاجتهاد والإصرار والتحدي وعدم الركون.
ترى أي شيء يغيظ العرب، لغتهم غير المرتبة على لوحة المفاتيح؟! أم لابد أن نغرقهم في الإطراء بأنهم معجزون وعباقرة؟!
نشر في بوابة الاهرام بتاريخ ٢٦ – ١٢ – ٢٠١٩
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
اقرأ ايضاً للكاتب
http://box5852.temp.domains/~iepcalmy/strategicfile/uncategorized/نحن-نتجسّس-عليكم-مجّاناً-وسنبقى-كذلك/