
في اليوم العالميّ للمرأة، نرفع أصواتنا عالياً كصرخةٍ تدعو الحكومات والمجتمع الدوليّ- من منظماتٍ دوليّة إلى مؤسّسات المجتمع المدنيّ- إلى مواجهة الهجمات المتصاعدة على حقوق المرأة بلا مواربة. ففي ظلّ تقارير تُظهر تصاعد العنف القائم على النوع الاجتماعيّ بنسبة 30% في بعض الدول- كأفغانستان حيث تُحرم النساء من التعليم والعمل- يُصبح التحرّك العاجل ضرورةً وجوديّة. من هنا ندعو إلى تفعيل آليات الحماية الدوليّة، مثل اتفاقيّة “سيداو” وقرارات مجلس الأمن الخاصة بالمرأة، لضمان محاسبة الدول التي تتجاهل إنتهاكات الحقوق الأساسيّة.
الحماية الشاملة: درعٌ ضد العنف والتميّيز
لا تقتصر المعركة على توفير الحماية للنساء والفتيات فحسب، بل تشمل دعم مجتمع الميم والمجموعات المهمّشة التي تواجه تميّيزاً مزدوجاً. ففي أمريكا اللاتينيّة، على سبيل المثال، تُسجّل أعلى معدّلات جرائم الكراهيّة ضد المثليّين، بينما تُعاني النساء في مناطق النزاع، مثل السودان والكونغو، من عنفٍ جنسيّ مُمنهج. هنا، يجب أن تتحوّل الشعارات إلى أفعال: تمويل مراكز الإيواء، تقديم الدعم النفسيّ والقانونيّ، وإشراك الرجال في حملات التوعية.
الحقوق الجنسيّة والإنجابيّة: حريةٌ لا تقبل المساومة
المطالبة بإلغاء القوانين الرجعيّة التي تُحرّم الإجهاض- كما حدث في بولندا- والتي تدفع آلاف النساء إلى عملياتٍ غير آمنة. وفي المقابل، نحيّي التجربة الأرجنتينيّة التي شرّعت الإجهاض عام 2020 كنموذجٍ للتقدّم. يجب أن تعتمد الحكومات سياساتٍ صحيّة شاملة، تضمن الوصول إلى وسائل منع الحمل الحديثة، ورعاية ما قبل الولادة، ومكافحة زواج القاصرات، وهي الظاهرة التي تنتشر في 20 دولةٍ أفريقيّة وآسيويّة بنسبة تتجاوز 30%.
تحيةٌ للمدافعين: بصمات التغيّير
لا يُنكر دور الحركات النسويّة ومجتمع الميم في إسقاط أنظمةٍ قمعيّة، كحركة “حياة السود مهمة” التي سلّطت الضوء على العنف المؤسسيّ. ومع ذلك، يواجه المدافعون تهديداتٍ غير مسبوقة: ففي 2022، سُجلت 400 حالة اغتيالٍ للناشطين الحقوقيّين عالميّاً. لذا، يجب على المجتمع الدوليّ فرض عقوباتٍ على الدول التي تتعمّد إسكات الأصوات المناضلة.
معركة ضد التراجع: لا عودة إلى عصور الظلام
رفض أي محاولةٍ لإحياء النظم الأبويّة، سواء عبر قوانين تقيّيد الطلاق في بعض الدول العربيّة، أو عبر قراراتٍ قضائيّة تتراجع عن الحقوق الإنجابيّة- كإلغاء الحماية الدستوريّة للإجهاض في الولايات المتّحدة. هذه الهجمات ليست جديدة، بل هي امتدادٌ لقرون من الهيمنة الذكوريّة، التي حوّلت جسد المرأة إلى ساحة حرب.
نحو مستقبلٍ من العدالة: لا مكان للخوف
لن يتوقّف النضال حتى تتحقّق المساواة الجندريّة في كل المجالات: التعليم (حيث ما زالت 130 مليون فتاة خارج المدرسة)، والاقتصاد (الفجوة العالميّة في الأجور تبلغ 23%)، والمشاركة السياسيّة (تشغل النساء 26% فقط من المقاعد البرلمانيّة عالمياًّ). لن ننسى العدالة المناخيّة والرقمنة، ممّا يستدعي تضامناً عالمياًّ يُشرك الأصوات المهمشة في صناعة القرار.
اليوم، نعيد التأكيد: المساواة ليست شعاراً، بل التزامٌ بإعادة كتابة التاريخ. فلنكنْ معاً قوةً لا تُقهَر في مواجهة الظلم.