كما فجعت الكرك في جنوب الأردن قبل أيام بفارس من فرسانها ومناضل كبير من مناضليها النائب والوزير السابق محمد فارس الطراونة (أبو جاسم)، فجعت السلط في وسط الأردن اليوم بطبيبة وكاتبة وأديبة ومناضلة مسكونة بالأمل بمستقبل الأمّة، مؤمنة بمشروعها النهضوي، متوجهة بقصصها إلى الكبار والصغار في بلادنا، هي الدكتورة هدى فاخوري التي ما غابت يوماً عن ساحة من ساحات النضال من أجل وحدة أمّتها وتحررها واستقلالها، وعلى طريق الدفاع عن شعوبها التي تواجه العدوان والاحتلال والحصار..
كنت أسمع عن عطائها النضالي والإبداعي والإنساني كثيراً، وكنت اسمع عن عائلتها التي أنجبت للأردن والعروبة قامات كبيرة على غير صعيد، إلى أن تعرفت إليها عام 1999، في احدى دورات المؤتمر القومي العربي فلمست في كلماتها شجاعة وجرأة، وفي مواقفها صلابة ومبدئية، فدافعت عن العراق في وجه الحصار والاحتلال دون هداوة، وعن سورية في وجه الحرب الكونية التي تواجهها دون حرج، وعن المقاومة اللبنانية الباسلة في وجه كل مؤامرات الخارج والداخل معاً، طبعاً دائماً عن فلسطين التي رأت هدى فيها التوأم القومي للأردن، وكانت ترى في الانتصار لها انتصاراً للأردن ولكل قطر عربي..
للراحلة هدى فاخوري مميزات عديدة، لكن واحدة من أهمها هي ميّزة المبادرة، فهي قلما تحضر اجتماعاً أو ملتقى أو منتدى أو مؤتمرا إلاّ وتحمل معها فكرة أو اقتراحاً يجسّد أفكارها عملياً، لذلك كانت تنتزع إعجاب كل من شاركها في عمل أو توجه أو فعالية..
هدى فاخوري لم تعرف الشيخوخة، فقد أمّضت سنواتها (73) وهي تعطي كما الشباب، لأن الوطنية عند أمثالها لا تشيخ، والإيمان عندها لا يتعب، والمبادرات معها لا تتوقف.
رحم الله الصديقة والرفيقة والأخت والمناضلة والطبيبة والأديبة هدى سالم يعقوب فاخوري.