قد يكون ما أكتبه دعاية مجانية لكن على مَنْ يشعر بالمسؤولية اتجاه مجتمعه أنْ يقولَ كلمته ،كما هي إدارة الأزمات أنْ يلاحظ المسؤولُ في المؤسسة الاخطاءَ أو الثغراتِ ليعالجها قبل أنْ تتحولَ إلى أزمةٍ أو كارثةٍ بحسبِ تصنيفِ إدارةِ الأزماتِ ..
وهذا ما يجبُ أنْ نطبقَهُ على المجتمع من ملاحظاتٍ على ما يجري في المجتمع منْ أُمورٍ سلبيةٍ قبل أنْ تتحولَ الى ظاهرةٍ أو ظواهرَ إجتماعية.
ومن هنا لن أتحدث عن فيلم “شارع حيفا“ كناقدٍ سينمائي أو ناقدِ السيناريت أو التصوير حيث وجدته تصويرًا لمبتدئ في عالم السينما إلا في لقطة واحدة كانت في بداية الفيلم حيث بقت الذبابةُ راكزةً في وجهِ القناص (بطل الفيلم ) وكان اسمه (سلام) دونَ أنْ يحاولَ إبعادَها و دلتْ على تركيزِ القناصِ وصرامتِهِ وتصميمِهِ على الهدف ، وظننتُ أنَّ الفلمَ سيكونُ عميقًا في مضامينه وحواره ،ولكنه مع الأسف خذلني كمتفرج سارع الى مشاهدة الفيلم بمجرد أنْ سَمِعَ بالعنوان وأنَّ برنامج النتفليكس قد أدرجه على قائمة أفلامه ، ووضعه ضمن تصنيف الكبار!.
حاول المخرجُ (محمد حيال) ومشاركته مع كاتب السيناريو (هلال السلمان) في هذا الفيلم أن يضربا عصفورين بحجر من خلال إدانة الامريكان بما فعلوه في سجن أبي غريب سيء الصيت ،وإدانة تنظيم القاعدة بقتلهم العشوائي للعراقيين ،ولكنه أضاع هذه الرسالة بحوار الفيلم ومجرياته التي كانت تدين المجتمع العراقي باللغة الهابطة للجميع من لغة الضحية الى المجرم .. وتصويره لمجتمع فاقد للهوية لا يعرف أين يتجه ،وهكذا كان مجرى الفيلم بلانهاية .
فقد المخرجُ وكاتبُ السيناريو تركيزهما ولا ادري ما وجهتهما عندما اراد انهاء الفيلم بهذه الطريقة .
والغريب أنَّ المخرج اقحم لقطة حميمية بين القناص (الممثل العراقي الشاب) وزوجته العرفي (الممثلة اللبنانية يمنى مروان) دون مقدمات فبعد حوار فج لاينم عن أي حب وأي إحترام يتبادلان القبل والى اخر الشوط دون أن ينتج عن ذلك الامر صفحٌ ومودةٌ بين الاثنين بل عمد البطل سلام الى طردها!!!.
وحاول المخرج أن يوحي إلينا أن إجرام القاعدة كان عقدةً نفسيةً من جراءِ ما فعله المحتلُ بالسجناء العراقيين ،فَخَرَّجوا لنا شواذً وساديين يعاقبون ضحيتهم بمثل ما عوقبوا به .
ولهذا وجدنا القناص ينتقم من أميره (أبو أيمن) بأن يجعل احد أتباعه يجرده من ملابسه ويفعل به مافعله الامريكان معه في سجن أبي غريب كما جرت القصة على لسان المترجم ضحية القناص في بداية الفيلم …
كان الفيلم مثالًا سيئًا لمجتمع ما بعد الاحتلال، وأساء الى العراقيين جميعا بلغته السوقية والهابطة ..
فكان فيلمًا هابطًا بكل المعاني من البداية الى النهاية .
وكان الفيلم فقيرًا في الحوارِ وفقيرًا بالتصوير واعتمد على أماكنَ بسيطةٍ مما يوحي أن انتاجه كان بسيطا جدًا.
وقد نجح المصور في تجسيد حالة البؤس لكل مَنْ كان في الفيلم .
وإن تم ترشيحه لجوائز معينة فلا يعني ارتفاع قيمة الفيلم بل قد تكثر الشبهات عليه حينما يتم الترويج لمثل هذه الافلام ،وأخشى أن تكون لهذا الفيلم نسخا مشابهة لافلام من نفس النوع في المستقبل، بعد أن تم عرضه على قناة النتفليكس التي ربما تشجعت في عرضه احتوائه على اللقطات الشاذة عن عرف المجتمع العراقي بصورة عامة، وربما يسميها بعضُنا جرأةً ،ولكنها إقحهامها بهذه الطريقة، والغريب أنهم تشاجرا فقاما بتقبيل بعضهما بعضا ليذهب الى الزوج الى وضع آخر وهو بعيد عن حالة الخصام التي كانا عليها وهو ما يدل على أن المخرج اراد الاثارة فقط بعيدًا عن أحداث القتل وهو نوع من التسويق الرخيص …