أسئلة بشأن 17 تشرين تنتظر إجابات | كتب د. ناجي صفا
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
غريب أمر هذا الشعب اللبناني. يعجز المرء عن تفسير سلوكه. ويحار في تحديد المعايير الحاكمة لهذا السلوك. وهل الشعب اللبناني خفيف وسطحي وتافه لدرجة ان بضعة سنتات حركته وجعلته يهب هبة واحدة. بينما خراب البصرة بأكملها لم يحركه وما زال خامدًا.
القصة بدأت في السابع عشر من تشرين الاول عام ٢٠١٩ عندما أعلن وزير الإتصالات محمد شقير فرض زيادة ٦ سنتات على المكالمة أو على الواتس أب. لا أعرف كثيرًا في تلك التفاصيل.
يومها هب لبنان من أقصاه الى أقصاه استنكارًا لتلك الزيادة. البعض ربط هذه الهبة وهذا التحرك ببؤس الوضع الإجتماعي والإقتصادي والمعيشي وهنا تحول الحراك الى مطلبي اجتماعي.
فجأة تحول الى سياسي تحت عناوين اصلاحية. بدا الخلل واضحا منذ اللحظة الاولى عندما تحول مطلب الإصلاح وهو مطلب محق حتما تحول باتجاه جهة بعينها. وهذا التوجه يخدم جهة سياسية غير لبنانية تحمل مشروعا كانت قد مهدت له بضرب بنك جمال وقبله البنك الكندي. وملاحقات مالية ومصرفية بخلفيات سياسية.
ربما صحا محمد شقير الاوجاع التي كانت كامنة عند المواطن الذي اقتنص الفرصة للنزول الى الشارع.
هذا تفسير بريء سطحي وساذج لما جرى ام يضع الأصبع على الجرح ؟؟ . بدليل ان الـ ٦ سنت التي جعلت الكيل يطفح وجعلت الناس تنزل الى الشوارع لم تنتج ذات المفاعيل عندما اصبحت دولارات بدل سنتات. مع اخذ الظروف الصعبة التي استجدت بعد الإنتفاضة وبعد نهب الاموال وإفلاس الدولة بعين الإعتبار. كل هذا لم يحرك الجماهير ولم يجعلها تنتفض وهذا يتطلب تفسيرا علميًا وموضوعيًا لحركة المجتمع ودوافعها الفعلية ولماذا عجزت عن تحريك المجتمع رغم توفر كافة العناصر المحركة. لم تكن العناصر كلها متوفرة كما هي الآن عندما اعلن محمد شقير زيادة الـ ٦ سنتات. هذا يجعلنا نطرح الأسئلة التي تحتاج الى اجوبة موضوعية وعقلانية. هل ما حصل يتصل بلعبة انتاج الثورات الملونة التي يعمل عليها جورج سوروس ووزارة الخارجية الأميركية. وهل حركة محمد شقير بريئة أم تتصل بهذا البعد وانها جاءت بناء على طلب من جماعة الثورات الملونة وبالتنسيق معها وانهم هم من طلبوا منه زيادة الـ ٦ سنت ومن ثم لعبوا دور التحريض للنزول الى الشارع ؟؟.
لا شك ان الأسئلة تتصل عادة بحسن النية وسوءها في آن، لتفرز الأيام بعد ذلك النتائج، عن سوء نية او خلاف ذلك.
ولنفترض سوء النية، وان محمد شقير اقدم على ذلك بالتنسيق مع جماعة الثورات الملونة الذين يلعبون عادة على اوجاع الناس وحاجاتهم. فيحركونهم استنادا الى تلك الحاجات والاوجاع ومن ثم يستثمرون الموقف بالسياسة وفق اجنداتهم المحضرة سلفا كما حصل في لبنان وما زالت تداعياته تشل المجتمع اللبناني رغم توفر كل عناصر الإنتفاضة لكنه باق مشلول بسبب استخدام زيت الطوائف والمذاهب والحزبية والزبائنية لمفاصل واعضاء تلك الماكينة الإجتماعية المعطلة بفعل تلك التركيبة وذلك الزيت الذي يستخدم لحلحلة تلك التركيبة فيعقدها بدل حلحلتها.
الأسئلة التي تتفجر من غير اجابات حتى الآن، هي لماذا ذابت القوى الوطنية التي نزلت الى الساحة بحسن نية وعدم ارتباط بأجندات اجنبية تتصل بمشاريع الإدارة الأميركية. لماذا تراجعت. ولماذا خابت وهابت. ولماذا لم تكمل فعلها الحقيقي الذي نزلت من اجله وأخلت الساحة لأصحاب الأجندات المشبوهة والممولة. وها هي الآن تبكي على الأطلال وتقف عاجزة عن التأثير أو وقف اجراء صغير يمس حياة الناس او امن المجتمع. اكتفى هؤلاء بثورة الفيس بوك والتنظيرات والبرامج التي يجري الكلام عنها وتداولها. في حين يعجزون عن جمع مائتي رجل للنزول الجدي للشارع وحمل مطالب او حلول.
ادرك انني لم اجب على الكثير من الأسئلة او الكشف عن خطوات تحيي بعض الأمل عند المواطن، لكن جوابي بكل اسف انه لا حلول طالما الشعب نائم، لكن حسبي انني طرحت الاسئلة التي ستبقى تنتظر الاجوبة، ومنها جواب مهم جدًا. هو الى متى ؟؟.