يستمع اللبنانيّون بنفس هزليّة للأخبار اللبنانيّة التي أصبحت معروفة سلفًا من قِبل المواطنين والتي تتلخّص بالنقاط التاليّة:
1- بدل أن يشتكي المواطن ممّا حصل معه مع بعض أركان السلطة الفاسدة، يقوم الحكام بإبداء استغرابهم حول عدم توفّر حاجات الناس الأساسيّة من بنزين وكهرباء ومازوت ومواد غذائيّة، وكأنّهم ملائكة لم يحكموا البلاد والعباد لمدة ثلاثين سنة على الأقل.
2- يشتكي المواطن من نهب المال العام من خلال سماسرة الحكام وأزلامهم، في حين أنّ أهل السلطة يبدون استغرابهم لجهة كيف هُرّبت هذه الأموال ومن هو السارق.
3- شر البليّة ما يضحك، حاكم المصرف المركزيّ يصدر في كل جمعة فرمان مصرفيّ جديد لكي يعتاش الشعب، ولكن في الواقع لكي يُحافظ على لصوص الهيكل.
4- تؤمّن القوى الأمنيّة بجميع أشكالها وأجهزتها الأمن والإستقرار في حين يكاد معاش العسكري الشهم الذي يحمي وطنه لا يتجاوز الخمسين دولار، ورغم ذلك يتساءل المسؤولون عن سبب حرمان عناصر القوى الأمنيّة من أبسط حقوقهم ولا يجدونها. باختصار الكل يبحث عن السارق وبالأخص المسؤولين.
5- أمور كثيرة لا تُعد ولا تُحصى، والغريب أنّ الطبقة السياسيّة تزيد برغبتها بتطبيق القانون وتحقيق استقلاليّة القضاء و ترمي التهم جزافًا على بعضها البعض.
6- القضاة وأساتذة الجامعة أصبح راتبهم مع الأسف الشديد ومن دون عنصريّة لا يعادل راتب عاملة منزل. فالدولار يتقاضاه الغريب في الوطن وإبن الوطن لا يكاد يكفيه راتبه لثلاثة أيام، في الوقت الذي لا يزال أهل السلطة يبحثون فيه عن من أودى بالبلاد والعباد إلى هذه الحالة.
7- يُقال عبر شاشات التلفاز ووسائل التواصل: “أيّها المواطن اللبنانيّ لا يمكن أن تُنقذ نفسك من هذا القهر الاجتماعي ولن ترى محاسبة أي سارق سوى إذا قمت بواجباتك يوم الإنتخابات في آيار القادم (هذا إن حصلت)، أي إلى الإنتخابات دُرّ”. هذه هي توجّهات بعض السياسيّين للهروب من المحاسبة لعلّه من الآن حتى شهر آيار يحدث شيء إقليميّ أو دوليّ يلغي الإنتخابات ويهرب هؤلاء من المحاسبة، متغافلين عن مسألة أنّ نهب أموال الشعب لا يسقط بمرور الزمن.
للأسف في الوقت الحاليّ لا شيء إيجابي يلوح في الأفق المنظور سوى تكّهنات، خصوصًا أنّ الحلول الاقتصاديّة والسياسيّة والماليّة والاجتماعيّة مُستبعدة حتى الآن قبل التوافق الإقليميّ والدوليّ.
إنّ المعارضة السياسيّة في لبنان لم تستطع الإجماع على قائمة واحدة كي يستطيع الشعب أن يبصر بعض النور. فهل الإنتخابات النيابيّة، إن حصلت، ستُغيّر الحال إلى الأفضل وسيفوز فيها شباب يستطيعون إعادة المال المنهوب والمحاسبة، خصوصًا أنّه ليس فيها توازن لا للإمكانيات الماديّة ولا حتى الإعلاميّة؟
فمن سطا على المال العام سيستعمل الأدوات الماليّة لشراء الأصوات خصوصًا أنّ الشعب يُعاني من الجوع والفقر المدقع وغياب لقمة العيش، ولا يوجد أي قانون بإمكانه أن يضبط هذه الرشوة الاستعباديّة. وللأسف فإنّ الإعلانات والحفلات وبدل النقل والحملات لا يستطيع تأمينها سوى من سرق المال العام أو استعان بسفارة من السفارات التي لها غاية سياسيّة في لبنان.
أمّا الإنسان المستقيم، الذي لا يريد إلّا أن يكون قراره حر، فلا يستطيع تأمين حتى الرسم الإنتخابيّ، وبالتالي تكون هذه الإنتخابات كسابقاتها غير متكافئة وخصوصًا لجهة عنصر المال الذي هو الأساس لكل شيء.
إنّ وسائل الإعلام هي من الأدوات المهمّة في المعركة الإنتخابيّة، وبطبيعة الحال ستكون أكثريّتها في أيدي هؤلاء المتسلّطين على رقاب الشعب. إذًا، أدوات الترغيب والترهيب ستكون بين أيديهم يستعملونها ساعة يشاؤون من إعطاء المندوبين لهذا أو ذاك حسب مصلحتهم.
للأسف منذ عام 1975 والشعب اللبنانيّ بكل أطيافه يُماطل في سبيل التخلص من هذه الأمور، ولكن دون جدوى. بل بالعكس هناك من اغتنى من الحرب وأصبح له علاقات خارجيّة ودخل نادي الأثرياء في لبنان وسيخوض الإنتخابات بهذه الإمكانيّات. وهذا الشعب اللبنانيّ المقهور إجتماعيًّا وجوعًا لا يسمع منهم سوى الندوات والتضحيّة والوفاء لهذا المحور أو ذاك، وعليه إنتظار الفرج من الترياق. والله هو المساعد الذي سيخلّص لبنان والشعب اللبنانيّ من تجّار السياسة ومن معهم من الأوصياء والأدعياء.