بعد الإنتخابات النيابية ما هو المتوقع، وما هو المطلوب ؟؟ | كتب د. ناجي صفا
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
انتهت الإنتخابات النيابية على فسيفساء ليست مفاجئة، فقد عكست بعض الإضطراب السياسي الداخلي، وصولا الى الإقليمي والدولي.
لا اكثريات واضحة او حاسمة بنتائج الإنتخابات، بعضها عبر عن ميزان قوى شعبي موضوعي، وبعضها الآخر عبر عن حالة غير موضوعية بالسياسة، وانما عبر شراء الذمم، نتيجة الحاجة الماسة للمواطن بسبب الإنهيار المالي والإقتصادي، جرى شراء بعض العائلات، وشراء وجعهم ومعاناتهم بالجملة.
لا شك ان الشحن الطائفي الذي تركز حول الخيارات السياسية قد لعب دورا حاسما في بعض الأماكن، وترجم في صندوقة الإقتراع، شكل ذلك اساسا في إنتاج مجلسا غير متجانس، ولا يتوقع منه الكثير في قادم الأيام، ذلك ان الآنقسامات الحادة التي شهدتها الإنتخابات، ستترجم نتائجها في البرلمان، ربما تكون معركة حول كل شيء، من التشريع والرقابة، الى تشكيل الحكومة، الى انتخابات الرئاسة.
يمكن قراءة المشهد القادم على النحو التالي بمعزل عن المؤثرات التي شهدها.
اولا : يمكن القول ان حزب الله قد نجح نجاحا باهرا في حشد حاضنته الشعبية مؤكدا تمسكها به وولاءها له.
ثانيا : لا شك ان حزب الله استطاع ان يشكل رافعة لحلفائه في العديد من المناطق، وهذا سيسجل له بأنه لا يخذل حلفاءه.
ثالثا : تبين ان البيئة المسيحية منقسمة عاموديا، وان الأمزجة المسيحية متعددة، مع ارجحية ما للقوات اللبنانية التي استطاعت ان ترفع منسوب حضورها النيابي واستطرادا ثقلها السياسي.
رابعا : تبين ان الكتلة السنية هي الأكثر اضطرابا وصولا الى الضياع، في ضل غياب سعد الحريري واستنكافه عن المشاركة في الحياة السياسية ترشيحا واقتراعا، ما يؤشر الى ان الحريري ما زال الاول في طائفته، رغم الحصار المضروب حوله، ورغم المضايقات التي بلغت حد الإقصاء عن المشهد السياسي.
خامسا : تبين ان وليد جنبلاط ما يزال قادرا على شد العصب الدرزي، وقد نجح في ذلك، رغم بعض الهنات التي شهدها المشهد الدرزي هنا وهناك.
ماذا بشأن المتوقع ؟؟.
لا اتوقع تحولات مهمة في المشهد السياسي العام، سوى تأكيد الفرز العامودي على الخيارات السياسية، سيبقى ذلك حاكما للمشهد السياسي في لبنان، ومعيقا لحركته السياسية نتيجة التوازنات الناشئة.
المطلوب استدارة من حزب الله نحو الآصلاح السياسي، وبالحدود التي يستطيعها، والمطلوب ايضا فعل انقاذي اقتصادي – اجتماعي – معيشي، بناء على تلميحات سماحة السيد انه سيكون لحزب الله حضور اكبر في الحياة العامة، سياسيا واقتصاديا وانقاذيا، المطلوب تراجعا عن الإستنكاف الذي مارسه طيلة الحقبة السابقة، والتي ادت الى عتب كبير من جمهوره وبعض الحلفاء، حيث خسر بعضهم وعليه استردادهم، كما استرداد مساحات من الجماهير العاتبة سواء النخبوية منها او الشعبية.
لا شك اننا سنكون امام حالة مفصلية مهمة، حساسة وصعبة، فإما الإستمرار في الإنزلاق نحو الهاوية، واما امام حالة انقاذية بحدودها الدنيا، آمل ان لا تعود الطبقة السياسية الجديدة والمنتخبة الى سيرتها السابقة، وان تجر المواطن الى صراعاتها المختلفة والملتبسة على حساب المواطن ولقمة عيشه وآماله في تغير المقاربات، وبرأيي هذا مربوط الى حد كبير بما سيقدم عليه حزب الله وحلفائه للحصول على براءة ذمة عن الحقبة السابقة ومجرياتها.