التوصية المقترحة من العميد البروفسور فضل ضاهر بشأن تدارك الإنهيار وإنقاذ الوطن
النص أدناه هو نص تعقيب العميد البروفسور فضل ضاهر على المتداخلين في ندوة المنتدى الاقتصادي الاجتماعي حول علاقة لبنان بصندوق النقد الدولي وآليات الخروج من الأزمة والتي عقدت الكترونيًا في ١٩ من الشهر الجاري وحاضر فيها كل من معالي الأستاذ بشارة مرجع والدكتور بيار الخوري. يدعو العميد البروفسور فضل ضاهر في هذه التوصية المقترحة إلى وضع حد فوري للانهيار المعيوش الناتج بالدرجة الاولى عن التعطيل المتعمد لجهات التحقيق المختصة بشأن الأموال المنهوبة والمهدورة والمهربة، كما طالب رئاسة الحكومة بتقرير وجوب تنحي السيد رياض سلامة عن رئاسة هيئة التحقيق الخاصة لثبوت اخلاله بواجباته الوظيفية، ودعا إلى تنسيق آليات تنفيذية جديدة لغرض تصحيح المسارات، الخاطئة والمتعمدة، في إعداد ومتابعة الملفات القضائية المتعلقة بحماية اموال المودعين. وتأتي هذه الدعوة كمحطة في مسار نضالي طويل العميد ضاهر في سبر أغوار الانهيار والعمل على كشف بنى الحوكمة الرديئة ومجموعات المصالح الخاصة التي تقف مانعاً في وجه المسارات الدستورية والقضائية والجنائية المؤدية لكشف الحقيقة وإعادة توزيع أعباء الأزمة.(الناشر)
التوصية المقترحة من العميد البروفسور فضل ضاهر، مع أسبابها الموجبة بناءً على ما خلصت اليه المقاربتان القيمتان لكل من المحاضرين العزيزين السيد الوزير بشارة مرهج والبروفسور بيار الخوري، من شبه استحالة لتدارك الانهيار وإنقاذ الوطن والشعب عن طريق التفاوض مع الصندوق و/او البنك الدوليين، إن لجهة ضآلة القروض المتوقعة بما لا يزيد عن ثلاثة مليارات دولار، أم لجهة انعدام مؤشرات امكانية توفير الشروط التعجيزية للمقرضين وللمانحين. وأخذا بالاعتبار لمقتضيات تحصين الوفد اللبناني المفاوض مع صندوق النقد الدولي بما يقتضيه الحال من مبادرة سلطاتنا الدستورية عمومًا والاجرائية والقضائية تحديدًا، إلى استدراك ثقة الداخل والخارج من خلال إظهار وتفعيل الارادة السياسية لاستعادة جميع الأموال المنهوبة المقدرة بأكثر من خمسين مليار دولار والمهدورة المعادلة لها او تفيض، والمهربة التي يقتضي متابعتها واقتفاء أثرها، لاسيما منها ستة مليارات دولار أميركي تم تهريبها اثناء فترة الإقفال العام للمصارف أمام جميع العملاء دون الستثناء، بحيث لا جدال حول توجب المباشرة الفورية لاقتفاء أثرها لضبطها وتجميدها وحجزها كونها جرائم أصلية خطيرة مرتكبة داخل وخارج الولاية القضائية للدولة اللبنانية ( الفقرات باء وجيم و واو من المادة السادسة من اتفاقية باليرمو الملزمة للدول الأطراف ومنها لبنان)، ولكونها كذلك مشمولة بالفقرات ٧ و ٩ و ٢١ من القانون الوطني ٤٤/٢٠١٥ المعدِّل للقانون ٣١٨/٢٠٠١ المنشئ لهيئة التحقيق الخاصة التي لا يعتدّ تجاهها بالسرية المصرفية في مكافحة وتجريم غسيل الأموال والتحصّل على اموال غير مشروعة، والمعدَّل كذلك بالقانون ٣٢/٢٠٠٨ لجهة اضافة جرائم الفساد والاثراء غير المشروع على قائمة الجرائم الأصلية الخطيرة المحددة بالمادة الأولى من هذا القانون،( انتهاءً الى القانون ٤٤/٢٠١٥ لجهة اضافة الاحكام المتعلقة بتبييض الأموال وتمويل الارهاب الى تلك القائمة.)…
وفي ضوء ما هو حاصل من حملات تضليل منظمة وممنهجة للتعمية على وجود وصلاحيات هذه الهيئة وعلى ارتهان قرارها الى إرادة حاكم البنك المركزي الذي عيِّن رئيسا لها خلافا للأصول الفقهية والتشريعية، إن لمبدأ التمانع من جهة، ام لأحكام المادتين ١٩ و ٢٠ من قانون النقد والتسليف الموجبتين لإقالته الحكمية من رئاسة حاكمية البنك المركزي منذ تاريخ نشر القانون ٣١٨اواخر سنة ٢٠٠١م ، من جهة ثانية.!!؟
بناء على جميع ما تقدم، وهو غيض من فيض الأسباب الموجبة لوضع حد فوري للانهيار المعيوش، على جميع المستويات، والناتج بالدرجة الاولى عن التعطيل المتعمد لدور هيئة التحقيق الخاصة؛ فإنني أدعو الاصدقاء الأعزاء في المنتدى الاقتصادي والاجتماعي، وعبرهم جميع النخب المتخصصة المشاركة بهذه الندوة العلمية الهادفة الى حماية حقوق٩٨%من الشعب عموما وجميع المودعين تحديدًا، والطامحة إلى المساهمة باستعادة الثقة عن طريق استعادة ثروات الوطن( العميمة وانما المنهوبة عن سابق تصور وتصميم)، إلى النظر في امكانية تبني التوصيات التالية:
أ_ مطالبة رئاسة الحكومة بتقرير وجوب تنحي السيد رياض سلامة عن رئاسة هيئة التحقيق الخاصة لثبوت اخلاله بواجباته الوظيفية بمعرض توليه،خلافا للاصول، تنفيذ مهامها الاستثنائية المحددة بالفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون ٤٤/٢٠١٥، مع الطلب الى القضاء المختص، بواسطة وزير العدل، لمباشرة التحقيقات الموسعة اللازمة حيثما يلزم ومع جميع الشركاء او المتدخلين المعروفين جميعهم بالأسماء وبالمواقع، داخل لبنان وخارجه، وذلك بمقتضى احكام مواد الفصل الأول من الباب الرابع من قانون العقوبات اللبناني( الجرائم المخلّة بسير القضاء لاسيما المادتين ٣٩٨ و ٣٩٩
حول تجريم ومعاقبة كتم الجنايات والجنح من قبل اي لبناني عموما واي موظف عمومي على وجه التحديد).
ب_ الطلب أصولا إلى هيئة التحقيق الخاصة، بعد تنحية رئيسها، لاقتفاء أثر الأموال المنهوبة والمهدورة والمهربة، ضمن المهل الموجزة جدًا والمحددة بتوصيات مجموعة العمل المالي( الفاتف ) FATF سيما مذكراتها التنفيذية الملزمة للدول الأطراف على نحو ما يعرفه تماما أمين عام هذه الهيئة (وأول رئيس منتخب لمجموعة العمل المالي في منطقة الـ MENA!!؟) علما بأنه كان ولا يزال بإمكان هذه الهيئة منع الإنهيار المالي بصورة ناجزة فيما لو تنكبت مسؤولياتها وعدلت عن التلطّي الحاصل وراء شمّاعة السرية المصرفية في التفاف مفضوح على التوجهات الدولية لرفع السرية المصرفية في القضايا المجرّمة بقوانيننا الوطنية. مع التأكيد بأنه كان ولا يزال، ايضًا، متوجبًا على هذه الهيئة مباشرة إجراءاتها الفورية بحجز جميع الأموال المهربة لمجرد استدلال مدققي الهيئة على عناصر العلم أو القصد أو الغرض التي يلزَم توافرها لمجرد الاشتباه بارتكاب جرائم التحصل على ممتلكات وأموال غير مشروعة، استنادًا إلى ملابساتها الوقائعية والموضوعية وما توفره من قرائن ادعاء بهذه لارتكابات المجرّمة والمعلومة، كما هو حالنا، من القاصي والداني.
ج_ دعوة المجتمع الأهلي المدني، بجميع مكوناته وتلاوينه، الى تنكب مسؤولياته في مواجهة ناصبي طواحين الهواء المتبارين لانتقاد فائض قوة السيد رياض سلامة والتلميح الخجول باقالته (وقد كانت متوجبة قانوناً منذ عشرين سنة كما سبق ذكره)، وذلك من خلال تنسيق آليات تنفيذية جديدة وسليمة وذات طبيعة منتظمة وممنهجة لغرض تصحيح المسارات، الخاطئة والمتعمدة، في إعداد ومتابعة الملفات القضائية المتعلقة بحماية اموال المودعين حسني النية وباستعادة جميع الاموال المنهوبة والمهدورة والمهربة، سواء في مواجهة التعاميم الاخيرة لحاكم مصرف لبنان( الفاقدة للمشروعية وللشرعية دون اي جدال ) وما تستدعيه من تجريم لتطبيقاتها المقترنة بشروط إذعان مفروضة من قبل المصارف ومعاقب عليها بمقتضى قوانيننا النافذة سيما منها القانون ٦٥/٢٠١٧، ام لجهة الاشتراك الجرمي مع المجموعة المنظمة والخطيرة لحيتان المال في إخفاء ارتكاباتهاالموثقة والموصوفة فسادًا وإثراءًا غير مشروع وتبييضًا للأموال وسائر جرائم التحصل على عائدات جرمية التي تقضي المعايير الدولية بان لا تقل عقوباتها عن السبع سنوات مع التغريم ،والمنصوص عليها تفصيلا بالمادة الاولى من القانون ٤٤/٢٠١٥ المنشىء لهيئة التحقيق الخاصة التي لا يعتد تجاهها بالسرية المصرفية.
من جهة ثانية وفي سياق متصل بالتوصيات أعلاه، فاني أرى لزومًا، وبكل مودة، لفت أنظار جميع الأساتذة المحامين ومعهم كل من تقدم أو سيتقدم بالشكاوى او بالإخبارات المرفقة بقرائن الادعاء المسندة والموثقة، الى تضمين اخباراتهم وشكاويهم طلبا صريحه مآله “اقتفاء أثر الأموال ومتحصلاتها المعرفة قانونًا بالعائدات الجرمية، المنقولة وغير المنقولة، بما في ذلك التزود بالمعلومات ورفع السرية المصرفية بواسطة مدققي الوحدات الاربع لهيئة التحقيق الخاصة،” أقول ذلك في ضوء المسارات القضائية الخاطئة من قبل العديد من سلطات إنفاذ القانون التي ترضى، بكل أسف، بالتنازل عن بعض أهم صلاحياتها القضائية الى هيئة التحقيق الخاصة المعتبرة قانونا ووفقا للعايير الدولية الملزمة،( سيما منها توصيات مجموعة العمل المالي الدولية الفاتف fatf)، وحدة تقصي وتحقق وتدقيق فني وتقني لمسرح جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب ويتوجب عليها تزويد القضاء المختص بالمعلومات المتوفرة لديها، بما في ذلك رفع السرية المصرفية،لتحقيق شروط المحاكمة العادلة للجناة من جهة، ولضمان حماية حقوق المدعين لاسيما منهم المودعين حسني النية اي ٩٨ بالمئة من الشعب اللبناني المقيم والمغترب ناهيكم بالطبع عن سائر المودعين الأجانب.