تابعت أكثريّة الخطب المتعاقبة في مجلس عاشوراء منذ اليوم الأول من شهر محرم الهجري حتى العاشر منه، فتأثّرت لما استمعت له من مأساة ارتُكِبت بحق الحسن والحسين.
هل ستكون هذه الخطب التي تابعتها درساً لبعض اللبنانيّين الذين يصطافون في أميركا، كندا، بريطانيا وفرنسا؟ وهل يشعر هؤلاء اللبنانيّون مع الشعب اليوم الذي يعيش دون ماء وكهرباء، دون دواء واستشفاء ويكاد يحترق حرّاً ويموت عطشاً وجوعاً ولا يجد مستشفى يأويه في حال تعرّضه لأي انتكاسة صحيّة؟ هل سمع هؤلاء وبخاصة سارقو ثروات لبنان ماذا يجري داخله؟ أم أنّ ضميرهم مقفل بقفل ليس له مفتاح سوى العذاب في الآخرة؟ هل سمع هؤلاء أنّ الشعب اللبنانيّ يتعب كثيراً للحصول على المياه؟ وهل عرفوا أنّ بيروت تغرق في الظلام وتختنق في الحر وتموت من العطش والجوع؟ أم أنّ الأمر لا يعنيهم وهم من حزب “يصطفلوا ما دخلني”؟ أم أنّ الوطن لديهم حيث يستفيدون؟ نعم، لقد عصروا الوطن، لكن الوطن الثاني الذي لجأوا إليه ليس باستطاعتهم عصره لأنّه لا مكان للتجارة في الطائفيّة والمذهبيّة فيه. أنا لا أعمّم أبداً ولا أطلب من الذين حصلوا على مالهم بعرق جبينهم، ولكن أطلب من اللصوص أن يعتبروا أنّ الله قادر على كل شيء.
هذا على الصعيد اللبنانيّ، أمّا على الصعيد العربيّ ألم يرَ هؤلاء على التلفاز أو عبر مواقع التواصل الإجتماعيّ ما يحصل في غزة؟ ألم يتألم هؤلاء عندما شاهدوا من صور لست فتيات تيتّمن من الأم والأب نتيجة القصف الصهيونيّ؟ إذا كانوا يعتبرون أنّهم للوطن الأم غير مخلصون فكيف سيكونون لقضيّة فلسطين العربيّة؟ بالطبع لا، لأنّ الوطن يعني لهم دنانيرهم ودراهمهم ودولاراتهم.
أيّها اللصوص، فكّروا دائماً بوجود الله وأنّ ما من أحد رحل من الدنيا وأخذ معه شيئاً سوى محبة الله، والله تعالى دوماً مع المظلوم والفقير والمعدوم والمنهار. فكّروا ولو قليلاً بالوطن لبنان إن كان عندكم ذرة ضمير.
أنا لا أريد أن أعيش حياتكم ولا أريد مشاركتكم أموالكم حتى ولو كانت حلال. أمّا إذا كانت أموال حرام يا من نهب المال العام وأنتم مكشوفون ومعروفون من كافة الشعب اللبنانيّ، فعلى ماذا تتّكلون؟ هل تتكّلون على الإستعمار والأجانب لحمايتكم؟ تأكّدوا أنّ هذا الإستعمار سيحميكم اليوم، لكنه سيضحي بكم في أقرب وقت.