نحن نتقدم نحو انتخابات جديدة في ظلّ تحديات عظيمة لا تزال تتزايد أسبوعًا بعد آخر، ومن غير المؤمل ان تخف وتيرتها كلما اقتربنا اكثر فأكثر من موعد الإنتخابات النيابية.
لكن لنتذكر دائمًا ان هذه الإنتخابات لم تكتسب أهميتها الاستثنائية الا بعد انتفاضة الشعب اللبناني في تشرين 2019 والتي أظهرت ضعف النظام السياسي برمته وعجزه عن انتاج اي خطوة مقنعة الى الأمام. على العكس كان العامين الماضين زاخرين بتراكم الفشل والإستغباء السياسي.
الثورة باتت ضرورة لا ترف، ليس حبًا بالثورة، بل لأن تطورات السنوات الأخيرة قد وضعت لبنان امام احتمال واحد لقيامته وهو تغيير هذه المنظومة والذهاب الى دم سياسي جديد نظيف وخبير ومفكر بدل أولئك الذين يفكرون بخبث ويمارسون بلا ضمير وطني.
«ويلُ للبنان اذا لم تستمر الثورة»
لبنان في دائرة الخطر ويعاني اسوأ الأزمات في تاريخه، وشعبه مهدد بوجوده ، لايمكن الانقاذ إلاّ باستمرار الثورة وتوسعها لتصبح ثورة شاملة مستدامة. تؤطر اللبنانيين ضمن مسارات فكرية وطنية نضالية لتأمين الانتصار لهذه الثورة.
فكم ثورة نحتاج في ثورة واحدة ووقت واحد
– ثورة على الذات لنحررها من الارتهان والتبعية، نحاسب أنفسنا قبل غيرنا، هكذا نخدم أنفسنا وقضيتنا ونستنبط الحلول التي تؤمن لنا السلام والاستقرار والتقدم.
– ثورة لاسترادد اللبنانيين حقوقهم، لأن المواطن هو صاحب الحق والقرار، ولا يحق لأحد أن يتحكم بمصيره ويدوس على كرامته، ويفرض عليه مشيئته.
– ثورة تصون تضحيات قدّمها أناس لأجل الوطن، ولا يمكن السماح بتوظيفها لأجل مصالح شخصية لأفراد نصّبوا أنفسهم الهة في هذا الوطن.
– ثورة تجمع الشعب اللبناني، ثورة ديموقراطية يعبّر فيها الناس عن آرائهم ، يتحاورون لتحديد نقاط الاتفاق، يتوحدون حول الخيارات الكبرى لانقاذ أنفسهم ووطنهم.
– ثورة ضمن الأحزاب السياسيّة لنشر فكر ديموقراطي انساني، يحترم خصوصيات المجتمع اللبناني التعددي، يروّج للحوار، يرسي مفاهيم وممارسات تؤمّن لكل مواطن حزبي التوفيق بين حقوقه وواجباته، يؤمن تداول المسؤولية ليحقق كل مستحق تطلعاته الوطنيّة، والسياسية ، وذلك لكي تنجح هذه الأحزاب في ما فشلت فيه حتى الآن.
– ثورة على مافيا سياسية مالية تحكّمت بمفاصل السلطة على مرّ عقود ، نهبت ثروات الناس والبلد وهجّرت الشباب والأدمغة، مارست الزبائنيّة والفساد وحافظت على مصالحها على حساب مصالح الشعب، ثورة تطيح بهذه المنظومة لمصلحة بناء دولة قويّة تطبق القوانين ، لتؤمن حقوق مواطنيها وتضع خطة للنهوض الاقتصادي لتؤمن العيش الكريم لهم.
– ثورة تعطي الأمل، ثورة واقعيّة رافضة للواقع، تطرح الحقائق والمعطيات وتحسن الخيارات تحمل مشروع انقاذ وطني يؤمن الانتقال الى الدولة الحديثة تطرحه على الشعب اللبناني الرافض بأكثريته للواقع الحالي والطامح للتغيير، لكنه بحاجة لتحديد خياراته ورؤيته المستقبلية ليؤمّن البدائل التي تطمئنه لحسن التنفيذ، على ان يبقى الشعب المسؤول اولاً وأخيرًا عن المراقبة والمحاسبة لمن اختارهم لتمثيله وتحمّل مسؤولية المشروع الانقاذي.
هذه مقاربتي للثورة التي يجب ان تستمر لبناء رأي عام يحمل هذه القيّم والتطلعات في روحه ووجدانه لتأمين خلاص وطنه وخلاصه الشخصي.