انقضت مهلة ال ٧٢ ساعة التي طلبها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لإخراج الحل الاقتصادي الى النور.
سبق ساعة خروجه من جلسة، قيل انها كانت عاصفة جداً في مجلس الوزراء، رمي بالونات اختبار كثيرة في الشارع ومن المصادر الكثيرة .
الورقة تم تفنيدها سريعاً في الاعلام وعلى يد اهل الاختصاص ، فافضل ما وصفت به هو سورياليتها وذلك الرقم السحري للعجز في موازنة ٢٠٢٠ برقم %٠،٦ (يفترض انه نسبة من الناتج المحلي الاجمالي ولكن الحريري لم يقل ذلك بل رمى رقماً مبهماً ).
ارقام مؤتلفة على عجل كتخفيض ١٠٠٠ مليار ليرة لبنانية من موازنة الكهرباء. هل يعني انها اصبحت ٥٠٠ مليار؟ ام تم رفعها بسحر افتراضي الى ٢٥٠٠ مليار ثم جرى خفض افتراضي لها الى ١٥٠٠ مليار؟
ثم جرى بيعنا قرض الاسكان الكويتي مرة ثانية وهو ممنوح منذ مدة ولا فضل لسياسات الحكومة به، عداك عن مشاكل تطبيقه في ظل شح الدولار.
اما مساهمة البنوك فهي لمرة واحدة وما هو اكيد منها هو مبلغ ٤٠٠ مليون دولار والباقي ضائع بين البنوك والبنك المركزي والارجح سيدفعه المركزي لا ارباح المصاوف التي تتجاوز ٢ مليار دولار سنوياً (لم نفهم بعد كلام الحريري معنى تغريدة الوزير بطيش وزير الاقتصاد الذي قال انه قد حان الوقت لاستعادة ارباح الهندسات المالية من البنوك ولو بالتقسيط).
الحد من التهرب الجمركي والحد من التهريب! هذا كلام خبراء ينصحون سلطة ما بعدم الجشع وليس كلام سلطة تنفيذية. لماذا “الحد” وليس “وقف” من يقف بوجهكم لمنعكم بالقوة من مكافحة التهرب الجمركي والتهريب؟
الانجازات القليلة ذات المعنى هي وضع سقوف على انفاق الوزارات بدون مناقصات، وموازنة بلا ضرائب جديدة رغم انه محدد بعام ٢٠٢٠. وهذه الانجازات رغم محدوديتها، هي ما يجب ان يتلقفه الحراك: ابحثوا عن التمويل من خارج الضرائب والصفقات.. ولكن
ان مهلة الساعات الطوال لم تكن لهذه الافكار، بل كانت كما ذكرت في مقال منفصل، للبحث عن فك الحصار المالي عن لبنان بحجة انه قد اوصل الاوضاع الى ما وصلت اليه واحتمال انزلاق لبنان الى الفوضى والسقوط الاقتصادي خاصة ان المجتمع الدولى يخشى ان يستوعب حزب الله هذه الفوضى وحيداً .
فاوض الحريري على اعادة فتح مجاري المال لحكومته ومحاولة ابتزاز المجتمع الدولي بخطر سيطرة حزب الله على لبنان، لكن بيدو ان المجتمع الدولي غير مستعجل والحسابات لدى الاطراف جميعاً في مكانٍ اخر. لم يبدو الاميركيون والاروبيون متخوفين لدرجة خوف رئيس الحكومة ولا بدا حزب الله مرحبا” ومستعجلا” للفوضى.
قبل لن ينهي الحريري كلامه بدأ فورا” بتسويق نفسه على حساب شركاءه، بدأ كل طرف في الحكومة بتسويق خطابه الخاص، فالى اي درجة يوجد بعض اطراف الحكومة في الشارع؟ عجيب هذا الامر!
يبدو ان الجميع قد اضطر لتقديم تنازلات لم يكن يرغب بها!
ماذا يعني مشروع الخصخصة في نقاشات الامس؟ هل هو لب الصراع على الاقتصاد السياسي للزبائبية والفساد بعد “الثورة”؟ هل ينتقل النهب من الانفاق العام الى الموارد الاستراتيجية للدولة بعد ان تم مص الاقتصاد حتى انفجر الشارع؟
هل شراء المصالح الاستراتيجية للدولة ماء واتصالات وغيرها هو مركز النهب الجديد على طريقة المافيا التي اشترت الاتحاد السوفياتي بعد افقار الشعب الثائر؟
ورقة سحرية انتجت على عجل، كان يمكن انتاجها قبل سنتين او اقل او اكثر، وانتقل البشعون والقذرون والاشرار الى مكان اخر. لا ضمانة ان العجز سيكون كما تم عرضه لان المطلوب اليوم هو استيعاب الشارع في ظل العجز عن استيعاب الازمة الاقتصادية. غول المال ما زال يرفع الفوائد، وهذا كفيل ببقاء العجز عند مستويات مرتفعة ويضغط لبيع الموارد الاستراتيجية للدولة. ذلك هو الخطر الكبير اليوم.
للإشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا