لماذا هنري زغيب وزيرًا للثقافة و… التراث | بقلم غابي طبراني
الأخبار الآتية من بيروت ما زالت هي هي، على الرُغم من التفاؤل الذي فعّله انتخاب العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية داخليًا وخارجيًا وخصوصًا بعد تكليف القاضي نوّاف سلام تشكيل أول حكومة للعهد الجديد.
نقول هي هي لأنّ ما يجري من مداولات وينتشر من معلومات لا يدعو إلى التفاؤل بل إلى التشكيك بما جاء في خطاب القسم وتصاريح رئيس الحكومة المُكلّف. فحسب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في مقابلته الأخيرة مع برنامج 20/30 على محطة “أل بي سي آي”، يبدو “أنَّ التشكيلة الوزارية التي يعمل عليها سلام هي استنساخٌ للتشكيلات السابقة”.
ولأنَّ تشكيلة الحكومة العتيدة لم تُعلَن بعد، فالأفضل أن نتريث ولا نتأثّر بما ينتشر من أخبار غير صادرة مباشرةً عن الرئيس المكلّف، ونُبقي التفاؤل ساريًا، ونُعوِّلُ على ما وَعدَ به العماد عون في خطاب القسم.
واللافت أنه على الرُغم من تأكيد الرئيس الجديد في خطابه أمام مجلس النواب “عهدي أن نستثمر في العلم ثم العلم ثم العلم” فإنَّه لم يتطرَّق إلى الثقافة والتراث كما لم يفعل ذلك أيضًا رئيس الحكومة المُكَلَّف في أيٍّ من تصريحاته.
ولما كُنّا من دعاة تشكيل حكومةٍ من ذوي الكفاءات اللبنانية الذين لا يمتّون إلى الأحزاب بأيِّ صلة، والمعروفين بشفافيتهم حيث لا يخجل حاضرهم من ماضيهم، والذين يستطيعون الالتفاف حول رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة للعمل معًا على ولادة لبنان جديد بعيدًا من المحاصصة والمحسوبية والفساد التي نخرت كلها عظام النظام اللبناني.
ولما كنا من المؤمنين بأنَّ الثقافة والتراث هما أساس الحضارة والتطور لأيِّ بلد، فإننا نسمّي الشاعر، الأديب والكاتب الصحافي هنري زغيب لكي يكون وزيرًا للثقافة و…التراث.
من هو هنري زغيب؟
على الرغم من بلوغه ال77 عامًا من العمر فهو ما زال شابًا بالفكر والعمل والإبداع حيث كان، وما زال، ناشطًا في الحياة الثقافية اللبنانية والعربية منذ 1972. إلى جانب كتبه في حقل الأدب والشعر والثقافة التي بلغ عددها أكثر من 20 كتابًا، وإحياء ندوات فكرية وثقافية متعددة، فهو يكتب في صحيفة “النهار” و”أسواق العرب”، كما يُدير مركز التراث في الجامعة اللبنانية الأميركية، منذ تأسيسه في العام 2002، الذي حوّله إلى خلية نحل ثقافية محلية وعربية، الأمر الذي جعل مؤسّس ورئيس المركز التربوي للبحوث والإنماء الأسبق والأمين العام للبنك الدولي، الراحل الدكتور وديع حداد، يصفه بوزارة ثقافة مُصَغّرة. ويرأس زغيب أيضًا تحرير مجلة “مرايا التراث” الأَكاديمية الـمُحَكَّمة التي تَصدر عن “المركز”.
وقد منحه الرئيس ميشال سليمان وسامًا لم يتسلّمه الأخير لخطَإٍ بروتوكولي أخّر تبليغه إياه قبل انتهاء الولاية الرئاسية ولم تتنبّه دوائر القصر الى الأمر إلّا بعد حين. وقد علّق الرئيس سليمان على الموضوع بالآتي:
“أنبَلُ الأوسِمَةِ وَأعظَمها قِيمَةً وَأصدَقها تقديرًا، تِلك التي كالنهرِ يَنبَعُ ويَهدُرُ من المَصْدَرِ قاصِدًا المَصَبّ من غير استئذانٍ ولا استعطاءٍ ولا استجداء!
هكذا مِن فِكرِ وقلبِ المانِح سَلَكَ، في نيسان 2009، وِسام المعارِفِ من الدرجَة الأولى دَرْبَهُ واستقَرَّ في مُسْتَحِقّات الشاعِر الكبير هنري زغيب، دون عِلْمٍ ولا تبليغ، إلّا بعد عَقْدٍ وسَنَتَين! دون ضجيجٍ واحتفاليات!
وٍسامٌ لا تمَلُّق ولا تَزَلّف فيه، معاييرُهُ قناعَةُ وإرادةُ المُقَلِّد وجدَارَة وكفاءَة المُقَلَّد…
رَجُل الأدَبِ والفِكر والشعر لا وِسامَ يَكْفي لِتزيين صَدْرِه!
ولا اعتذار يُعَوِّضُ التأخير!
ولُبنانُ وطنٌ يَستَحِقّ الكبير هنري زغيب”.