ليس المطلوب المساواة بين الطوائف بل المطلوب المساواة بين اللبنانيين | بقلم المحامي عمر زين
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
الحديث عن الميثاقية أمر مهم جدًا، وما جاء في مقدمة الدستور في البند (ي) بأنه ” لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك” يعني بوضوح التأكيد على المواطنة بكل معانيها وليس على شيء آخر كما يجري تفسيره هذه الأيام، ويعني ايضًا الوفاق المسيحي الإسلامي فيما يتعلق بركائز الوطن في السيادة والاستقلال وفي دور لبنان العربي بأن لا يكون مقرًا أو ممرًا لاعداء الأشقاء العرب، علما ان كل من السيادة والاستقلال لا يمكن تجزأتهما وتفسيرهما كلٌّ على هواه مما يؤدي الى الاصطفاف وراء هذه التفسيرات الى خدمة الطوائف وليس خدمة الوطن.
ولا يمكن ايضًا لأي طائفة أن تفكر بالتفرد والاكتفاء بنفسها فإنها تكون بذلك تلعب لعبة التقسيم ولعبة التجزئة والشعوبية الجديدة التي يخطط لها كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصهاينة وأعداء لبنان والعرب.
من أجل ذلك فإذا كان لطائفة من الطوائف اللبنانية إشكاليات خاصة بها، فعليها أن تبحث في إصلاح وتغيير مؤسساتها وقياداتها وتنظم عملها لما يخدم الوطن والمواطن، وعليها بث روح المواطنة والمسؤولية ليس في صفوفها فحسب بل في صفوف كل المواطنين دون تمييز، وان تعزز روح التكافل والتضامن الوطني بها، وليس روح التعصب والانفرادية والمذهبية لأنه في اعتمادها ذلك الروح التعصبية ينعكس حكمًا على الوطن كله، حيث يبدأ الخراب والتخريب والانهيار وفقدان السلم الاهلي.
وان ما نشاهده منذ بداية أحداث 1975 حتى اليوم هو اصطفافات مليشيوية بعيدة عن الوطنية وبعيدة عن الطوائف وافرادها بل هي تجمع قلة من كل طائفة ليس إلا، والطائفة منهم براء وهذه القلة تعمل على سرقة الوطن والمواطنين وحماية زعمائها.
وعليه فان لبنان كله في نكسة وكله ليس بخير، وكل مواطنيه مهما كانت مذاهبهم في ضياع وتشتت وتشرذم، والحرمان يصيب الجميع ولبنان يذوب كالشمعة، فلا تحصروا هذه الأمراض في طائفة دون غيرها، وليكن معلوما للجميع ان لبنان هو ساحة صراع دائم بين الدولة والدويلة، وهذه الأخيرة تبنى على نفوذ أشخاص “وزعماء” وجزء بسيط من الطوائف والأحزاب.
فعلينا العمل جميعًا لتغليب الدولة على الدويلة، وعلى التوازن وليس التحكم، وبالتالي لا يجوز التسليم بما أنتجته الانتخابات النيابية الأخيرة بل النضال المشترك مسيحيين ومسلمين هو المطلوب لإزاحة الطغمة الفاسدة عن مقدرات الوطن، وذلك بالتشبيك الوطني وليس الطائفي او المذهبي لنصل الى تطبيق الدستور واستصدار قانون استقلال السلطة القضائية وقانون عصري للأحزاب، والعمل على الرؤية الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والمالية التي تكفل النهوض الوطني مع المساءلة والمحاسبة واستعادة الأموال المنهوبة والمهربة ودفع حقوق المودعين في المصارف افرادًا ومؤسسات وشخصيات معنوية من نقابات وصناديق اجتماعية على انواعها.
وندعو الجميع للوقوف مع ما قاله الراحل الكبير دولة الرئيس تقي الدين الصلح:
” إن الكلام في الطائفية يحييها ولا يميتها، وانا لست ممن يرون أن المطالبة المجدية هي أن تتساوى الطوائف بعضها ببعض إنما اعتقادي ان هناك مساواة اخرى فلنفتش على المساواة بين اللبناني واللبناني”.
وما قاله ايضًا وطبقه في عهد الرئيس الراحل سليمان فرنجيه الذي تكلم باسم كل العرب في الجمعية العامة للأمم المتحدة:
” كل الوظائف لكل الطوائف”
فيتوقف عندها استباحة الوزارات لفئة بعينها، ويتوقف العمل الإداري السيء جدا الذي يعبر عن روح مليشيوية، وليس عن روح دستورية او قانونية، وهو الذي ينتج عن التمنع في توقيع المراسيم والذي بسببه تتوقف عجلة الدولة والحياة فيها.