من إستقلال الدولة إلى دولة الإستقلال | كتب معن بشور
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
حين أعلن الرئيس الراحل فؤاد شهاب في أول كلمة له في عيد الإستقلال بعد انتخابه رئيسًا للجمهورية شعار من “استقلال الدولة الى دولة الإستقلال” لم يكن يدرك إن الأجنبي عندما أضطر للخروج من لبنان عام 1943 كان مطمئنًا الى انه ترك دولة عصيّة على الإستقلال تتقاسم النفوذ فيها دول قريبة وبعيدة، وتتحكّم بها شبكة سياسية حاكمة تجيد الأختلاف حين يكون الاختلاف في صالحها، وتجيد التسوية حين تحقّق التسوية مصالحها، فيما يكون الخلاف كما التسوية على حساب اللبنانيين .
اللبنانيون الحريصون على بناء دولة الإستقلال والعدالة رفضوا منذ البداية المسار الذي اتخذته الطبقة الحاكمة وسعوا الى النضال ضد هذا المسار، سواء السياسي منه أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو التربوي، لكنهم ورغم مرور 78 سنة على الإستقلال فشلوا في بناء دولة الإستقلال القوية العادلة القادرة على تلبية مطالب مواطنيها وعلى احترام سيادتها وكرامتها واستقلالية قرارها وعدم الرضوخ لأي ضغوط خارجية.
وطيلة هذه السنوات كانت كل محاولات التغيير تصطدم “بدولة عميقة” و”مجتمع عميق”، كما بنظام طائفي ومذهبي صارم، وباقتصاد تقوده احتكارات متوحشة ظالمة، وبفكر متخلّف يقيم وزنًا لكل اعتبار إلاّ لإرادة الشعب وانتمائه العربي الأصيل ولرغبته في مقاومة الفساد والاحتلال الطامع في ارضه ومياهه وموارده الطبيعية.
لسنا في هذا المجال لنتذكّر عظمة الإستقلال ورداءة النظام الذي قام بعده، بل لنجدّد العهد لشهداء الإستقلال في طرابلس وصيدا وبشامون، كما لنجدّد العزم لكل شهداء الوطن على طريق التغيير والتحرير، بأن لا مناص من النضال المتواصل من اجل بناء دولة استقلال حقيقي وعدالة حقيقية ، حاول اللواء شهاب وبعض من سلك نهجه من الرؤساء والوزراء والنواب الشرفاء ، وكانوا قلّة ، ولم ينجحوا… ولنا في كل تجارب النهوض والثورة والتغيير التي مررنا بها دروس وعبر نتعلم منها كيف نتخلص من أمراض وثغرات وقعنا بها، وكيف نصوغ معًا برنامجًا للتغيير تناضل تحت رايته كل قوى حركتنا الشعبية.
وكل إستقلال وانتم بخير.