ازمة لبنانالاحدث

ضياع جهابذة سياستنا المقصود وفرص ضائعة على لبنان د. محي الدين الشحيمي

تتعامل الاطراف اللبنانية اليوم مع تطورات الاحداث المحلية بسياسة اليوم بيوم والمدى التفاعلي القصير فهم في ضياع مفتعل ومقصود , وينطلق المجتمع الدولي من فكرة اساسية مفادهاان اصل التغيير وفتح باب الثقة لا يكون الا من خلال الاصلاح والشروع لتغييرالسلوكية الادارية وطريقة التعامل مع واقع المؤسسات اي التغيير من الطبيعة الحقيقية لتصرفات الدولة ونهجها, لقد ساهمت الاحداث الاخيرة بخلط جميع الاوراق نتيجة التفجيرالصادم والاجرامي الذي اصاب قلب بيروت وعاصمتها ، مما اغرق الجمهورية بحزن عميق وعمم لحالة من الشرود والتشتت لمختلف اللبنانييناضافة الى حالة من القلق.

هذه الاحداث وتفاعلات جمة غيرها,حتمت على لبنان من ان يكون حكما على ابواب مرحلة جديدة في العدة والعتاد والآليات وحتى التصورات وهي مختلفة تماما عن سابقتها ، وهذا ما لحظناه جيدا في خطابات الاطراف السياسية الفاعلة في لبنان وخصوصا لخطابات الامين العام لحزب الله,حيث اندرجت خطاباته الاخيرة باسلوب مختلف وبصياغة النبرة الخفيفة ولو المبطنة في احيان كثيرة وعدم التعنت ازاء المواقف والتي تستبان بشكل جلي من الموقف الاولي المتعنت لحزب الله من المساعدات الدولية والمفاوضات مع صندوق النقد حيث كان الرفضومن ثم جاء التعديل والقبول في العدول المتدرج عن الغلو والاستكبار والذي ايقنوا من انه لن يجد اي نفع, فحري بهم الاحتكام للعقل وليس للعنتريات الفارغة .

لم يؤثر خطاب الامين العام من الناحية الاقتصادية وخصوصا في هذه المرحلة على مسير لبنان من الناحية الاقتصادية كما يفكر البعض بشكل كلي فهم يتحملون مسؤولية والآخرون كذلك وان بنسب مئوية مختلفة , لان بداية الازمة اللبنانية كانت وتجلت وفقعت من لحظة التخلف القسري او المعتمد للبنان ازاء سندات الديون السيادية وما يعرف باليورو بوند بغض النظر عن خبايا الواقع وجزئياته.

لقد انفجر الواقع اللبناني ظاهريا بثورة 17 تشرين ولكن الامر مرده لمراحل سابقة كثيرة وعلى الاقل من مرحلة سيدرودخول لبنان على باب الحوار الدولي لنيل الثقة المؤسساتية من اجل اكتساب المساعدات. وماذا حصل بعد.ذلك ؟ لقد تخبط.لبنان بمشاكله الضيقة الكلاسيكية وانشغل اصحاب السياسة وجهابزتها في لبنان بزواريبهم السياسية وقطعوا بانفسهم اي طريق للاصلاح والتغيير, المنفذ والباب الرئيسي لنيل المساعدات ومن مدخل محاربة الفساد ، لذلك لم يعد باستطاعة الحزب ولم يعد مسموح له وبشكل واضح ان يتعامل بتجاهل برفض وبغلو كما في السابق وهو من اعلن ذلك باحدى خطابات على لسان امينه العام باعلانهم القبول بالدخول في مفاوضات مع الجهات المانحة الدولية .

حيث لا يكترث المجتمع الدولي والدول العربية وبالتحديد المملكة العربية السعودية لهذه التصريحات والخطابات بشكل حرفي ولا تتعامل معها بسياسة الكلمة بكلمة ، او بردة الفعل الانية على كل خطاب ، بل هي واقعة تحت مندرج الاستراتيجيا الشاملة لمواجهة كل هذه الامور بطريقة دقيقة ومؤسساتية بهذا المسار والمحتم على الدولة اللبنانية ان تخوضه,ففيما يخص الموقف الخاص للحزب من الاطراف الفاعلة الدولية والدول العربية الصديقة والداعمة للبنان فهو ليس بالموقف الجديد بل هو تكرار لمواقف قديمة ولنهج في اسلوب الخطابة والتوصيف الخاص به .

لكن الامر اختلف هذه الفترة فحتى هذه المواقف خفت حدتها واستبدلت مصطلحاتها في الاونة الاخيرة لانهم تيقنوا بعدم الاستنفاع منها ، فالدول العربية والدولية الصديقة والداعمةبشكل دائم للبنان لا تلتفت عمليا لمثل هذه الرديات انما تحللها طبعا ، لانهم يتعاملون مع لبنان الدولة ولكل طرف مطلق الحرية في التعبير ، والامين العام لحزب الله يرد بمواقف واساليب تعكس طبيعة الموقف الخاص بهم والمركب الواقعي لسياستهم الوجودية والامر الاهم بالموضوع عامل المعنويات والتحفيز لبيئته ومجتمعه المباشر .

بشكل عملي لا يمكن لاي طرف داخلي في لبنان رفض وتجاهل المطالب الدولية وتمنيات الدول الصديقة العربية والاممية ,لان الاهم من الموضوع هو العمل لكي يكون لبنان عامل استقراري محلي داخلي واقليمي ودولي ويتعامل بامتثال شفاف لكل الاعراف والاتفاقات والقوانين الدولية ,وكرس هذا الواقع وبعيدا عن الضجيج لقاء الرئيس الفرنسي مؤخرا برئيس كتلة الوفاء للمقاومة والحديث بالنقاط الرئيسية المستقبلية ومن ابرزها عدم الرفض والتعامل بجدية مع اي امر دولي بالاضافة للتطمينات المتبادلة , لان الواقع على المستوى المجتمعي تغير وحتى لجمهور الحزب المباشر ودائرته الضيقة, وكذلك الامر بالنسبة للحلفاء والتي انعكست عليهم كل ضعوطات هذه المرحلة .

د. محي الدين الشحيمي، استاذ في كلية باريس للأعمال والدراسات العليا

الدكتور محي الدين محمود الشحيمي، دكتوراه في القانون جامعة باريس اساس في فرنسا. عضو لجنة التحكيم في مدرسة البوليتكنيك في باريس. محاضر في كلية باريس للاعمال والدراسات العليا واستاذ زائر في جامعات ( باريس 2 _ اسطنبول _ فيينا ). خبير دستوري في المنظمة العربية للقانون الدستوري مستشار قانوني واستراتيجي للعديد من الشركات الاستشارية الكبرى والمؤسسات الحكومية الفرنسية كاتب معتمد في مجلة اسواق العرب ومجلة البيان والاقتصاد والاعمال ومجلة الامن وموقع الكلمة اونلاين . رئيس الهيئة التحكيمية للدراسات في منصة الملف الاستراتيجي وخبير معتمد في القانون لدى فرانس 24

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى