اعتبرت صحيفة “واشنطن بوست”، في تقرير نشرته الأسبوع الماضي، أن الهجوم بطائرات مسيرة الذي استهدف مؤخرًا قاعدة التنف في حمص، حيث يتمركز جنود أميركيون، قد يكون ردًا من وكلاء إيران في المنطقة على خسارة حلفاء طهران الانتخابات النيابية الأخيرة في العراق.
وجاء في التقرير أنه “خلال الـ15 عامًا الأولى من حرب الولايات المتحدة على الإرهاب، كانت الطائرة من دون طيار القاتلة من أعظم مزايا أميركا. ووجهت هذه الطائرات من دون طيار ضربات مميتة من السماء ضد الإرهابيين المشتبه بهم، دون خطر وفاة أي طيار”.
وأضاف “لكن الأمور بدأت تتغير خلال السنة الأخيرة من عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، حين بدأ الحوثيون في اليمن باستخدام طائرات بدون طيار بدائية إيرانية الصنع، ضد السعودية. وعلى عكس نظيراتها الأميركية، كانت هذه الطائرات منخفضة الميزانية وأشبه بطائرات انتحارية”.
وأحدث مثال ازدياد استخدام الطائرات بدون طيار هو الهجوم على قاعدة “التنف” الأميركية في البادية السورية بالقرب من الحدود العراقية يوم الأربعاء الماضي.
واعتبر التقرير أنه “من شبه المؤكد أن منفذ الهجوم هو أحد المليشيات العراقية التي تستهدف منذ سنوات القواعد الأميركية بقذائف الهاون والصواريخ”.
وبحسب الصحفية هناك أمران يدعوان لاتهام إيران وميليشياتها بهذا الهجوم. الأول هو أن “انتشار هذه الطائرات من دون طيار البدائية هو جزء من استراتيجية طهران الإقليمية”.
وفي هذا السياق ذكّرت بأن إيران تدعم وكلاء لها، مثل الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان، بالأسلحة. وفي كثير من الأحيان، يتم شحن الطائرات بدون طيار من إيران إلى وكلائها، على شكل “أجزاء” يتم تجميعها في غزة وسوريا والعراق واليمن، حسب ما أكده سيث فرانتزمان مؤلف كتاب “التاريخ الحديث لحرب الطائرات بدون طيار في الشرق الأوسط”.
والسبب الثاني الذي يدعو للشك في تورط إيران، وفق الصحيفة، هو توقيت الهجوم على قاعدة التنف، حيث صوت العراقيون الأسبوع الماضي في الانتخابات النيابية وخسرت الأحزاب السياسية الأقرب لإيران مقاعدها في البرلمان. والهجوم على القاعدة الأميركية قد يكون وسيلة للأحزاب والميليشيات الموالية لإيران “لتأكيد شرعيتها”، كما قال جويل رايبورن الذي شغل منصب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا في ظل إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وتابع التقرير: “الميليشيات المدعومة من إيران في العراق جزء من منظمات أكبر تضم أحزابًا سياسية ومنصات إعلامية. ويزعم وكلاء إيران أن الولايات المتحدة تلاعبت بالانتخابات الأخيرة لتقليل قوة الميليشيات الشيعية. ومحاولة هذه الميليشيات استدراج الولايات المتحدة إلى مواجهة من شأنها تعزيز خطابها السياسي”.
وشرحت الصحيفة أنه “قبل عشر سنوات، كان يتطلب هذا النوع من المناورات متطوعين على شكل انتحاريين. الآن تمتلك إيران ووكلاؤها طائرات بدون طيار تجعل هجماتها على المواقع الأميركية الأكثر دقة وأرخص بكثير”.
ويقول فرانتزمان في كتابه إن الإيرانيين بدأوا في استخدام الطائرات بدون طيار لأغراض المراقبة في الحرب العراقية-الإيرانية. لكن الاختراق الحقيقي في هذه التكنولوجيا حدث في عام 2011، عندما أسقطت إيران طائرة استطلاع أميركية بدون طيار حيث يعتقد معظم الخبراء، بمن فيهم فرانتزمان، أن الإيرانيين كانوا قادرين على إجراء “هندسة عكسية لجسم السلاح” لكنهم ما زالوا يفتقرون إلى التكنولوجيا لإعادة إنتاج أنظمة التوجيه والرادار المتقدمة.
وختمت “واشنطن بوست” تقريرها قائلةً إنه “لا توجد ميزة في ساحة المعركة تدوم إلى الأبد. وقد تمكنت المنظمات الإرهابية مثل “القاعدة” و “داعش” من استخدام طائرات بدون طيار بدائية للمراقبة والهجمات الجوية. لكن الولايات المتحدة تتكيف أيضًا. وفي العام الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها تعمل على تصنيع العديد من أنظمة الأسلحة المضادة للطائرات بدون طيار، والتي تشمل كل شيء من أجهزة التشويش المحمولة التي تعطل التحكم اللاسلكي في الطائرات الصغيرة بدون طيار إلى أنظمة أكبر مضادة للصواريخ”.
رابط المقال الأصلي : اضغط هنا