الاحدثفلسطين

في الذكرى السنوية لعملية طوفان الأقصى | بقلم د. رنا منصور

أيّها المقاومون البواسل،

أعلن من بيروت، عاصمة المقاومة، أنّ عمليّة طوفان الأقصى أثمرت، وأنّها نصرت الأمة العربيّة والإسلاميّة. فلا يجوز لأحد في هذا العالم أن يتنازل عن شبر واحد من وطنه، ولا شرعيّة للكيان الغاصب السرطانيّ الإحلاليّ، ما دام يحتلّ أراضي الدولة الفلسطينيّة ويأبى تطبيق قرارات محكمة العدل الدوليّة بالاإنسحاب منها، وينتهك القرارات الأمميّة التي تلزمه بالحفاظ على سيادة أراضي لبنان والإنسحاب من الأراضي العربيّة المحتلة عام 1967، ولذلك فإنّ التطبيع معه مستحيل.

إنّ الاستراتيجيّة الصحيحة في ذكرى طوفان الأقصى هي التالية:

أولاً: دحر الجيش الإسرائيليّ من غزة والضفة الغربيّة وجنوب لبنان، وتأيّيد كل الفصائل المقاومة للاستيطان الإسرائيليّ الجديد، وهذا الحديث ليس للفلسطينيّين فحسب، ذلك أنّ حق الدفاع المشروع عن الوطن وحق تقرير المصير هو من مقدّسات القانون الدوليّ العام. وقد أثبتت التجربة أنّ أفغانستان والعراق وفيتنام دحرت الاحتلال الأجنبيّ من أراضيها، رغم فائض القوة المحتلّة، فبالتالي لا يحدّثني أحد بالتفوّق التكنولوجيّ الإسرائيليّ ولا بسلاح الجو ولا بأي من ذلك الكلام الذي يهدف لتثبيط العزائم.

ثانياً: إدعموا الشعبَيْن الفلسطينيّ واللبنانيّ وحافظوا على مجاهديهم، لأنّهم السبيل الوحيد لوقف إطلاق النار ومنع قضم المزيد من الأراضي العربيّة وتهويدها، ولأنّ السيف الصهيونيّ في حال سقوط الدولة الفلسطينيّة واستيطان المدن اللبنانيّة، سيصل إلى رقابكم، خصوصاً في ظل ما يتردّد للإعلام عن حملات التوطين المستقبليّة في مصر والأردن.

ثالثاً: لبنان لا يريد حروباً، ولكن ما كلّ ما يتمناه المرء يدركه تأتي الرياح بما لا تشتهيه السَفَن. فالمجتمع الدوليّ، وبالأخص مجلس الأمن، لم ولن يُصدر قرارات تتعلّق بوقف النار، إلّا عندما تكون إسرائيل في حالة وهن، لأنّ ما أُخذ بالقوة لا ولن يسترد بغير القوة، وهذا ما أثبتته التجارب والزمان منذ عام 1948 وحتى اليوم.

رابعاً: مستقبل السلام في الشرق الأوسط من يحدّده؟ فلا سلام إلّا للأقوياء، فيما الضعفاء مصيرهم دوماً الإستسلام، وحدّث ولا حرج عن محاولات إسرائيل الناجحة والفاشلة في إسقاط أنظمة الحلفاء قبل الخصوم، وهذا ما تعلّمته عن الولايات المتّحدة الأمريكيّة، التي تُشكّل ذراعها اليمنى وشرطيّها في المنطقة.

خامساً: إنّ وقف إطلاق النار في غزة ولبنان قادم لا محالة، فها هي إسرائيل لم تستطع تحرير أسراها من حماس ولا التقدم الفعليّ في الجنوب، والجميع يذكر أنّ الجيش الإسرائيليّ في حروبه السابقة وإن كان يتفوّق على المقاومة بسلاح الجو والتكنولوجيا، إلّا أنّه كان يُعاني دوماً من الضعف في قواته البريّة، التي لا تستطيع أن تتحمّل استمرار المعارك لحقبات طويلة ولا تحمل خسائر بشريّة كبيرة.

سادساً: إذا استمر اليمين الإسرائيليّ بسياسته المتهوّرة الرافضة للحلول السلميّة سيخسر أسراه وسيواجه معارضة شرسة مدعومة من عائلات الأسرى، لا سيّما في ظل ارتفاع حظوظ المرشّحة الرئاسيّة، كاميلا هاريس، المعارضة لسياسات نتنياهو المتطرّفة.

ختاماً، أوجّه كل التحايا للمقاومة الفلسطينيّة في ذكرى طوفان الأقصى، مؤكّدةً أنّ نهجها هو النهج السليم، لا سيّما بعدما ثبت أنّ الكنيست الإسرائيليّ يرفض الإعتراف بدولة فلسطينيّة إلى جانب دولته الإسرائيليّة، ويأبى أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينيّة، التي اعترفت بها أكثر من 140 دولة، القدس الشرقيّة. كما يسعى لإسقاط السلطة الفلسطينيّة وتسليم الضفة الغربيّة لإدارة مدنيّة إسرائيليّة، كما يستمرّ بسياساته بقضم أراضي الضفة والقدس الشرقيّة وأسر المعارضين وتهويد المقدّسات، وكذلك بإبادة سكان غزة جماعيّاً.

وأخيراً، رحمة الله على شهداء فلسطين ولبنان وسائر أبناء الأمة، وأسكنهم فسيح جنانه، وفكّ الله أسراهم، ونصر المجاهدين في ساحات الدفاع عن أراضي الوطن والأقصى المبارك، التي لا يجوز التنازل عن حبة تراب منهما، وهذا ليس بتنظير ولا شعارات، لا بل تطبيق لأحكام القانون الدوليّ الإنسانيّ ومقرّرات الشرعيّة الدوليّة وقرارات محكمة الأمم المتّحدة الرئيسة.

د. رنا هاني منصور

د. رنا هاني منصور دكتوراه في العلوم الاقتصادية- بنوك وتمويل أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية، كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال- الفرع الأول أمينة سر جمعية الخبراء الماليين عضو في اللجنة العلمية للجمعية اللبنانية لتقدم العلوم عضو في اللجنة الإستشارية لمجلة جويدي للإبتكار والتنمية والإستثمار لها أكثر من 150 مقال في العديد من المواضيع المالية، الاقتصادية، السياسية والاجتماعية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى