في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بدأت تنمو لدى الغرب رغبات استعمارية تجلت بالعمل على التخلص من الامبراطورية العثمانية التي كان امتد نفوذها إلى أوروبا وقد بدأت تعاني اعراض المرض والوهن فدعيت بالرجل المريض.
بدأت تظهر مع هذه الرغبات نوازع استعمارية بخاصة لمنطقتنا العربية نظراً للامتيازات التي تميزها جغرافياً واقتصادياً واستراتيجياً ومن موقع جيو سياسي خطير ومهم يربط القارات الثلاث، وخطورتها بننظر تنبع من وحدتها فيما لو توحدت جغرافياً وسياسياً فكان مؤتمر كامبل عام ١٩٠٧ الذي عقد في لندن وأعلن عن رغبته في استعمار المنطقة ومنع توحدها نظراً لخطورة ذلك على الغرب، نظر هؤلاء الذين اجتمعوا في لندن بناء لدعوة رئيس الوزراء البريطاني انذاك (كامبل ) للواقع الجيوسياسي العربي على انه يجب ان لا يتوحد، قام كامبل بتوزيع خرائط المنطقة على الرؤساء السبع المجتمعين شارحا لهم خطورة توحد العرب، والإمكانات التي يمتلكونها في حال توحدهم، وانه لا بد من منع توحد العرب وفصل مشرقهم عن مغربهم باحتلال فلسطين كدولة فصل بين المغرب والمشرق، وبين آسيا وافريقيا.
هكذا بدأ الغرب يحضر للإنقضاض على المنطقة عبر اسقاط الامبراطورية العثمانية، وفي الوقت ذاته العمل على إستعمار المنطقة العربية بديلا للاستعمار العثماني.
هكذا مارس مكماهون المفاوض البريطاني كل اساليب الدهاء والكذب والمراوغة في مفاوضاته مع الشريف حسين تحت عنوان اقامة دولة عربية بعد تحرر المنطقة من الاستعمار العثماني ليتبين لاحقا كذب مكماهون وان التخطيط للسيطرة على المنطقة وتقسيمها عبر سايكس بيكو ووعد بلفور، كمقدمة لزرع الكيان الصهيوني في فلسطين كما جاء في مؤتمر كامبل عام ١٩٠٧.
التقت الرغبات الاستعمارية للغرب مع رغبات الحركة الصهيونية الباحثة عن وطن، لم يكن ثمة مانع لدى الحركة الصهيونية في ان تكون في فلسطين دولة يهودية ولاءها للغرب وحارسة لمصالحه، هكذا تم انشاء الكيان الصهيوني في فلسطين وانتجت مأساة الشعب الفلسطيني باحتلال فلسطين وطرد الشعب الفلسطيني خارج ارضه بالمجازر.
استطيب الغرب إنشاء اسرائيل كنموذج غربي في المنطقة وكحارس لمصالحه، وتعهدت الحركة الصهيونية العالمية بحماية المصالح الغربية والإتساق مع الإستراتيجية الغربية الإستعمارية، يفسر ذلك لمذا يهب الغرب لدعم وحماية اسرائيل في كل مرة يشعر فيها الغرب بإهتزاز هذا الكيان.
الغرب يعيش صراع ازاء المجازر الإسرائيلية التي يمارسها نتنياهو بحق الشعب الفلسطيني بين ما يدعيه من حقوق وقيم وبين المصالح، بلغ الإنقسام حداً واضحاً وكبيراً بين المجتمع الغربي وبين النخبة السياسية الحاكمة، فكان صراعا واضحا بين منظومة القيم التي ما زال المواطن الغربي متمسكا بها، وبين المصالح التي تمثلها النخبة السياسية الحاكمة.
التحول الذي بدأ يشهده الغرب بالإقرار بالحق الفلسطيني في الشارع والجامعات سيؤسس لعملية تراكم سياسي شعبي سيعبر عنه لاحقا في صناديق الإقتراع، فالتاريخ لن يعود الى الوراء، والحق الفلسطيني سيفرض نفسه طال الزمان أم قصر.