الاحدثالشرق الاوسط

إشارات لبدايات أزمة العقل الإسلامي في إيران… | بقلم د. أحمد عياش

يبدو ان الجمهورية الاسلامية في إيران قد تخلّت رسميا اليوم عن مهمات شرطة الاداب او الاخلاق او التأكد من الزي الاسلامي في الشوارع وفي الساحات العامة للنساء وللرجال و لم يأت هذا التخلي نتيجة ثقة باخلاقيات المؤمنين والمتدينين وعامة الناس ولا نتيجة لنهاية مهمة او خطة او دراسة اجتماعية انما وللاسف حصل بعد اضطراب الشوارع اثر مقتل الانسة مهسا اميني بظروف غامضة اثر اعتقالها بتهمة عدم احترام الزي الاسلامي وهذا امرٌ سلبي ونقطة مشبوهة تسجّل ضد العقل الاسلامي في الجمهورية الذي يبدو انه بدأ بالرضوخ وبالتراجع لتبدلات ولتغيرات يفرضها العقل المعاصر العالمي .

لا شيء يقول او يثبت ان العقل العالمي المعاصر يطرح بدائلا افضل فالعقل المعاصر يتشكل بعفوية وبنتيجة خلطة غريبة وعجيبة بين ثقافات دول مقهورة واخرى بريئة وغيرها من المجتمعات الخبيثة والمتطورة علميا وبعضها المضطربة.

نجحت الشبكة العنكبوتية العالمية وهوليود وما شابهها من امتدادات اعلامية محلية موجهة ومأجورة تعمل بإمرة الدولة المالية العميقة ومصالحها لترويج ولبيع بضائعها كيفما اتفق.

يبدو ان العقل الاسلامي قد فشل في اقناع الجماهير وخلال 44 سنة وعبر عملية ادلجة وبرمجة فكرية و دماغية من خلق شخصيات اسلامية نموذجية ذاتية الرقابة.

لا يتوقف الامر عند مراقبة من تضع الحجاب او من يضع ربطة عنق فالدلائل تشير لتراجعات خطيرة اخرى مثل عدم الزامية الحجاب والعودة لدمج الرجال بالنساء في الجامعات والمدارس مثلا وان حصل ذلك يكون العقل الاسلامي لأهل الشيعة قد تراجع عن فتاوى وعن اجتهادات لمراجع كبار لا داع لذكر اسمائهم تحت وطأة فتوى واجتهاد الشارع وما خلف الشارع من تمرد واسع على توصيات دينية.

الصحن اللاقط على السطح والواتس اب والفايسبوك اقوى من حجة العقل الاسلامي عند الحديث مع الجيل الصاعد.

الزائرون للجمهورية يقولون ان حجاب الكثيرات من النساء بالاصل كان جزءا من زينة ومن تحدّ ويقول آخرون ان الإيرانيات المسافرات كن اول ما يفعلن عند ركوب الطائرة نزع حجابهن امام المسافرين وتماما كما كن يفعلن السعوديات .

التراجع غير المنظّم وغير المدروس عن تلك الاجراءات سينتج عنه حركة تمرد وتحد واسعة ك”فشة خلق”شعبية مما يظنه كثيرون قهراً والزاميا…

الجنس اقوى في الكلام وفي الاغراء وفي الغواية من رجاحة العقل ومن قراءة كتاب الشر والجريمة .

كل ما هو الزامي مكروه وكل ما هو قهري ينجز عنه تمرد وتحد ونكايات.

قاعدة العقل الاسلامي لاهل الشيعة تهتزّ لعدم مبالاتهم لاراء شرفاء لطالما حكت ونبهت الا ان الوسواس القهري لكثير من رجال الدين الشيعة اقوى من كل رأي واسرع بالتكفير وبالتهميش.

ازمة بعض رجال الدين انهم يعرفون كل شيء!

هرم العقل الشيعي وصار لا يبتسم الا للذين يصفقون له ويهنؤونه على كل ما يفعل.

بدايات تصلب شرايين العقل الاسلامي.

وربّ خبيث يسأل عن علاقة الاجراءات المشابهة قبل سنة في بلاد نجد والحجاز وعما يجري الان في بلاد فارس وخورسان وعربستان.

ثمة رابط.

تراجع العقل الاسلامي طبيعي بعد فشل الولايات الاسلامية من قاعدة ومن نصرة ومن داعش ومن اخوان مسلمين ومن وهابية ومن شيعية عراقية ولبنانية ومن طالبان افغانستان من تقديم انموذج اسلامي يقتدى به بل نجحوا وبامتياز من تنفير المسلمين انفسهم من دينهم.

ساهموا في زرع الشك في عقول المسلمين انفسهم.

ما ينطق به بعض رجال الدين من اهل الشيعة ومن اهل السنة على الشاشات كاف ليقدم العاقل استقالته من الدين لولا الامن النفسي ولولا العطف الالهي لمؤمنيه.
الله اكبر.
هذه هي الحقيقة.

انظروا للعراق !
كان وبكل ثقة افضل في زمن الرئيس صدام حسين والدليل ابحثوا اين اصبحت مداخيل الثروات الطبيعية للعراق ولليبيا وابحثوا عن مستوى المعيشة وابحثوا عن استشراء الفساد.

الضاحية الجنوبية لبيروت وبعلبك والهرمل والنبطية وصور وبنت جبيل ومرجعيون مناطق تحت السيطرة المباشرة للعقل الاسلامي من اهل الشيعة منذ انهيار الحركة الوطنية وترحيل منظمة التحرير الفلسطينية وانهزام العدو الاصيل.

هل قدم العقل الاسلامي من اهل الشيعة نموذجا يحتذى به لتحسده اهل الموارنة واهل التوحيد من الدروز واهل الكاثوليك والاورثذكس مثلا.

هل اسلم احد الارمن لاعجابه بالنموذج الحضاري والراقي لمجتمع اهل الشيعة او لمجتمع اهل السنة في طرابلس وفي المنية وفي الضنيةوفي مخيم عين الحلوة وفي صيدا وفي الطريق الجديدة؟
حتى في غزة .
لا.

يتراجع العقل الاسلامي وتراجعه لم يأت عن قراءة علمية-دينية وسيدفع العقل الاسلامي الثمن غاليا ان اضطر للتراجع تحت وطأة فتاوى واجتهادات الشوارع.

سوء تدبير.

سوء ادارة للصراع.

عدم الاخذ بأراء وبتنبيهات الشرفاء العلمية غير المنضوين للاحزاب الاسلامية.

الاعتقاد الراسخ ان كل ما يقوله النص الديني صحيح وناجح وكل ما يعبر عنه الآخرون كفرا وخيانة وعمالة لسفارات امر احمق.
لا بد من تغيير المستشارين ولا بد من اعادة قراءة العقل من جديد ولا بد من تصحيح المسارات فالسلاح ليس بديلا وليس كافيا عن كتاب جميل مقنع بجمال الله وبوصاياه.

نقول كلامنا هذا ونستغفر الله لنا ولكم…

ظن عقل اهل الشيعةانه متميّز عن عقل اهل السنة بالاجتهاد وفي النتيجة لا احدمنهما اجتهد حقاً في سبيل الله وعلى خطى محمد(ص)انما مضيا في طريق الدعاة والاوصياء والكوادر فأضلوا السبيل…

اكثر من انتج اعداء لانفسهم هم الاسلاميون المتزمتون الذين ان اعربت لهم عن رأي قالوا “جاءكم فاسق بنبأ”

والله اعلم.

الدكتور أحمد عياش، باحث في علم النفس السياسي والديني

الدكتور احمد عياش، طبيب نفسي وكاتب. صدر له كتاب الانتحار الصادر عن دار الفارابي (2003)، وكتاب الاعاقة الخامسة: الاعاقة النفسية الاجتماعية الصادر عن مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب (2008)، بالاضافة لكتاب الشر والجريمة عن دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع (2013)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى