العراق: المرجعية تضع النقاط على الحروف بشأن موقفها من الانتخابات
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
كما قلنا وقيل عن المرجعية الرشيدة أنها صمام الأمان للنظام السياسي بعد عام 2003. ولكنها ليست القائمة عليه والتي تدير شؤون هذا النظام وإن حاولت جميع الحكومات المتعاقبة منذ التغيير أن تدخل تحت عباءة المرجعية، والتاريخ ليس ببعيد وكلنا يذكر مواقفها من الحكومات، ومن الكتل السياسية، وحسن تعاملها ورعايتها لهم، لولا أن بعضهم أخفق في التجربة، وبعضهم خيب ظنها بسبب أمور معروفة ..
وقد أُغلقت الأبواب وبُحت الاصوات من أجل إصلاح الأوضاع لكن الأمور كانت تسير وفق اجتهاد السياسين، لا وفق رغبة وتوجيهات المرجعية، فكان الفراق وكانت خطبة الجمعة هي الوصل ومنها تُفهم ماتريده المرجعية التي عوّلت على الجماهير بعد أن فقدت (ثقتها) بالنخبة !.
وبعد أن توقفت خطبة الجمعة حفاظًا على الناس من الجائحة لم تستمع الجماهير لتوجيهات مباشرة إلا من خلال الاستفتاءات على قلتها، وكثيرًا ما حاول بعضهم أن يدعي القرب والوصل مع البيت النجفي إلا أن التجربة أثبتت خلاف ذلك، وإن كان هناك وصل أو تواصل ما إلا أنه لايعني إطلاعه أو إخباره بما تريده المرجعية الرشيدة …
واليوم وبعد جدلٍ وحملة شعواء من أجل عدم إجراء الانتخابات أو تأجيلها إلى أمد غير معلوم حيث كان للمرجعية الرأي الواضح في إجرائها لأنها مطلب جماهيري فتغيرت المواقف الدولية والإقليمية والداخلية (على مضض) وتقرر إجراء الانتخابات.
ولكن الجدل استمر في الطعن بها مسبقًا والحث على عدم المشاركة فيها لأنها محسومة سلفًا كما يروّج المشككون في النظام السياسي، وساعدهم هذه المرة قطاعات واسعة متخوفة من النتائج فكل فريق يتسلح بحجة التزوير تحضيرًا لسلاح الطعن فيما لو جاءت نتائجها بخلاف ما يروج له، فلم نجد مدافعًا عن الانتخابات لا من الحكومة ولا من الكتل السياسية التي ستشارك في الانتخابات.
ونعود الى الجواب عن الاستفتاء المفترض الذي أجابت عنه المرجعية بشأن الانتخابات لنقرأ الرسائل بمحاولتنا في تفكيك النص الموقع من مكتب المرجعية في النجف الأشرف التي أرادت أن تثبت للتاريخ وللجماهير موقفها وتنهي بذلك الجدل المنتشر بين الناس.
وعلينا أنْ نفهمَ ما جاء في الجواب أن المرجعية تحاول البقاء على هذا النظام السياسي وان لم يكن بمستوى الطموح !.
والانتخابات ليست هي الهدف الأسمى ولكنها طريقًا هو الأفضل في هذا الوقت وان عدم إجرائها يعني الفوضى وهو ما جاء نصه: ” تبقى الطريق الأسلم للعبور إلى مستقبل يرجى أن يكون أفضل مما مضى، وبها يتفادى خطر الوقوع في مهاوي الفوضى والانسداد السياسي” وقد شجعت الجميع للمشاركة فيها وإنها تعوّل على هذا الطريق من خلال الانتخاب الواعي
وجاءت الوصية كما يلي وفيها رأي في غاية الأهمية حيث أنها اشارت مرة أخرى إلى عدم كفاءة ونزاهة من يدير الدولة العراقية “ويعوا قيمة أصواتها ودورها المهم في رسم مستقبل البلد فيستغلوا هذه الفرصة لاحداث تغيير حقيقي في إدارة الدولة ،وابعاد الايادي الفاسدة وغير الكفوءة عن مفاصلها الرئيسة” والأجمل في هذا النص أن المرجعية وضحت أن الخلل ليس بالفاسد فقط ،وإنما بذلك الذي لايكون كفئا في المنصب ولعمري أننا مبتلين بالاثنين معًا فالكثير يشترك بفساده وعدم كفاءته.
ومن ثم جاء موقفها المعلن دائمًا أنها تقف على مسافة واحدة من الجميع “لا تساند أي مرشح أو قائمة انتخابية على الاطلاق” فلايدعي أحدٌ الوصل بنا!!.
ووضعت شروطها ووجهت الناخب بطريقة سلسلة بسيطة للنظر في الواقع والتاريخ للمرشح “ولكنها تؤكد عليهم أن يدققوا في سير المرشحين ودوائرهم الانتخابية “.
وهنا وضعت شروطًا لكنها ذات أبعاد سياسية كبرى يتشوق لها كل إنسان وطني يرغب في أن يكون وطنه حرًا لايخضع إلى سياسة هذا البلد أو ذاك “ولاينتخبوا إلا الصالح النزيه الحريص على سيادة العراق وأمنه وازدهاره المؤتمن على قيمه ومصالحه العليا” فلا يكفي أن يرفع شعارًا وطنيًا ولكنه لايملك أو لا يحرص على القيم الأصيلة وهي دينه القويم والثوابت العراقية، وعادت لتحذّر من خلال البيان فجاءت العبارات التالية بأقوى من سابقاتها “وحذار أن يمكّنوا أشخاصًا غير أكفاء أو متورطين بالفساد أو أطرافًا لا تؤمن بثوابت الشعب العراقي الكريم أو تعمل خارج إطار الدستور من شغل مقاعد مجلس النواب، لما في ذلك من مخاطر كبيرة على مستقبل البلد”
وبهذا وضحت أنها تريد الحفاظ على هذا الدستور المقر وأن لاتنتخب من يخرج عنه وهي إشارة مهمة الى من يريد التطبيع مع العدو قافزاً على دستوره ،ولان من يشغل البرلمان فقد يتمكن من التلاعب والقفز على فقراته !.
وفي الختام خاطبت الحكومة والمفوضية لتأمين الانتخابات وأمنها والعمل على سيرها بطريق صحيح “كما تؤكد المرجعية على القائمين بأمر الانتخابات أن يعملوا على اجرائها في أجواء مطمئنة بعيدة عن التأثيرات الجانبية للمال او السلاح غير القانوني أو التدخلات الخارجية، وأن يراعوا نزاهتها ويحافظوا على أصوات الناخبين فإنها أمانة في أعناقهم”، هكذا وضعت المسؤولية على الحكومة بمنع او مساعدة من يحاول التلاعب بالانتخابات وسنرى كيفية تفاعل الجماهير والكتل السياسية والحكومة مع بيان المرجعية الفصل.
وسننتظر ونرى والله الموفق.