الاحدثالشرق الاوسط

النظام السياسي في العراق : الديكتاتورية أو الفوضى | بقلم علي الهماشي

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

قد يظن القارئ أنَّ هذا العنوان هو أني مع هذا النظام السياسي بمنظومته الكاملة، وسأوضح ما معنى المنظومة المتكاملة حينما ألج في النقطة التي اُثيرها بموضوعي هذا.

و قبل كل شيء علينا أن نذهب الى تعريف النظام السياسي كمصطلح هو “مجموعة قوانين أو قواعد تُطبق على الشعب على أن تمضي لتحقيق الكم الأكبر من المصالح التي تتماشى مع مصالح الشعب”.

ونظامنا السياسي الحالي تم تأسيسه وفق عقد إجتماعي تم التصويت عليه من خلال التصويت على الدستور فأصبح خيارًا شعبيًا، نعم هناك إخفاق في فهمه و عدم إيمانٍ ببعض مفرداته، لكن هذا لا يعني حتى الآن أنه مرفوض كليًا من قبل معظم أفراد الشعب.

لأننا بجرد بسيط أو لنسمه استبيانًا بسيطًا سنرى أغلب المعترضين يسجلون اعتراضهم على الطبقة السياسية في جزئيات تكاد لاترقى الى مستوى أن تغير معها النظام السياسي أو تنقلب عليه.

وأسجل ملاحظتي مرة أُخرى مع إني ذكرتها في أكثر من مناسبة إنَّ بعض السياسين يؤمن ببعض فقرات الدستور أو النظام السياسي حينما يتماشى ذلك مع مصالحهم، ويكفر بفقراته عندما تتعارض مع مصالحه ،وربما ينطبق عليهم التساؤل القراني {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ}!!.

والنظام السياسي لا يعني رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء او البرلمان او القضاء وإنْ كانت هذه المسميات فروع مهمة منه ،إلا إنّّ هذه المسميات يحدها الدستور وأي تجاوز على فقراته هناك اليات معينة تعيد الامور إلى نصابها.

وأستغرب حينما يعارض أحدهم الحكومة أو تتضرر مصالحه مع هذه الحكومة أو تلك المؤسسة من النظام السياسي فيذهب لمناهضة كل النظام السياسي ويلعنه ويطالب بتغييره ،مع إنَّ هذا النظام هو الذي منحه القدرة على المعارضة والتفكير بصوت عالي بدلا من العمل السري ،بمعنى إنّ هذا النظام السياسي كفلَ حريةَ التعبير له وجعله يُصرح بملئ فمه ،وهو مالم يستطع أنْ يفعله أبان النظام الديكتاتوري السابق ، أو يفعله فظي نظام ديكتاتوري قادم.

وهناك قيمٌ لم تكن ليحصل عليها الشعب العراقي قبل تغيير النظام السياسي الديكتاتوري السابق ،وهذه القيم ضحى الشعب العراقي من أجلها بالالاف من أبنائه وفقد الكثير من موارده ،وانهيار هذا النظام يعني ذهاب هذه التضحيات سُدى ،ونجاح مخطط أعداء العراق الذين أرادوا لهذه التجربة أن تسقط وأن تكون المثل السيء في الشرق الاوسط.

وقد نكون بحاجة الى تغيير بعض فقرات الدستور واليات تطبيق النظام السياسي ولكن هذا التغيير لا يكون إلا وفق موافقة شعبية بطريقة نظامية على شكل استفتاء او اقتراع أو غيرها ،ولا يمكن اللجوء الى القوة وان كانت شعبية او تعتمد على جمهور معين فهو يعد انقلابًا، وليس له تفسير اخر في الاعراف السياسية.

هذا فيما يتعلق ببعض فقراته ،فكيف الامر بتغييره كله.

وإنَّ أي تغيير من هذا النوع (فرض بالقوة ) وإنْ كان على فقراتٍ من الدستور فهي ممارسة ديكتاتورية واستخدام للقوة مما يؤدي الى تلبس النظام بالديكتاتورية بشكل أو باخر ،ويعني تلاشي ما تسالمت عليه القوى الشعبية والفعاليات السياسية فيما مضى لاقرار هذا النظام السياسي.

أما لو كان التغيير بمطالب شعبية طاغية فهذا سيكون بإرادة الشعب العراقي وهو ما لا غُبارَ عليه لأن الاغلبية منه طلبت ذلك وقامت به ،أما أن تفرضه جهة سياسية واحدة فهذا ما يعبر عنه بالانقلاب، بأي نوع منه.

ومع كل ذلك لابد لنا من الاشارة إنَّ نظامنا السياسي جاء بمباركة دولية ومازال يحظى بدعم الأُمم المتحدة وأعضائها ،وأي خلل في العلاقة مع المنظمة الدولية بسبب التغيير أو الياته ، قد يؤدي إلى أُمورٍ مجهولة ،وقد سبق لهذا المجتمع الدولي أنْ أصدرَ قراراتٍ مجحفةٍ بحق الشعب العراقي بسبب مغامرات غير محسوبة من قبل رأس النظام السابق ، التي أدت الى إنهياره، والجدير بالذكر أنَّ هذه العقوبات كانت ضد الشعب وتركت رأس النظام.

وأي تصرف دون وعي وأقصد بالوعي هنا دراسة كل الاحتمالات وانعكاسات ذلك على الواقع العراقي محليا وعالميًا.
وعلى السياسين ومن أطراف النزاع أن لا يعودوا بالشعب العراقي الى الوراء.

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي مواليد بغداد، له كتابات سياسية عديدة في الشان العراقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى