الجيوش الإلكترونية: حين تسقط الأخلاق في معمعة الإعصار التكنولوجي | كتب علي الهماشي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
ما علاقة الجيوش الالكترونية بسعي كل كتلة أو حزب سياسي إلى الترويج لمشروعه السياسي،وكسب التأييد الجماهيري؟
في الواقع، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أهم الوسائل الإعلامية في العقد الاخير من هذا القرن، وتمتلك الفضائيات والمحطات التلفزيونية العالمية منصات اجتماعية ايضا، لان أخبارها تقرأ وتنتشر بسرعة أكبر.
وهو ما أجبر جميع السياسين في العالم إلى أن يكونوا جزءا من شبكات التواصل الاجتماعي.
وسائل التواصل محطة رئيسة في العراق
أصبحت وسائل التواصل في العراق هي المحطات الرئيسة والسريعة في إيصال المعلومة والاخبار للناس كالعديد من البلدان.
ولا يكاد سياسيٌ من سياسي العراق لايحمل هاتفًا ذكيًا إن لم يثنِ بواحد آخر، وبعضهم له عدة حسابات يكتب فيها بأسماء متعددة ويفرغ لها ساعات من وقته للكتابة والرد ونقل الاخبار واستلامها،إضافة للمراسلة السريعة بينه وبين الاخرين.
وبعضهم يرى أن هذا الأمر مرهق ويتطرف ليدلي برأيه ويصرح أنه لايليق بالسياسي أن يكرس جُلَّ وقته للتغريدات، والتصريحات السريعة.
فما الحقيقة؟
والحقيقة أنَّ هذهِ التصريحات السريعة الناجمة عن ضغوط النقاش وتلقي الاخبار المزعجة والكاذبة تُخرج بعضهم عن رزانته فيرد بطريقةٍ قد لاتليقُ بمركزهِ الإجتماعي وعنوانِهِ السياسي، وتُخسرُهُ الكثير لدى جمهورهِ المتابع.
وقد يتسرعُ في الرد وفي قرار لم يكن ليتخذه لو تأنى وأعاد التفكير فيه.
الجيوش الإلكترونية والأحزاب
يملك بعض السياسين فرقا أو يؤجر أفرادًا للترويج لطروحاته أو للدعاية لهم، وكذلك تملك الاحزاب والكتل مثل هذه الفرق الالكترونية التي أُطلق عليها مصطلح “الجيوش الالكترونية”.
والى هنا يكون الأمرُ مشروعًا وضمن أخلاقياتِ العملِ السياسي المتزنِ، ولكن أنْ تتحولَ هذه الجيوش الالكترونية الى أدواتِ تسقيطٍ وإبتزازٍ فهي مقيتة، وغير مشروعة.
وإن استخدامها من قبل بعض المنتمين الى الاحزاب الاسلامية، أو ممن يميلُ اليها فهي ليست من الاخلاق الاسلامية، بل إنها مخالفة لثوابت الاسلام الذي رفض البهتان والافتراء.
إن الجيوش الالكترونية بهذه الطريقة ما هي إلا جيوش عدائية لاتزرع في مجتمعاتنا إلا الرذيلة ولا تصنع إلا الكذب، ولاتزرع إلا الخوف في نفوس المجتمع. وإنَّ تدريب الشباب على هذا العمل كما هو تدريبهم على القتل بحجج يسوقها او يزرعها الكبار في عقولهم.
أو كمن يدرب شبابا للسرقة من الاغنياء بحجة إطعام الفقراء. وفي النهاية سيمتهن هؤلاء الشباب القتل أو السرقة ولايستطيعون الاقتلاع من الحالة التي تمرسوا فيها.
والحالة أسهل في مسألة الجيوش الالكترونية حيث يختبئ خلف أجهزة إلكترونية، وما عليه إلا تحريك أصابعه وتركيب بعض الصور لتسقيط هذا أو ذاك.
النصر الحقيقي
إن النصر الحقيقي الذي يجب أن يسعى له الاسلامي هو زراعة الصدق، وبث الطمأنينة، وإرساء العدالة في المجتمع، وأن لا تحطم عدوك معنويًا وسياسيًا وأخلاقيًا. ان النصر الحقيقي هو أن نكون كما أرادنا الاسلام، وحينما نستخدم الادوات المعرفية نقننها وفق تعاليمنا الاسلامية. أما أن نَكْذِبَ كما يكذبُ الاخرون فهذا هو السقوط وليس النصر، وقد ابتعدنا عن الاسلام السياسي الاصيل.
التسقيط والتشهير
وعندما نستخدم جيوشًا الكترونية غرضها التسقيط والتشهير فهو السقوط بعينه. ونكون بذلك ابتعدنا عن الاخلاقيات وأسهمنا بتدمير المجتمع وخسارة أنفسنا وضياع ديننا. فمهما اشتدت وتلاطمت أمواج الانحراف والسقوط كان على الاسلاميِّ الحركي أن يثبت ليبرز معالم الاسلام الاصيل {إنك لعلى خلق عظيم}.
والنصر الحقيقي يأتي بهداية الناس والثبات على المبادئ، وإنْ تَرَكَنا جميعُ الناس، وقد يصل الأمر الى أمور نرى فيها خسارة كل شيء، أو نكاد أن نخسر. يجب أن نؤمن بما قاله موسى (ع){كلا إنَّ معيَ ربِّي سيهدين}….