من قانون “قيصر” إلى قانون “الكبتاغون” | بقلم معن بشور
حين أصدّر الكونغرس الأميركي قانون “قيصر” لفرض عقوبات على سورية عام 2019، انعقد في بيروت في الأول من حزيران عام 2019، منتدى عربي دولي لإسقاط قانون “قيصر” بمبادرة من المؤتمر القومي العربي، والمركز العربي الدولي للتواصل والتضامن، وبمشاركة العديد من المؤتمرات والاتحادات والهيئات والشخصيات العربية والدولية، الذين أعلنوا يومها عن تشكيل الهيئة الشعبية العربية الدولية لمناهضة الحصار على سورية، التي عقدت فيما بعد خلال تفشي وباء الكورونا اجتماعين افتراضيين أحدهما عربي (29/4/2021) والآخر دولي (7/5/2021)، شارك فيهما ما لا يقل عن 450 شخصية عربية ودولية اعتبروا أنفسهم أيضًا أعضاء في الهيئة الشعبية العربية والدولية لنصرة سورية..
واليوم مع صدور قانون الكونغرس الأميركي الجديد للعقوبات على سورية باسم قانون “الكبتاغون” للمخدرات، تأكّد ظننا من أن قانون “قيصر” الذي يعاني من تداعياته الشعب السوري ومعه الشعب اللبناني، كان بداية حرب من نوع جديد على سورية التي نجحت في إجهاض كل أهداف الحروب العسكرية والسياسية والإعلامية التي تعرّضت لها، فأحسسنا أن الواجب يقتضي إطلاق حملة شعبية عربية ودولية لإسقاط الحصار والاحتلال والحرب الكونية على سورية، تبدأ بمقالات يعدّها شخصيات عربية ودولية، وتشكيل لجان لنصرة سورية حيث أمّكن، وإطلاق فعاليات في معظم الساحات الممكن التحرك فيها، وصولًا إلى عقد ملتقى شعبي عربي دولي لنصرة سورية بوجه الحصار والاحتلال والحرب الكونية عليها.
وقد اختيرت ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسورية في 22 شباط/فبراير 1958، موعدًا مبدئيًا لهذا الملتقى في دمشق أو بيروت، يتحمل فيه المشاركون تكاليف سفرهم وإقامتهم ويدرسون سبل دعم الشعب السوري ومعه الشعب اللبناني في مواجهة المعاناة الكبيرة التي يمران بها..
إن التضامن مع الشعب السوري اليوم بوجه العقوبات الأميركية الأحادية، والتي التزمت بها، مع الأسف، دول عدّة، عربية و غربية، أما بداعي الحقد على الدور العربي التحرري لسوري، أو بداعي الخوف من الضغط الأميركي المتعدد الأوجه عليها، ليس واجبًا وطنيًا وقوميًا فقط، بل هو واجب إنساني بالدرجة الأولى لأن هذه القوانين الأميركية هي قوانين مخالفة للقانون الإنساني الدولي، كما للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بل هي بمثابة جريمة حرب يمكن إحالة مرتكبيها لمحاكم العدالة الدولية.
قد يسأل البعض: ماذا سيستفيد المواطن السوري الذي لا تتوفر اليوم أمامه أبسط مقومات الحياة من خبز ودواء وطاقة من مثل هذه التحركات؟.. لكننا نجيب: إن من شأن هذه المبادرات أن تشكل ضغطًا شعبيًا على الحكومات، لاسيّما العربية، من أجل فك علاقتها بمثل هذه القوانين، كما من أجل إيجاد مناخ شعبي دولي ضاغط على حكومة واشنطن لوقف جرائمها بحق الشعب السوري ومعه الشعب اللبناني، لاسيّما وأن دعمها غير المحدود للكيان الصهيوني يشكّل جريمة ضد الإنسانية بكل ما للكلمة من معان سياسية ومدلولات قانونية.
كما أن فعل هذه المبادرات من شأنها التأكيد للشعب العربي في سورية لأنه ليس وحده وأن شرفاء أمّته وأحرار العالم إلى جانبه في معركته التاريخية ضد الحصار والاحتلال والحرب، كما أن هذه المبادرات إذا اقترنت بمثيلاتها المنتصرة لشعب فلسطين البطل في انتفاضته الشعبية المسلحة والمتصاعدة، أو بتلك الحركة الجماهيرية المتنامية ضد التطبيع من الخليج إلى المحيط، يمكن أن تشكّل رافعة لنهوض وحدوي تحرري في الأمّة، وبواقع جديد على المستوى الدولي في ظل موازين قوى متحركة يومًا بعد يوم.
لقد تحركنا بالأمس انتصارًا للعراق في حرب الحصار والاحتلال، وتحركنا انتضارًا لقطاع غزّة الفلسطيني بوجه الاحتلال والحصار، وتحركنا انتصارًا لكل شعوب الأمّة وأمم العالم التي تواجه حصارات وضغوطًا استعمارية من فنزويلا إلى كوبا إلى إيران إلى كوريا الشمالية، إلى روسيا والصين أيضًا، واليوم علينا أن نتحرك جميعًا لإسقاط هذه الحرب المشؤومة على سورية والحصار الملعون والاحتلالات الخبيثة الإسرائيلية – الأميركية لجزء من الأراضي السورية، وأن يقف العالم كله معنا في معركتنا..
لقد أسقطت سورية عقوبات وحصارات ومؤامرات منذ خمسينيات القرن الماضي حتى اليوم، ولن يكون صعبًا اليوم أن تنتصر على مؤامرات الحصار والاحتلال والحرب عليها.