وجهة نظر اميركية: بعد خسارة سوريا… هل نخسر لبنان؟
عن نيويورك تايمز I للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
بعد ضياع سوريا.. هل من مخرج لإنقاذ لبنان؟
لازالت التداعيات الناجمة عن تخلي الرئيس الأمريكي عن دعمه للأكراد في سوريا تتجلى في المنطقة يوما بعد يوم، وقد أعرب بعض المسؤولين الرسميين في لبنان عن قلقهم إزاء الموقف الأمريكي، فهم يخشون أن يحين الدور قريبا على لبنان.
وفي سلسلة من المحادثات غير الرسمية في لبنان، عبر مسؤولون أمنيون عن دهشتهم من موافقة أمريكا على قيام تركيا بغزو الأراضي السورية وتخاذل القوات الأمريكية تجاه ذلك، قائلين” نحن حقا نشعر بالشفقة تجاه أمريكا، إنها ليست أمريكا التي عهدناها منذ زمن طويل”.
كما أشار العديد من المسؤولين إلى أن تخلي أمريكا عن دعمها لحلفائها في سوريا يضمن بلا شك انتصار جبهة الحلفاء المكونة من إيران وروسيا ونظام بشار الأسد، والذين ربما يعملون بالتنسيق مع تركيا.
وقال مسؤول لبناني بارز:” لقد فاز المحور الإيراني الروسي السوري.. سوف تتحد سوريا مرة أخرى” في إشارة إلى قيام النظام بعقد صفقة مع المقاتلين الأكراد، مؤكدا على أن تخلي أمريكا عن حلفائها في سوريا هو نقطة قوة بالطبع لصالح إيران.
ويمكن اعتبار القلق اللبناني إزاء الموقف الأمريكي في سوريا هو في الأساس مصلحة شخصية، فلبنان يحيا من خلال قدرته على إحداث التوازن بين الشرق والغرب، وإيران والمملكة العربية السعودية، والسنة والشيعة، والمسلمين والمسيحيين، ولعل ما ساعد ذلك الكيان المحفوف بالمخاطر على البقاء على قيد الحياة حتى الآن هو القناعة التامة من جانبه بأن أمريكا لن تسمح للهيمنة التامة على البلاد من قبل أعداء الغرب.
ولكن الثقة المطلقة في الولايات المتحدة قد اهتزت بقوة مؤخرا، ولعل ما قاله حسن نصر الله، زعيم حزب الله، بعد اليوم الأول من العدوان التركي على سوريا، صحيحًا، فقد أكد الزعيم الشيعي بأنه لا يمكن الوثوق في الأمريكيين أبدا لأنهم عادة ما يخلفون الوعد.
ولقد قدمت إدارة ترامب، والتي تسعى إلى إعادة ترتيب أوراقها في الشرق الأوسط، بعض المقترحات التي تقضي بتقديم المزيد من الدعم المشروط إلى لبنان، فقد قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إنه يريد لبنان أقوى، وتشترط حزمة المساعدات المقدمة إلى لبنان قيام البلد بتنفيذ سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية من أجل القضاء على الفساد والذي لا يقل خطورة عن حزب الله بالنسبة لـ لبنان.
يعتقد البعض بأن بيروت ما هي إلا قضية خاسرة، وذلك بالنظر إلى كون حزب الله هو القوة السياسية المهيمنة هناك، لذا فإن انهيار لبنان سوف يقلق إيران بلا شك. ولكن يجادل البعض الآخر قائلا بأن تلك الرؤية غير صحيحة، وبخاصة خلال المرحلة الراهنة، فآخر ما يمكن أن يحتاج إليه الشرق الأوسط حاليا هو دولة فاشلة أخرى وبخاصة تلك الواقعة على حدود إسرائيل، وبالتالي فإن الدولة اللبنانية القوية سوف تؤذي حزب الله بدلا من أن تساعده.
والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية تنفق فعليا قرابة الـ 200 مليون دولار على تقديم المعدات والتدريب للقوات العسكرية والأمنية اللبنانية، كما تقدم المساعدات لما يقدر بـ مليون لاجئ سوري على أرض لبنان. وقد دعت الولايات المتحدة كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجميع القوى المناهضة لإيران في المنطقة بتقدم المزيد من الدعم إلى لبنان. ولكن واشنطن بحاجة إلى إقناع الدول المانحة من منطقة الشرق الأوسط بأن أموالها لن تذهب سدى تحت وطأة الفساد اللبناني.
ولكن كيف ستبدو الدولة اللبنانية القوية التي تحدث عنها بومبيو؟ أولا لابد من قيام الدولة بتأكيد سيادتها بدءا من الحدود، وهنا يتعين على الولايات المتحدة ممارسة بعض الضغوط من أجل استئناف المحادثات بين لبنان وإسرائيل حول مسألة ترسيم الحدود البحرية. وقد بدأت المحادثات فعليا هذا العام ولكنها تعثرت في منتصف الطريق. وفي السياق ذاته ينبغي على واشنطن مساعدة لبنان في تأمين حدودها مع سوريا تلافيا لوقوع حوادث التهريب.
وفي مقابل الحصول على الدعم الأمريكي، فقد طلبت واشنطن من لبنان القيام بمجموعة من الإجراءات الإصلاحية العاجلة. فمثلا يحتاج لبنان إلى هيئة اتصالات حديثة، ولن يتسنى ذلك سوى من خلال القيام بخصخصة قطاع الاتصالات المملوك للدولة والذي يمكن أن تصل إيراداته إلى 6 بليون دولار. كما أن هناك حاجة إلى خصخصة شركة الكهرباء المملوكة للدولة والتي لا تتمتع بالكفاءة المطلوبة، الأمر الذي قد يسهم في توفير ما يصل إلى مليوني دولار.
ويمكن تلخيص الموقف الحالي في لبنان، في قيام النظام السياسي الطائفي في الاستفادة من الغنائم من خلال هاتين القطاعين الرئيسين بالدولة، إلى جانب 100 مؤسسة صغيرة أخرى مملوكة للدولة. والجدير بالذكر أن حزب الله يفوز عادة بنصيب الأسد، لكن كافة الطوائف الأخرى تضمن حصولها على حصهها أيضا. وهنا يمكن القول بأن هذا النظام الفاسد قد حان وقت تغييره.
وختاما فإنه يمكن القول بأن العدو الحقيقي لسيادة الدولة اللبنانية القوية هو حزب الله، فكلما ازدادت قوة لبنان كلما ساعد ذلك على إضعاف الميليشيات الشيعية. وإذا استمرت الإدارة الأمريكية في إفلاس لبنان بزعم الضغط على إيران، فإن ذلك سيعد بمثابة حماقة جديدة يرتكبها ترامب والذي ارتكب فعليا الكثير من الحماقات في الشرق الأوسط.
رابط المقال الأصلي اضغط هنا
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
لا شك ان القائمين على إدارة الملف السياسي اللبناني لديهم القناعة بضرورة مسك العصا من النصف وان كل خطوة إذا لم تُحسب حساب خاص مبني على حسابات جيوسياسية وكذلك لا اعتقد ان موقع لبنان الحساس سيدع اسرائيل تتغاضى عما يحصل خصوصاً بوجود اللوبيات المحيطة بها ومن جميع الجهات كذلك يجب توجد ملاحظة مهمة جداً أفرزتها التظاهرات في العراق وحالة الحلحلة السياسية في اليمن وكذلك ما شهدت ايران خلال هذه الأيام من تظاهرات نتيجة الأوضاع وارتفاع الاسعار كلها ستُلقي بضلالها على حل الموضوع بشكل جذري في لبنان