الاحدثالشرق الاوسط

ويعلو صوت دعاة التطبيع مرةً أُخرى!! | بقلم علي الهماشي

استكمالاً لما أشرت اليه في مقالي السابق (صفقة القرن هل تعود الى الواجهة وبشروط جديدة)* أُحاول هنا الإشارة إلى دعاة التطبيع من العراقيين الذين علا صوتهم  نتيجة الارتدادات لما حصل في غزة ولبنان  ومن ثم سقوط بشار المفاجئ .
هذه الأحداث كانت قبيل استلام ترامب لمهامه كرئيس للولايات المتحدة التي شهدت ولايته الأولى اغتيال الجنرال قاسم سليماني بطائرة مسيرة وبأوامر مباشرة منه، حيث كان القائد الميداني لمحور (المقاومة) أو المحور الإيراني، وقد شهد تراجعاً واضحاً بعده، و من هذه الحيثيات واستلام ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تعلو الأصوات التي تدعو إلى التطبيع مع الكيان.
ومن الغريب أنَّ هذه الاصوات أو دعاة التطبيع لا تضع الأولويات العراقية بل تريد أن يكون لذلك مقدمة وهو تقديم شيك على بياض كي يقبل الكيان بنا !!!.
فهم يذهبون إلى الأمر دون رؤية عراقية وقد تكون بسبب ردود فعل أدت بهم إلى هذا الخيار ،أو كأنهم محشورون في زاوية معينة فيحاولون تقديم صك الغفران من أجل حضور سياسي في المستقبل.
هذا الصك يتمثل لا بحل الفصائل المسلحة العراقية التي تتخذ شعار المقاومة كأساس شرعي لوجودها، بل نزع سلاحها، وملاحقة عناصرها في مرحلة قادمة، فالأمر له مراحل وفصول يتم الإعداد له، تكشفها فلتات لسان من دخل في المشروع الصهيوني، وربما أخذته النشوة لما جرى في غزة ولبنان فيحاول استباق الاحداث ليكشف المستقبل المظلم لنا، أو هي ضمن المخطط الذي يتم به تخويف العراقيين (إنما ما جرى غزة ولبنان سيجري على العراق)، والإسقاط النفسي هو أول الهزائم التي تصيب المجتمعات، و في محاولة لخلط الأوراق يتم دمج الحشد والفصائل المسلحة في الاستهداف الإعلامي، وقد ينطلي الأمر حتى على بعض السياسيين !!، فلا يفرق بين الحشد كجهة رسمية تابعة  للقوات المسلحة العراقية وبين بعض الفصائل المسلحة التي أعلنت أنها فصائل  لمقاومة الاحتلال.
 والكل يعلم أن المنطقة لا تتحمل حرباً أُخرى لذلك يحاولون أن يتم الأمر بحرب ناعمة سريعة، ومنهم من يرى أن نتنياهو متهور وممكن أن يهرب إلى الأمام بسبب الأزمات الداخلية التي ستنفجر أمامه بعد وقف إطلاق النار في غزة  لايمكن له أن يتحرك، وإن كان بعض المحللين يرى أن التطبيع سيكون أسهل في حال اختفاء نتنياهو عن المشهد السياسي في الكيان.
ماالذي يقلق دعاة التطبيع من الحشد ؟
من الملاحظ في العراق ماهو ضروري اليوم يكون غدا بلا ضرورة ،وما كان غير مناسب بالأمس قد يكون ذا أهمية اليوم .
و بغض النظر عن اشكالية  تأسيس الحشد، فقد أصبح رقماً في المعادلة السياسية العراقية بعد معارك التحرير ومن ثم حصوله على نسبة لا بأس بها من مقاعد البرلمان العراقي في انتخابات 2018.
ويعد الحشد الشعبي اليوم من ركائز النظام السياسي ، وقد لعب دوراً مهماً في حمايته خلال أحداث اقتحام المنطقة الخضراء سنة 2022 التي كانت أشبه بانقلاب عسكري ..
ولهذا يقلق أعداء النظام السياسي في العراق من وجود الحشد الشعبي.
و يرى معظم المطبعين إنَّ التخلص من الحشد هو الطريق الأمثل لإنهاء النظام السياسي في العراق، فغالبية المطبعين هم من المناهضين للنظام السياسي، أو ممن انقلب عليه بعدما فقد مكانه في التشكيلات الحكومية المتعاقبة، أو لم يجد له موطئ قدم منذ التغيير في 2003 .
ويرى من يدعي العلمانية أن إنهاء الإسلام السياسي يبدأ بانهاء الحشد الشعبي، ولهذا نرى ملازمة التطبيع بحل الحشد أو الفصائل المسلحة، وهذا ما تدفع به وسائل إعلامية، و مراكز دراسات أمريكية لها علاقات أو أنها تأخذ مكافآت نشر من بعض الجهات السياسية أو الإقليمية.
ولا يمكن لبلد أو نظام سياسي يملك إرادته أن يخضع  لرغبات عدوه، ولا يوجد في العراق مبرراً قانونياً أو  موضوعياً يحتم عليه أن يسير  في اتجاه حل الحشد الشعبي بعد الأمر الديواني 331 في عام 2019في ولاية رئيس الوزراء الأسبق عادل عبدالمهدي ، ولا بد من الإشارة إلى أن رئيس الحكومة حيدر العبادي الذي سبق عادل عبدالمهدي كان قد أصدر أمراً ديوانياً مشابها، وكانت فكرته أن يحمي الحشد الشعبي في حينها، وقد أخبرني بأنَّ هذا الأمر الديواني يحمي هذه القوة العراقية المسلحة لا كما ظن المنافسون أو أرادوا أن يفهموا أنها طريقاً لحل الحشد فعملوا على تسويف الامر الديواني الذي كان عنوانه تكييف أوضاع الحشد الشعبي لعام 2018 .
و تبقى فتوى الجهاد الكفائي هي العكاز الذي تتكئ عليه  الفصائل المنضوية في مؤسسة الحشد الشعبي .
ويكمن الحل في اندماج جميع الفصائل في هذه المؤسسة .
هل العراق سائر نحو التطبيع ؟
   لا شك أن الضغط في هذا الأمر يأخذ مداه نتيجة ما جرى في لبنان وسوريا ومن قبلهما في غزة، لكن العراق يبقى متأرجحاً في هذا القرار ، ولا يستطيع أحدٌ في العراق أن يتخذ قراراً منفرداً في التطبيع، كما أنَّ العراق قد تحفظ أعلى عبارة (حل الدولتين ) في القمة العربية -الإسلامية  الطارئة التي عُقدت في الرياض ، ويبدو أن الأمور لا تعدو ضغوطاً من أجل تحرك القوى السياسية بصورة علنية باتجاه  العلاقة مع الكيان.
و سننتظر القمة العربية القادمة في بغداد لنرى الموقف الرسمي للعراق وهو يترأس هذه القمة ليعلن اتجاهه في هذا الأمر .

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي مواليد بغداد، له كتابات سياسية عديدة في الشان العراقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى