قانون الشراء العام في لبنان: رضى للمجتمع الدولي أم لمرحلةٍ أقلّ فساداً..!؟ | دراسة بقلم المحامي زياد فرام
إنّ للسياسة عند أهلها غاية لتحقيق الممكن، أما الإصلاح فهو تحقيق ما يبدو أنه غير ممكن لكنَّ نهاية المطاف دائماً ما ينتج دراما تصادم الإرادات..
إستجابةً للضغوط الدولية، وطمعاً بالمساعدات الخارجية التي اشترطت خطوات إصلاحية، بغية عقد اتفاقٍ مع صندوق النقد الدولي ( وقد كان الإتفاق المبدئي الذي وقع مع صندوق النقد الدولي ينص على شرط تحديث إطار عمل إدارة الشؤون المالية العامة وتنفيذ قانون الشراء العام)، أقرَّ مجلس النواب اللبناني هذا القانون في 29 تموز من العام 2021. وبالرغم من أنه قانون مُلحّ لاستعادة الثقة في النظام والمؤسسات الدستورية والمالية العامة وترشيد الإنفاق والتلزيم وبمعنى أشمل إنفاذ الحَوكَمة، إلا أنَّ السلطة كان همها الأوحد تحقيق إنجاز بإقرار القانون وهذا القول ليس من باب السلبية بل واقع تطبيق القانون إن من حيث عدم تشكيل هيئة الشراء العام (التي اختزلت حالياً بمدير عام إدارة المناقصات) أو عدم تشكيل لجنة الإعتراض (وإناطتها مرحلياً بمجلس شورى الدولة).
تكمن قيمة قانون الشراء العام الذي حمل الرقم 244/2021 المُقَر تشريعياً ومالياً فتتبين أنه أخضع كل إدارات الدولة ومؤسساتها، من دون استثناء، لرقابة هيئة الشراء العام، وبذلك يكون قد وضع حداً للتفلت والفوضى والفساد والصفقات المشبوهة، حيث أنّ الهدر في إنفاق المال العام كان يحصل في عمليات الشراء العمومية وفي عدة دراسات قامت بها مؤسسات دولية ومحليَّة رشح عنها أن إدارة المناقصات العمومية التابعة لهيئة التفتيش المركزي كانت تشرف فقط على ما يوازي الخمسة بالمئة من الصفقات العمومية وهذا ما تقدره وزارة المال بحوالي الـ 13% من الموازنة العامة و4% من الناتج المحلّي الإجمالي، دون تضمينها نسب مشتريات المؤسسات العامة والأجهزة الأمنية والعسكرية، كما والبلديات والمشاريع المموّلة من الخارج.
لقد وسَّع القانون الجديد مروحة الصفقات التي تخضع لرقابة هيئة الشراء العام لتشمل جميع عمليات الشراء التي تقوم بها الدولة ومؤسساتها ومجالسها وصناديقها وإداراتها والهيئات الإدارية المستقلة والبلديات واتحاداتها والمحاكم التي تتمتع بموازنات خاصة، والأسلاك الأمنية والعسكرية وما يتبع لها ومن وحدات، ومشتريات المرافق العامة المشغّلة من قبل شركات خاصة لمصلحة الدولة، وصولاً إلى عمليات الشراء التي يجريها مصرف لبنان عدا طباعة النقد.
وهنا يجب لفت الإنتباه أنه قبل صدور القانون لم يكن هناك من تشريع واضح وموحد ينظم المناقصات العمومية أو الصفقات العمومية إنما كان يقتصر على مجموعة من القواعد المترامية إن في مواد قانون الـمحاسبة العمومية (الـمرسوم رقم 14969/ 1963) أو في نظام الـمناقصات العمومية (الـمرسوم رقـم 2866/1959) وغيرها من النصوص الخاصة ببعض المرافق والمؤسسات العامة والمجالس والمصالح والهيئات وقانون البلديات، التي كانت تكبح مجال الـمنافسة وعدم مراعاة معايير النزاهة والشفافية وبعيدة كل البعد عن الحوكمة الرشيدة وبالطبع تقف عائقاً أمام التنمية المستدامة.
وتوخياً للدقة في البحث نذكر أنه في العام 2012 كان قد أحيل مشروع قانون بموجب مرسوم من مجلس الوزراء لمجلس النواب حمل الرقم 9506 تاريخ 12/12/2012 ” مشروع قانون الصفقات العمومية” غير أن الحكومة في 27 / 3/ 2018 استردت هذا المشروع من مجلس النواب وطبعاً قبل إقراره .
ولكن ما طرأ بعيد مؤتمر ” سيدر” الدولي الذي عقد في باريس في نيسان 2018 وما رشح عنه من إلتزامات من قبل الدولة اللبنانية لقاء الدعم المالي للدول المانحة أبرزها مكافحة الفساد وتحديث الشراء العام وتعزيز الشفافية لجلب الإستثمارات الخارجية.. وبعد حصول ثورة 17 تشرين الأول 2019 والمطالبة بالإصلاحات فقد تم اقتراح قانون الشراء العام في شهر شباط من العام 2020 إلا أن إقراره تمادى سنة ونصف السنة حيث جرى التصويت عليه في 30 حزيران 2021 في الهيئة العامة لمجلس النواب وقد تم نشره في 29 تموز 2021 في الجريدة الرسمية وقد بدأ العمل به بعد 12 شهراً من ذلك التاريخ بحسب المادة 116 منه أي في 29 تموز 2022.
هدف القانون ومبادئه العامة وكيفية تطبيقه:
في الأصل إن قانون الشراء العام جاء متوافقا مع المعايير الدولية، وذلك لرفع مستوى الثقة واستقطاب الإستثمارات والتمويلات اللازمة للتنمية، وتحديده كما جاء ينعكس إيجاباً على نوعية الخدمات للمواطنين ويؤدي إلى تخطيط أفضل لإلنفاق العام وتحقيق النهوض والوفر في الإنفاق وإشراك القطاع الخاص بأوسع مشاركة.
يرتكز القانون على الـمبادئ التالية:– تطبيق الإجراءات التنافسية كقاعدة عامة.– إتاحة فرص متكافئة دون تمييز للـمشاركة في الشراء العام.– توفير معاملة عادلة ومتساوية وشفافة ومسؤولة لجميع العارضين والـملتزمين.– علنية الإجراءات ونزاهتها ومهنيتها بشكل يفعّل الرقابة والـمحاسبة.– تشجيع التنمية الاقتصادية الـمحلية والعمالة الوطنيّة والإنتاج الوطني على أساس القيمة الفضلى من إنفاق الـمال العام، دون الإخلال بالفعالية.وبالمقابل فإن عمليات الشراء تخضع بحسب قواعد هذا القانون لمبادئ الحوكمة الرشيدة وتأخذ بالاعتبار مقتضيات التنمية الـمستدامة.وكل تلك المعايير والمبادئ العامة الواردة أعلاه إعتبرها القانون من الانتظام العام أي لا يجوز تعديلها أو الإنتقاص من قيمتها كمعايير كبرى.
ويمكن الإختصار بأن قانون الشراء العام قد ارتكز على مبادئ استقاها مما صدر عن توصيات منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية حول الشراء العام، والتي هدفت إلى تصويب مقاربة الجهات الشارية للشراء العام وعملياته لتحقيق أعلى مستوى من الشفافية والمهنية وهذه المبادئ هي: التخطيط والدمج مع الموازنات – الشمولية – المساءلة – الفعالية والمنافسة – النزاهة – الشفافية – التخصص – الإستدامة.
كانت الطرق القديمة للشراء العام تقتصر على المناقصة العمومية، المناقصة المحصورة، إستدراج العروض الإتفاق الرضائي أو ما يسمى الإتفاق بالتراضي كما والشراء بالفاتورة. لقد أبقى القانون الجديد على بعض طرق الشراء التقليدية واستحدث طرقاً أخرى جديدة بمفهومنا القانوني والمالي حيث ألغى المناقصة المحصورة واستدراج العروض وابتكر اربع طرق جديدة وهي المناقصة على مرحلتين، طلب إقتراحات للخدمات الإستشارية، الإتفاق الإطاري (طريقة جيدة ومفيدة للبلديات والإدارات بتوفير الوقت) و طلب عروض أسعار كما وأدرج فكرة مهمة وهي تأهيل مسبق للعارضين.
كما واستبدل الإعلان بالتبليغ.
وأهمية القانون أنه نص في المادة 42 بفقرتها الثالثة منه أنه في حال عدم إعتماد المناقصة العمومية من قبل الجهة الشارية يجب تصدير قرار صريح ومعلل لإسدراج طرق الشراء التي عددناها أن يتخذ قراراً معللاً رقماً وارداً ليحفظ في سجل الشراء الواجب مسكه من الجهة الشارية بحسب القانون.
طرق الشراء المستحدثة والمعدلة بحسب ما نص عليها وطورها قانون الشراء العام رقم 244/2021 .
المناقصة العمومية : تبقى هي القاعدة الأساس في تطبيق الشراء العام ولكن المبادئ القديمة كانت توليها لإدارة المناقصات ضمن البرنامج العام السنوي التي كانت تشكل لجاناً للمناقصات لمختلف الإدارات.
كان قانون المحاسبة العمومية المرسوم رقم 14969 الصادر في 30/12/1963 قد نص على أن تنفذ نفقات اللوازم، والاشغال، والخدمات، إما بواسطة صفقات تعقدها الإدارة مع الغير، أو بواسطة الإدارة مباشرة أي بطريقة الأمانة.
حيث عقدت صفقات اللوازم والأشغال والخدمات بالمناقصة العمومية، كما وأتاح القانون عقد الصفقات بطريقة المناقصة المحصورة، أو استدراج العروض، أو التراضي، أو بموجب بيان أو فاتورة.
أما المناقصات العمومية والمحصورة، فكانت تجري على أساس برنامج سنوي عام يعلن عنه في تواريخ لا يجوز أن تتعدى الشهر الثاني الذي يلي نشر الموازنة.
وهنا كانت المناقصة العمومية تجري على أساس سعر يقدمه العارض، أو على أساس تنزيل مئوي من أسعار الكشف التخميني المبين بدفتر الشروط وتلك الدفاتر تصدق بمراسيم وتنشر في الجريدة الرسمية. ويوضع لكل صفقة منها دفتر شروط خاص تنظمه الإدارة صاحبة العلاقة ويوقعه المرجع الصالح لبت في الصفقة.
في العام 1994 عدل قانون الموازنة المرجع المخول البت بالصفقة فألى البت بها للمدير المختص أو رئيس المصلحة في حال عدم وجود مدير إذا كانت قيمتها لا تتجاوز عشرة ملايين ليرة لبنانية /10.000.000/ ل. ل.
أو للمدير العام إذا كانت قيمتها تزيد على /10.000.000/ ليرة لبنانية ولا تتجاوز /35.000.000/ ل. ل.
أو للوزير في الحالات الأخرى.
على أن لا تصبح الصفقة نهائية إلا بعد إبلاغ التصديق إلى الملتزم بالطريقة الإدارية.
وهنا لم تكن تدفع قيمة الصفقة إلا بعد تنفيذها.
وحينها أجيز لوزير المال، بناء على طلب الوزير المختص، أن يعطي الملتزمين سلفات لقاء كفالات مصرفية، وإذا تعذر الحصول على هذه الكفالات، علق إعطاء السلفة بدون كفالة على تصديق مجلس الوزراء مع عدم جواز تعدي السلفة 25% من قيمة الصفقة على أن لا تتجاوز 30.000.000 ل. ل. إلا أنه يجوز في الحالات الاستثنائية الشذوذ عن الأحكام السابقة بقرار من مجلس الوزراء.
وقد أورد نظام المناقصات القديم المرسوم رقم 2866 تاريخ 16/12/1959 أنه على البلديات والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة ان تعتمد الأسس المنصوص عنها فيه بكل ما لا يتعارض وانظمتها الخاصة. حيث يوضع برنامج المناقصات السنوي لدى كل ادارة مع مراعاة تحديد موعد اجراء كل مناقصة استناداً الى طابع السرعة وحاجة المصلحة من جهة ومن جهة ثانية الى التدابير المسبقة الواجب اتخاذها (دراسات استملاكات الخ…)حينها كانت توحد ادارة المناقصات جميع البرامج السنوية التي تردها من مختلف الادارات في برنامج عام سنوي واحد وفقا لأحكام قانون المحاسبة العمومية ( مركزية المناقصات).
لقد ذهب قانون الشراء العام الجديد إلى اللامركزية بإدارة المناقصات فأصبحت كل جهة تحدد مناقصاتها. كما أتاح الدعوة إلى التنافس عبر الاعلان عن الشراء العام على الـمنصة الإلكترونيّة الـمركزيّة في هيئة الشراء العام وعلى الـموقع الإلكتروني الخاص بالجهة الشارية إن وُجِد. كما منح الجهة الشارية أن تُقرِّر نشر الإعلان في أيّة وسيلة إضافية أخرى ترتئيها . لقد حدد القانون مدة الإعلان وفقاً لأهمية مشروع الشراء وتعقيداته على أن لا تقل في جميع الأحوال عن واحد وعشرين يوماً من الـموعد الأقصى لتقديم العروض مع إمكانية تخفيض هذه المدة إلى خمسة عشر يوماً عندما يتعذّر عملياً اعتماد القاعدة العامة، وذلك في ظروف استثنائية، وبعد أن تُصدِر الجهة الشارية قراراً معلّلاً يحدِّد طبيعة هذه الظروف.
لقد أوجب القانون الجديد كما كان في القانون القديم أن يسبِق كل عملية شراء تُجرى بموجب مناقصة عمومية صدور إعلان للعموم ، باستثناء عمليات الشراء التي يَسبقها التأهيل المُسبق إنما عبر المنصة الإلكترونية المركزية.
على أن تتضمن إسم الجهة الشارية وعنوانها، ملخّصاً لأهم الأحكام والشروط الـمطلوبة في عقد الشراء، الأساس الـمُعتمَد لإجراء الـمناقصة، مُلخّصاً للـمعايير والإجراءات التي تُستخدَم للتأكّد من مؤهّلات العارضين، قيمة ضمان العرض، في حال الانطباق، الـمكان وكيفية الحصول على ملفات التلزيم، مكان وزمان الاطّلاع على ملفات التلزيم، البدل الذي تتقاضاه الجهة الشارية عن ملفات التلزيم ووسيلة الدفع والعملة التي يُدفَع بها، إن كان لها بدل، اللغة (العربية) أو اللغات التي تتوفَّر فيها ملفات التلزيم، الجهة التي تودَع لديها أو التي توجَّه إليها العروض، أُصول تقديم العروض ومكان ومهلة تقديمها بالساعة واليوم والشهر والسنة، مكان وزمان فتح العروض على أن يُحدَّد الزمان بالساعة واليوم والشهر والسنة، جميع البيانات والـمعلومات الإضافية التي تقرِّر الجهة الشارية إدراجها في الإعلان.
لقد أوجب القانون على الجهة الشارية أن تُوفِّر دفتر الشروط أو ملف التلزيم للعارضين على موقعها الالكتروني إن وُجد، وعلى الـمنصة الإلكترونيّة الـمركزيّة لدى هيئة الشراء العام بالتزامن مع الإعلان عن الشراء والتي يجب أن تتضمن: التعليمات الخاصة بإعداد العروض، الـمعايير والإجراءات التي تُطبَّق، الـمتطلّبات الـمتعلّقة بالـمستندات الثبوتية لتوفُّر الـمؤهلات، وصفاً مفصّلاً لـموضوع الشراء، أحكام وشروط العقد واستمارة العقد التي يوقِّع عليها الطرفان، إن وُجدت، الطريقة التي يوضع بها سعر العرض، العملة أو العملات التي سيوضع بها سعر العرض ، كيفيةَ تقديم العروض ومكان تقديمها وموعدها النهائي، الـمدةَ التي تكون فيها العروض صالحة، كيفيةَ فتح العروض ومكان فتحها وتاريخه بالساعة واليوم والشهر والسنة، معاييرَ وإجراءات تقييم العروض ، إسم واحد أو أكثر من موظفي الجهة الشارية أو مستخدميها يكون مسؤولاً عن الاتصال مباشرةً بالعارضين وبتلقّي اتصالات مباشرة منهم فيما يتعلَّق بإجراءات الشراء وكذلك التسمية الوظيفيّة لذلك الـموظّف أو الـمستخدَم وعنوانه، كما وأيَّة إجراءات شكلية يجب استيفاؤها متى قُبِل العرض الـمقدَّم الفائز لكي يصبح عقد الشراء نافذ الـمفعول.
من ناحية تقديم العروض : تُقدَّم العروض وفق ما تنص عليه ملفات التلزيم لجهة كيفية تقديم العرض ومكانه وموعده النهائي.، على أن يكون خطياً وموقَّعاً عليه في غلاف مختوم. يجوز تقديم العروض بحسب نظام الغلافين أو الغلاف الواحد وفقاً لـما تنصّ عليه ملفات التلزيم.وذلك بعدما تُزوِّد الجهةُ الشارية العارِض بإيصال يُبيَّن فيه رقمٌ تسلسليٌّ بالإضافة إلى تاريخ تَسلُّم العرض بالساعة واليوم والشهر والسنة.وهنا وجب على الجهة الشارية المحافظة على أمن العرض وسلامته وسرّيته، وتكفل عدم الاطلاع على محتواه إلا بعد فتحه وفقاً للأصول.على أن لا يُفتَح أيُّ عرض تتسلّمه الجهة الشارية بعد الـموعد النهائي لتقديم العروض، بل يُعاد مختوماً إلى العارض الذي قدّمه.
تَدرس الجهة الشارية العروض الـماليّة على نحو مُنفصل بحيث تَدرسها بعد الانتهاء من تدقيق وتقييم العروض الإدارية والفنيّة، فتَعتبر الجهةُ الشارية العرض مستجيباً جوهرياً للـمتطلّبات إذا كان يفي بجميع الـمتطلّبات الـمبيَّنة في وثائق أما إذا كانت الـمعلومات أو الـمستندات الـمقدَّمة في العرض ناقصة أو خاطئة فيَجوز للجهة الشارية الطلب خطّياً من العارض الـمعني توضيحات حول عرضه، استكمال الـمعلومات أو الوثائق ذات الصلة خلال فترة زمنية محدَّدة.
تَرفُض الجهةُ الشارية العرض: إذا كان العارض غير مُؤهَّل بالنظر إلى شروط التأهيل الواردة في دفتر الشروط أو إذا كان العرض غير مُستجيب للـمتطلِّبات الـمحدَّدة في ملف التلزيم.
أما العرض الفائز فيكون إما العرض الأدنى سعراً، في حال كان السعرُ هو الـمعيار الوحيد لإرساء التلزيم، أو العرض الأفضل بالاستناد إلى معايير وإجراءات التقييم الـمحدَّدة في وثائق التلزيم .
المناقصة على مرحلتين: هذه الطريقة التي كانت إجراءاتها مبهمة فيما سبق وكل إدارة تطبقها بطريقة مختلفة أتى القانون الجديد ليحدد كل الإجراءات فتلك الطريقة مثلاً قدمت حلولاً لأمورٍ كانت معقدة فيما سبق كحالة عدم تقديم عروض أو حالة تقديم عرض وحيد كما وعند تمنع الملتزم عن توقيع العقد. هنا جاء القانون الجديد وحدد مفهوماً جديداً للمناقصة على مرحلين وبإجراءات توفر الوقت ولكن بموجب المادة 42 يجب على الإدارة تعليل إختيار المناقصة على مرحلتين وتبليغ هيئة الشراء العام وأخذ موافقتها بمهلة 15 يوم ( موافقة مسبقة وفي حال عدم جوابها تعتبر الموافقة معطاة) وهنا تبدأ الإجراءات وعلى مرحلتين حسب تسميتها:
في المرحلة الأولى تدعو العارضين لتقديم مقترحات إدارية وفنية بحسب دفتر شروط وربما يكون ناقصاً وغامضاً حيث ربما لا تملك الإدارة كل المعطيات الفنية للعرض المطلوب، كما الدخول مع العارضين جميعهم دون إستثناء ( ملاحظة عدم وجود أي عرض مالي بل فني فقط وهذه أهمية كبرى أولاها القانون) – قبول العروض الأولية – إجراء مناقشات مع العارضين المقبولة عروضهم الأولية – وضع تقرير عن دراسة المقترحات – تنقيح دفتر الشروط الأولي ( وهنا تكون الإدارة حددت مرادها وعرفت كل التفاصيل التي استوضحتها وتنشرها على المنصة الإلكترونية المنشأة) وبعد إجراء المراحل الخمسة ( المرحلة الأولى) وهنا تصدر الإدارة دفتر الشروط المنقح وتنشره على المنصة وتنتقل إلى المرحلة الثانية بدعوة العارضين المقبولين لتقديم عروضهم الفنية والمالية عبر توفير ملف التلزيم النهائي – دعوة العارضين المقبولة عروضهم – تقييم العروض النهائية وتحديد العرض الفائز.
طلب عروض الأسعار : في القانون القديم أي قانون المحاسبة العمومية كانت تعتمد طريقة ما يسمى باستدراج العروض وكانت تعتمد للصفقات التي لا تتجاوز قيمتها المئة مليون ليرة لبنانية أو في حال تجاوز تلك القيمة حيث نص القانون على ست حالات لذلك لن نتطرأ لها الآن وجميعه الم تكن مفصلة على عكس القانون الجديد ” قانون الشراء العام” الذي تكلم عن طلب عروض الأسعار وذلك بالنسبة للقيم التقديرية للصفقات التي لا تتجاوز المليار ليرة لبنانية أما الإجراءات فهي ذاتها المطبقة في قانون استدراج العروض وفق قاون المحاسبة العمومية ولكن نص على موجب الإعلام فبخلاف المناقصة العمومية التي توجب إعلام العموم بها فإن قانون الشراء العام اعتمد معيار الدعوة المباشرة للائحة موردين محددة بحسب نوع الصفقة مثلا موردين متحصصين بالمقاولات والتجهيزات والنجارة والحواسيب والبناء والتكنولوجيا وتلك اللوائح تعدها الجهات الشارية وتحفظها في سجلاتها وفق لوائح تصدرها هيئة الشراء العام .
إذن يجب لإتمام عرض الأسعار دعوة عدد أقله ثلاثة موردين بحد أدنى بمهلة دعوة لا تقل عن عشرة أيام إلا في حالات ضرورية يمكن تخفيضها إلى خمسة أيام .
طلب الإقتراحات للخدمات الإستشارية : لقد أتاحت القواعد السابقة الصفقة العمومية بموجب عقد رضائي دون منافسة ( صفقات الخدمات التقنية) وهذه الطريقة تستخدم للشراء بمجال الشؤون الفنية أو الفكرية التخصصية مثلاً التدريب البرمجة التصاميم مراقبة الأشغال.. وهنا يلزم القانون الجديد وضع طلب إقتراحات وهذا ما يشبه دفتر الشروط ويتم وضعه على المنصة الإلكترونية حيث يتضمن معايير ومؤهلات العارضين وسائل الإستيضاح إحالات مرجعية وصف دقيق لموضوع الشراء .. يتضمن وضع طلب الإقتراح على المنصة ذكر إسم الجهة الشارية مع وصف مفصل لموضوع الشراء وأحكام وشروط عقد الشراء مع الأخذ بالمعايير والإجراءات لإستخدامها للتأكد من معايير ومؤهلات العارضين بالإضافة لكيفية تقديم الإقتراحات والموعد النهائي والمكان. وهنا يجب لفت النظر أن القانون الجديد أن يقدم ظرفين (نظام الظرفين حكماً الظرف الفني والظرف المالي) وهنا عند فض العروض تبدأ لجنة التلزيم بتقييم الخصائص الفنية والوظيفية للإقتراحات وبعدها تبلغ كل عارض بنتيجة ودرجة التقييم وبالتالي تعو العارضين المقبولة إقتراحاتهم لجلسة فتح الملفات المالية وهنا تبدأ مقارنة الجوانب المالية للإقتراحات وبالتالي تحديد الإقتراح الفائز بالنسبة للعرض الأفضل وليس للسعر الأدنى ( المعيار الساسي هو الغير سعري) .
الإتفاق الرضائي : هي طريقة تسمح بالتفاوض مع عارض واحد وقد سبق لقانون المحاسبة العمومية أن نص على 12 حالة سمح بموجبها التعاقد الرضائي أما القانون الجديد فقد نص على خمسة حالات فقط وأهمل البقية أي سبع حالات .
إن الحالات الخمس التي نص القانون الجديد على وجوب إعتمادها للتعاقد الرضائي هي :
– حالة عدم توفر موضوع الشراء إلا عند مورد أو مقاول واحد.
– في حالات الإغاثة والطوارئ.
– عند حالات الجهة الشارية إلى التعاقد مع الملتزم الأساسي عند توفر حصري للشروط التالية مجتمعة: توفر حالة العجلة القصوى ووجوب التعاقد لمنع التأخير في التنفيذ ووجوب توحيد المواصفات والتوافق أو التماثل مع السلع أو المعدات أو التكنولوجيا أو الخدمات أو الأشغال الموجودة كما وحالة عدم تأدية الإضافات إلى تبديل هدف العقد الأساسي أو قلب إقتصادياته أو ضرب مبدأ المنافسة إضافة إلى حالة تشكيل اللوازم أو الأشغال أو الخدمات ملحقا للشراء الأساسي وجزءاً متمما له أو وجوب تنفيذ الأشغال في مكان العمل . وأخيراً حالة عدم إمكانية توقع الحاجة الإضافية أثناء التعاقد الأساسي .
– الطابع السري لموضوع الشراء.
– التعاقد مع أشخاص القانون العام والمنظمات الدولية.
وهنا يجب التذكير بضرورة إتباع الخطوات التي لحظها قانون الشراء العام فيما خلا حالة المناقصة العمومية حيث يجب تصدير قرار معلل وتبليغ هيئة الشراء العام ونشر الإشعار على المنصة الإلكترونية المركزية بهدف الشفافية وذلك قبل10أيام وهنا في هذه الحالة أجاز طلب إقتراح عرض أسعار من عارض وحيد ولكن مع إلزامية التفاوض معه.
الشراء بالفاتورة : لقد سمح قانون المحاسبة العمومية بالشراء بالفاتورة شرط أن لا تتجاوز ثلاثة ملايين ليرة لبنانية أما قانون الشراء العام الجديد فقد أتاح الشراء بالفاتورة في المواد 47 و 60 و 61 على أن لا تتعدى قيمة المشاريع المطلوبة المئة مليون ليرة إنما أوجب أن تحصل الجهة الشارية على عرضي أسعار بالحد الأدنى (واختيار السعر الأدنى) دون أن يكون هناك مفاوضات.
الإتفاق الإطاري : هو طريقة مستحدثة بموجب هذا القانون وذلك لما يسمى بالنفقات المتكررة ( محروقات صيانة قرطاسية ورق..الخ) التي لا يمكن التنبؤ بمواقيت الحاجة إليها كما وفي حالات الشراء المستعجل وهو إتفاق لا يقل عن سنة ولا يزيد عن أربع سنوات.
الإتفاق الإطاري هو اتفاق مع عارض واحد أو منافسة بين عدة عارضين وهو إتفاق مغلق بين الجهة الشارية وبين العارض ولا يمكن تجديده وكل تلك الأمور تحدد بدفتر الشروط وبوضوح يجب ذكر الإتفاق الإطاري وحال انطوائها على منافسة أو لا.
في القانون القديم كان هناك ما يسمى بــ “غب الطلب” الذي مان يمكن عقده رضائياً بطريقة غير تنافسية في حين أنَّ الإتفاق الإطاري هو إتفاقية سارية المفعول لمدة محددة بين جهة شارية أو أكثر وواحد أو أكثر من الموردين أو المقاولين أو الإستشاريين أو مقدمي الخدمات تهدف إلى تحديد شروط العقد المنوي إرساؤه ضمن مهلة محددة خاصة تلك المتعلقة بالأسعار والكميات حيثما كان ذلك مناسباً ( المادة الثانية) .
إن اللجوء للإتفاق الإطاري بحسب نص المادة 48 فيتم بحالات ثلاث هي : الحاجة المحتملة الوقوع على نحو متكرر وغير مؤكدة التاريخ ، الإستعجال والشراء المركزي (بمرسوم يتخذ بمجلس الوزراء) ، كما أوجب القانون كباقي الحالات وجوب إبلاغ هيئة الشراء العام قبل عشرة أيام على الأقل من بدء الإجراءات.
أما الركون للإتفاق الإطاري فيتم كما نصت المادة 63 بإحدى طرق الشراء : إما المناقصة العمومية أو مناقصة على مرحلتين أو طلب عروض أسعار ( اي بالطرق التنافسية)
في الإتفاق الإطاري لا يمكن إرساء العقد إلا مع من كان طرفاً في الإتفاق وهنا نصت المادة 65 من قانون الشراء العام على نوعين من الإتفاقات الإطارية المنطوية على تنافس في المرحلة الثانية وغير المنطوية على التنافس ( وهنا تقبل الجهة الشارية العرض الفائز)
أما في مرحلة إنطواء الإتفاق الإطاري على تنافس يجب على الجهة الشارية توجيه دعوة إلى أطراف الإتفاق (العارضين) تتضمن المعلومات التي نص عليها القانون وسبق أن بيناها أعلاه ليصار إلى تقييم العروض المقدمة وتحديد العرض الأفضل .
ماذا عن الهيئات التي أنشأها قانون الشراء العام:
1- لقد أنشأ قانون الشراء العام رقم ٢٤٤ هيئة إدارية مستقلة تسّمى “هيئة الشراء العام” مركزها في مدينة بيروت. تتمتع الهيئة بالشخصية المعنوية وبالاستقلاَلين المالي والإداري. كما لها الصفة والمصلحة القانونية للطعون بشأن القرارات المرتِبطة بعملية الشراء . تشمل صلاحيات الهيئة جميع الجهات الشارية. لا تخضع الهيئة لأحكام المرسوم رقم4517 تاريخ 13/12/1972 النظام العام للمؤسسات العامة وفقط تخضع لأحكام هذا القانون ولرقابة ديوان المحاسبة المؤخرة ولرقابة التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية. ولكن بقيت دون تشكيل إلا من تعيين رئيسها فقط.
2- كما أنشأ “هيئة الإعتراضات” وهي هيئة إدارية مستقلة مسؤولة عن البت بالشكاوى والإعتراضات التي تنشأ في مرحلة ما قبل توقيع العقد وتبت بطريقة عادلة وشفافة وسريعة وفعّالة وذلك بهدف كسب ثقة العارضين المحتملين والموردين بمنظومة الشراء العام مما يزيد من المنافسة الفعلية وينعكس إيجاباً على تحقيق القيمة الفضلى من انفاق المال العام. هي هيئة شبه قضائية تتألف من رئيس وثالثة أعضاء بمرسوم يتخذ بمجلس الوزراء بحسب نص المادة 91 وأيضاً بقيت معلقة التعيين وأنيط بمجلس شورى الدولة البت بالإعتراضات مرحلياً.
ما هي الجهات الشارية التي تخضع لصلاحيات الهيئة ؟؟ :
تخضع لصلاحيات هيئة الشراء العام الدولة وإداراتها، ومؤسساتها العامة، والهيئات الإدارية المستقلة، والمحاكم التي لديها موازنات خاصة بها، والهيئات، والمجالس، والصناديق، والبلديات واتحاداتها، والأجهزة الأمنية والعسكرية (والمؤسسات والإدارات والوحدات التابعة لها)، والبعثات الدبلوماسية في الخارج، والهيئات الناظمة، والشركات التي تملك فيها الدولة وتعمل في بيئة احتكارية، والمرافق العامة التي تديرها شركات خاصة لصالح الدولة، وأي شخص من أشخاص القانون العام ينفق مالًا عاماً، ومصرف لبنان فيما خص مشترياته باستثناء طباعة واصدار النقد وتحويلاته.
أهمية قانون الشراء العام بمبادئه لاستعادة الثقة بالإقتصاد الوطني ككل وتطوير الإدارة العامة:
إن شمولية قانون الشراء العام لجميع الجهات المركزية والمحلية بمختلف مشترياتها وأشغالها العمومية وتنفيذه وتوريدها للمستلزمات وتقديمها للخدمات حتى الإستشارية منها سواء كانت من جهات مانحة أو أموال الموازنة العمومية أو قروض أو هبات غير مشروطة يعطي هذا القانون صفة قانون إعادة الثقة وتحفيذ الثقة بلإدارة العامة.
بالإضافة إلى أن القانون يشجع على التخطيط في مسار إعداد الموازنة وتصميم عملية الشراء والتخطيط لها على أفضل المستويات كما خلق إطاراً جديداً لدمج وإدراج موازنات الجهات الشارية ضمن الموازنة العمومية وهذا ما يرشِّد عملية الإنفاق وحسن تقدير قيم النفقات العمومية .
لقد أنشأ القانون أيضاً آليات رقابية واضحة للمساءلة ، من ضمنها إنشاء هيئة ناظمة ووضع إطار للشكاوى والإعتراضات ما يفعل مستوى بالشفافية لكن كل ذلك بقي في إطار النص دون التطبيق.
غير أنه تبقى إيجابيات مواد قانون الشراء العام بأنها فعَّلت الإجراءات التنافسية ووضعتها كقواعد عامة، وبذلك تكون قد حدَّت من الإتفاقات الرضائيّة ووفرت طرق شراء متعّددة تتماشى مع متطلبات الحداثة مثل اتفاقات الإطار.
ما الجديد الذي أضافه القانون بالنسبة لموضوع مكافحة الفساد والمساءلة وضمانات التطبيق:
لقد أعطى قانون الشراء العام تعريفاً واضحاً للنزاهة والشفافية غذ ألزم سلطات التعاقد بانتهاج سياسة نشر إلزامية تعلن بموجبها عن خططها للشراء وتفاصيل تطبيقها كما وسير عمليات الشراء وإجراءات تلزيمها وعقدها ونتيجة استلامها وتنفيذها وقيمتها النهائية وعبر جميع وسائل النشر الـمتاحة لها، التقليدية منها كالجريدة الرسمية والصحف، أو الوسائل الحديثة كالـمواقع الإلكترونيّة، ويكون النشر إلزامياً على الـمنصة الإلكترونيّة الـمركزيّة لدى هيئة الشراء العام، وعلى الـموقع الإلكتروني الخاص بالجهة الشارية ولا يَحدّ من النشر إلّا ما كان سرّياً بطبيعته تطبيقاً للـمادة 6 من هذا القانون.وهنا فقد كرست مواد القانون الحق للجميع بالوصول إلى المعلومات الخاصة بالـمشتريات العامة من خلال الـمنصة الإلكترونيّة الـمركزيّة في هيئة الشراء العام والـمواقع الإلكترونيّة الخاصة بالجهات الشارية.
كما نصَّ على أنواع ودرجات العقوبات حيث تَشتَرِط سلطة التعاقد على الـمتعاملين معها الالتزام بأعلى معايير الأخلاق والـمهنية والـمواطنة الصالحة عبر استبعاد الممارسة الفاسدة والممارسة الاحتيالية والممارسات التواطؤية والممارسات القهرية، كما وأية ممارسة تؤدّي إلى التأثير سلباً في عملية الشراء وبما يخالف مبادئ هذا القانون بخاصة خلال فترة الشراء وتنفيذ العقد، تحت طائلة اتخاذ قرارات استبعاد بحقهم
وأقر العقوبات التي تنطبق على موظفي القطاعين الخاص والعام بالإضافة إلى تحديد أنواع الرقابة والعقوبات من حبس وغرامات مالية بدرجات تتناسب مع نوع المخالفة وذلك في مواده 110 و111 و 112 كما أعطى الصلاحية بأن يُلاحِق ديوان الـمحاسبة وإدارة التفتيش الـمركزي، كلٌّ في مجال اختصاصه، أصحاب القرار والـموظفين والعاملين لدى كل الجهات الشارية وغيرها من الهيئات الـمختصة بالشراء العام.
لقد سمح هذا القانون بتحديث الإدارة العمومية عبر تفعيل التخصص ضمن الهيكل الوظيفي في الدولة وذلك عن طريق تخصيص موارد بشرية عالية المهنية للقيام بعمليات الشراء، وموجب التدريب المستمر للعاملين في هذا المجال المادة 72 و 73 .
كما حرص على تحقيق التوازن بين المنافع المحتملة والقيمة الفضلى من إنفاق المال العام المادة 15.
عزَّز قانون الشراء العام وضعية المساءلة من خلال إرساء مبدأي الإشراف والرقابة ، في كافة مراحل الشراء منذ بتوقيع العقد وصولاً إلى تنفيذه ومراقبته، واستحدث إطاراً جديداً للشكاوى والإعتراضات ضمن مهل محددة وتدابير عقابية صارمة ما يعزز موضوع الثقة وذلك عبر هيئتي الشراء والإعتراضات الجديدتين واللتين أستحدثهما .
كما نصَّ على وجوب تقديم ضمان العرض بشكل الزامي في حالات محّددة بمشاريع الشراء التي تتخطى سقفاً مالياً معيّناً، وترك الحرية للجهة الشارية لطلب ضمان للعرض في الحالات الأخرى. كما أوجب القانون على الملتزم تقديم ضمان لحسن التنفيذ. تدفع في صندوق الخزينة أو إلى صندوق سلطة التعاقد.
ألغى القانون 244/2021 التصنيف المسبق للمتعهدين ومكاتب الدروس والإشتراك بتنفيذ صفقات الأشغال العامة والمرسومين المتعلقين بهذا الموضوع مرسوم رقم 14969 تاريخ 30 /12/1963 ومرسوم رقم 9333 تاريخ 26/12/2002 وأوجب اعتماد التأهيل المسبق بدلاً عنه، بحسب نص المادة 19.
من الأهمية بمكان ذكر أن القانون 244/2021 أنشأ منصة الكترونّية مركزية لدى هيئة الشراء العام تلتزم جميع الجهات الشارية بالنشر عبرها يهدف ذلك إلى جعل المعلومات والبيانات الخاصة بالشراء العام مركزية واتاحتها وتمكين الوصول إليها لكافة المهتمين والمتدخلين ، مع الحفاظ على موجب السرّية بموجب ما تقتضيه أحكام القانون.
إشكالية تطبيق القانون بما خص لجان التلزيم والإستلام:
نص القانون على وجوب تعيين الهيئات الشارية ( الدولة وإداراتها، ومؤسساتها العامة، والهيئات الإدارية المستقلة، والمحاكم التي لديها موازنات خاصة بها، والهيئات، والمجالس، والصناديق، والبلديات واتحاداتها، والأجهزة الأمنية والعسكرية والمؤسسات والإدارات والوحدات التابعة لها، والبعثات الدبلوماسية في الخارج، والهيئات الناظمة، والشركات التي تملك فيها الدولة وتعمل في بيئة احتكارية، والمرافق العامة التي تديرها شركات خاصة لصالح الدولة، وأي شخص من أشخاص القانون العام ينفق مالًا عاماً، كما ومصرف لبنان) لجان للتلزيم ( التي تتولّى حصراً دراسة ملفات التأهيل الـمسبق وفتح وتقييم العروض، وبالتالي تحديد العرض الأنسب) ولجان للإستلام ( وهي تختلف في قوامها وأعضائها عن لجنة التلزيم ولا تضمّ الأشخاص الذين اشتركوا في الإشراف على التنفيذ أو الذين درسوا السوق أو وضعوا القيمة التقديرية للشراء. تتألّف كل لجنة من رئيس وعضوَين على الأقلّ من داخل الإدارة ويُراعى في تأليفها إشراك أصحاب الاختصاص ، وتُعيَّن لجنة الاستلام لكل عملية شراء بقرار من الـمدير العام في الإدارات والـمؤسسات العامة وبقرار من السلطة التقريرية في البلديات وغيرها من الهيئات).
تقوم الهيئات الشارية قبل شهر تشرين الأول من كل سنة باقتراح ( للجان التلزيم والإستلام) لائحة بأسماء موظفين من إدارتها من الفئة الثالثة على الاقل من بين الـمدرّبين أصولاً وفقاً لأحكام هذا القانون، وتقوم بارسال هذه اللائحة إلى هيئة الشراء العام. تعمد هذه الهيئة، وقبل نهاية شهر تشرين الثاني من العام نفسه، إلى توحيد اللوائح بلائحة موحّدة ترسلها إلى هيئة التفتيش الـمركزي وديوان الـمحاسبة والهيئة العليا للتأديب للتقصي عن الأسماء الـمقترحة وبيان الـمخالفات الـمنسوبة إليهم أو العقوبات الـمقرّرة بحقهم، في حال وجودها.
لقد سها عن بال المشترع اللبناني قلة الموظفين من الفئة الثالثة على سبيل المثال في بعض الإدارات وأشخاص القانون العام وبخاصة في المجالس البلدية حيث بالكاد تضمّ موظفاً واحداً من تلك الفئة ما ينعكس حكماً على أداء عمل البلديات حيث يقتضي عاجلاً السير بتعديل هذا القانون قبل التوجه نحو مخالفته تحت ذريعة مبدأ إستمرارية المرفق العام.
في الخلاصة: إن ما يعوّل عليه بالفعل اليوم هو مؤشر الثقة في السياسات الإقتصادية السّائدة، ومؤشر التفاؤل، والمواطن اليوم يحصد ما تزرعه السياسات من رؤى سلبية كانت أم إيجابية في هذا المضمار ، حيث لا يتأتى النمو من الحظوظ والظروف دائماَ، بل هي نتيجة يختصر فيها المواطن مجموع الرؤى المعروضة عليه لمستقبله الأمنيّ والمعيشيّ بما يسمح بحلم الترقّي الإجتماعي رغم ما يمكن أن تكون عليه الظّروف من صعوبات.
واليوم إن إقرار قانون الشراء العام يعد قطرة في مطر أيلول وأحد المؤشرات التي قد تساهم في استعادة الثقة وتحويل إنفاق الدولة إلى إنفاق يخدم الإقتصاد بدل أن يكون عبئاً عليه ، ولكن أيؤخذ شتاءٌ من مطر أيلول..!؟.