يشير تحليل دقيق للبيانات الصحية من السويد إلى أن إبقاء المدارس مفتوحة مع الحد الأدنى من الإحتياطات في الربيع ضاعف تقريباً من خطر إصابة المعلمين بفيروس كورونا الوبائي. واجه شركاؤهم خطر الإصابة بالعدوى بنسبة 29٪ أكثر من شركاء المعلمين الذين تحولوا إلى التدريس عبر الإنترنت. كان أولياء أمور الأطفال في المدرسة أكثر عرضة للإصابة بـ COVID-19 بنسبة 17٪ مقارنة بأولادهم الذين كانوا يتعلمون عن بعد.
و ما إذا كانت أضرار إغلاق المدارس تفوق مخاطر إنتقال الفيروس في الفصول الدراسية والممرات كان موضوع نقاش حاد حول العالم. و أظهرت حالات التفشي أنَّ الفيروس يمكن أن ينتشر عبر المدارس إلى المجتمع الأوسع على الأقل في بعض الأحيان، و تشير بعض البيانات إلى أنَّ المعلمين لديهم مخاطر أعلى من المتوسط للإصابة. و مع ذلك، فقد كان من الصعب فصل الإنتقال القائم على المدرسة عن العوامل المربكة الأخرى، خاصة لأنَّ المدارس تميل إلى الفتح أو الإغلاق بالتنسيق مع رفع أو تشديد القيود الأخرى.
ستساعد هذه الدراسة الجديدة، التي تصدر في نفس الأسبوع كإرشادات جديدة لفتح المدارس من المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض و الوقاية منها، صانعي السياسات على فهم المخاطر و الفوائد بشكل أفضل و تقييمها. تقول أنيتا شيشرون، الخبيرة في سياسة الإستجابة الوبائية في كلية بلومبرج للصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز: “إنَّه لأمرٌ رائع أن نرى مثل هذه الدراسة التي تمَّ إجراؤها بعناية”. “لقد حُرِمنا من الدراسات” التي تحدد تأثير المدارس المفتوحة أو المغلقة على إنتقال الفيروس في المجتمع على نطاقٍ أوسع.
في شهر آذار/مارس 2020، أغلقت المدارس في جميع أنحاء العالم حيث حاولت الحكومات السيطرة على SARS-CoV-2. لكن الأطفال في السويد حتى الصف التاسع إستمروا في حضور الفصل، بينما إنتقل طلاب الصف العاشر وصولاً إلى الصف الثاني عشر إلى التعلم عن بعد. إستفاد الإقتصاديون جوناس فلاتشوس وهيلينا سفالريد و إدفين هيرتيغارد من جامعة أوبسالا من هذه التجربة الطبيعية و بيانات الرعاية الصحية التفصيلية في السويد.
فلقد قارنوا معدلات إصابة الآباء الذين كان أصغر أطفالهم في الصف التاسع مع أولئك الذين كان أصغرهم في الصف العاشر. و قارنوا أيضاً معدلات الإصابة لدى المعلمين الذين إستمروا في التدريس شخصياً في المدارس الإعدادية (الصفوف من السابع إلى التاسع) مع معدلات الإصابة لدى المعلمين في المدارس الثانوية (الصفوف من العاشر إلى الثاني عشر)، الذين درَّسوا عن بُعد. و أخيراً، قارنوا معدلات الإصابة لدى أزواج المعلمين في نوعي المدارس. و قد وصفوا نتائجهم في ورقة نُشِرت في 12 شهر شباط/فبراير في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم Proceedings of the National Academy of Sciences.
إتخذ الباحثون خطوات للتأكد من أنَّ مجموعاتهم قابلة للمقارنة قدر الإمكان. على سبيل المثال، إستبعدوا العائلات التي لديها عاملين في مجال الرعاية الصحية من الدراسة لأنَّهم تعرضوا أكثر للفيروس و تمَّ إختبارهم بشكلٍ متكرر. كانت إختبارات فيروس كورونا في السويد محدودة للغاية خلال فصل الربيع، حيث تمَّ مسح الأشخاص الذين يعانون من أعراضٍ متوسطة إلى شديدة فقط. يقول فلاشوس إنَّه على الرغم من أنَّ هذا غاب عن العديد من الحالات، إلا أنَّه كان في الواقع ميزة لتحليلهم. مع زيادة الإختبارات في الصيف و الخريف، بدأت معدلات الإختبار في الإرتباط بشكلٍ أكبر بالدخل، مما قد يؤدي إلى تحريف النتائج. (تمَّ إختبار عددٍ قليلٍ من الأطفال و المراهقين بحيث لم يتمكن الباحثون من إستخلاص إستنتاجات حول معدلات الإصابة لديهم).
وضعت المدارس السويدية إحتياطات معتدلة نسبياً ضد العدوى في الربيع. و شجعت السلطات الصحية التلاميذ و المعلمين على غسل أو تطهير أيديهم بإنتظام، و الإبتعاد عن الآخرين كلما أمكن ذلك، و البقاء في المنزل عند المرض. لكن لم يرتد المعلمون و لا الطلاب أقنعة(كمامات)، و لم يتِم عزل المخالطين عن قرب للحالات المؤكدة.
يقول الباحثون أنَّ التأثير على المعلمين كان كبيراً، و تؤكد النتائج الحاجة إلى إعطاء الأولوية للمعلمين في جداول التطعيم COVID-19. في حين وجد الباحثون أنَّ المعلمين في المدارس الثانوية العليا معرضون لخطر الإصابة وسط 124 مهنة في السويد، إحتل مدرسو المرحلة الإعدادية المرتبة السابعة. (كان لدى معلمي المدارس الإبتدائية مخاطر أقل إلى حد ما، لكنَّها لا تزال أعلى من المتوسط).
من بين 39000 مدرِّس في البلاد في المدارس الثانوية، تمَّ نقل 79 إلى المستشفى بسبب COVID-19 بين شهري آذارظمارس و حزيران/يونيو 2020، و توفي مدرِّس واحد. و يُقدر الباحثون أنَّ تحويل هذه المدارس إلى التعلم عبر الإنترنت كان سيمنع ربما 33 حالة من تلك الحالات الشديدة.
و من المرجَح أن تؤدي إضافة الأقنعة(الكمامات) إلى تقليل المخاطر على المعلمين و الأسر على حدٍ سواء، كما يقول داني بنجامين، طبيب الأطفال في جامعة ديوك الذي درس إنتشار فيروس كورونا الوبائي في مدارس نورث كارولينا. لكنَّ الدراسة السويدية تُظهر أنَّه “حتى لو لم تطلب المدارس التنكر، فإنَّ مخاطر التعليم الشخصي على العائلات منخفضة” ، على حدِ قوله.
يوافق Vlachos على أنَّ المزيد من التدخلات من شأنِه أن يُقلل من المخاطر بشكلٍ أكبر. يقول: “من المحتمل أن تكون تقديراتنا حداً أعلى”.
قدَّر الباحثون أنَّ إبقاء المدارس الإعدادية مفتوحة أدى على الأرجح إلى 500 حالة إضافية تمَّ إكتشافها في الربيع بين 450.000 من الآباء و الأمهات الذين لديهم أطفال في المدرسة الإعدادية و 38 حالة إضافية بين شركاء المعلمين. (لاحظ الباحثون أنَّ العدد الحقيقي للعدوى الإضافية كان أعلى بكثير نظراً لأنَّ الإختبار كان محدوداً للغاية).
يقول دوجلاس ألموند، الخبير الإقتصادي في جامعة كولومبيا: “ربما تُقدِم نتائج الأهل أفضل دليل على كيفية تأثير إغلاق المدرسة على إنتقال الفيروس في المجتمع”. من خلال مقارنة العائلات مع طلاب الصف التاسع و الصف العاشر، تمكن الفريق من مقارنة العائلات بالمراهقين الذين كان سلوكهم الإجتماعي و مخاطرهم الفيروسية متشابهة، كما يقول. “هذا هو المكان الذي تتألق فيه تجربتهم الطبيعية حقاً.” يقول جوناس بيورك، عالم الأوبئة بجامعة لوند، إنَّ القدرة على ربط المعلمين بأزواجهم من خلال السجلات الصحية “أنيقة جداً أيضاً”.
يقول ألموند: “من المتوقع أن يؤديَ فتح المدارس إلى زيادة الإصابات بـ COVID-19، لكن معرفة ذلك لا يوجه السياسة حقاً”. “يحتاج المرء إلى معرفة مقدار زيادة العدوى بسبب إعادة فتح المدرسة. هذه أفضل ورقة أعرفها تقيس هذا التأثير. ”
يقول شيشرون إنَّ إجراء مزيد من المقارنات بين المدارس و السياسات المختلفة المتعلقة بالأقنعة، و المسافة، و الحجر الصحي سيكون مفيداً. بإستخدام السجل الصحي السويدي، يمكن للباحثين حتى أخذ التحليل خطوة إلى الأمام و النظر في المخاطر التي يتعرض لها آباء المعلمين، كما يقول بيورك، مما سيساعد في تقدير التأثير على فئة عمرية أكثر ضعفاً.
يقول بنجامين إنَّ ظهور المزيد من المتغيرات (السلالات الجديدة) القابلة للإنتقال من SARS-CoV-2 يعني أنَّ ارتداء الأقنعة و التدخلات الأخرى لمنع إانتقال العدوى في المدرسة أكثر أهمية. و يوافق شيشرون على ذلك و يقول: “هذه هي الخطوة التالية” للبحث أيضاً: تمويل الدراسات حول تأثير المتغيرات/ السلالات الجديدة، و التدخلات التي يمكن أن تجعل المخاطر في المدارس منخفضة قدر الإمكان.
* تصحيح، 16 فبراير ، 2:35 صباحًا: تم تصحيح هذه القصة لتقول إن الدراسة يمكن أن تمتد إلى أولياء أمور المعلمين، و ليس أجداد الطلاب.
رابط المقال:اضغط هنا