عرضنا في سلسلة المقالات السابقة أحدث المعطيات العلمية بشأن جائحة كورونا ومستجدات تطوير لقاح مضاد لهذا الفيروس الفتّاك بشكلٍ آمن وفعّال دون التسرّع والمُجازفة بأرواح البشر.
هذه المقالة ستتناول الحديث التفصيلي عن أهم برامج “مشاريع اللقاحات” التي هي قيد الدراسة والتطوير في مختلف أنحاء العالم، وسنستعرض كيفية تطوير هذه اللقاحات واين اصبحت التجارب والأبحاث تفصيليًا لكل لقاح منها، بخاصة وانّ الأيام الأخيرة شهدت أنباء عدة تُشير إلى إستعار الحرب العلمية- الإقتصادية- السياسية التي تدور بين الدول الكبرى التي تقود العالم. فقد كشفت الولايات المتحدة الأميركية مثلًا ان لقاح شركة فايزر سيتمّ البدء في توزيعه على المواطنين الأميركيين في بداية شهر كانون الأول القادم- اي بعد ايام قليلة- وذلك بعد ان اعطت إدارة الغذاء والدواء الأميركية إذنًا مُستَعجلًا خاصًا “للإستعمال الطارئ” لهذا اللقاح في محاولة اميركية للإعلان عن كسب هذه المعركة المُحتدمة بين العمالقة.
ومن المُتوقّع ان تنال شركة “مودرنا الأميركية” التسهيلات نفسها للبدء بتسويق اللقاح الذي طوّرته في الأيام القليلة القادمة ايضًا. في المقابل اعلنت السلطات الصينية عن انّ الجيش الصيني إستعمل اللقاح الصيني “سينوفارم” لتقليح نحو مليون فرد من افراد الجيش الصيني وعدد كبير من المواطنين الذين اعتبرتهم هذه السلطات ذوي مخاطر كبيرة للإصابة بفيروس كورونا وذلك دون الإفصاح عن الكثير من المُعطيات العلمية الحسّاسة حول هذا اللقاح ودون إنتظار النتائج النهائية لكل التجارب الجارية في بعض دول العالم ومنها الصين. في خطوة قد لا تخلو من بعض المخاطر لأن الإنتقادات الغربية للصين ولروسيا لا تتوقّف وهي تطال خاصة الشفافية ونقص المعلومات العلمية الدقيقة والموثوقة حول اللقاحات التي تطوّرها هذه الدول والمعايير التي سمحت للسلطات الصينية بتعميم هذا اللقاح على هذا العدد الهائل من جنود الجيش الصينيي دون التأكد الكامل من عدم وجود اية مخاطر صحيّة على المدى القصير والمتوسط ناهيك عند مخاطره على المدى البعيد والتي لا يتكلّم احد عنها.
وفي خطوة مُماثلة أعلن البارحة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويخو انّ اللقاح الروسي سيُعطى لنحو ٤٠٠ الف جندي روسي وانّ نحو ٨٠ الف جندي سيتمّ تطعيمهم من اليوم وحتى نهاية العام الحالي، وذكرت وزارة الدفاع الروسية انه تمّ تطعيم ٢٥٠٠ جندي حتى اليوم. هذه الخطوة الروسية ستُلاقي بالتأكيد ذات الإنتقادات والتشكيك الغربي لناحية إحترام روسيا للمعاير العلمية الدقيقة التي تكلّمنا عنها عند حديثنا عن حليفتها الصين.
أخيرًا نشير ان الهند دخلت ايضًا على خط المنافسة الدولية الدائرة بعد إعلان رئيس وزرائها ان بلاده لن تدّخر جهدًا في سبيل خدمة البشرية وستضع كل شركاتها تحت تصرّف الشركات العالمية الراغبة بالتعاون في هذا المجال، ولذلك فإنّ شركات دولية عدّة ستعمل على الإستفادة من خبرات الهند الهائلة في مجال تصنيع الأدوية من اجل وضع سلاسل إنتاج سريعة قادرة على تلبية حاجات السوق العالمي، وهذا ما سيجعل من الهند فعليًا الدولة الأولى عالميًا في مجال إمتلاك القدرة التقنية والكادرات البشرية المؤهّلة بهدف تصنيع كميات هائلة من اللقحات. كذلك من الممكن ان تلعب الهند دورًا في تأمين المعدّات الخاصة ب سلسلة التبريد والتخزين التي ستحتاج لها معظم الشركات العالمية لضمان إيصال اللقاحات بطريقة آمنة وسليمة، وبالفعل حققت الهند اول نقطة تُحسب لها في هذا المجال عندما اعلن مدير الصندوق السيادي الإستثماري الروسي الذي يُشرف على تطوير اللقاح الروسي سبوتنيك ٥، ان شركة هندية رائدة في تصنيع الأدوية الجُنيسية ( جنريك) ستبدأ مع بداية العام الجديد بتصنيع ١٠٠ مليون جرعة من اللقاح الروسي بعد ان تمّ توقيع إتفاقية تعاون بين الجانبين، أي بنسبة ٧٠% فقط ممّا أصاب المسؤولين عن الشركة والسلطات البريطانية بخيبة أمل مُهمّة ولكن هذه النتائج لم تمنعها من إستكمال الطريق بحيث أعلنت أن الشركة انها ستستكمل الأبحاث خاصة وأنها تلقت ملايين الدولارات كتمويل من الحكومة البريطانية من أجل تطوير هذا اللقاح.
اللقاح الذي تطوره شركة Janssen الأميركية :
وهو لقاح يتمّ تحديدًا في قسم تصنيع الأدوية من الشركة العملاقة Pharmaceutical compagnis of Johnson and Johnson وهي شركة رائدة ايضًا في تصنيع اللقاحات وقد نجحت في تصنيع لقاح لمرض الحمّى النزيفية Ebola الذي ظهر في افريقيا منذ سنوات ولقاحات اخرى لفيروس المناعة المكتسبة- ايدز- ولقاحات اخرى متطورة جدًا. وهي تتعاون في برنامجها مع وزارة الصحة الأميركية ومع السلطات الأميركية العليا للأبحاث والتطوير الطبي المتقدّم BARDA: Biomedical Advanced Reserch And Development Authority.
وتتعاون شركة Janssen مع عدّة شركات اميركية لتطوير التقنيات الطبية في الولايات المتحدة الأميركية.
ومع أن الدراسات السريرية من المرحلة الثالثة التي تقوم بها هذه الشركة قد بدأت فقط في أيلول الماضي ولم تصدر بعد نتائجها الأوّلية حتى تاريخ اليوم، فقد أعلنت في بيان جديد صادر عنها منذ أيام انها ستحصل على ترخيص مُمكن من وكالة الغذاء والدواء الأميركية في بداية ٢٠٢١. ونشير هنا إلى أن اللقاح الذي تطوّره شركة تطوره شركة Janssen يستعمل تقنية الفيروس الحامل او الناقل الذي اشرنا اليها سابقًا لزراعة البروتين الذي نريد ان نُحّفز المناعة ضدّه وينتج الأجسام المناعية المُضادة له.
ونشير ايضًا الى أن الدراسة السريرية من المرحلة الثالثة وهي دراسة واسعة جدًا ستنتهي قبل ١٠ ايار ٢٠٢٠ وستشمل ٦٠ الف مريض موزعين على ٢١٢ مركز طبي في بلجيكا والولايات المتحدة وبعض دول اميركا اللاتينية تعرّضت لإنتكاسة ادّت الى إيقافها مؤقتًا في ١٢ تشرين الأول ٢٠٢٠ بعد ان كانت بدأت في ايلول بسبب ظهور اعراض “مرض غير معروف” عند احد الأشخاص الذين تلقّوا اللقاح، فإن الشركة ستستكمل الدراسة المذكورة بعد ان قامت بتحقيق واسع حول الحادث المذكور وهي تتعهد بتصنيع مليار جرعة من هذا اللقاح خلال العام ٢٠٢٠ والذي يُؤخذ بجرعة واحدة في العضل مع بعض الآثار الجانبية الخفيفة التي من الممكن ان نشهدها مع اية لقاحات اخرى( الم موضعي في مكان اللقاح، تعب خفيف، الم في العضل، حرارة خفيفة، صداع وغيرها). هذا وقد اعتمدت وزراة الصحة البلجيكية هذا اللقاح ووقّعت على إتفاق مع الشركة للحصول عليه في اسرع وقت مُمكن بعد إثبات فعاليته.
لقاحات شركة Sanofi الفرنسية بالتعاون مع شركةGSK الأميركية:
هذا اللقاح يستعمل طريقة “البروتين المؤتلفة” Recombimant Protein وهو بقوم على شقين :البروتين الذي تطوّره شركة Sanofi من البروتينات الفيروسية يضاف إليها “مادة مُتمّمة” Adjuvant من صناعة شركة GSK.
وقد أظهرت هذه التقنيّة أنها تقنيّة فعّالة وقد اسُتعمِلت في السابق في عدة لقاحات. ويتمّ من خلال هذا اللقاح الذي تطوره هاتين الشركتين تفعيل دور الجهاز المناعي للجسم وتحفيزه بشكل قوي عن طريق حقن المواد المُتمّمة التي تطورها شركة GSK من أجل تسريع عمليات تحفيز مناعة الجسم وتقوية ردّة فعله على اللقاح. وقد أعلنت شركة Sanofi في ٣ أيلول ٢٠٢٠ أن هذا المشروع اللقاح اثبت فعالية كبيرة في المراحل السريرية الأولى والثانية من التجارب. وتتوقع الشركتان حصول نتائج اكثر إيجابيةً على التجارب الجارية بعد إنتهائها في شهر كانون الأول ٢٠٢٠ وذلك من أجل العبور إلى المرحلة الثالثة من التجارب السريرية الواسعة. ويتوقّع مسؤولوا الشركتان أن يتمّ تسويق هذا اللقاح في النصف الأول من العام ٢٠٢١. وتعمل شركة Sanofi على لقاح آخر يستعمل تقنية RNA messenger اي رسول الحمض النووي الريبي بالتعاون مع شركة Translate bio الأميركية. وقد أصدرت الشركتان بيانًا في ١٥ تشرين الأول ٢٠٢٠ اعلنتا فيه أنهما تنتظران نتائج التجارب السريرية من المرحلتين الأولى والثانية في نهاية العام ٢٠٢٠.
اللقاحات الصينية :
وهي اربعة حتى تاريخ اليوموقد وصلت جميعها الى مرحلة الدراسات السريرية من المرحلة الثالثة ومنها ما اُستُمِل على نطاق واسع كما شرحنا سابقًا وكما سنرى تفصيليًا.
أ-اللقاحات التي تطوّرها الشركة الوطنية الصينية لتصنيع الأدوية Sinopharm:
وهي شركة مملوكة من الدولة الصينية وهي تعمل على لقاحين قطعا شوطًا كبيرًا بالإختبارات وبالنتائج السريرية الواعدة بحسب مصادر الشركة دون إمكانية التأكد من شفافية ومصداقية هذه المعلومات . اللقاح الأول الذي تطوّره هذه الشركة بالشراكة مع “معهد مدينة ووهان للمنتجات او الصناعات البيولوجية”.
وهي كما نعرف المدينة الصينية التي انطلق منه الفيروس في الصين. هذا اللقاح يستعمل فيروس ميّت Unactivated virus جرى تجربده من كل خصوصيّاته الضارة او الغزية. ولكن هناك تكتّم شديد وعدم نشر معلومات كثيرة حول الطُرق او الأساليب التي اعتمدتها الشركة للوصول الى ذلك ! طريقة الوصول. وبحسب تقارير الشركة فإن اللقاح اظهر نتائج جيدة جدًا في المرحلتين الأولى والثانية من التجارب السريرية وهذا ما دفع الشركة الى تنظيم دراسة سريرية واسعة من المراحل الثالثة وهي ستدور في الإمارات العربية المتحدة والبيرو والمغرب ذلك لأن الشعوب الأسيوية والصين تحديدًا هي اقل عُرضة للإصابة بفيروس كورونا ولذلك فقد اختارت الصين دول اخرى خارج اراضيها من اجل دراسة فعالية اللقاح على نطاق واسعع على نحو ١٠ آلاف مُشارك من الولايات العربية المتحدة والبحرين والبيرو والمغرب والأرجنتين والأردن. وقد أعلن متحدث بإسم شركة Sinopharm أن هذا اللقاح قد أعطي للأطقم الطبية ولبعض المرضى الذين يُعتبرون ذوي مخاطر كبيرة للتعرّض لإلتهابات خطيرة بفيروس كورونا.
وتعمل هذه الشركة على تطوير لقاح آخر يعتمد على ذات الطريقة وذلك بالتعاون مع “معهد الصناعات البيولوجية في بكين” .
وقد قطع هذا اللقاح ايضًا مراحل متقدّمة وهو قيد الدراسة السريرية في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث ستجري دراسة على ١٠ متطوّع سيُعطى ٥ آلاف منهم اللقاح المُطور في ووهان و ٥ آلاف آخرين النسخة المُطوّرة في بكين. وتأمل الشركة تعميم إستعمال هذا اللقاح في نهاية هذا العام او بداية العام الجديد على العد تقدير.
ب-اللقاح الصيني من شركة Cansino Biologics بالتعاون مع “معهد بكين للعلوم ولتقنيات البيولوجيا” : ويدعى هذا اللقاح AD5_NCOV و هو يستعمل فيروس حامل او ناقل كما شرحنا سابقًا وهو فيروس يُسمّى ال Adenovirus الذي تستعمله شركات اخرى أوروبية واميركية وروسية.
وقد أعلنت هذه الشركة أنها تتعاون بشكلٍ وثيق مع “أكاديمية العلوم الطبية العسكرية الصينية” من أجل تطوير هذا اللقاح الذي بدأ بالفعل بالمرحلة الثالثة من التجارب السريرية التي ستشمل ٤٠ ألف مُشارك من عمر ١٨ سنة وما فوق وهي ستجري في الصين و في باكستان وفي المكسيك وذلك حسب ما صدر عن الشركة في بيان أصدرته في ٧ تشرين الثاني. اخيرًا نشير الى انّ هذا اللقاح اعتُد من قبل قيادة الجيش الصيني لفترة سنة كعلاج او “دواء خاص وضروري” كما اعلن الجيش الصيني، ولذلك تتمّ تجربته على الجيش الصيني وقد اعلنت الشركة منذ ايام انه اُعطي حتى اليوم لنحو “مليون جندي صيني” دون تفاصيل إضافية خاصة لجهة كونه “إلزامي او إختياري” للأشخاص الذين تناولوه. وهذا ما يطرح علامات إستفهام كثيرة لجهة الشفافية الغير مُتوفّرة في معظم الأحيان في الصين واسباب ما يُمكن ان نُسمّيه بعض التسرّع في تعميم هذا اللقاح وحول المبرّرات العلمية التي اعتمد عليها القيّمون على تطوير هذا اللقاح في عملية تعميمه بهذا الشكل الواسع دون إنتىظار نهاية كل التجارب السريرية عليه. خاصة وان الشركة كانت قد اعلنت ان هناك تجربة سريرية واسعة من المرحلة الثالثة قد بداءت في السعودية بعد قرار من وزارة الصحة في المملكة في ٩ اب وان هناك تحربة اخرى في باكستان أُعلن عنها بعد ايام قليلة من الإعلان عن قرار السعودية. ولكننا لا نعلم شيئًا عن نتائج تلك التجارب حتى اليوم.
د- اللقاح الصيني الذي تطوّره شركة Sinovac Biotech واسمه CoronaVac: وهو ايضًا على مبدأ إستعمال الفيروس الميّت اي الفاقد لكل خصوصيّة ضارة. وقد اعلنت هذه الشركة ودون تقديم اية شروحات وتفصيل علمي كبير حول كيفية الوصول الى هكذا فيروس غير فتّاك ان التجربة السريرية من المرحلة ١ و٢ على ٧٤٣ مُتطوّع والتي نُشرت نتائجها في شهر حزيران ٢٠٢٠، اظهرت فعاليّة مُهمّة لهذا اللقاح دون اية اعراض جانبية خطيرة. واعلنت الشركة على تنظيم تجربة سريرية واسعة من المرحلة الثالثة في البرازيل في شهر ايلول واخرى في اندونيسيا في شهر تشرين الثاني التي اتفقت الشركة مع السلطات الصحية فيها على مبدأ تزويدها ب ٤٠ مليون جرعة من اللقاح في مهلة لاتتجاوز آذار ٢٠٢١.
نشير اخيرًا ان الإنتقادات لا تزال تتالى على إقدام السلطات الصينية عن تلقيح اعداد كبيرة جدًا من المواطنين بحيث ان شركة Sinopharm كما ذكرنا سابقًا اعلنت ان احد لقاحاتها قد تم إعطاؤه الى كل من اعتبرتهم السلطات الصينية اكثر عرضة للإصابة بإلتهابات فيروس كورونا مثل العمّال والطلاب الكثيري السفر الى الخارج وكذلك لكل الأطقم الطبية والتمريضية التي تعمل في المستشفيات. وهذا ما تعتبره بعض الاوساط العلمية الغربية مغامرة خطيرة لأنه قد يتسبب بمشاكل صحية معيّنة خاصة وان الصين لم تكشف بشفافية كاملة عن البروتوكولات العلمية التي اُعتمدت ولا عن نتاىج التجارب السريرية بشكل كامل.
وعلينا اخيرًا ان لا ننسى الأبعاد السياسية لهذه المعركة الدائرة دوليًا للتربّع على عرش المنافسة في تطوير اللقاح عندما نسمع ونُراقب تصريحات الرئيسين الفرنسي ايمانويل ماكرون والأميركي دونالد ترامب او الرئيس الصيني كسي جانبينغ الذي اعلن ان كل لقاح تطوّره الشركات الوطنية الصينية سيصبح فورًا مُلك “الصالح العام الدولي” وذلك بهدف ان تستفيد منه كل دول العالم بما فيها الدول النامية والفقيرة منها… وهذا إن دلّ على شيء فهو ان كل عمالقة العالم يسعون لتحقيق مكاسب سياسية و او إقتصادية من خلال هذه المنافسة العالمية حول تطوير لقاحات او ادوية لفيروس كورونا الذي يشغل العالم منذ سنة تقريبًا.
اللقاح الروسي Spoutnik 5:
وكما شرحنا سابقًا فإن هذا اللقاح الذي يطوره معهد Nicolaï Gamaleïf للأبحاث في موسكو بالتعاون مع وزارة الدفاع الروسية وصندوق الثروة السيادي الروسي. وهو يدعى Gam-Covid. وهو يَستعمِل تقنيّة الفيروس “الحامل او الناقل” Vector virus التي تكلّمنا عنها سابقًا ويستعمل لهذه الغاية ال Adenovirus الذي قُلنا انه فيروس يسبب عادةً حالات رشح خفيف. وقد تمّ تعديله لجعله غير ضار وزرع الخبراء الروس في داخله قطعة من الوحدات الورائية لفيروس كورونا من احل تحفيز الجسذ لتكوين مناعة قوية تحاه هذا الفيروس.
وقد حصلت ضجة كبيرة حول هذا اللقاح في شهر آب الماضي لأن الرئيس الروسي أعلن أن ابنته قد تلقّت هذا اللقاح. وقد نشرت المجلة العلمية العالمية الشهيرة Lancet في مطلع أيلول الفائت دراسة روسية تُثبت أن اللقاح الروسي يعطي نتائج مُهمّة لناحية تحفيز المناعة المضادة لفيروس كورونا دون أية آثار جانبية كبيرة. وقد أصدرت السلطات الصحية الروسية البارحة بيانًا أكدّت فيه أن فعالية اللقاح هي بنسبة ٩٥% دون تقديم معلومات كثيرة حول التجارب العلمية الخاصة بهذا اللقاح. واليوم اعلن وزبر الدفاع الروسي ان عذا اللقاح سيُستعمل لتلقيح نحو ٤٠٠ الف جندي روسي وانّ هذه العملية قد بداءت وهي ستشمل نحو ٨٠ الف جندي من اليوم وحتى آخر سنة ٢٠٢٠. وبالتأكيد فأن هذا القرار سيتعرّض كما قرارات الصين منذ ايام بتجربة لقاحات كورونا على الحيش الصيني قرارًا مُتسرّعًا وغير مُبرّر في ظل عدم إكتمال الرؤية حول الفعالية والآثار الجانبية وعدم وجود شفافية ومصداقية كاملة في كل او معظم التجارب العلمية التي خضعت لها هذه اللقاحات وكذلك في منهجيّتها.
هذا وقد اعلن صندوق الثروة السيادي الروسي الذي يُشرف على تطوير اللقاح الروسي سبوتنيك انه توصّل في ٢٦ تشرين الثاني الى إتفاق مع احد اهم مصانع الأدوية الهندية وهو شركة Hetero من اجل تصنيع نحو ١٠٠ مليون جرعة سنوية من هذا اللقاح. وافاد الطرفان ان عملية الإنتاج ستبدأ في بداية العام ٢٠٢١. واشار مدير هذا الصندوق ان اللقاح اعلاه قيد التجارب السريرية من المرحلتين الثانية والثالثة في الهند وان هذا التعاون مع الشركة الهندية سيسمح بحصول المواطنين الهنود على الحرعات المطلوبة من اللقاح لاحقًا. واكمل ان هناك طلبات وصلت لحدّ ١،٢ مليار جرعة من هذا اللقاح الذي سيتمّ ايضًا تصنيعه بحسب قوله في الصين والبرازيل وكوريا الجنوبية. واكمل مدير الصندوق ان سعر هذا اللقاح سيكون اقلّ من عشر دولار وبذلك سيكون الأرخص عالميًا بعدما اعلنت شركة فايزر الأميركية ان سعر لقاحها سيكون نحو اربعين دولار وتبعتها شركة مودرنا الأميركية ايضًا بتقدير سعر لقاحها بنحو عشرين دولار اميركي. ولكننا لا نعرف حتى تاريخ اليوم كم سيكون سعر اللقاحات الصينية في ظل هذه المُنافسة العالمية المُحتدمة.
لقاح “الجمعية الأميركية للتقنيات البيولوجية” (Novavax):
وهو لقاح يعتمد على تقنية إستعمال “البروتين المُؤتلفة” المُعتمَدة في تصنيع لقاح الأنفليونزا (او الكريب) التي تُصنّعه شركة Sanofi الفرنسية. اي انّ اللقاح يحتوي على بروتين من فيروس كورونا تمّ زرعه في فيروس آخر اسمه Baculovirus وأضيف على كل ذلك مادة إضافية تُدعى Adjuvant
تلعب دور تحفيزي كبير لجهاز المناعة وقد اثبتت التجارب السريرية اهمية هذه المادة بشكلٍ كبير. وهو يُعطى بشكل حقنة في العضل على جرعتين تفصل بينهما ٣ اسابيع. وقد وصل هذا اللقاح بسرعة الى المراحل الثالثة من التجارب السريرية.
وبدأت هذه التجربة في ٢٣ أيلول ٢٠٢٠ في المملكة المتحدة وستضمّ ١٠٠٠٠ متطوّع تتراوح أعمارهم بين ١٨ و٨٤ سنة. وهي تجربة فريدة من نوعها بحيث انه لأول مرّة في هكذا تجارب سيخضع ٤٠٠ مشارك في الدراسة للقاح الأنفلونزا (او الرشح) في ذات الوقت لمعرفة ردّة فعل الجسم عند هؤلاء عندما يتمّ حقن اللقاحين في ذات الوقت. وفي حال نجحت الدراسة فأن هذه الشركة تطمح لأن تقوم بإعطاء المرضى فرصة الحصول على اللقاحين (اي الأنفليونزا والكورونا) في جرعة واحدة. وهذا ما سيشكل إنجاز مهم لهذه الشركة في عملية التسويق. لأن الشركة لديها ايضًا لقاح للأنفلونزا قيد الدراسة لأخذ موافقة إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة، واذا تأكّد ان الكورونا ستكون “موسمية” مثل الأنفليونزا فسيكون لهذه الشركة إنجاز كبير عبر إمكانية جمعها للقاحين في جرعة واحدة.
وهناك دراسة سريرية اخرى من المرحلة الثالثة على هذا اللقاح بدأت في منتصف تشرين اول الولايات المتحدة وهي ستضم ٣٠ الف مريض.
وقد حصلت هذا الشركة على تمويل من الإدارة الأميركية قيمته ١،٦ مليار دولار مقابل الحصول على ١٠٠ مليون جرعة في حال إثبات الفعالية.
ووقعت هذه الشركة عقد مع اهم شركة لصناعة الأمصال واللقاحات في الهند من اجل ان تكون جاهزة في اقرب وقت لتصنيع نحو ٢ مليار من عذا اللقاح سنويًا.
اللقاح الأسترالي الذي يعتمد على لقاح مرض السلّ BCG vaccine
كنا قد اشرنا ان الخبراء في مختلف دول العالم اكتشفوا ان الأشخاص الذين اخذوا في السابق لقاح مرض السلّ BCG : Bacillus Calmette-Guérin الذي تمّ تطويره في بداية العام ١٩٠٠ لا يتعرّضون لإختلاطات واشكال خطيرة او مُميتة من جرّاء العدوى بفيروس كورونا. واكتشف العلماء ان هذا اللقاح المُخصّص عادة للسلّ يقوّي عندهم جهاز وطُرق “المناعة البدائية او الغريزية” التي تتفاعل مع حقن هذه البكتيريا وتصبح اكثر قوّة ومُقاومة للأجسام الغريبة مثل فيروس كورونا. هذا ما دفع احد معاهد الأبحاث في استراليا Murdoch Children’s Research Institute لإطلاق سلسلة من التجارب السريرية التي وصلت اليوم الى المرحلة السريرية الثالثة اي انها تضم نحو ٢٠ الى ٣٠ الف مُتطوّع لدراسة درجة الحماية ضد فيروس كورونا التي يمكن لهذا اللقاح ان يؤمّنها والى اي مدى زمني.
نُشير هنا الى ان معهد “باستور الفرنسي” يعمل على ذات اللقاح وقد اطلق دراسة سريرية من المرحلة الثالثة على ذات اللقاح ستشمل نحو ٢٥ الف مواطن فرنسي كما كُنا ذكرنا في مقالات سابقًا.
د طلال حمود- طبيب قلب وشرايين- مُنسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود