
الملخص
تتناول الدراسة السياسة الخارجية لإدارة ترامب بوصفها استراتيجية معقدة تمزج بين الطموحات السياسية والمصالح التجارية، مما يؤدي إلى تضارب المصالح عالميًا. استخدم الباحث منهج دراسة الحالة وتحليل السياسات والأدبيات السابقة لفهم تأثير التوجهات الجديدة لترامب على إعادة تشكيل الجيوسياسات الدولية. في سياق القضايا العالمية التالية [تهجير الفلسطينيين، الحرب الروسية الأوكرانية، التوتر عبر الاطلسي، والحرب التجارية مع الصين]. استنتج الباحث أن سياسة ترامب وفي سعيها لاستعادة عظمة أمريكا المفقودة من منظور رجل الاعمال، سوف تلحق ضرراً بعلاقاتها مع حلفائها التقليديين، بينما تعزز التعاون بين موسكو وبكين في مواجهة الهيمنة الأمريكية. هذا التوجه، المبني على المصالح التجارية فقط، يهدد الاتفاقيات الدولية واستقرار النظام العالمي الذي شاركت الولايات المتحدة في تصميمه على رماد الحرب العالمية الثانية، وعززته بقوة بعد إنهيار الاتحاد السوفييتي.
الكلمات المفتاحية: إستراتيجية ترامب، تهجير الفلسطينيين، رفييرا الشرق الاوسط، صفقة المعادن الاوكرانية، التعرفة الجمركية. الحلفاء الغربيين.
Abstract
This study examines the foreign policy of the Trump administration as a complex strategy that intertwines political ambitions with commercial interests, thereby creating global conflicts of interest. The researcher employs a case study approach alongside policy analysis and a review of existing literature to explore the impact of Trump’s new orientations on the reconfiguration of international geopolitics. The analysis focuses on global issues such as the] Displacement of Palestinians, the Russia-Ukraine war, Transatlantic tensions, and the trade war with China [.
The findings indicate that Trump’s policies, rooted in the pursuit of “Making America Great Again” from a businessman’s perspective, are likely to damage the United States’ relationships with its traditional allies while fostering closer cooperation between Moscow and Beijing in countering American dominance. This approach, driven predominantly by economic interests, poses a threat to international agreements and destabilizes the global order—a system that the United States played a pivotal role in shaping in the aftermath of World War II and consolidating following the collapse of the Soviet Union.
Keywords: Trump’s Strategy – Palestinian Displacement – Gaza Strip, the Middle East Riviera – Ukrainian Metals Deal – Tariffs – Western Allies
المقدمة
خلال شهر واحد فقط من توليه السلطة، أشعلت تصريحات ترامب المثيرة للجدل حالة من التوتر العالمي، مستحدثةً سياسات غير تقليدية أثارت ذهول المراقبين. طرح أفكارًا غريبة تضمنت التهديد بالسيطرة على جزيرة غرينلاند، والدفع لإعادة ضم خليج بنما إلى الهيمنة الأمريكية، والسعي لضم كندا إلى الولايات المتحدة، إلى جانب اقتراح تغيير اسم خليج المكسيك ليصبح “خليج أمريكا”. لم يكتفِ بذلك، بل أعرب عن نيته إعادة صياغة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وفق رؤيته، معتبرًا تلك العلاقات غير متوازنة. على الصعيد الاقتصادي، صعّد ترامب من حروب الرسوم الجمركية مع الصين وعدد من الدول الأوروبية والعالمية. ولم تتوقف رؤاه عند ذلك؛ إذ اقترح خطة مثيرة لإنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا تضمّنت مطالبة أوكرانيا بالتنازل عن نصف مواردها الطبيعية، متجاهلًا مصالح حلفائه الأوروبيين في الأطلسي. أما الشرق الأوسط، فلم يكن بعيدًا عن موجة هذه التصريحات. شملت رؤى ترامب المثيرة مزيداً من التهديد للفلسطينيين، مع طرح مقترحات لتهجير سكان قطاع غزة ووضعه تحت الإدارة الأمريكية بهدف إنشاء منطقة سياحية فاخرة على أنقاضهم. هذه الأفكار التي تبدو غير واقعية تُمثل انحرافًا واضحًا عن المسارات التقليدية للسياسة الأمريكية وتثير تساؤلات كثيرة حول مدى تأثيرها على استقرار العالم وأمنه الإقليمي.
تعد العلاقة بين السياسة والتجارة محورًا رئيسيًا في الديناميكيات العالمية، وتمثل مصالح ترامب التجارية مثالًا واضحًا على كيفية تأثير الأهداف الاقتصادية على الاستراتيجيات السياسية. في سياق هذه العلاقة، تواجه تصورات ترامب تحديات تتمثل في تضارب المصالح الذي قد ينشأ عند التعامل مع الأطراف العالمية، مما يزيد من التعقيدات المرتبطة بالقرارات السياسية التي تؤثر على مبادئ العلاقات الدولية. وعقود من عقيدة التجارة الحرة. وبالتالي، فإن تحليل هذه الاعلانات يتطلب فحصاً دقيقًا للعوامل التي تؤثر على صنع القرار السياسي في ظل وجود هذه التعارضات المحتملة التي قد تعيق تحقيق الأهداف الاستراتيجية لكل من الولايات المتحدة والشركاء الدوليين.
في هذه الورقة يسعى الباحث الى استعراض السياسة الخارجية الجديدة لادارة ترامب كإستراتيجية معقدة تتشابك فيها الطموحات السياسية مع المصالح التجارية، وحتمية ظهور تضارب في المصالح عبر المجالات العالمية. الى جانب تأثيرات هذه السياسة المحتملة طويلة الأجل على الاستقرار الإقليمي وتوازن القوى العالمي.
لتحقيق هذا الهدف، يسلط الباحث مزيداً من الضوء على المحاور التالية.
1. مخططات تهجير الفلسطينيين و”ريفييرا” الشرق الاوسط
2. الحرب الروسية-الاوكرانية والمعادن النادرة
3. توتر العلاقات على ضفتي الاطلسي، و
4. حرب ترامب التجارية مع الصين والتعرفة الجمركية.
أولاً: مخططات تهجير الفلسطينيين و”ريفييرا” الشرق الاوسط
خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه بنتنياهو في الخامس من شباط فبراير 2025، أعلن ترامب عن اغرب خطة لانهاء الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني، جوهرها تحويل قطاع غزة إلى “ريفييرا” الشرق الأوسط، بعد تهجير المواطنين الفلسطينيين إلى كل من الأردن ومصر وعدد من الدول الأخرى، مع فرض قيود على حقهم في العودة إلى أراضيهم مرة أخرى. بصفقة عقارية، يتصور ترامب ان سيطرة الولايات المتحدة على الأرض، وتهجير ملايين الفلسطينيين الى الأردن ومصر، واستبدال حطام غزة بأبراج زجاجية وعمارات شاهقة ذات إطلالات خلابة وموانئ تجارية مع وظائف غير محدودة للقادمين الجدد، الى جانب دعوة مستثمري العالم للانتقال الى القطاع، هي الوصفة الناجحة من خارج الصندوق التي ستنهي الصراع الاسرائيلي الفلسطيني للابد.
في الواقع، فإن ما يؤثر في ترامب الزعيم السياسي لاقوى دولة في العالم وقطب العقارات الدولي هو ولائه لمهنته الأصلية كمطور عقاري لناطحات السحاب والمنتجعات ونوادي الجولف في جميع أنحاء العالم. ويرى Alain Frachon[1] من صحيفة الليموند الفرنسية، ان ترامب الغني بالخبرة، يكسر القواعد ويتخيل، 40 كيلومترًا من الساحل على حافة شرق البحر الأبيض المتوسط، مع فيلات فاخرة وسط بساتين الزيتون ومباني على الطراز المحلي على الواجهة البحرية، مع ملعب جولف. هذه هي الفكرة!!!.
في كتابه (Trump: The Art of the Deal) “فن الصفقات، ص32” يتفاخر ترامب بشغفه الكبير في عقد الصفقات، ويفضل الصفقات الكبيرة. بإعتبارها الطريقة التي أستمتع بها. ويكشف عن اسلوبه البسيط والمباشر في عقد الصفقات. يقول ترامب “أضع أهدافًا عالية جدًا، ثم أستمر في الدفع والدفع والدفع للحصول على ما أسعى إليه. وفي بعض الأحيان أكتفي بأقل مما كنت أسعى إليه، ولكن في معظم الحالات أحصل على ما أريده”[2]. في هذه العبارة يتجاهل قطب العقارات الدور الذي يلعبه المحيطون به من المستشارين والموالين لافكاره. فتصوراته المثيرة للجدل حول «ريفييرا غزة» لم تكن من صناعته، بل استند إلى وثيقة من 49 صفحة صاغها أستاذ الاقتصاد جوزيف بيلزمان [3] بتاريخ 21 يوليو تموز 2024. تنطوي خطته لقطاع غزة على إنشاء محطات للطاقة المتجددة، نظام السكك الحديدية الخفيفة، المطارات، الموانئ، الحوكمة الرقمية والفنادق المطلة على الشاطئ، ويكشف بيلزمان في خطته ان البلدان التي ستستثمر في هذا المشروع تصبح مساهمة بعقد إيجار لمدة 50 عامًا قابلة للتمديد. هذه نصف الحقيقة.
فخطة بليزمان لم تكن الوحيدة لبناء أفكار ترامب التجارية، التي ترى ان قطاع غزة ليس أكثر من فرصة عقارية. خلال فترة رئاسته الاولى من العام 2017 كشف ترامب عن تصورات لخطة مشابهة يقودها مستشاره وصهره جاريد كوشنير، الهادفة الى احلال السلام في الشرق الاوسط- في إشارة الى صفقة القرن يناير 2020، قال ترامب في حينه: «إذا لم يتمكن جاريد من إحلال السلام في الشرق الأوسط، فلن يتمكن أحد من ذلك»، على الارض، لم يتمكن جاريد من تحقيق إنجازات ملحوظة، بل سجل فشلاً كبيراً حتى في الاقتراب من إحلال السلام في المنطقة، على الرغم من قراءة «25 كتابًا» حول هذا الموضوع [4]. وعلى الرغم من فشله، يبدو ان صفقات كوشنير [الابداعية] ما زالت تلاحق ترامب. وصف كوشنير ذات مرة الصراع العربي الإسرائيلي بأنه «ليس أكثر من نزاع عقاري» وتحدث عن الجمال المحتمل للواجهة البحرية المتوسطية لقطاع غزة [5]. في مقابلة جرت في فبراير 2024 في جامعة هارفارد[6] رآى كوشنر أن “الممتلكات الواقعه على الواجهة البحرية لغزة يمكن ان تكون ذات قيمة كبيرة اذا ركز الناس على بناء سبل العيش” (12:57). مضيفاً انه لو كان مسؤولا عن إسرائيل لفكر في “اخراج الناس ثم تنظيف المكان” (13:15)،” بالدبلوماسية” من مدينة رفح الى مصر(9:39)، بالتزامن مع هدم اماكن في النقب وترحيل اعداد اخرى من الفلسطينيين الى هناك، حتى تتمكن إسرائيل من دخول القطاع وإنهاء المهمة (9:57). ضمن هذه الرؤية، كشف تقرير نشره موقع The Times of Israel ان كوشنير يقف خلف إعلان ترامب السيطرة على قطاع غزة وتهجير المواطنين [7].
تصورات ترامب، بيلزمان وكوشنير تظهر حالة من عدم الفهم وسذاجة مذهلة فيما يتصل بأسباب وجذور الصراع، انعكست في تفاعل جرى في المكتب البيضاوي عندما تسائل ترامب “لماذا يريدون العودة؟ لقد كان المكان أشبه بالجحيم”. فأجاب أحد المراسلين “ولكن هذا هو موطنهم، سيدي. فلماذا يغادرون[8]؟”. بسذاجة واضحة، يحاول رجل الصفقات الضخمة الذي تحول الى رئيس، تقليص أكثر الصراعات السياسية في العصر الحديث ديمومة وحِدّة الى مجرد تطوير أو إعادة بناء. ويكرر دبلوماسيته الفاشلة بطريقة أخرى، عبر إصراره على نزع المواطنين الفلسطينيين من احشاء قطاع غزة، معتقداً ان كل شاطئ جميل عبر العالم يجب ان يكون مُلكاً له ولشركاته. في ولايته الأولى -على سبيل المثال، تعهد ترامب للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بمساعدته في بناء الفنادق والشقق الفاخرة على طول الساحل الشرقي للبلاد، إذا تخلت كوريا عن أسلحتها النووية، لكن السيد كيم إختار الاستمرار في بناء الأسلحة بدلاً من منتجعات ترامب من فئة الخمس نجوم[9].
في الواقع، يكشف مشروع ترامب المزيد من الاسرار حول من يراهم أصحاب المصلحة في مستقبل غزة. وهنا، لا يتعلق الأمر بالمدنيين الفلسطينيين، بل بالولايات المتحدة وإسرائيل والمقاولين القادرين على تحقيق ذلك. هذا الفهم المهتز لكيفية معالجة جذور الصراع تتنافى تلقائياً مع قواعد الصفقات التي يتفاخر ترامب بإنجازها بعد سلسلة من المفاوضات تنتهي بمنفعة متبادلة لطرفي التفاوض، وبالنظر لاقصاء الطرف الاساس وهنا الفلسطينيون من المعادلة، فإن هذه المقترحات تصبح عملية تطهير عرقي من وجهة نظر القانون الدولي وليس صفقة لاحلال السلام كما يعتقد ترامب.
على الرغم من ذلك، نالت هذه الافكار إعجاب اليمين الإسرائيلي بإعتبارها “تتيح مساحة لنقاش جاد” حول نفس المشروع ولكن بوسائل بديلة [10]. وهو ما سعى رئيس تحرير مجلة The Jewish Journal، الى ترسيخه من عدسة ترامب التجارية. كتب Suissa، “أثناء تحليق الصواريخ على قطاع غزة، حلمت بـ “شريط رائع من الفنادق والكازينوهات بجوار محيط متلألئ. تخيلت الآلاف من الفلسطينيين الفخورين يعملون بابتسامات على وجوههم لخدمة آلاف السياح من جميع أنحاء العالم الذين يأتون إلى شريطهم الصغير من جنة المحيط”. ويضيف “بجانب هذه الجنة… حيث أنشأ منظمو المشاريع شركات برمجيات ومصارف ووكالات إعلانية، واجتذبت الجامعات الطلبة من جميع أنحاء العالم، وازدهرت الثقافة المحلية والفنون. لكن Suissa تجاهل ان جميع هذه الاحلام التي يراها، يمكن ان يحولها الفلسطيني الى حقائق ببساطة بمجرد زوال الاحتلال الاسرائيلي عن ارضه[11].
يبدو أن الاسلوب الصاخب الذي يدير به ترامب موظفيه وشركاته العقارية وممتلكاته هي انعكاس لقناعته الدائمة بقيمة المنافسة الحرة وغير المُقيدة بينه وبين بقية دول العالم [12]، وبالنظر لتصوراته الممزوجة بالتهديدات وسياسة You are fired “انت مطرود” التي لا تراعي مصالح حتى اقرب حلفائه، بل عادة ما تثير مخاوفهم. فإن أول من تصدى لافكاره هم الحلفاء المفترضون لبلاده في الشرق الاوسط. رفضت كل من مصر والأردن أفكار ترامب[13]. وإستهجنت الغالبية العظمى من دول العالم هذه المقترحات بإعتبارها جرائم تطهير عرقي يحاسب عليها القانون الدولي. في الواقع، يفتقر ترامب إلى التعقيد المعرفي اللازم لتعلم دقائق السياسة الخارجية، ويعتمد بشكل كبير على المستشارين عديمي الثقة، ويقاوم نصائحهم عندما تتعارض مع تفضيلاته الخاصة [14].
المساومة الصعبة التي يلوح بها ترامب لفرض رؤيته المرفوضة عربياً ودولياً متوقع ان تقوض العلاقات مع الحلفاء. قد تكون الرسوم الجمركية الأمريكية – إحدى الأدوات الاقتصادية المفضلة لدى ترامب – و/أو فرض عقوبات إقتصادية على كل من الأردن ومصر حيث يتلقى البلدان مليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية كل عام، ستكون نتائجها كارثية [15]. من ناحية، فإن المخاطرة بفرض الرؤيا لا تهدد فقط بإبعاد الحلفاء الرئيسيين في المنطقة الذين تربطهم علاقات جيدة بواشنطن-الاردن ومصر، بل ستطال المملكة العربية السعودية التي تعتبر المركز الدبلوماسي الرئيسي في المنطقة والموطن الروحي لأكثر من 2 مليار مسلم عبر العالم، وجميع هذه الدول يدعمون القضية الفلسطينية. وبالتالي، فإن الضغط المتزايد على الحلفاء في المنطقة لفرض الفكرة سيولد حتماً إنفجاراً في العلاقات الثنائية ويدفع المنطقة برمتها نحو حافة الهاوية.
فمعاهدات السلام التي أبرمتها مصر والأردن مع إسرائيل تعد حيوية للاستقرار الإقليمي وأمن الحدود والتخطيط الدفاعي الإسرائيلي. بينما يستضيف الأردن القوات الأمريكية، تسمح مصر بعمليات التحليق العسكري الحاسمة، وتتبادل كل حكومة بانتظام معلومات استخباراتية مهمة مع واشنطن [16]. من ناحية اخرى، ستؤدي سياسات ترامب الى نسف خطط تطبيع العلاقات بين اسرائيل والعربية السعودية من جذورها. وبالنظر الى حقيقة أن الأردن ومصر ليستا في وضع يسمح لهما بالمساعدة في تسهيل تهجير أكثر من مليوني فلسطيني من قطاع غزة إلى أراضيهما. حتى لو أرادت تلك الدول الإذعان لابتزاز ترامب، إلا ان المساعدات الخارجية الأمريكية التي تتلقاها غير كافية لتبرير المخاطر والتداعيات الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي قد تترتب على مثل هذه الخطوة[17]. بعبارة اخرى، فإن التحول الواضح في سياسة الرئيس الأميركي تجاه الصراع الاسرائيلي الفلسطيني ومخططات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة ــ في نظر أغلب زعماء الشرق الأوسط ــ لا يصب في مصلحة أحد، لا في مصلحة الفلسطينيين، ولا في مصلحة ترامب نفسه. وعلى الرغم من استحالة تحقيقها ألا انها جمعت الحلفاء والخصوم على موقف رافض لهذه الافكار.
ثانياً: الحرب الروسية-الاوكرانية وصفقة المعادن الثمينة
خلال حملته الانتخابية تعهد ترامب بوقف الحرب الدائرة بين روسيا واكرانيا والتي وصفها بالحرب الغبية التي لا تجلب الربح لأي من الاطراف. وحمَل سلفه بايدن اسباب إندلاعها والتي كادت ان تتسبب بحرب عالمية ثالثة بالنظر لسياساته الفاشلة[18] يقول ترامب، “سنمنع الناس من هذه الحروب الغبية التي لا تنتهي. لن نشارك فيها بأنفسنا” [19]. استنادا الى هذه التصريحات وقع الرئيس ترامب بتاريخ 20 يناير2025، أمراً تنفيذياً يحظر بموجبه صرف أي مساعدة خارجية من الولايات المتحدة بطريقة لا تتماشى تماماً مع السياسة الخارجية لرئيس الولايات المتحدة[20]. ينسحب هذا الأمر كذلك على المساعدات الأمريكية، التي شهدت تدفقًا كثيفًا خلال فترة رئاسة بايدن لدعم أوكرانيا.
في أحدث منشوراته، شن ترامب هجوماً عبر وسائل التواصل الاجتماعي على الرئيس الأوكراني زيلينسكي، بعد أن وجه الأخير إليه اتهاماً بأنه «يعيش في فلك التضليل الروسي». ونشر ترامب على موقعه Truth Social «أقنع الممثل الكوميدي زيلينسكي، الولايات المتحدة الأمريكية بإنفاق 350 مليار دولار، للدخول في حرب لا يمكن كسبها، ولم يكن من الضروري أن تبدأ أبدًا، لكنها حرب لن يتمكن من تسويتها أبدًا بدون الولايات المتحدة وترامب». «مضيفاً لقد أنفقت الولايات المتحدة 200 مليار دولار أكثر من أوروبا، بينما لن تحصل الولايات المتحدة على أي شيء في المقابل» [21]. بينما تتحرك هذه الملايين التي أعلن عنها ترامب صعوداً وهبوطاً، دون التحقق بدقة من صحتها. في هذا السياق، نشر معهد كيل للاقتصاد العالمي -وهو منظمة غير ربحية مقرها ألمانيا وتتتبع الدعم العسكري والمالي والإنساني لأوكرانيا، إن الدول الأوروبية – وخاصة الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وأيسلندا والنرويج وسويسرا – خصصت حوالي 140 مليار دولار في المجموع كمساعدات لأوكرانيا، بينما خصصت الولايات المتحدة حوالي 120 مليار دولار من إجمالي المساعدات. تشمل المساعدات العسكرية والإنسانية والمالية لأوكرانيا[22].
السجال الإعلامي بين الطرفين تصاعد بشكل ملحوظ، متخذاً منحى تدريجياً على سلم التصعيد الذي يتبناه ترامب. وكان من أبرز التصريحات المثيرة للجدل وصفه لزيلينسكي بأنه ديكتاتور فاقد للشرعية لا تتجاوز شعبيته نسبة 4% ودعاه للتركيز على تنظيم انتخابات في بلاده [23] وجدد إتهامه لكييف ببدء الحرب مع روسيا[24] مؤكداً على ضرورة إعادة الاموال الامريكية التي انفقها زيلينسكي خلال الحرب[25]، وأن لامستقبل لاوكرانيا داخل صفوف حلف الناتو. جاء هذا التصعيد بعد ساعات فقط من لقاء المسؤولين الأمريكيين بوفد روسي في الرياض لبدء محادثات لإنهاء الصراع الذي احتدم منذ ما يقرب من ثلاث سنوات[26] وسط غياب ممثلي اوكرانيا والاتحاد الاوروبي اصدقاء الحرب المفترضين.
وسط أجواء متوترة وبوادر أزمة معقدة زادت من حالة الغموض حول مستقبل الدعم الأمريكي لأوكرانيا، عقد الرئيس زيلينسكي اجتماعًا مع كيث كوليج، مبعوث الرئيس ترامب. ومع انتهاء اللقاء، ظهر وكأن زيلينسكي قد رضخ تحت وطأة الضغوط والتهديدات الأمريكي، وكتب الرئيس الاوكراني “أن أوكرانيا مستعدة لاتفاق قوي ومفيد حقًا مع رئيس الولايات المتحدة بشأن الاستثمارات والأمن[27] وسارع ترامب للرد على ما نشره زيلينسكي، “نحن نقول لأوكرانيا إن لديها أرضًا نادرة قيمة للغاية”. مضيفاً “أخبرتهم أنني أريد ما يعادل 500 مليار دولار من الأرض النادرة، وقد وافقوا بشكل أساسي على القيام بذلك”[28] من جانبه، أشار زيلينسكي إلى بعض القيود التي تحيط بالصفقة الكبرى التي يترقبها ترامب، مؤكدًا عدم قبوله بأي اتفاق سلام يتم التوصل إليه بقيادة ترامب مع روسيا دون إشراك بلاده بشكل مباشر في المفاوضات. جاء ذلك ردًا على تصريح ترامب الذي أعلن فيه أن الولايات المتحدة ستباشر المفاوضات مع روسيا “على الفور”[29]. وفقًا لصحيفة The Telegraph، التي حصلت على مسودة لما قبل الاتفاقية، اقترحت الولايات المتحدة حصة 50٪ من الإيرادات من الاستخراج، وقيمة حصة 50٪ من «جميع التراخيص الجديدة الصادرة لأطراف ثالثة» و «حق الرفض الأول» على الصادرات إلى دول أخرى. وأن الصفقة ستخضع لقانون نيويورك وستغطي الوصول إلى المعادن والنفط والغاز والموانئ و «البنية التحتية الأخرى (كما هو متفق عليه)»، مما يعني أنها يمكن أن تذهب إلى إستعمار إقتصادي أمريكي للابد[30].
ترامب الذي لا يرى بوجود زيلينسكي على طاولة المفاوضات أمراً ضرورياً، أنهى ثلاث سنوات من الدعم الدبلوماسي والعسكري غير المحدود لكييف بقرار واحد، مما عمّق الفجوة وزاد من حدة التوترات بين واشنطن وكييف. في المقابل، أظهرت واشنطن وموسكو تقارباً جديداً من خلال العمل معاً على خطة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وذلك خلال محادثات رفيعة المستوى عُقدت في المملكة العربية السعودية. هذه الخطوة أثارت التساؤلات بسبب غياب ممثلين أوكرانيين وأوروبيين، حيث لم تتم دعوتهم للمشاركة في تلك المناقشات[31]. إنطلاقاً من وعودات ترامب بوقف الحرب واحلال السلام في المنطقة، وعلى قاعدة التقييم الواقعي لساحة المعركة، والتي تؤكد (1) ان العودة إلى حدود أوكرانيا قبل عام 2014 هو هدف وهمي لا يمكن تحقيقه – في إشارة الى استحالة عودة شبه جزيرة القرم التي سيطرت عليها روسيا عام 2014 والاراضي التي سيطر عليها الجيش الروسي منذ إنطلاق الحرب في فبراير من العام 2022 والتي تعادل 22% من مجمل مساحة أوكرانيا، و(2) بدون تعهد بضم اوكرانيا الى حلف الناتو او حتى ضمانات أمنية، وأن أي (3) عملية نشر لقوات دولية او اوروبية في اوكرانيا لن تخضع للمادة الخامسة من ميثاق الحلف[32]. بعبارة اخرى، لن تتدخل الولايات المتحدة في حال تعرض قوات حفظ السلام التابعة لحلف الناتو لهجوم عسكري روسي.
من ناحية أخرى، فإن تصريحات ترامب عن السلام الموعود تكشفها اسرار المباحثات مع القادة الاوكران. في الواقع، رسائل ترامب واضحة، لا مزيد من المساعدات المجانية. من الان فصاعداً سيضع ترامب يده على الرواسب المعدنية الهامة في أوكرانيا لسداد المليارات التي أنفقتها الولايات المتحدة في محاربة روسيا [33]. هذه العناصر النادرة التي تعادل ما قيمته 500 مليار دولار من الثروة المعدنية من أوكرانيا، لسداد ليس اكثر من 100 مليار دولار حصلت عليها كييف في حربها مع موسكو[34]. دون التزام أمريكي بالضمانات الأمنية والعسكرية التي تحتاجها كييف، ولتقريب وجهات النظر اقترحت واشنطن ملكية 50٪ من المعادن الحيوية في أوكرانيا في مسودة مُعدلة[35]. لاحقاً أعلن مسؤولون أوكرانيون إن كييف مستعدة لتوقيع اتفاقية بشأن التطوير المشترك لمواردها المعدنية، بما في ذلك النفط والغاز، بعد أن أسقطت الولايات المتحدة مطالبها بالحق في 500 مليار دولار من العائدات المحتملة من استغلال الموارد[36].
تحت سطح المناورات العسكرية وصنع السلام العرضي يكمن محرك أعمق للصراع المسلح. إنها: الموارد الطبيعية الهائلة لأوكرانيا. في الواقع، تملك اوكرانيا احتياطيات كبيرة من المعادن الأرضية النادرة الحيوية لأحدث التقنيات في العالم. في المجموع، يمكن أن تصل قيمة المعادن إلى تريليونات الدولارات [37]. بينما سئمت إدارة ترامب من إرسال مساعدات أمريكية إضافية إلى أوكرانيا، تتطلع الان للحصول على صفقة من المعادن النادرة تسمح لدافعي الضرائب الأمريكيين باسترداد الأموال المرسلة إلى كييف[38]. بالمقابل، نجحت روسيا في وضع يدها على المقاطعات الغنية بالموارد في دونيتسك وخيرسون ولوغانسك وزاباروجيا، إلى جانب شبه جزيرة القرم والبحر الأسود. هذه المناطق البحرية والأراضي الحدودية، الوفيرة بالهيدروكربونات والمعادن الحيوية مثل الجرافيت والليثيوم واليورانيوم، لا تشكل محوراً لسيادة أوكرانيا فحسب، بل وأيضاً لاستقلال أوروبا في مجال الطاقة والمنافسة بين الولايات المتحدة والصين على الهيمنة التكنولوجية. والسيطرة على هذه الموارد تشكل عاملاً حاسماً، وإن كان غير مقدر، في تشكيل مسار الصراع، ومن المؤكد تقريباً أنها ستؤثر على ملامح حله. ورغم أن موارد أوكرانيا غالباً ما تُغفَل عن العناوين الرئيسية، فإنها تشكل جزءاً أساسياً من رقعة الشطرنج الجيوسياسية المتطورة [39].
في سعيه للتخلص من العبئ الاوكراني الذي ورثه عن سلفه بايدن منذ مطلع العام 2022. يعمل ترامب على ترجمة اقواله الى افعال. ضمن هذا التوجه، صعدت واشنطن من إجراءاتها وإقترحت مشروع قرارها الخاص للأمم المتحدة بمناسبة الذكرى السنوية للحرب في أوكرانيا بعد رفضها قرار صاغته كييف وحظي بدعم اوروبي[40]. هذا المشروع لا يدين روسيا باعتبارها “المعتدية في الصراع”، ولا يقدم أي اعتراف بسلامة أراضي أوكرانيا [41]. بل على العكس من ذلك، ترى واشنطن ان هذا المشروع يتوافق مع وجهة نظر الرئيس ترامب بأن الأمم المتحدة يجب أن تعود إلى هدفها التأسيسي، على النحو المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، للحفاظ على السلام والأمن الدوليين، بما في ذلك من خلال التسوية السلمية للنزاعات[42]. على النقيض من ذلك، يشير مشروع القرار المقدم من الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا إلى «الغزو الشامل لأوكرانيا من قبل الاتحاد الروسي» ويطالب بالانسحاب الفوري وغير المشروط لجميع قوات موسكو[43]. هذا التحول الدراماتيكي في نهج واشنطن تجاه أوكرانيا قوض مواقف النخبة السياسية في الغرب بشأن المعايير المقبولة حول إنهاء الحرب[44]. ووضع اقرب اصدقاء واشنطن في مسار تصادمي مباشر في أروقة الامم المتحدة.
ثالثاً: توتر العلاقة على ضفتي الاطلسي
“ليس لدينا حلفاء أبديين، وليس لدينا أعداء دائمون. مصالحنا أبدية ودائمة، وتلك المصالح من واجبنا اتباعها”.
اللورد بالمرستون، مجلس العموم1848[45]
الولايات المتحدة وأوروبا حليفتان، أو على الاقل هذا ما لا يزال الأوروبيون يرغبون في تصديقه. هذا لا يعني أنهما لا يتنافسان اقتصادياً في الوقت نفسه، أو أنهما لا يختلفان في نقاط محددة تتعلق بالسياسة الخارجية. ولكنهما يدركان أنهما على الجانب نفسه عندما تسوء الأمور يسعيان دوماً إلى الحفاظ على الوحدة، باعتبارها هدفاً في حد ذاتها. ولكن يبدو أن إدارة ترامب الثانية تريد إثبات صحة ما قاله بالمرستون. فبالنسبة لهم، لا يستحق الحلفاء الأوروبيون أي اعتبار خاص. فمن الممكن إشراكهم أو عدم إشراكهم أو إجبارهم على ذلك، بما يتناسب مع مصلحة الولايات المتحدة. وإذا كان من الممكن إبرام صفقة مع روسيا بشأن قضية معينة دون مشاركة الأوروبيين أو حتى ضدهم، فليكن ذلك [46].
في هذا السياق، سادت حالة من الصدمة اوساط زعماء أوروبا خلال فعاليات مؤتمر ميونيخ للأمن، بعد أنباء تحدثت ان ترامب اجرى إتصالاً مباشراً مع الرئيس الروسي بوتين. دون التشاور مع أوكرانيا أو حلفاء الناتو. وأعلن ترامب عن المكالمة بعد وقوعها، إلى جانب الأخبار التي تفيد بأن المفاوضات المباشرة لإنهاء الحرب في أوكرانيا ستبدأ على الفور، وان الرياض ستكون منصة لهذا اللقاء [47]. في أوكرانيا، لدى الدول الأوروبية بعض الأوراق للعب، بهدف إيجاد موطئ قدم لهم في اللعبة الدائرة بين بوتين وترامب. فهم يمتلكون معظم الأصول الروسية المجمدة والتي من المفترض أن تشكل جزءًا من مفاوضاتهم مع بوتين، وهم أيضًا مستهلكاً رئيسيًا للغاز الروسي[48]. يقول كاجا كالاس، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي، «إذا كان هناك اتفاق تم التوصل إليه وراء ظهورنا، فلن ينجح ببساطة» ويضيف، “أنت بحاجة إلى الأوروبيين لتنفيذ هذه الصفقة”[49].
حتى اللحظة، اصبحت الحقائق واضحة بشكل مؤلم للاوروبيين انصار الحرب. فالموقف الامريكي من أوكرانيا واحتضان الموقف الروسي عمَق من الفجوة الناشئة بين الحلفاء على ضفتي الاطلسي. من ناحية، احتشد بعض القادة الأوروبيون خلف كييف وتعهدوا بسد الفجوة المالية والعسكرية التي سيخلفها وقف الامدادات الامريكية، رافضين فكرة ان تفوز امريكا بالعناصر النادرة، ويحصل الروس على الارض، وان يكتفي الاوروبيون بدفع الفواتير وتعريض أمنهم للخطر. لم تتأخر المواقف كثيراً، ورد على لسان وزير الدفاع الألماني قوله “ما كان ينبغي للولايات المتحدة تقديم تنازلات لروسيا قبل مفاوضات السلام من خلال استبعاد عضوية اوكرانيا من الناتو وقبول أن البلاد ستضطر للتنازل عن بعض اراضيها” [50]. بالمقابل، أظهر بعض القادة الاوروبيين مواقف داعمة لتوجهات الرئيس ترامب نحو ضرورة إنهاء الحرب عبر المفاوضات المباشرة بين واشنطن وموسكو، وأكد رئيس الوزراء المجري اوربان على ان كييف لا تمتلك اوراقاً ضاغطة للتفاوض مع موسكو وأنه “يتعين على الأمريكيين التوصل إلى اتفاق مع الروس. وبعد ذلك ستنتهي الحرب”. وأن “أي شخص يعتقد أن هذه الحرب ستنتهي من خلال المفاوضات الروسية الأوكرانية لا يعيش في هذا العالم [51].
بينما تمارس واشنطن دبلوماسية الاستطلاع – ترسل إدارة ترامب الاسئلة بإنتظار الاجوبة من الاطراف، ثم لاحقاً يجري موظفو البيت الابيض اتصالاتهم الهاتفية للتخفيض من حجم نفقات السفر. ضمن هذا التوجه، قرر كل من الرئيس البولندي دودا، الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني ستارمر السفر الى الولايات المتحدة للقاء الرئيس ترامب بشكل منفصل [52]، وفي مسعى لتقريب وجهات النظر ووقف التدهور السريع في العلاقات، تطرق كل من ماكرون وستارمر خلال لقائهما مع ترامب إلى قضايا الرسوم الجمركية التي يعتزم الرئيس الأمريكي فرضها على الأوروبيين. كما بذلا جهودًا لإقناعه بضرورة إنشاء شبكة أمان أمريكية لحماية أوكرانيا، تكون كفيلة بتوفير ردع فعال تجاه روسيا [53]. ومع ذلك، أصر ترامب على موقفه، مكلِّفًا أوروبا بمهمة حفظ السلام في أوكرانيا. لكنه يربط ذلك بشرط مسبق يتمثل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع موسكو، في خطوة تهدف إلى ضمان وصول الولايات المتحدة إلى الموارد القيمة التي يرى أنها مخبأة تحت الأراضي الأوكرانية.
لم تكن رؤية ترامب لاحلال السلام في اوكرانيا وصفقة المعادن الثمينة التي يتطلع للحصول عليها هي نقطة الخلاف الوحيدة بين ترامب والزعمال الاوروبيين. في وقت سابق ألمح ترامب إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يكون التالي لمواجهة الرسوم الجمركية، بعد أن فرض رسومًا بنسبة 25٪ على البضائع من المكسيك وكندا إلى جانب ضريبة إضافية بنسبة 10٪ على الواردات من الصين [54]. على تصعيد آخر، طالب ترامب الاعضاء في حلف الناتو أن ينفقوا 5٪ من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، وهي زيادة كبيرة عن الهدف الحالي البالغ 2٪. وكرر من جديد عدم استبعاد استخدام العمل العسكري أو الاقتصادي لمتابعة الاستحواذ على قناة بنما وجرينلاند، وطرح فكرة تحويل كندا إلى ولاية أمريكية [55]. هذه الاعلانات، تركت الاوروبيون يتدافعون للعثور على أموال إضافية لإعادة تجهيز جيوشهم، وضاعفت أيضًا من قلقهم بشأن رئيس أمريكي يعيد رسم التحالفات بسرعة [56].
يبدو ان سوء الطالع يلاحق الحلفاء الاوروبيين، على الطرف الجنوبي الشرقي لقارة آسيا، أمضت إدارة بايدن أربع سنوات في بناء جبهة موحدة مع أوروبا لمواجهة الصين. وبعد مرور شهر على ولاية ترامب الثانية، أصبحت هذه الجبهة الموحدة بمثابة أضرار جانبية حيث قلبت الإدارة الجديدة بشكل كبير نهج الرئيس السابق بايدن، وأصبحت صديقة لروسيا ونفرت من أوروبا [57]. ويبدو ان مفاوضات ترامب مع بوتين لا تجري على حساب أوكرانيا فحسب، بل تحمل أيضًا تداعيات أوسع على الصين. تاريخياً، كان العكس هو الصحيح – ساهم الانفتاح الاستراتيجي لهنري كيسنجر على الصين في الانهيار النهائي للاتحاد السوفيتي [58].
رابعاً: الحرب التجارية مع الصين والتعرفة الجمركية
إحدى القضايا المهمة التي تواجه دول الاتحاد الاوروبي هي الافتقار إلى الوحدة بين جميع الدول الأعضاء، حيث تختلف وجهات نظر الحكومات والقادة الوطنيين بشأن مجموعة من القضايا، بما في ذلك كيفية التعامل مع الصين. وفي حين تشترك معظم الدول الأعضاء في وجهة نظر مماثلة، إلا أن بعضها يتبنى مواقف مختلفة، مما يجعل من الصعب على دول الاتحاد الاتفاق على الاتجاه الذي يجب التحرك فيه وسرعة هذا التحرك [59]. بينما كانت الكتلة الاوروبية تزداد تورطاً في حرب اوكرانيا، اخذت الصين موقفاً حيادياً مائلاً نحو روسيا، الامر الي زاد من الفجوة بين الطرفين-الاوروبي والصيني. بعد ان تبنى القادة الاوروبيون شرطاً مسبقاً على بكين لتغيير موقفها من روسيا كأساس للتوصل إلى اتفاقات في مجالات تعاون مشتركة [60]. وعلى الرغم من دعوات بكين المتكررة بوجوب وقف إطلاق النار وتفعيل مبادئ الامم المتحدة، إلا انها كسبت قدراً كبيراً من فوائد هذه الحرب، بما فيها مزايا إقتصادية كبرى– من بينها، تنفيذ مشروع خط غاز “المسار الشرقي” القادم من روسيا امتدادا لأنابيب “قوة سيبيريا”، وربطته بشبكة شنغهاي للغاز على الساحل الجنوبي الشرقي للصين [61].
على الطرف الآخر، تلعب إدارة ترامب لعبة محسوبة مع روسيا، تهدف إلى تأمين فوائد اقتصادية مثل المواد الخام الأرخص ثمناً، بالتزامن مع إعادة تشكيل العلاقات الصينية الروسية. يبدو أن الهدف هو سحب موسكو بعيدًا عن خطوط بكين وإضعاف مواءمتها المتزايدة [62]. الامر الذي تنبهت له بكين سريعاً، في مؤتمر ميونيخ للأمن الحادي والستين، وضع وزير الخارجية وانج يي بكين في موقف المدافع القوي عن عالم متعدد الأقطاب، ونأى بنفسه عن حرب روسيا في أوكرانيا. بينما قارنت الصين نفسها بالولايات المتحدة، أكدت على حيادها وأدانت التدخل الغربي في الشؤون الداخلية، وخاصة فيما يتعلق بتايوان [63]. لكن هذا النمط من الخطاب لم يمنع ترامب من مواصلة فرض وتشديد القيود التجارية على بكين. تحت مبررات (1) وجوب وقف تدفق العقاقير المهربة مثل الفنتانيل إلى الاراضي الامريكية (2) قصور في إتخاذ المسؤولون الصينيون الإجراءات اللازمة لوقف هذا التدفق ووقف غسل الأموال من قبل المنظمات الإجرامية عبر الوطنية. وبالتالي، إتخذت إدارة ترامب إجراءات لمحاسبة الصين من بينها فرض تعرفة اضافية على واردات الصين بنسبة 10%، بالاضافة الى ذلك، اعلن ترامب إجراءات سريعة لحماية الأمن القومي الأمريكي من خلال تطبيق تعريفات جمركية على واردات الصلب والالومنيوم من عدة دول من بينها الصين بنسبة 25% [64]. وبالمثل، وقع ترامب مذكرة رئاسية للأمن القومي (NSPM) تهدف إلى تعزيز الاستثمار الأجنبي مع حماية مصالح الأمن القومي لأمريكا، لا سيما من التهديدات التي يشكلها الخصوم الأجانب مثل الصين. وأوعز ترامب الى لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (CFIUS) لتقييد الاستثمارات الصينية في القطاعات الاستراتيجية الأمريكية مثل التكنولوجيا والبنية التحتية الحيوية والرعاية الصحية والزراعة والطاقة والمواد الخام وغيرها [65].
لم تتوقف الاجراءات الامريكية الانتقامية عند المستوى التجاري، بل صعد وزير الدفاع الامريكي من لهجته تجاه الصين بإعتبارها منافسًا نظيرًا للولايات المتحدة، متهماً بكين بأن لديها القدرة والنية على تهديد واشنطن ومصالحها الوطنية الأساسية في منطقتي المحيطين الهندي والهادئ. وبالتالي، فإن هذا الوضع من وجهة نظر وزير الدفاع يعطي الولايات المتحدة الأولوية للردع في المحيط الهادئ، والاعتراف بواقع الندرة، وفرض مقايضة الموارد لضمان عدم فشل الردع [66]. رداً على هذه المواقف، علق الناطق بإسم المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية (CCPIT) بأن مجتمع الأعمال الصيني يعارض بشدة قيام الولايات المتحدة بإرهاق مفهوم الأمن القومي وعرقلة التبادلات الاقتصادية والتجارية الثنائية [67]. وكشف المتحدث بان واشنطن لا تقيد الاستثمار مع الصين في قطاعات [التكنولوجيا والبنية التحتية الحيوية والرعاية الصحية والزراعة والطاقة والمواد الخام] من خلال المراجعات الأمنية فحسب، بل تستخدم أيضًا العقوبات الاقتصادية والمراجعات المالية لتعزيز الضوابط على الاستثمار في الصين من حيث نطاق الصناعة وأنواع الاستثمار ومصادر التمويل[68].
هذه الاجراءات لها ايقاع مألوف في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. ومع ذلك، عندما تستخدم دولة ما التعريفات الجمركية -زيادة الضرائب على السلع المستوردة، أو غيرها من العقوبات للإضرار باقتصاد دولة أخرى، فإن النتيجة غالبًا ما تكون الانتقام والحرب التجارية. وعلى الرغم من أن الرسوم الجمركية الصينية جاءت في سياق الرد على سياسات ترامب الانتقامية، إلا ان تأثيرها على المستورد الامريكي كانت اسوأ لأن الصين سرعان ما وجدت مُوردين بديلين للسلع التي كانت تحصل عليها من الولايات المتحدة بسهولة من جارتها روسيا ودول أخرى، في غضون ذلك، كافحت الولايات المتحدة لاستبدال الواردات الصينية، مما أجبر الشركات والمستهلكين الأمريكيين على تحمل العبء الأكبر من تعريفات ترامب [69].
تظهر سياسات ترامب غير محسوبة العواقب، ان عقيدة كيسنجر وملاحظاته المتعلقة بتعدد السلطات وسياسات الاتحاد الاوروبي التي تصل حد التناقض والتي عبر عنها بعبارته الساخرة “بمن سأتصل عندما أريد التحدث إلى أوروبا [70]؟ وتلك، الخاصة بالتحذير من ترسيخ العلاقة بين الصين والاتحاد السوفييتي زمن الحرب الباردة [71] (روسيا الاتحادية الوريث)، تم كسرها او تكاد بفعل سياسات ترامب. وعند التدقيق في مواقف الحليفين الكبيرين -بكين وموسكو فكلاهما متفقان على ضرورة كسر الهيمنة الامريكية على العالم وإعادة تشكيل نظام دولي قائم على تعدد الاقطاب و/او التحالفات. بين بكين وموسكو توثقت الروابط قبل إجراءات ترامب، على مدار سنوات الحرب على الارض الاوكرانية، وفر الحليفان ما يحتاجه كل منهما وارسلت موسكو وبكين رسائل سياسية ثابته الى بريد واشنطن وبروكسل. جوهرها، معارضة القطبين الكبيرين وبحزم لأي سلوك أحادي الجانب يتجاهل مصالح بلديهما لا سيما من قبل واشنطن، بما يشمل قرارات او إجراءات تعرض سيادتهما وأمنهما ومصالحهما الإنمائية للخطر. بالمقابل، أظهرت دول الاتحاد الاوروبي تبايناً في المواقف وكسرت بنفسها العقوبات التي فرضتها على موسكو عبر وسيط ثالث لتحقيق مصالحها.
بينما سعت واشنطن وحلفائها في حلف الناتو لكسر آلة حرب بوتين وتشديد الخناق على الصين، وطدت كل من موسكو وبكين علاقاتها الاقتصادية والتجارية. وبلغ حجم التبادلات التجارية بينهما أعلى مستوى قياسي في العام 2024 وصلت الى 244.8 مليار دولار، مقارنة بالزيادة البالغة 26.3٪ التي شهدها العام 2023 [72]. بالقدر نفسه، عزز القطبان وتيرة التنسيق في الجوانب الامنية والسياسية للحد من النفوذ الامريكي وثني النظام الدولي لصالحهما. من ناحية، أطلق الجيشين الروسي والصيني عدة مناورات بحرية مشتركة في بحر اليابان ومناطق الشرق الاقصى الروسي. في الوقت الذي تعزز فيه بكين وموسكو تحالفهما كموازنة لما يرون أنه هيمنة أمريكية على الشؤون العالمية [73]. نشط الطرفان التعاون والتنسيق في مناطق مهمة منها القطب الشمالي ودول آسيا الوسطى. وتمدد نفوذ البلدين عبر مجموعة بريكس ليشمل عدداً من دول الشرق الاوسط والقارة الافريقية بالاضافة الى امريكا اللاتينية. مع الاحتفاظ بمستوى معين من العلاقات المتباينة مع بعض الدول الاوروبية (هنجاريا، والمانيا على سبيل المثال).
تصريحات ترامب بفرض تعرفة جمركية على الواردات الاوروبية أحدثت حالة من التوتر التجاري داخل الكتلة الاوروبية. وفي خطوة معاكسة للمواقف السابقة، أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين إلى نهج مُعاد ضبطه تجاه العلاقة مع الصين. وأعادت تأكيد التزام الاتحاد الأوروبي بما وصفته «التخلص من المخاطر»، لكنها سلطت الضوء أيضًا على فرص تعميق العلاقات التجارية والاستثمارية مع بكين [74]. بالاضافة الى ذلك، اشارت المفوضة الاوروبية في تعليقها على قرار ترامب رفع الرسوم الجمركية على منتجات الصلب والالومنيوم بنسبة 25% وعدد اخرى من السلع الاوروبية المستوردة، بأن الاتحاد الأوروبي سيعمل على حماية مصالحه الاقتصادية. وقالت «سنحمي عمالنا وشركاتنا ومستهلكينا» [75].
شكلت عودة ترامب إلى البيت الأبيض انحرافا عن المسار التقليدي للسياسة الخارجية الأميركية. بما يشمل إعادة معايرة الأولويات، وتحول في التركيز نحو الصين، باعتبارها التحدي الجيوسياسي الأساسي في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى تخفيف التوترات مع روسيا. ويؤكد هذا التغيير على الاعتقاد بأن العداء المستمر تجاه موسكو لا يخدم إلا لدفع روسيا إلى أبعد من مدار الصين الاستراتيجي. والافتراض وراء هذا النهج هو أن الشراكة الصينية الروسية الراسخة تمثل التحدي الأكثر صعوبة للهيمنة الأميركية. وإذا عمّقت القوتان تنسيقهما العسكري والاقتصادي والدبلوماسي، هذا يعني ببساطة، أن واشنطن تواجه بيئة تهديد أكثر تعقيدا إلى حد كبير. ومن خلال تقديم حوافز دبلوماسية واقتصادية لروسيا، تعتقد إدارة ترامب ان هذه السياسة ستؤدي إلى إضعاف الشراكة ومنع بكين من الاستفادة من موارد موسكو في مواجهة محتملة مع الولايات المتحدة [76].
يعتقد ترامب ان العصر الذهبي لامريكا قد عاد مع إعادة إنتخابه رئيسا للولايات المتحدة بتفويض شعبي كبير. وأن الولايات المتحدة ستعود قريبًا أقوى وأكثر ثراءً وأكثر اتحادًا من أي وقت مضى، وسيصبح الكوكب بأكمله أكثر سلامًا وازدهارًا نتيجة لهذا الزخم المذهل وما نقوم به وسنفعله [77]. وفي محاولة منه لتفعيل محركات العظمة الامريكية، أطلق ترامب تهديداته العابرة للكوكب طالت الحلفاء والاصدقاء على حد سواء. الى جانب إعلان إنسحاب واشنطن من العديد من المنظمات والهيئات الدولية، فإن عدد الأوامر التنفيذية الصادرة عن الرئيس ترامب لن تكون أقل إثارة للقلق بالنسبة للمجتمع الدولي. “إذا استمر هذا، فلن تكون عواقب ولاية ترامب الثانية قابلة للقياس في الغلاف الجوي فحسب، بل ستؤثر على الناس والمجتمعات والعالم الطبيعي[78].
النتائج
استراتيجية ترامب، التي تهدف إلى استعادة ما يعتبره عظمة أمريكا المفقودة والتخلص من إرث بايدن، تتسم بتناقضات جلية في القرارات والمواقف. فعلى الرغم من تركيزه على تعزيز المصالح الأمريكية، إلا أن سياساته الخارجية لا شك أنها ستؤدي إلى توتر علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها التقليديين في أنحاء العالم. كما أن هذه السياسات تُضعف الاتفاقيات متعددة الأطراف، مما يهدد أسس النظام الدولي القائم على القواعد ويعزز حالة عدم الاستقرار والأمن العالمي.
تعكس رؤى ترامب حول آليات تسوية النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني محدودية واضحة في إدراكه لطبيعة هذا الصراع وأبعاده التاريخية والسياسية، وهو ما يبدو جليًا في الأفكار التي طرحها. منطلقًا من منظور رجل الأعمال، يتصور ترامب أن تهجير المواطنين الفلسطينيين البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون نسمة من قطاع غزة، قد يمكنه من تنفيذ رؤيته الطوباوية لإقامة “ريفييرا الشرق الأوسط”، كنموذج يقوده رأس المال الأميركي وتهيمن عليه الشركات الكبرى. هذه الرؤية، وفقًا له، كفيلة بتوفير آلاف الفرص الاستثمارية والوظائف، لكنها مخصصة لغير الفلسطينيين. وعلى الرغم من أن ترامب كان خلال ولايته الأولى على تماس عميق مع سياسات المنطقة، بما في ذلك قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، إلا أن مثل هذا التصور يعكس نقصًا في التعقيد والحساسية اللازمين لفهم طبيعة الصراع، مما يجعله يبدو تبسيطيًا وساذجًا في آن واحد. وعند التأمل في الكوارث التي ألمّت بالشعب العربي الفلسطيني منذ إعلان وعد بلفور المشؤوم، مروراً بتأسيس دولة إسرائيل على أنقاض السكان الأصليين عام 1948، ثم النكسة الكبرى عام 1967، وما تلا ذلك من ممارسات وسياسات احتلالية تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم التاريخية حتى يومنا هذا، يمكن استنتاج حقيقة واحدة. تتمثل في أن تلك السياسات الاستعمارية قد باءت بالفشل في تحقيق أهدافها. وأن الشعب العربي الفلسطيني اثبت عبر العقود تمسّكه العميق بأرضه وإرادته الصلبة في مواجهة محاولات الاقتلاع والتهجير.
السياسات التي يتبناها دونالد ترامب تجاه أوروبا تدفع العلاقات التاريخية بين الطرفين نحو صراع قد يغير بشكل جذري طبيعة العلاقات عبر الأطلسي. لا تقتصر هذه التوترات على قضية واحدة فحسب، بل تشمل مجموعة من القضايا المتشابكة، بدءًا من مطالبة الدول الأوروبية برفع إنفاقها في ميزانية الناتو الى 5% بدلاً من 2%، مرورًا بالرؤى المطروحة حول إنهاء الصراع الروسي-الأوكراني وسيطرة واشنطن على مقدرات وموارد اوكرانيا بشكل كامل، والرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الأوروبية، وصولاً إلى مقترحات مثيرة مثل ضم جزيرة غرينلاند أو التعامل مع كندا وكأنها ولاية أمريكية. يبدو أن هذه القضايا مجتمعة ستخلق تأثيرًا تحويليًا عميقًا على العلاقات عبر الأطلسي، مما يعيد تشكيل التحالفات وفق قواعد جديدة تفرضها إدارة ترامب، متجاوزة القواعد التقليدية التي حكمت هذه العلاقات منذ الحرب العالمية الثانية. في حال استمر ترامب في مطالبه دون وجود اتفاق شامل “صفقة كبرى” يلبي هذا النهج الجديد، فإن الصدام مع الاوروبيين يبدو مسألة وقت. وقد تضطر دول الاتحاد الأوروبي في هذه الحالة إلى إعادة تعريف مسارها السياسي والاقتصادي المستقل بعيدًا عن الولايات المتحدة، ومع الأخذ بعين الاعتبار التباين في المواقف بشأن القضايا الخلافية مع ترامب، يبدو أن تفكك الاتحاد الأوروبي بصورته الحالية أصبح احتمالًا واردًا.
إعلان الرئيس ترامب عن رغبته في التوصل إلى اتفاق مع روسيا لإنهاء الصراع في أوكرانيا يعكس مجموعة من الأهداف الاستراتيجية. أبرز هذه الأهداف هو فتح قنوات تتيح للولايات المتحدة الحصول على موارد الأرض النادرة، والتي تعد حيوية للصناعات التقنية والعسكرية، في مقابل مليارات الدولارات التي قدمتها لأوكرانيا طوال السنوات الثلاث الأخيرة من الحرب. ومع ذلك، لم يتطرق ترامب إلى تقديم أي ضمانات لاستمرار تدفق المساعدات الأمريكية أو إبداء موافقة ضمنية على انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو. بل على العكس من ذلك، تعرض الرئيس الاوكراني زيلينسكي لموجة توبيخ على الهواء مباشرة خلال لقاء صحفي في البيت الابيض جمعه بالرئيس ترامب ونائبه جي دي فانس. وهذه إشارات واضحة تهدف إلى السعي باستمالة موسكو وإغرائها بالابتعاد عن تحالفها المتنامي مع بكين، الذي تطور خلال فترة الحرب. هذه الخطوة تعكس قناعته بأن استمرار الشراكة بين روسيا والصين يشكل تهديدًا كبيرًا للهيمنة الأمريكية على النظام العالمي، وقد يلهم دولًا أخرى مناهضة لسياسات واشنطن بالانضمام إلى هذا التحالف، مما يزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي العالمي.
بينما يسعى الرئيس ترامب للحصول على مساعدة الصين، الحليف المقرب لروسيا، لإنهاء الحرب في اوكرانيا، بدا واضحًا أن خطته لإحلال السلام معقدة للغاية. لقد اختار فرض تعريفات جمركية شاملة بنسبة تتراوح بين 10٪ -25٪ على الواردات الصينية للولايات المتحدة، في خطوة يمكن أن تصعد التوترات مع بكين، التي كانت تأمل في تجنب حرب تجارية مع واشنطن. ورغم ذلك، قد تمثل الحرب في أوكرانيا نقطة تقاطع نادرة بين الطرفين للتعاون. إذا استخدم ترامب السياسة الاقتصادية كوسيلة لتأسيس علاقات إيجابية مع الصين، فإن الأخيرة تمتلك بدورها القدرة على المناورة. فهي تسعى بجد لتحديد موقعها كوسيط سلام محتمل في النزاع، وقد قدمت بالفعل عدة مقترحات لحل الأزمة. غير أن الواقع الذي لا يمكن إنكاره في الغرب هو أنه حتى الآن، تميل بكين بقوة نحو موسكو في هذه الحرب. مع العلاقات الوثيقة بين الرئيسين الصيني شي والروسي بوتين، تبدو طاولة المفاوضات الصينية بيئة تملك فيها روسيا ميزة أكبر مقارنة بواشنطن. بالنسبة لترامب، هذا الواقع يفرض تحديًا يستوجب الحذر، حيث يجب عليه أن يتحرك بدقة لتجنب المزيد من عزلة الحلفاء الأوروبيين الذين يعتبرهم – بشكل متزايد – عبئًا ماليًا على الولايات المتحدة. بالمقابل، عليه قراءة التصريحات الصادرة عن كل من بكين وموسكو بشأن محاولاته إيجاد فجوة في العلاقة المتنامية بينهما والتي اصبحت غير قابلة للكسر.
المراجع
1. Alain Frachon (2025). ‘Trump’s announcement of a ‘Riviera’ in Gaza, would be laughable if the situation wasn’t so grave’. Lemond, 13 Feb. 2025. https://www.lemonde.fr/en/opinion/article/2025/02/06/trump-s-announcement-of-a-riviera-in-gaza-would-be-laughable-if-the-situation-wasn-t-so-grave_6737866_23.html
2. Trump: The Art of The Deal. Ballantine Books New York. 1987. https://www.propmgmtforms.com/forms/ebooks/trump-the-art-of-the-deal.pdf
3. An Economic Plan for Rebuilding Gaza: A BOT Approach Joseph Pelzman. July 21, 2024. https://ceesmena.org/wp-content/uploads/2024/10/An-Economic-Plan-for-Rebuilding-Gaza__A-BOT-Approach-_FINAL_July-21_2024.pdf
4. Bess Levin (2024). Jared Kushner Says Israel Should “Finish the Job” in Gaza So It Can Focus on Building Valuable “Waterfront Property”. Vanity Fair Web, March 20, 2024.
https://www.vanityfair.com/news/jared-kushner-israel-gaza-waterfront-property?srsltid=AfmBOooi6BUGGhBboclIvPW_zOd2uIr98vV_TtSWUdbfdlrXIv4bVn9s
5. Viser, Alemany and Birnbaum, (2025). Riviera of the Middle East: How Trump sees Gaza as a real estate deal. Washington Post, Feb. 7, 2025.
https://www.washingtonpost.com/politics/2025/02/07/trump-gaza-redevelopment/
6. Middle East Initiative. Belfer Center. https://www.youtube.com/watch?v=dtaIHr5S0ts
7. Jacob Magid (2025). Jared Kushner behind Trump’s plan to take over Gaza. The Times of Israel. Feb.5, 2025.
https://www.timesofisrael.com/liveblog_entry/report-jared-kushner-behind-trumps-plan-to-take-over-gaza/
8. Stephen Collinson, (2025). Trump’s Gaza ‘Riviera’ plan is the most outlandish idea in the history of US Middle East peace-making. CNN, Feb.5, 2025
https://edition.cnn.com/2025/02/05/politics/trump-gaza-takeover-analysis/index.html
9. DNYUZ, (2025). ‘Riviera’ in Gaza and Aid Agency Assault Capture Trump’s Vision of U.S. Power. Feb. 5, 2025.
https://dnyuz.com/2025/02/05/riviera-in-gaza-and-aid-agency-assault-capture-trumps-vision-of-u-s-power/
10. Archie Bland, (2025). The outlandish plan to turn Gaza into a ‘riviera of the Middle East’. The Guardian, Feb.6, 2025.
https://www.theguardian.com/world/2025/feb/06/thursday-briefing-first-edition-gaza-riviera-middle-east-donald-trump
11. David Suissa, (2022). The Gaza Riviera, Part 2. Jewish Journal, Aug. 11, 2022.
12. Michael Kruse, (2016). The Executive Mr. Trump. Politico, July/August,2016
https://www.politico.com/magazine/story/2016/07/2016-donald-trump-boss-employer-company-hired-fired-employees-workers-management-business-214020/
13. Aditi Bhaduri, (025). Trump’s Gaza ‘Riviera’ Plan Will Show How United The Arabs Really Are. NDTV, Feb 14, 2025.
https://www.ndtv.com/opinion/trumps-gaza-riviera-plan-will-show-how-united-arab-world-really-is-7707875
14. Homeira Moshirzadeh, Shayan Afrasiabi (2021). Trump’s Cognition and His Unorthodox Foreign Policy Approach. Journal of the World Sociopolitical Studies, Volume 5, Issue 3. Summer 2021. https://wsps.ut.ac.ir/article_86722.html
15. Joseph Krauss, (2025). Trump wants Egypt and Jordan to let in Palestinian refugees from Gaza. Here’s why the idea is rejected. Associated Press, Jan 26, 2025.
https://www.pbs.org/newshour/politics/trump-wants-egypt-and-jordan-to-let-in-palestinian-refugees-from-gaza-heres-why-the-idea-is-rejected
16. Dennis Ross, Dana Stroul (2025). How Trump, Arab Leaders, and Israel Can Close the Gaps on Gaza. Washington Institute for Near East Policy, Feb 7, 2025.
https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/how-trump-arab-leaders-and-israel-can-close-gaps-gaza
17. Atlantic Council expert (2025). experts react: Is the US really going to ‘take over’ the Gaza Strip? February 5, 2025.
Experts react: Is the US really going to ‘take over’ the Gaza Strip?
18. Times of India (2025). ‘World War III is not so far away’: Donald Trump claims his leadership would prevent it. Feb 21, 2025.
https://timesofindia.indiatimes.com/world/us/world-war-iii-is-not-so-far-away-donald-trump-claims-his-leadership-would-prevent-it/articleshow/118434742.cms
19. HT News Desk, (2025). World War III not far away but…’: US President Donald Trump. Hindustan Time, Feb 21, 2025.
https://www.hindustantimes.com/world-news/us-news/world-war-iii-not-far-away-but-says-us-president-donald-trump-101740102352718.html
20. White House (2025). Reevaluating and Realigning United States Foreign Aid, Executive Order. Jan. 20, 2025
https://www.whitehouse.gov/presidential-actions/2025/01/reevaluating-and-realigning-united-states-foreign-aid/
21. Donald Trump. Truth Social, Feb 19, 2025. https://truthsocial.com/@realDonaldTrump/posts/114031332924234939
22. Kiel Institute (2025). Ukraine support after 3 years of war: Aid flows remain low but steady – Shift towards weapons procurement. IFW, Jan.14.2025
https://www.ifw-kiel.de/publications/news/ukraine-support-after-3-years-of-war-aid-flows-remain-low-but-steady-shift-towards-weapons-procurement/
23. Daniel Dale, (2025). Fact checks: Trump falsely claims Zelensky has a 4% approval rating. It’s above 50%. CNN, February 19, 2025.
https://edition.cnn.com/2025/02/19/politics/fact-check-trump-falsely-claims-zelensky-has-a-4-approval-rating-its-above-50/index.html
24. Ivana Kottasová, (2025). Trump falsely calls Zelensky ‘a dictator’ after Ukraine’s leader accuses him of living in ‘disinformation space’. CNN, February 19, 2025
https://edition.cnn.com/2025/02/19/europe/zelensky-trump-reaction-intl/index.html
25. Daniel Dale, (2025). Fact checks: Trump falsely claims Zelensky has a 4% approval rating. It’s above 50%. CNN, February 19, 2025.
https://edition.cnn.com/2025/02/19/politics/fact-check-trumps-lies-about-zelensky-and-ukraine/index.html
26. Matt Murphy & Jake Horton, (2025). Fact-checking Trump’s claims about war in Ukraine. BBC, Febr.19, 2025.
https://www.bbc.com/news/articles/c9814k2jlxko
27. David L. Stern and Ellen Francis, (2025). Amid a war of words, Trump’s envoy meets Ukraine’s Zelensky. The Washington Post, Feb. 20, 2025.
https://www.washingtonpost.com/world/2025/02/20/ukraine-russia-trump-kellogg-europe/
28. Tom Watling (2025). What are Ukraine’s rare earth minerals, where are they and what will the deal with Trump involve? Independent, Feb. 28, 2025.
https://www.independent.co.uk/news/world/europe/ukraine-minerals-deal-trump-rare-earth-b2702039.html
29. Alison Durkee (2025). Zelensky Says He Won’t Accept Any Russia Deal Trump Makes Without Ukraine. Forbes, Feb 16, 2025.
https://www.forbes.com/sites/alisondurkee/2025/02/16/zelensky-says-he-wont-accept-any-russia-deal-trump-makes-without-ukraine/
30. Ambrose Evans-Pritchard (2025). Revealed: Trump’s confidential plan to put Ukraine in a stranglehold. Telegraph, Feb. 17 2025.
https://www.telegraph.co.uk/business/2025/02/17/revealed-trump-confidential-plan-ukraine-stranglehold/
31. Alexander Korolev (2025), Trump wants to do a deal for Ukraine’s critical minerals. Will Zelensky give him what he wants – or will Putin? The Conservative, Feb. 19, 2025.
https://theconversation.com/trump-wants-to-do-a-deal-for-ukraines-critical-minerals-will-zelensky-give-him-what-he-wants-or-will-putin-250064
32. US Department of Defence (2025). Opening Remarks by Secretary of Defense Pete Hegseth at Ukraine Defense Contact Group (As Delivered). Department of Defence, Feb. 12, 2025.
https://www.defense.gov/News/Speeches/Speech/Article/%204064113/opening-remarks-by-secretary-of-defense-pete-hegseth-at-ukraine-defense-contact/
33. Warren Murray (2025). Ukraine war briefing: Zelenskyy waves away first US bid for critical minerals. The Guardian, Feb.17, 2025.
https://www.theguardian.com/world/2025/feb/17/ukraine-war-briefing-zelenskyy-waves-away-first-us-bid-for-critical-minerals
34. Reuters Web, (2025). Zelenskiy, on US minerals deal, says: I can’t sell Ukraine. Reuters. Feb. 19, 2025.
https://www.reuters.com/world/europe/zelenskiy-us-minerals-deal-says-i-cant-sell-ukraine-2025-02-19/
35. Jonathan Landay, Tom Balmforth and Dan Peleschuk (2025). Zelenskiy says draft US minerals deal ‘does not protect’ Ukraine. Reuters, Feb. 16, 2025.
https://www.reuters.com/markets/commodities/zelenskiy-says-draft-us-minerals-deal-not-ready-yet-it-does-not-protect-ukraine-2025-02-15/
36. Christopher Miller, Alec Russell and Gideon Rachman (2025). Ukraine reaches minerals deal with United States. Financial Times, Feb. 25, 2025.
https://financialpost.com/financial-times/ukraine-agrees-minerals-deal-us
37. Barak Ravid & Marc Caputo (2025). Scoop: U.S. and Ukraine discuss “improved” minerals deal after Trump raged at Zelensky. Axios, Feb. 20, 2025.
https://www.axios.com/2025/02/20/us-ukraine-rare-earth-minerals-agreement
38. Emma Burrows (2025). US presented Ukraine with a document to access its minerals but offered almost nothing in return. AP. Feb. 17, 2025.
https://apnews.com/article/ukraine-us-zelenskyy-agreement-trump-minerals-4d5eefcc44c9f17f330db98d81720b29
39. Robert Muggah & Rafal Rohozinski (2025). The Mineral Wars – How Ukraine’s Critical Minerals Will Fuel Future Geopolitical Rivalries. CIRSD, 2025.
https://www.cirsd.org/en/horizons/horizons-winter-2025-issue-no-29/the-mineral-wars
40. Jennifer Hansler and Shania Shelton (2025). The US proposes its own UN resolution marking anniversary of the war in Ukraine after refusing to back the European statement. CNN. Feb. 22, 2025
https://edition.cnn.com/2025/02/22/politics/ukraine-war-us-proposes-un-resolution/index.html
41. Jennifer Hansler and Shania Shelton (2025). US proposes its own UN resolution marking anniversary of the war in Ukraine after refusing to back European statement, CNN. Feb. 23, 2025.
https://www.msn.com/en-ca/news/world/us-proposes-its-own-un-resolution-marking-anniversary-of-war-in-ukraine-after-refusing-to-back-european-statement/ar-AA1zA7Sm?apiversion=v2&noservercache=1&domshim=1&renderwebcomponents=1&wcseo=1&batchservertelemetry=1&noservertelemetry=1
42. Marco Rubio, Secretary of State (2025). UN Must Act to Bring Peace to Europe. Press Statement, US Department of State, Feb. 21, 2025.
https://www.state.gov/the-un-must-act-to-bring-peace-to-europe/
43. RFE (2025). UN General Assembly Weighs Competing Resolutions Marking the Third Anniversary of War in Ukraine. Radio Free Europe, Feb. 22, 2025.
https://www.rferl.org/a/ukraine-russia-general-assembly-resolution/33323854.html
44. Alexander Korolev (2025), Trump wants to do a deal for Ukraine’s critical minerals. Will Zelensky give him what he wants – or will Putin? The Conservative, Feb. 19, 2025.
https://theconversation.com/trump-wants-to-do-a-deal-for-ukraines-critical-minerals-will-zelensky-give-him-what-he-wants-or-will-putin-250064
45. Oxford Reference. Lord Palmerston 1784–1865. British statesman; Prime Minister, 1855–8, 1859–65
https://www.oxfordreference.com/display/10.1093/acref/9780191826719.001.0001/q-oro-ed4-00008130
46. Sven Biscop (2025). Trump’s Europe Policy: No Longer Different from Russia and China? Egmont Institute, Febr.20, 2025.
Trump’s Europe Policy: No longer Different from Russia and China?
47. Bronwen Maddox (2025). Trump’s ‘electroshock’ on Ukraine ends the debate: Europe cannot rely on the US for its security. Chatham House, Feb. 14, 2025.
https://www.chathamhouse.org/2025/02/trumps-electroshock-ukraine-ends-debate-europe-cannot-rely-us-its-security
48. Ibid.
49. Jorge Liboreiro (2025). Worst-case scenario: Why Trump’s push for negotiations has put Europe on total edge. Euro News, Feb. 21,2025.
https://www.euronews.com/my-europe/2025/02/21/worst-case-scenario-why-trumps-push-for-negotiations-has-put-europe-on-total-edge
50. Dan Sabbagh & Eleni Courea (2025). US should not have made concessions to Russia over Ukraine, says German minister. The Guardian Feb.13, 2025.
https://www.theguardian.com/world/2025/feb/13/us-should-not-have-made-concessions-to-russia-over-ukraine-german-minister-says
51. Wilhelmine Preussen (2022). Viktor Orbán says Donald Trump’s the one to end war in Ukraine. Politico, Oct. 11, 2022.
https://www.politico.eu/article/viktor-orban-donald-trump-end-war-ukraine-russia/
52. Katarzyna-Maria Skiba 92025). European leaders to visit Trump following realigned US commitments to Ukraine. Euro News, Feb.22, 2025.
https://www.euronews.com/my-europe/2025/02/22/european-leaders-to-visit-trump-following-realigned-us-commitments-to-ukraine
53. Patrick Wintour (2025). Starmer must take the baton from Macron in an effort to sway Trump on Ukraine: the Guardian, 25 Feb. 2025.
https://www.theguardian.com/us-news/2025/feb/25/starmer-must-pick-a-way-through-trumps-chaos-to-find-some-coherence
54. Nomia Iqbal, João da Silva & Michael Race (2025). EU tariffs ‘pretty soon’ but UK can be worked out – Trump. BBC News, Feb.3, 2025.
https://www.bbc.com/news/articles/cn4zgx808g7o
55. Euractiv (2025). Trump says NATO members should spend 5% of GDP on defence. Euractiv & Reuters, Jan 8, 2025.
56. Laura Kayali, Jacopo Barigazzi, Jack Detsch and Joshua Posaner (2025). Trump’s uphill battle to make NATO allies hit his mega defense spending target. Politico, Feb. 13, 2025.
https://www.politico.eu/article/donald-trump-nato-allies-defense-spending/
57. Lili Pike (2025). Trump’s Europe Shock Creates an Opening for China. Foreign Policy, Feb. 20, 2025.
58. Vita Golod (2025). What Trump’s Tilt Toward Russia Means for China. The Diplomat, Feb. 21, 2025.
https://thediplomat.com/2025/02/what-trumps-tilt-toward-russia-means-for-china/
59. Andreea BRINZA, Una Aleksandra BĒRZIŅA-ČERENKOVA, Philippe LE CORRE, John SEAMAN, Richard TURCSÁNYI, Stefan VLADISAVLJEV (2024). EU-China relations: De-risking or de-coupling −the future of the EU strategy towards China. European Parliament coordinator: Policy Department for External Relations Directorate-General for External Policies of the Union PE 754.446 – March 2024.
https://www.europarl.europa.eu/RegData/etudes/STUD/2024/754446/EXPO_STU(2024)754446_EN.pdf
60. Sven Biscop (2025). Trump’s Europe Policy: No Longer Different from Russia and China? Egmont Institute Feb.20, 2025.
Trump’s Europe Policy: No longer Different from Russia and China?
61. China-Russia east-route gas pipeline now fully operational.shanghai.gov.cn| December 06, 2024
https://english.shanghai.gov.cn/en-Latest-WhatsNew/20241206/62527103 6d414f33946427023d6d12cb.html
62. Vita Golod (2025). What Trump’s Tilt Toward Russia Means for China. The Diplomat, Feb. 21, 2025.
https://thediplomat.com/2025/02/what-trumps-tilt-toward-russia-means-for-china/
63. Johann C. Fuhrmann (2025). China at the Munich Security Conference. KONRAD ADENAUER STIFTUNG, Feb.18, 2025.
https://www.kas.de/en/country-reports/detail/-/content/china-bei-der-muenchner-sicherheitskonferenz
64. Fact Sheet: President Donald J. Trump Imposes Tariffs on Imports from Canada, Mexico, and China. The White House, Feb. 1, 2025
https://www.whitehouse.gov/fact-sheets/2025/02/fact-sheet-president-donald-j-trump-imposes-tariffs-on-imports-from-canada-mexico-and-china/
65. Fact Sheet: President Donald J. Trump Encourages Foreign Investment While Protecting National Security, The White House, Feb. 21, 2025.
https://www.whitehouse.gov/fact-sheets/2025/02/fact-sheet-president-donald-j-trump-encourages-foreign-investment-while-protecting-national-security/
66. US Department of Defence (2025). Opening Remarks by Secretary of Defense Pete Hegseth at Ukraine Defense Contact Group. Feb. 12, 2025, Secretary of Defense Pete Hegseth, Brussels, Belgium
https://www.defense.gov/News/Speeches/Speech/Article/%204064113/opening-remarks-by-secretary-of-defense-pete-hegseth-at-ukraine-defense-contact/
67. Huaxia (2025). China’s business community opposes the U.S. overstretching national security concept, hindering economic, and trade exchanges. Source: Xinhua Editor: Huaxia, Feb.24, 2025.
https://english.news.cn/20250224/2574f20e71fa4dd7b8671d91fc16f43c/c.html
68. China Daily (2025). China’s business community opposes the US’s overstretching national security concept, hindering economic, and trade exchanges. China Daily, 24 Feb. 2025.
https://www.chinadaily.com.cn/a/202502/24/WS67bbe72ba310c240449d6dff.html
69. Nancy Qian (2025). Trump’s Trade War Is About More Than Trade. Kellogg Insight, Feb 17, 2025.
https://insight.kellogg.northwestern.edu/article/trumps-trade-war-china
70. John Downing (2023). Who do I call when I want to talk to Europe?’ – Henry Kissinger’s ‘quote’ illustrates EU foreign policy problems. Irish Independent, Apr. 15, 2023
https://www.independent.ie/opinion/comment/who-do-i-call-when-i-want-to-talk-to-europe-henry-kissingers-quote-illustrates-eu-foreign-policy-problems/42433502.html
71. Henry Kissinger, The Architect of China shift to US from Russia is no more. [ABS News Service/30.11.2023].
https://worldtradescanner.com/Henry%20Kissinger,%20The%20Architect%20of%20China%20shift%20to%20US%20from%20Russia%20is%20no%20more.htm
72. AFP (2025). China-Russia Trade Hit Record High in 2024. The Moscow Times. Jan. 13, 2025
https://www.themoscowtimes.com/2025/01/13/china-russia-trade-hit-record-high-in-2024-a87590
73. Russia, China Kick Off ‘Ocean 2024’ Joint Naval Exercises. The Moscow Times, Sep. 10, 2024
https://www.themoscowtimes.com/2024/09/10/russia-china-kick-off-ocean-2024-joint-naval-exercises-a86318
74. China Briefing Team (2025). EU-China Relations After the 2024 European Elections: A Timeline. China Briefing, Feb. 26, 2025.
https://www.china-briefing.com/news/eu-china-relations-after-the-2024-european-elections-a-timeline/
75. EU-US trade: how tariffs could impact Europe. European Parlement, 13-02-2025
https://www.europarl.europa.eu/topics/en/article/20250210STO26801/eu-us-trade-how-tariffs-could-impact-europe
76. Hasim Turker (2025). Trump’s Russia Strategy: Breaking the Sino-Russian Alliance or Strengthening It? Geopolitical Monitor, Feb. 23, 2025.
Trump’s Russia Strategy: Breaking the Sino-Russian Alliance or Strengthening It?
77. White House (2025). Remarks By President Trump at the World Economic Forum. Jan. 23, 2025.
https://www.whitehouse.gov/remarks/2025/01/remarks-by-president-trump-at-the-world-economic-forum/
78. Trump 2.0 – a threat to democracy, people, and the planet. Global Witness, 21 January 2025.
https://globalwitness.org/en/press-releases/trump-20-threat-to-democracy-people-and-planet/