في هذا الزمن الرديء، والانهيار العام بكل مؤسسات الدولة ومفاصلها الاقتصادية والمالية والاجتماعية والتربوية والصحية والتعليمية والامنية…. لا بد من نقابة المحامين كهيئة مهمتها المساهمة في تنفيذ الخدمة العامة، وتولي مَنْ يمارسها الحقوق والحصانات والضمانات لإستقلالية مهنية مقدسة منوطة بالمحامين في سعيهم لفرض احترام الغير للمهنة سواء الاشخاص أو السلطات أو القضاء أو الاجهزة والجهات التي يباشرون عملهم أمامها، والاستقلالية وحمايتها واجب على التنظيم الممثل للمحامين المناط به تدعيم مكانة المهنة والارتقاء بكفاءة وعلم منتسبيها، والحفاظ على كرامتهم.
وقد قامت تقابتي بيروت وطرابلس بمسؤوليتهما التي نص عليها قانون تنظيم مهنة المحاماة منذ التأسيس في عام 1919 (نقابة بيروت) وعام 1921 (نقابة طرابلس) وكان للإستقلالية وحمل المسؤولية الوطنية والمهنية بأعلى درجاتها فعلها الواضح في عشرات السنوات نظرًا للتضامن الكامل بين النقابتين، ما خلا بعض المواقف غير المستحبة مؤخرًا بتأثير من الزمن الرديء الذي يجب ان نتغلب عليه متحدين لا ان يتغلب علينا خاصة وان المسؤولية تشمل الدفاع عن الوطن ووجوده واستمراره ووحدته واستقلاله بالعمل والفعل الدائم، كما والمحافظة على النقابتين بإستقلالهما التام لتمارس المحاماة القدرة على المشاركة في ادارة نظام العدالة واعلاء صرح الحق ولا يكون ذلك الاّ بالمحاماة المستقلة المرتبطة بالقضاء المستقل في دولة تحترم وتكفل حقوق الانسان، وهذا منوط توفره في سعي المحامين للحفاظ على استقلاليتهم وهيبة نقابتهم.
إننا نرى بأن حماية واحترام استقلالية المحاماة واجب على الدولة وسلطاتها الثلاث من خلال توفير الاجواء للمحامين في إدائهم لوظيفتهم المهنية دون عائق أو تدخل وعدم تعريضهم للإعتداء أو الملاحقة أو المضايقة جراء ما يجرونه من مهام الدفاع عن موكليهم، وتوفير ضمانات حمايتهم من كل إعتداء أو تدخل، كما واحترام علاقتهم بموكليهم وسرية مكاتبهم واوراقهم واعمالهم واتصالاتهم. وهذا يتطلب ان تعمل النقابتين لصالح الاجيال القادمة لتكونا الحصن المانع لأي إنزلاق مذهبي أو طائفي أو مناطقي.
وقد جاء ميثاق الشرف في 17/12/1991 الذي وقعه نقباء المحامين في بيروت واعضاء مجلس النقابة والمحامون النواب والوزراء في حينه، وأكدوا فيه على التمثيل الواسع للمحامين في مجلس النقابة يلتئم معه شمل العائلة اللبنانية في إطار صيغة العيش المشترك ومبدأ التوافق الوطني الذي هو حجر الاساس في حياتنا الوطنية.
لقد جاء ميثاق الشرف هذا على أثر عدم إلتئام شمل العائلة اللبنانية، وكان ذلك نتيجة إحتقان سياسي شبيه بالذي نمرّ به اليوم عشية انتخابات نقابة المحامين التي يقتضي ان تحصل في 21/11/2021.
ولما كان لي شرف صياغة هذا الميثاق الى جانب النقيب الامير سمير ابي اللمع والمرحوم الزميل احمد قبيسي فإني أرى نفسي ملزمًا وكي لا يتكرر المشهد بالتذكير بميثاق الشرف هذا الذي يستدعي من جميع المرشحين على مركز نقيب وعلى العضوية احترام هذا الميثاق والعمل بموجبه مع الجمعية الناخبة للمحامين بحيث يعبّر تصويتهم تمثيل كل العائلة اللبنانية في مجلس نقابة المحامين، وهذا يحصل بالوعي الوطني الثابت لدى المحامين القادرين على منع تسرّب الشخصانية والحزبية والطائفية والمذهبية والمناطقية عبر صناديق الاقتراع حيث تعلمنا وشاركنا في إرساء قاعدة وقوف كل هذا على باب نقابة المحامين لحماية استقلالنا ودورنا الوطني والمهني، وهذا لا يكون الاّ بالتصويت للكفاءة وهي المتوفرة لدى جميع المرشحين الذين يشكلون العائلة اللبنانية بدون استثناء، وما علينا الاّ انتخاب الأكثر تمثيلًا في موقعه، وليكن للزميلات المحاميات المرشحات فوزًا بارزًا ووفق المعايير المطلوبة.
علينا جميعًا العمل على تطبيق الميثاقية في العملية الانتخابية، وهذه هي الطريق فقط التي تحفظ للنقابة دورها الوطني والمهني الرائد وتمنع تعطيله.
ليكن يوم 21/11/2021 يوم انتخاب نقيب المحامين واعضاء لمجلس نقابة المحامين في بيروت يومًا ميثاقيًا بإمتياز.