خبراء يؤكدون: “هناك أياد خفية تسببت في تدمير غابات الأمازون”.. وأصابع الاتهام تشير إلى المقربين من ترامب
برغم رؤية البعض لها بأنها ظاهرة طبيعية، إلا أن خبراء قد أكدوا على أن حرائق غابات الأمازون قد نتجت في الأساس عن ممارسات خاطئة لبعض الأطراف الخفية، ولعل المسئول الأساسي عن ذلك في وجهة نظرهم هما الشركتان المملوكتان لكل من السيناتور ميتش ماكونيل وهو زعيم حزب الأغلبية في مجلس الشيوخ، وأحد الاقتصاديين البارزين المقربين من الرئيس ترامب.. فكيف يمكن أن يكون مجرد شخصان مسئولان عن الجحيم المستعر في غابات الأمازون!
قامت الشركات البرازيلية المملوكة لبعض الشخصيات الأمريكية البارزة بالسيطرة على مناطق غابات الأمازون المطيرة والقيام بإزالة الكثير من الأشجار من أجل إنشاء طريق عالمي كبير لتسهيل حركة التجارة ونقل البضائع والمحاصيل الأساسية كفول الصويا من الحقول إلى ميناء الشحن تمهيدا لتصديرها إلى جميع أنحاء العالم، وتتم تلك العمليات في محطة الشحن في Miritituba ، في عمق الأمازون في ولاية بارا البرازيلية.
وتتم إدارة تلك المحطة من قبل شركة Hidrovias do Brasil وهي إحدى الشركات التابعة لشركة Blackstone الامريكية،وهي الأولى عالميا في مجال الاستثمارات، ويعد ستيفن شوارزمان المؤسس التنفيذي لشركة بلاك ستون وهو من أهم حلفاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما قام بالتبرع بملايين الدولارات لصالح السيناتور ماكونيل في السنوات الأخيرة.
وفي بيان سابق لها أكدت شركة بلاستون بأنها تتحمل مسئولية مراقبة النواحي البيئية في منطقة الأمازون، ويعد ذلك الأمر جزء لا ينفصل عن عمليات التشغيل الخاصة بها، وأفادت بأنها قد نجحت فعليا في تخفيف انبعاثات الكربون مما سمح للمزارعين في البرازيل من توسيع نطاق أنشطتهم الزراعية.
وقد كان إنشاء الميناء والطريق السريع في منطقة الأمازون من أكثر الأمور المثيرة للجدل في عام 2016 وذلك بعد أن أعلنت Hidrovias عن نيتها لنقل البضائع من ولاية ماتو جروسو عبر الطريق الشهير المعروف بـ B.R-163 والذي لم يكن ممهدا بدرجة كافية آنذاك، لكن الشركة أكدت على مواصلة الأعمال الخاصة بتوسيع الطريق وتطويره، وأصدرت الحكومة البرازيلية بيانا في ربيع عام 2019 أكدت فيه على أن أعمال التطوير الخاصة بهذا الريق سوف تؤدي إلى إزالة الغابات ولكنها سوف تعمل على توسيع نطاق الرقعة الزراعية بمنطقة الأمازون.
ويمكن القول بأن الطريق B.R-163 هو المتسبب الرئيسي في تدمير غابات الأمازون، فبعد الدمار الشامل التي شهدته البرازيل خلال عقدي السبعينات والثمانيات تحت وطأة الحكم العسكري الديكتاتوري، نجح السكان الأصليين بمنطقة الأمازون ودعاة الحفاظ على البيئة في الضغط على الحكومة من أجل توقف عمليات إزالة الغابات، وقد تراجعت بالفعل نسب التعدي على غابات الأمازون لسنوات عدة، إلا أنه في عام 2014 شهدت البلاد بعض التغيرات السياسية البارزة إلى جانب ارتفاع أسعار السلع الأساسية في جميع أنحاء العالم، مما أدي إلى استمرار أعمال اقتلاع الأشجار مرة أخرى، وبلغ الأمر ذروته بعد الانقلاب الناعم الذي أطاح بالرئيس ديلما روسيف من حزب العمال في عام 2016
وبحسب ما أوردته صحيفة فايننشيال تايمز في سبتمبر 2017 ، فإنه خلال الفترة ما بين 2004 و2013 تم تدمير المنطقة المحيطة بالطريق B.R-163 بشكل كامل فيما عدا عام 2005 حيث انخفضت أعمال إزالة الغابات في الأمازون بوجه عام، وقد أثار الأمر غضب السكان الأصليين للمنطقة والمدافعين عن حقوق البيئة والذين قاموا بقطع الطريق على أعمال الشركات الكبرى من خلال تنظيم بعض الحركات الاحتجاجية والاعتصام على طول الطريق، إلا انه رغم ذلك فإن شركة Hidrovios قد أعلنت مؤخرا بأنها سوف تضاعف حجم إنتاجيتها في مجال زراعة ونقل الحبوب بالأمازون إلى نحو 13 مليون طن.
تعتبر غابات الأمازون والتي تشهد عدد قياسيا من الحرائق سنويا بمثابة المنقذ لكوكب الأرض؛ فهي من أهم الغابات المطيرة في العالم والتي تلعب دورا أساسيا في امتصاص كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون -المسئول الأول عن أزمة المناخ في العالم- إلى جانب قدرة أشجارها على إنتاج كميات كبيرة من الأوكسجين، كما أن الرطوبة المتبخرة من غازات الأمازون والتي تسقط في هيئة أمطار تساعد على تجدد الحياة في الأراضي الزراعية ليس فقط في أمريكا الجنوبية ولكن في مناطق الغرب الأوسط من الولايات المتحدة الأمريكية، وعليه فإن حماية غابات الأمازون والتي يقع معظمها في البرازيل يعد أمرا حتميا لاستمرار الحياة على هذا الكوكب.
ويمكن اعتبار الجهود المبذولة لتحويل منطقة الأمازون من غابات مطيرة إلى مصدر لجلب الإيرادات بمثابة المسئول الأول عن حدوث حرائق الغابات، وقد تمكنت بعض الخارجين عن القانون والمعروفين بـ grileiros بالتعدي على أراضي الأمازون وبيعها إلى الشركات المعنية بالأمر والتي تقوم بنقل بضائعها عبر الطريق المفتتح حديثا، والجدير بالذكر هنا هو أن الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو لطالما دعا إلى الاستثمار في غابات الأمازون وتحويلها إلى منطقة تجارية، هذا في الوقت الذي عمد فيه أيضا إلى مناهضة الجهات المدافعة عن حقوق البيئة، الأمر الذي جعل عصابات grileiros أكثر جرأة.
وكنوع من الدفاع عن المشروع؛ أكد المتحدث الرسمي لشركة بلاستون بأن جميع الأعمال التي تتم في منطقة الأمازون قد تمت الموافقة عليها مسبقا من قبل مؤسسة التمويل الدولية وهي إحدى المؤسسات التابعة للبنك الدولي والتي أكدت في بيان سابق لها بأن الأنشطة التي تمارسها الشركة تعمل على خفض انبعاثات الكربون.، وقد عمدت شركة Hidrovias إلى العمل دائما في نطاق أعلى المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة والتي يتم تقييمها باستمرار من قبل بعض المنظمات الدولية والوكالات المعنية، إلى جانب ذلك فإن الشركة قد حصلت بالفعل على جميع التراخيص المطلوبة منها من قبل السلطات المختصة.
ويمكن القول بأن مؤسسة التمويل الدولية IFC قد قامت بتمويل المشروع الأكثر خطورة في العالم مما يجعل تقييمها للأمور ليس محل للثقة في كثير من الأحيان، وقد شكك أحد التقارير الصادرة عن مؤسسة التمويل في احتمال استدامة المشروع حيث أشار التقرير إلى أن نقل الحبوب وفول الصويا باستخدام المجاري المائية هو أفضل السبل من أجل خفض نسبة ثاني أكسيد الكربون، ولكن هذا الطرح يغفل حقيقة أن بناء ميناء Miritituba ، بالقرب من المناطق التي ما زالت سليمة في غابة الأمازون ، من المرجح أن يخفض تكاليف النقل للمزارعين وبالتالي تسريع عملية تحويل البيئات الطبيعية إلى مناطق زراعية منتجة ، وخاصة لإنتاج الصويا.
وقد أقر البنك الدولي بأن شركة Hidrovias يمكن الوثوق بها باعتبارها من الشركات التي تتمتع بحس المسؤولية تجاه البيئات الطبيعية وأن ميناء Miritituba تم تصميمه خصيصًا للتعامل مع فول الصويا الذي يتم تداوله فقط من قبل التجار المسؤولين والذين يأخذون المسائل المتعلقة بالبيئة في الاعتبار، وقد أكد البنك على أن 100% من الصفقات التي تقوم بها الشركة يتم التعاقد عليها من قبل الشركات التجارية الكبرى التي تلتزم بأعلى درجة ممكنة من الحوكمة في جميع تعاملاتها.
ويمكن اعتبار مشاركة شركة Hidrovias في مشروعات التنمية في منطقة الأمازون وبخاصة مشروع تمهيد طريق B.R.-163 بمثابة نقطة الإنطلاق نحو إنشاء وتمهيد المزيد من الطرق الجانبية الأخرى تسهيلا للأعمال الخاصة بشركات التعدين مما أتاح الفرصة لقطع المزيد والمزيد من الأشجار وبات التعدي على غابات الأمازون أمرا مشروعا.
رابط المقال الأصلي: اضغط هنا