الاحدثدولي

زيارة بيلوسي لتايوان استفزاز طائش | ترجمة د. عوض سليمية

كتب Andre Damon على موقع World socialist website

يقول الكاتب، من خلف ظهر الرأي العام الأميركي، يستعد الجيش الأميركي لاستفزاز ضد الصين يهدف إلى التحريض على صراع قد يؤدي إلى حرب عالمية واسعة النطاق بين أكبر اقتصادين في العالم. يأتي هذا الاستفزاز في شكل رحلة مخطط لها إلى تايوان من قبل رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، الشخصية الثالثة في الحكومة الأميركية.

ويتابع، بالرغم من مخاوف الرئيس الأميركي جو بايدن المعلنة بشأن الطبيعة الرحلة الاستفزازية، إلا أن “المسؤولين الأميركيين قالوا إن التخطيط لرحلة السيدة بيلوسي يمضي قدمًا” وفقًا لما أفاد الصحفي ديفيد سانجر، المتحدث غير الرسمي باسم جهاز الجيش/المخابرات الأميركي.

وفقًا لكل المؤشرات، في وقت ما من الشهر المقبل، ستربط الثمانينية نفسها بطائرة شحن من طراز C-130، ربما برفقة حراسة من مقاتلات F-35 وبدعم من حاملات الطائرات الأميركية، نحو مصير مغري للهبوط في تايوان، وسط تحذيرات من قبل ضباط الجيش الصيني بأنهم “سيمنعونها” من دخول البلاد.

هذا المستوى من التهور، يقول الكاتب، هو شهادة على الأزمة العميقة والارتباك الحاصل في المؤسسة السياسية الأميركية، الواقعه تحت الانتقاد الشديد من جميع الاتجاهات في مواجهة أزمة اجتماعية واقتصادية وسياسية مستعصية. يقول الكاتب، يهدف إرسال بيلوسي، أعلى مسؤول أميركي يزور الجزيرة منذ ربع قرن، إلى مزيد من تقويض سياسة الصين الواحدة، والتي تم تفكيكها بشكل منهجي من قبل إدارتي ترامب وبايدن، اللتين شجعتا الروح الانفصالية لتايوان. كما قاموا بحشو الجزيرة إلى الخياشيم بالأسلحة. الآن، وبشكل استفزازي، تعترف واشنطن علنًا بالدفع بعدد متزايد من العسكريين الأميركيين في تايوان.

ضمن سياسة حشد العسكر، يتابع الكاتب، في أكتوبر 2021، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن القوات الأميركية تتمركز الان في تايوان، وفي ديسمبر، ضاعفت الولايات المتحدة عدد القوات المتمركزة في الجزيرة. في مارس من ذلك العام، أوردت مجلة NIKKEI في تقريرها أن الولايات المتحدة تجري مناقشات لنشر صواريخ هجومية من شأنها ان تنتهك معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى بشأن تايوان. بالتزامن مع سياسة حشد القوات، أقدمت وزارة وزارة الخارجية الأميركية في 5 مايو 2022، على إزالة الصياغة من على موقعها الرسمي التي تنص على أن “الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان” و الغاء “الاعتراف بالموقف الصيني القائل بأنه لا يوجد سوى صين واحدة وتايوان جزء من الصين”.

ويضيف، وافقت إدارة بايدن على أربع حزم مبيعات ضخمة للأسلحة لتايوان حتى الآن، والخامسة، ستصل إلى 108 ملايين دولار، من المقرر أن يوافق عليها الكونجرس قريبًا. على غرار ما قامت به الولايات المتحدة لسنوات ببناء الجيش الأوكراني كمعقل ضد روسيا بهدف إثارة الحرب الكارثية الحالية، فإن الولايات المتحدة ستحول الجزيرة إلى منصة إطلاق هجومية للحرب مع الصين، في محاولة لاستفزاز الصين ودفعها إلى عمل عسكري ضد تايوان.

مثل هذه الخطط اخذت سنوات في طور الإعداد، وهي تهدد الآن باندلاع حرب كارثية بين البلدين. فقد ذكرت كل من الولايات المتحدة والصين صراحة أنهما سيخوضان حربًا ضد بعضهما البعض على تايوان. ولدى سؤاله في مايو عما إذا كانت الولايات المتحدة ستستخدم القوة للدفاع عن تايوان، أجاب بايدن: “نعم… هذا هو الالتزام الذي قطعناه على أنفسنا “.

من جانبهم، أوضح المسؤولون الصينيون أنهم سيخوضون حربًا على تايوان. في الشهر الماضي، قال وزير الدفاع الصيني وي فنغي للمسؤولين الأميركيين في حوار في سنغافورة، “إذا تجرأ أي شخص على فصل تايوان عن الصين، فلن نتردد في القتال، وسنقاتل بأي ثمن”.

في السر والعلن، صرح المسؤولون الصينيون أنهم يفكرون في الرد العسكري على رحلة بيلوسي، بما في ذلك اعتراض رحلتها أو إرسال طائرات صينية للطيران فوق البر الرئيسي التايواني. من جانبه، يقوم الجيش الأميركي بالاستعدادات لنشر حاملات طائرات والدفع بطائرات مقاتلة لدعم العملية.

ويجادل الكاتب، في مواجهة أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية غير مسبوقة في الداخل، تسعى الأجزاء المهيمنة من المؤسسة السياسية الأميركية إلى تصعيد الحرب العالمية التي اندلعت في أوكرانيا بفتح جبهة ثانية في المحيط الهادئ. في الواقع، في بيان لصحيفة نيويورك تايمز، أعلن السناتور كريس كونز، الحليف الرئيسي لبايدن في مجلس الشيوخ، “ربما نتجه إلى مواجهة اسرع… مما كنا نظن “.

ويشير الكاتب الى اهمية الجزيرة من الناحية انتاج التكنولوجيا، تايوان، هي جزيرة عرضها أقل من 100 ميل، هي واحدة من أهم نقاط الاختناق الاقتصادية في العالم بأسره. الجزيرة هي موطن لـ 92% من تصنيع أشباه الموصلات المتقدم في العالم. يعتمد كل منتج من إنتاج شركة Apple، بما في ذلك أجهزة كمبيوتر iPhone وiPad وMacintosh، بالإضافة إلى رسوم البيانات والذكاء الاصطناعي ومعالجات الرؤية الحاسوبية من Nvidia وعدد لا يحصى من المنتجات عالية التقنية الأخرى على أشباه الموصلات المنتجة في هذه الجزيرة.

ويؤكد، أن قطاع انتاج السيارات الأميركية تعتمد بتركيزها المتزايد حاليًا على صناعة السيارات الكهربائية وتكنولوجيا مساعدة السائق، بشكل كبير على تصنيع أشباه الموصلات في تايوان. وأن الصراع العسكري على الجزيرة، حتى الصراع الذي لا يشعل على الفور حربًا واسعة النطاق وعالية التكاليف بين الولايات المتحدة والصين، فإن من شأنه أن يؤدي على الاقل إلى تعطيل إمدادات أشباه الموصلات وسيؤدي إلى خلق أزمة اقتصادية تنافس تلك التي حدثت في عامي 2008 و 2020.

في مقال نُشر قبل الكشف عن رحلة بيلوسي المزمعة إلى تايوان، حذرت صحيفة فاينانشيال تايمز (فاينانشيال تايمز) من أن الشركات الكبرى تضع احتمالات الحرب على تايوان عند واحد من كل خمسة. إلا أن رحلة بيلوسي، وحقيقة أنها تمضي قدمًا على الرغم من المخاوف الجادة التي أثارها البيت الأبيض، ستدفع هذا الرقم حتمًا إلى أعلى. ويضيف، في مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز، حذر مسؤول تنفيذي في شركة تكنولوجيا أميركية، قائلًا “طَبّق ما نراه في روسيا و اوكرانيا اليوم على الصين وتايوان وسيكون لديك هرمجدون – معركة نهاية العالم، للاقتصاد الصيني والاقتصاد العالمي”.

يؤكد الكاتب، أن الاستفزاز العسكري الأميركي حول رحلة بيلوسي مدفوع بقوى قوية ورجعية داخل الدولة الأميركية. على الرغم من المعارضة المعلنة لهذه الرحلة من قبل الرئيس جو بايدن والتصريحات الصحفية لمستشاره للأمن القومي، جيك سوليفان، إلا أن الجنرالات والسياسيون الأميركيون الرئيسيون يطالبون بالمضي قدمًا في الرحلة. ومن بين هذه الأنشطة ما يلي:

· الأدميرال جيمس ستافريديس، القائد الأعلى السابق لحلف الناتو في أوروبا، الذي أعلن، (لا يمكننا السماح للصين بأن تقرر ما إذا كان كبار المسؤولين الأميركيين يزورون جزيرة تايوان أم لا).

· وزير الدفاع السابق مارك إسبر، الذي قال لشبكة CNN، (أعتقد أنه إذا أرادت المتحدثة- يقصد بيلوسي الذهاب، فيجب أن تذهب).

· ضابط الجيش السابق، مدير وكالة المخابرات المركزية ووزير الخارجية مايك بومبيو، الذي غرد قائلًا (نانسي، سأذهب معك… أراك هناك!).

كما وقوبلت رحلة بيلوسي بالتصفيق من قبل اليمين الفاشي في أميركا:

· في اجتماع معهد السياسة الأميركية الأول المدعوم من ترامب في واشنطن، أعلن رئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش، “أثني على نانسي”، وسط تصفيق مدوي.

· أعلن زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل، “إذا تمت فهي انتصار”. كما

· أدان السناتور الجمهوري توم كوتون، الذي كتب مقال “أرسل القوات” الذي يحث على إنشاء دكتاتورية عسكرية/شرطية ردًا على الاحتجاجات الأميركية ضد عنف الشرطة في عام 2020، مخاوف بايدن بشأن الرحلة، معلنًا أن “هذا الردع الذاتي المثير للشفقة هو خطأ، وسوف يدعو إلى مزيد من العدوان”.

ويشير الكاتب، إن تصعيد الصراع الأميركي مع الصين من شأنه أن يزيد من تمكين قوى اليمين المتطرف في الولايات المتحدة. كانت ديماغوجية ترامب المعادية للصين والمعادية للأجانب، والتي تمحورت حول الادعاء بأن COVID-19 هو “فيروس الصين”، مكونًا رئيسيًا في سياسته الخارجية، والتي تم تكثيف واستمرار معتقداتها الأساسية من قبل بايدن.

ويحذر، يجب معارضة خطط الولايات المتحدة للحرب ضد الصين. بقدر ما كانت الحرب التي اشعلتها الولايات المتحدة في أوكرانيا مروعة، فإن الحرب على تايوان، نقطة الاختناق المركزية للاقتصاد العالمي، سيكون لها عواقب بشرية واقتصادية أكبر بكثير. ويضيف، تتجه الطبقات الحاكمة في الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو، الذين يواجهون معارضة سياسية محلية متصاعدة وأزمة اجتماعية واقتصادية وسياسية ليس لديهم إجابة عليها، إلى الحرب. بالمقابل، يجب أن تكون الطبقة العاملة حازمة بنفس القدر في اعتبار الكفاح ضد الحرب عنصرًا حاسمًا في مكافحة عدم المساواة الاجتماعية والديكتاتورية من قبل السياسيين.

د. عوض سـليميـة

حاصل على الدكتوراة في العلاقات الدولية في تاثير اللوبي الإسرائيلي على السياسة الخارجية تجاه القضية الفلسطينية من جامعة university utara Malaysia. زميل ابحاث ما بعد الدكتوراة في السياسة الخارجية الأمريكية. مدير برنامج السياسة الخارجية الامريكية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى