الاحدثدولي

هل رسم ترامب ملامح شرق أوسط جديد !؟ | بقلم علي الهماشي

صداقة مدفوعة  الثمن :
 قد تبدو زيارة ترامب إلى دول الخليج الثلاث وهي الأغنى عالمياً أن ترامب لا يأبه بحلفاء أمريكا السابقين ما لم تختفي فواتير النفقات التي تدفعها الولايات المتحدة ، وعلى العكس من ذلك  فهو يبحث عمن يسدد فواتير باهظة الكلفة لتشغيل عشرات الآلاف من الأيدي العاملة في بلده ، و وجد ضالته في  المملكة والامارات وقطر حيث تسابق قادتها الشباب إلى تقديم ما يسيل له لعاب التاجر الذي  يبحث عن الصفقات ، فعنوان كل محادثاته صفقة ، وقد عبر عن هذه البلدان بالصديقة ،  ويبدو أنها صداقة مدفوعة الثمن ، وربما هذا التوصيف هو الأقرب ،انكم تبحثون عن صداقة  فعليكم أن  تدفعوا ثمنها!.
وهذا ما تخشاه الدول الأوروبية على المدى البعيد ، فالتقاطعات مع ترامب بدأت في الملف الأوكراني وشمل منطقة الشرق الأوسط ، ومحادثاته  الانفرادية مع ايران دون اشراك الدول الاوربية ، ولم تعُد بريطانيا الدولة التي تعطي الاستشارة للحليف الاكبر ، وقد نال رئيس وزراء بريطانيا نصيبه من فجاجة وسوء التعامل معه من قبل ترامب .
مع إيران :
  والرجل يبحث عن حل مع إيران بأي شكل كان وهو ما يزعج  الكيان أولا وبعض دول المنطقة، كما صرح  ولم يخف الأمر ليضغط أكثر باتجاه تسريع نتائج المفاوضات .
لقد استغل الرجل التغييرات العسكرية والديموغرافية التي أصابت محور المقاومة أو المحور الايراني ليعلن  طلبه المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي ،في ازدواجية غريبة ،فهو مَنْ ألغى الاتفاق النووي الذي تم في عهد الرئيس أوباما ليعلن عن نيته في اتفاق جديد مع إيران ..
ولكنه ما زال مضطرباً في تصريحاته ، فمرة يقول بتفكيك البرنامج العسكري النووي ،أو يقول إن هدفه عدم حصول إيران على الأسلحة النووية ، ومرة يقول إنَّ هذا البلد النفطي الكبير ليس بحاجة إلى التكنلوجيا النووية ،بمعنى تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل ،وهذا من أخطر الأمور التي لا يمكن لإيران أن تقبلها ، بعد أن وصلت الى مراحل لا بأس بها في مجال انتاج الوقود النووي الذي يدخل في صناعة  الكثير من المجالات الصناعية والانسانية .
حتى الان لا تلوح بالأُفق ملامح نتائج واضحة في هذه المفاوضات مع أن الرئيس الامريكي يعبر عن المفاوضات مع إيران  بالصفقة ، والصفقة تعني فوائد للطرفين  المتحاورين ..
هذه الفوائد التي  ستعيد إيران للمنطقة بقوة وان فقدت أذرعها العسكرية ، الا أنها ستأتي  بمباركة امريكية ، أما الشروط  والتفاصيل فيأتي الحديث عنها من قبل المسؤولين من الطرفين، إو يتم تسريب قرارات ونتائج الصفقة عن طريق المحللين  القريبين من الدوائر الإيرانية والأمريكية ، مع إنَّ ترامب مهووس بالسبق الإعلامي ، ويريد أن يكون هو الرجل الاول الذي يعلن عن مثل هذه الامور ، كما فعل عندنا أعلن قبل أسبوع من اعلانه رفع الحصار عن سوريا ،بأنْ ننتظر حدثاً مهما !.
مع الكيان :
ما يبحث عنه ترامب  منطقة اقتصادية تدر الاموال بدل من تصدير المقاتلين ، وربما يشترك مع محمد بن سلمان  في رؤية 2030 او اقتنع بها ، لكنَّ هذه الرؤية تصطدم بشخص واحد متعطش للدماء لايمكن له أن يحيى بسلام ، فالقتل هو توصيف بسيط  لاحلامه الصهيونية وإنْ قدم الآلاف من بني جلدته قتلى وجرحى منذ طوفان الأقصى.
فترامب بدأ يبحث عن مخرج للحرب في غزة ،وهو أمر جديد لم يألفه نتنياهو في إدارة بايدن التي تماهت بشكل كبير مع موقف الكيان ولم تأبه للدماء التي أُريقت في غزة ،مع سكوت مطبق من الدول العربية .
وبدأ يتحدث عن شراء غزة  وهو  ما لا يرضاه أو  يقبله الطرفان  بالتأكيد  لا حماس من جهة ولا ادارة الكيان ونتنياهو من جهة ثانية  ،ولكل أسبابه في الرفض ..
 ربما على المعارضة الصهيونية ان تستعد لاعتلاء الحكم ليتغير وجه المنطقة ، وهي مرحلة تم التخطيط لها بعناية لتكون صفقة القرن قد انتعشت وتحققت شروطها او حيثياتها بالكامل ، مع ترويج  للديانة الابراهيمية من ناحية أُخرى ، التي سيجد مروجوها صدىً أكبر من قبل بعد ما جرى من الحرب التدميرية التي يقوم بها نتنياهو منذ سنتين .
 وبالمحصلة زيارة ترامب ونتائجها  رسمت ملامح شرق أوسط جديد  واستثنيت العراق وسوريا لان لهما وضعاً خاصاً في هذه المعادلة وبحاجة الى حديث مفصل.
الجولاني مستعد للذهاب بعيداً بمباركة تركية ، والعراق ينتظر انتخابات ساخنة تنتج طبقة سياسية بعقلية اخرى ..

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي مواليد بغداد، له كتابات سياسية عديدة في الشان العراقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى