دولي

هل ستسمح الدولة العميقة في أميركا بالحرب على إيران؟ كتب أكرم بزي

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

زادت التحليلات في الآونة الأخيرة، حول قيام الولايات المتحدة الأميركية بتوجيه ضربات موجعة لإيران، بعد اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة، ومما أكد هذه الاحتمالات، قرب خروج الرئيس الأميركي دونالد ترامب من البيت الأبيض، وتسليم الرئيس المنتخب جو بايدن زمام الرئاسة بعده، وذهبت التحليلات إلى أن الرئيس المهزوم (ترامب) يسعى الى تعقيد الملفات التي سيواجهها جو بايدن بعده، بالإضافة الى انجاز ما “يزيد” من رصيده استعداداً لترشيحه الى الرئاسة الأميركية بعد أربع سنوات.

موقع “والا” الصهيوني قال: ” أن الإدارة الأميركية أعدت بالتنسيق مع إسرائيل ودول الخليج “بنك أهداف” إيراني، اذ ستفرض عليها عقوبات كل أسبوع حتى تنصيب بايدن في 20 يناير، لمنع بايدن من العودة إلى الاتفاق النووي. وذهب البعض إلى أن “السيناريو هو أن تشن إسرائيل ضربة مركزة ضد المنشآت النووية الإيرانية خلال الفترة المقبلة وترد إيران بقصف إسرائيل فتتدخل أمريكا من قواعد في الخليج فترد إيران على منشآت النفط والغاز ومحطات الطاقة والمصافي الخليجية وبعد تحقيق الغاية تعلن أمريكا وقف العمليات وتسحب قواتها”.

وذكرت صحيفة غارديان (The Guardian) في تحليل إخباري أعده محللها للشؤون الدولية سايمون تيسدال أن ثأر ترامب من إيران يقترب الآن من ذروته، إذ ما زالت لدى الرئيس الأميركي القوة والوسائل لإلحاق ضرر دائم بطهران. وقد راجت مؤخرا تكهنات بشأن احتمال إقدام ترامب على شن أو دعم هجوم على إيران في أعقاب الاجتماع الذي عقد في المملكة العربية السعودية الشهر الفائت، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأوضحت الصحيفة أن السرية التي طبعت اجتماع المسؤولين الثلاثة شجعت المزاعم بوجود مؤامرة، وقالت إنه في غياب بيان رسمي بشأن الاجتماع يرجح أن الثلاثة ربما اتفقوا على تكثيف الجهود لاستفزاز وإضعاف النظام في طهران، واستخدام أي رد انتقامي قد تقوم به إيران لتبرير شن هجوم على منشآتها النووية قبل مغادرة ترامب منصبه في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.

قد يكون كل ما قيل أعلاه وارداً، ولكن لم يتحدث أحد في التحليلات الآنفة الذكر وغيرها، من أن الإدارة الأميركية ومنذ أكثر من سنة تسعى الى الخروج من المنطقة وخاصة من سوريا والعراق، وتعزز هذا الاحتمال بعد عميلة اغتيال اللواء قاسم سليماني والقائد أبو مهدي المهندس في العراق التي تصادف الذكرى السنوية لاغتيالهما مع مرافقيهما، هذه الأيام، وبالتالي هي بحاجة الى الاستقرار والهدوء لسحب قواتها وبضمانات إقليمية وتفاهمات على من يخلفها. وأيضاً لم يتحدث أحد عن انشغال إدارة الكيان الصهيوني بالانتخابات بعد حل الكنيست الصهيوني، وبإنشغال الادارتين الأميركية والصهيونية بترتيب أمورهما الداخلية، أولى بكثير من الحسابات الخارجية، خاصة وإن الطابع الشخصي والمصلحة الشخصية تغلبان على شخصيات كل من بنيامين نتنياهو وجو بايدن، فالأول مأزوم بعدة ملفات قضائية بالإضافة الى الانقسامات الحادة في حزب الليكود، والثاني، لم يتسلم لغاية الآن مقاليد الرئاسة الأميركية في البيت الأبيض، والذي سيواجه تركة ثقيلة من خلفه دونالد ترامب، والذي أعد له بلؤم غير مسبوق مجموعة “عقد” داخلية وخارجية، وخاصة فيما يخص الملف النووي الإيراني، وهو بالتالي بحاجة الى تفكيك هذه العقد والخلاص منها بغية الانطلاق لما هو أنجح له في تثبيت دعائم حكمه أولاً وترتيب الوضع الداخلي الأميركي ثانياً والتي تعتبر من أولويات بايدن.

وفي ظل هذا الجو السياسي القاتم والمتلبد في سماء العواصم المعنية والمنطقة لا أحد يستطيع أن يتكهن عن مدى خطورة أخذ أي قرار بضربات عسكرية لإيران أو لحلفاء إيران في المنطقة، لأنه لا يعرف، ماذا سيكون الرد الإيراني أو حلفاءها على أي ضربة عسكرية موجعة لإيران.
ولا أعتقد في ظل هذه التعقيدات أن تقدم الإدارة الأميركية على مغامرة من هذا النوع، إذ لن يكون في مصلحة “اللوبي الحاكم” في كلا الادارتين التعرض لهزيمة ما والتي ستؤدي، الى كوارث على مستوى البلدين، الكيان الصهيوني على مستوى الأضرار الداخلية والأمنية والسياسية، بالإضافة الى آثارها على الانتخابات القادمة، ولا الإدارة الأميركية، والتي وبحسب ما صرح جو بايدن استعدادها للعودة الى الاتفاق النووي الإيراني، وبالتالي حاجته إلى الاستقرار السياسي في بداية تسلمه زمام الحكم في البيت الأبيض.

لا شك بأن الفترة المتبقية من حكم ترامب حافلة بالكثير من التكهنات، وخاصة احتمال تهوره وأخذ المنطقة الى ما ليس بالحسبان، ولكن هل ستسمح له الدولة العميقة في الولايات المتحدة بأخذ مثل هذه القرارات التي ستدخلها في آتون صراع عسكري لا يعلم أحد مدى خطورته إلا الله؟. سؤال قد يكون من الصعب الإجابة عليه الآن… فلننتظر ونرى.

الكاتب أكرم ناظم بزي

الكاتب والباحث السياسي أكرم ناظم بزي، صحافي وباحث لبناني، يكتب في الأدب والسياسة والعلاقات الدولية، لديه العديد من الأبحاث والمقالات، وفي الصحافة اللبنانية والعربية، لا سيما في دولة الكويت وهو عضو نقابة الصحافة اللبنانية، وجمعية الصحافيين الكويتية 2002، (شارك قي اعداد موسوعة العلوم السياسية لجامعة الكويت)، وعضو نقابة مخرجي الصحافة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى