هنالك اشكاليات كثيرة وصادمة تستحوذ على تفكيرنا وتتكاثر في عقولنا على شكل اسئلة متواترة ومشروعة , فهل نحن جميعا على علم كيف تبدو لنا حقيقة الأشهر القادمة او حتى الأيام القادمة؟ رغم تكويننا مفهوما عاما عن مكنوناتها بانها لا استقرارية او غير جميلة بالمنحى المعنوي ومن انها ليست مفعمة بأي حراك جدي ريادي وايجابي , فهنالك تزايد مضطرد في نسبة الاشخاص المسرحين من عملهم بحيث أصبحوا الأغلبية ونسبتهم مقلقة , والأرقام والاحصائيات حول هذا الموضوع باعثة للأرق وتنذر بخطر مخيف اذ ان الشركات بمعظمها تعاني من انخفاض وعدمية التدفق النقدي .
لقد كان الدين القومي للحرب العالمية الثانية مقدرا بحوالي 25 مليار دولار , أما الان فهم يطبعون في كل يوم 125 مليار دولار أي (الكثير- الكثير) والمزيد من الأموال يوميا , بنفس نسق الذين يفكرون في اصلاح منطاد الهواء والذي تعتوره الثقوبونال منه التمزيق محاولين اصلاحه ولكن بغض النظر عن الجهد المبذول والنية الصادقة الكامنة والوقت الذي صرف وضاع في غير محله فكله هباءا,حيثانه قد تجاوز في الضرر الحد الطبيعي لتماسك كتلته الوحدوية والتي اثرت بالتالي على مرونته الاستدامية , فمع مرور الوقت بتنا نلاحظ بأن هناك انخفاض معياري من الناحية المالية وهذا ما يسمى بالتحديد بالناتج المحلي الاجمالي للديون حيث انخفض من 60 الى 120 % , فالعالم يشرف على الافلاس والمقصود هنا النظام الذي يشغل العالم وليس العالم بطبيعيته وأصله , ولكن كل بحسب حجمه ومقدار انكشافه على المخاطر لذلك سوف يشرعون بطباعة الأموال أكثر فأكثر وهذا ما يعني لنا أمر واحد فقط , وهو أن المدخرين هم الخاسرون لأن قيمة مدخراتهم سوف تقل وتنخفض وسوف تقلص دائرة قدرتهم الاشباعية وبالتوازي سوف تقود قوتهم المالية , حيث يدور في بالنا فكرة لصوابية وخطأ ادخار الأموال ان كانوا يطبعون النقود على الدوام والحقيقة هي أن أموالنا ستكون عديمة القيمة في السنوات القليلة المقبلة .
لذلك ينبغي علينا التحول والتعديل وكسر الجليد والبتر لنموذج انحدر وتدحرج , فالابتكار والسير بسلوك ذكي وواقعي هو الملاذ , واحدى أهم هذه التحولات الشروع في فتح مناهج للتعليم المالي المدرسي وليس التعليم الاقتصادي الورقيوالكلاسيكي لانه هناك فرق كبير بينهما , فالتعليم المالي وحتى للاغنياء هو في الحقيقة تعلم للتحول المالي , اذ أن تعريف التحول أمر مهم جدا وهو الانتقال من شكل غير ناضج الى شكل ناضج وهو يشبه تمام التقنية العملية لتحول اليرقة الى فراشة , حيث لا يمكننا البتة من التنبؤ بفراشة داخل الشرنقة , فاذا كان لديك صعوبات مالية فلننظر لانفسنا وكأننا داخل شرنقة وكأننا يرقة فهذه الأزمة هي شرنقتنا الخاصة والسؤال هو في كيفية الخروج منها ؟ والانتصار عليها ؟
فالأمر كله متعلق بنا نحن الأفراد ومرهون بظهورنا مثل الضحية ونقول بأن العالم فرض علينا واقعا وبتنا محصورين , وان الرأسماليين محتالون والاشتراكيين خبثاء والمبذرين أغبياء وفي أن الأغنياء هم الأوغاد والبقية ضائعين ومشتتين , أو من انك سوف تحفز نفسك وتخبرها بأن هذا الأمر هو أفضل ما يمكن أن يحدث , فالأمر هو نفسه والذي يتكرر بفترة الحوادث والأزمات على أنواعها ( المالية الصحية الاقتصادية ) وانتشار الأوبئة اذا , ولعل الكورونا انعكاس حاضر وواقعي لها , ففي زمن الأوبئة والكورونا بتنا ننتبه ونهتم لصحتنا ومناعتتنا أكثر فأكثر سواء كنا سنصبح أكثر ثراءا وأفضل صحيا أو من اننا سنفلس وسنلاقي قدرنا , فلذلك الاختيار هنا هو بين العقل والروح , الجسم والفكر , الاذن والقلب . فطريقة تعاملنا هنا هي الأصل ونقطة التحول في الذات فمن يدري فقد يكون هذا افضل شئ حصل لنا جسديا وعقليا وروحيا , فاذا تحولت الى فراشة فمن المقدر لك ان تتحطم على يد احدهم او حتى من خلال النور والنار والقدر نفسه بالنسبة للدودة الصغيرة .
انه اختيارنا اذا الان ولكل شخص يمر في وضع صعب حيث التخطيط ليس لطيفا وسلسا والحديث غير عاطفي والمجادلة صعبة المعايير فهو جدل ( ما فوق البيزنطي ) حيث أنه ليس بوقت سعيد مطلقا والازمة كلها اليوم في عقلنا وهذه الاخباريات هي لنفسها وبتجرد مطلق بالطبع سيئة , أما الأخبار الجيدة فهي في أنه يمكننا تغيير الأزمة من خلال تغيير مؤثر ما بذهننا وعقلنا وتفكيرنا بانعكاسه على سلوكنا.
فالناس قلقون وخائفون لمجرد علمهم بأن ودائعهم محجوزة وهذا على امتداد عالمي متنقل , هائمون وضائعون ويشعرون بالألم وهم يشاهدون أموالهم وهي تخرج من النوافذ والقنوات التسريبية المظلمة بثقوبها القاتمة , فالبعض سيكون قادرا على ادراك ذلك وسيقول انها أعظم لحظة في حياتي ويطلق عنان التحدي , حيث سيضطر الى التحول ويبدل وجهة نظره من الأموال والنقود لطرق مختلفة , والبعض وهم الغالبية سيظلون يتصارعون على ورق النظافة في الأسواق وذلك من أجل الحصول على آخر قطعة متاحة منه والاستمرار بالقيام بنفس السلوك محافظين بالتالي على الطابع الاشطراري للنموذج بنواته الاستهلاكية , فالسجن الحقيقي للأسف هو في داخل أدمغتنا وعقولنا .
لقد بدأت أولى مجريات الأزمة المالية العالمية كما نعلم في العام 1903 , وعندما تولى مجموعة من الرجال التخطيط للنموذج الجديد اتضح أن أغلبية المجتمع والكثير من الناس لدينا قابعين في مشكلة والسبب يعود لجهلهم لحيثيات السبر المالي ولأنهم لا يتعملمون البتة عن المال أي شئ بطريقة علمية وواضحة بدءا من المدارس الى للمدرسة الشاملة أي الحياة , لذلك من الممكن أن ننجو ومعظمنا من هذا الأمر ولكن لنكون صادقين وصريحين بأن الأمر كان يمكن أن يكون أكثر سوءا وبدرجات .
والسؤال الذي يتجلى كذلك اليوم يتمحور حول امكانياتنا وعزمنا لاتخاذ القرارات بخصوص صحتنا حول عاداتنا , هل سوف نبدأ باتخاذ قرارات تتعلق بالتعليم المالي والثقل النقدي ؟
للأسف كل ما نسمعه عن وسائل الاعلام بأن هذا الأمر هو كلام زائف , اذ سوف نسمع بأن هذا الأمر ليس من خطئنا وفي أن الحكومات سوف تهتم بنا وستقوم بلا شك بالاصلاحات , ولكن بقليل من عمق الكلام نستطيع أن نلتقط اشارة مهمة , وهيأن الحكومة لن تهتم مطلقا فنحن مجرد ارقام لديها ورافد مجرد من أي قيمة معنوية لهذا النظام وسوف نكون على موعد مع أزمات قادمة متتالية ومتواترة , لذلك هنالك احتمال في أن الخوف يمكن أن يشل ولكنه من الممكن أن يلهم أيضا للابتكار وأن يجعلك خلاقا , فالخوف يمثل دليلا زائفا يظهر في غالب الأمور على أنه حقيقة .
فالبعض عندما يشعر بالخوف يفضل الهجوم والبعض الآخر يفضل الهرب والركض أو حتى الاستسلام,فعندما تسأل نفسك كيف تستغل الأزمة فان عقلك سوف يبدأ بالبحث عن الحلول , أما عندما تكثر من الشكوى وتساورك الشكوك فستكون حكما في هذه الأزمة وفي مركزية دوامتها وسوف تتحول الى وقودها وحجارتها وتذوب وتخسر وتساهم في انفلاشها أيضا , تتوسع وتتمدد وطبعا بحدود مرهونة بصلابتها وعصفها ومرونة طواعيتها على النشاط , والتي لا بد في المحصلة بأن تبلغ عدمية النشاط المتناغم وان تصل الى النهاية الاشباعية بعد قبولها القرابين والضحايا,وبالتاليالتجفيف والانتهاء من المشكلة والمؤسسة حكما لنموذج جديد ولمشاكل جديدة أيضا , مع فارق وحيد هو انك أصبحت عدما و وحتما غير موجود , لذا فان الأمر لا مناص متروك لك أيها الفرد والخيار والقرار مقرون بك .