البنك الافتراضي الصيني .. انطلاقة ثورية جديدة في عالم الاقتصاد الرقمي
يعد مشروع البنك الافتراضي الذي أطلقه رجل الأعمال الصيني الشهير “جاك ما”، بمثابة حدث ثوري غير مسبوق في مجال الائتمان ودعم المشروعات الصغيرة، والتي يمكن القول بأنها تعتبر العمود الفقري للاقتصاد الصيني وسر انتعاشه عالميا على مدار العقود الماضية.
ويستند مشروع جاك إلى فكرة التحويلات البنكية الفورية وإدارة المخاطر، حيث نجح بنكه الافتراضي الشهير MYbank في تقديم قروض بقيمة إجمالية 290 بليون دولار إلى نحو 16 مليون شركة ناشئة وذلك على مدار الأربع سنوات الماضية منذ إطلاقه لفكرة المشروع.
وحقيقة فإن كل ما يحتاجه الشخص المقترض هو دقائق معدودة لإتمام عملية تسجيل البيانات عبر هاتفه الذكي والتحقق من قبول طلبه ليحصل على قيمة القرض الذي يريده في الحال، أي أن العملية البنكية تتم بمنتهى السهولة ودون أية تدخلات بشرية وبسعر فائدة ضئيل يصل إلى 1% فقط.
وقد ساعدت التقنية الجديدة على تحول الصين إلى أكبر سوق عالمية في مجال المدفوعات النقدية الالكترونية، كما تمكن القائمون على مشروع MYbank من الحصول على بيانات متعددة من خلال أنظمة الدفع ووسائل التواصل الاجتماعي وبعض المصادر الأخرى، مما جعل أصحاب المشروعات الناشئة يشعرون براحة أكبر في التعامل مع تقنية الاقتراض الجديدة ، وذلك بعد أن كان يتم استبعادهم عادة لصالح الشركات العملاقة المملوكة للدولة.
وبالنظر إلى حجم الاقتصاد الصيني المتنامي منذ الربع الأخير من القرن الماضي، والذي يقدر حجمه بـ 13 تريليون دولار، فإنه يمكن القول بأن الآثار الواضحة لتقنية الاقتراض الجديدة قد ساعدت نحو 60% من المشروعات الصغيرة على تحقيق معدلات نمو ملحوظة، كما ساهمت في توظيف 80% من العمال، وذلك بعد الحملة الممنهجة التي قادها مسئولون رسميون على مدار عامين ضد مشروع القروض الافتراضية.
ويرى خبراء بأن الصين قد أصبحت تقود العالم حاليا في مجال تطبيقات البيانات والذكاء الاصطناعي، كما أن نظام القروض الجديد جعل المعاملات المالية تبدو أكثر سهولة ومرونة على صعيد خصوصية العملاء بعيدا عن الإجراءات الرسمية والقيود الروتينية.
ويعد نظام الائتمان الاجتماعي هو المصدر الأساسي للحصول على المعلومات البنكية في الصين، وقد تم اختباره في مدن عدة من أجل تقييم الأشخاص الذين يرغبون في الحصول على القروض، وبناء على ذلك التقييم والذي يتم في ضوء متابعة سلوكيات الشخص المقترض يتم تحديد ما إذا كان يستحق الحصول على القرض أم لا.
ويتفوق نظام MYbank على أنظمة الاقتراض التقليدية في قدرته على استيعاب المزيد من أصحاب المشروعات الصغيرة وسرعة البت في طلباتهم، على عكس القروض العادية حيث عادة ما يتم رفض نحو 80% من الطلبات المقدمة، كما أن مراجعة الطلب الواحد واتخاذ القرار بشأنه تحتاج إلى نحو 30 يوم عمل، كما أن تكلفة الخدمة في MYbank تصل إلى 3 يوان بينما تبلغ نحو 2000 يوان لدى الأنظمة التقليدية الأخرى.
وقد نجح المشروع التقني الجديد والذي يعد الأول من نوعه في مجال الائتمان الافتراضي في تحقيق أرباح تقدر بـ 670 مليون يوان خلال العام الماضي، الأمر الذي شجع بعض الشركات والبنوك الصينية الكبرى على المضي قدما في تأسيس مشروع يسيرعلى نفس الوتيرة، وخاصة بعد أن تمكن MYbank من إطلاق تطبيق للهواتف المحمولة في سبتمبر الماضي بهدف تلقي طلبات الاقتراض وتنفيذ تحويلات مالية تقدر بـ 5 مليون دولار خلال بضع دقائق فقط.
وبحسب عدد من الخبراء، فإن مشروع القروض الالكترونية يعد من المشروعات المربحة طالما تم دراسة كافة المخاطر المحتملة ووضعها في الحسبان على نحو دقيق، وبالرغم من أن نسبة الخطر قد تزيد نسبيا في حال تراجع الاقتصاد الصيني، إلا أن جميع المؤشرات تدل على تنامي ملحوظ لصالح معظم المشروعات الصغيرة والشركات الناشئة.
وفي الوقت الذي أصدر فيه النظام المصرفي الصيني توجيهاته إلى بعض المؤسسات البنكية المملوكة للدولة بتوفير الائتمان للشركات الصغيرة بنسبة تصل إلى 30% ، أعلن MYbank عن خطته لزيادة حجم رأس المال الخاص به إلى 6 بليون يوان، فيما يعني حصوله على أرباح تقدر بـ 10 بليون يوان بهدف استثمارها في مجال تقديم القروض.
وقد أعرب عدد من أصحاب المشروعات الصغيرة في بعض المدن الصينية عن سعادتهم البالغة في التعامل مع النظام الجديد مؤكدين على أن سعر الفائدة السنوي لا يؤثر على أعمالهم، كما أنهم لا يشعرون بالقيود التي اعتادوا عليها خلال المعاملات البنكية التقليدية.
رابط المقال الأصلي: اضغط هنا