على القادةِ العرب الإستماع إلى هموم الشباب بقلم غابريال طبراني
على مدى السنوات الـ 12 الفائتة، دأبت مؤسسة “أصداء بي سي دبليو” للعلاقات العامة على إجراء استطلاع سنوي لرأي الشباب العربي حيث تُرَكِّز أسئلتها لهؤلاء الشباب، الذين يعيشون في العالم العربي، على آمالهم وأحلامهم والتحدّيات التي يواجهونها. وقد كشفت نتائج استطلاع هذا العام عن اتّساعِ الفجوة بين الإقتصادات الأكثر تقدّماً في المنطقة ودولها التي تمرّ بأزمةٍ وسط جائحة فيروس كورونا المُستجدّ والركود العالمي.
شارك في الإستطلاع أربعة آلاف شخص (50 في المئة من الذكور و50 في المئة من الإناث) تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً من 17 دولة لمناقشة حياتهم ووجهات نظرهم حول الإتجاهات الأوسع في المنطقة.
النتائج التي صدرت منذ أيام تأتي في وقت صعب للغاية. لقد وضع الوباء، والركود العالمي الذي تسبّب به، عبئاً ثقيلاً على الإقتصادات العربية التي تعتمد إلى حد كبير على السياحة أو على عائدات الهيدروكربونات لتزدهر. وأدّت قيود “كوفيد-19” إلى خلق صعوبات كثيرة التي قد تُفاقم الصراع في المنطقة أيضاً. لقد جعلت دائرة الصراع والصعوبات الإقتصادية ما يقرب من نصف الشباب العربي يائسين ويُريدون الرحيل ومغادرة بلادهم.
من طرابلس- لبنان إلى طرابلس- ليبيا، البعض على استعداد للمخاطرة حتى بالموت غرقاً هرباً من الفقر على أمل عبور البحر الأبيض المتوسط للوصول إلى أوروبا.
في لبنان، أعرب 77 في المئة من المشاركين في الإستطلاع عن رغبتهم مغادرة البلاد، حيث أدّى الإنفجار الهائل والمميت في مرفأ بيروت في 4 آب (أغسطس) الفائت إلى تفاقم الأزمة الإقتصادية المستمرة منذ فترة طويلة والخلل السياسي الكبير. في ليبيا واليمن، وكلاهما في حالة حرب أهلية، يُريد 69 و66 في المئة من الذين أجريت معهم مُقابلات، على التوالي، المغادرة والهجرة.
تتناقض هذه الأعداد الكبيرة بشكل حاد مع النتائج التي توصل إليها الإستطلاع في دول الخليج. هناك 3 في المئة فقط من الشباب الإماراتي و6 في المئة من نظرائهم السعوديين مُهتَمّون بالهجرة. وللعام التاسع على التوالي، بقيت الإمارات العربية المتحدة البلد المُفَضَّل الذي يرنو الشباب العربي للعيش فيه، ويريدون لبلدانهم أن تقتدي به. وقالوا إن الإمارات هي الدولة الأكثر رغبة للعيش فيها، بفضل الوظائف ذات الأجور المرتفعة والإستقرار.
يرغب الكثير من الشباب المغادرة والهجرة لأنهم فقدوا الأمل في كسب العيش الكريم في وطنهم. مع بداية الوباء، قال 72 في المئة من جميع المُستجيبين أنه كان من الصعب العثور على وظيفة. وارتفع هذا الرقم إلى 91٪ في لبنان و 90٪ في الأردن.
كما أن الشباب اليوم مدينون أكثر مما كانوا عليه قبل خمس سنوات. قال أكثر من 65 في المئة من المشاركين من سوريا والأردن وفلسطين إنهم يتحملون ديوناً شخصية، وفي كثير من الحالات، للوصول إلى الضروريات الأساسية مثل التعليم والسكن. لكن يبدو مستوى الدين الشخصي بين الشباب أقل بكثير في دول الخليج، حيث يبلغ على سبيل المثال 4 في المئة فقط في الكويت.
أكثر من نصف سكان العالم العربي تقل أعمارهم عن 25 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة. ويشهد شعورُ العديد منهم بالإحباط واليأس على فشل خطير للقيادة في بعض الدول العربية. قال ما يصل إلى 77 في المئة من المُستجيبين إن حكومتهم فاسدة، مشيرين إلى “الواسطة” (المحسوبية الفاسدة) باعتبارها مصدر قلق رئيس.
لكن شباب المنطقة لم يقفوا مكتوفي الأيدي في وجه اليأس. دعا الكثيرون إلى التغيير وتحسين الحكم والشفافية في العام الفائت. من لبنان إلى العراق، ومن السودان إلى الجزائر، خرجوا في مسيراتٍ إحتجاجية. وقال أكثر من 80 في المئة من الشباب الذين تمّت مقابلتهم في تلك البلدان إنهم يؤيدون حركات الإحتجاج. لقد حقق هؤلاء المتظاهرون الكثير. نجحوا في الإطاحة بالديكتاتور السوداني عمر البشير، وجلبوا إلى السلطة في العراق رئيس وزراء إصلاحي، مصطفى الكاظمي، وفي لبنان أسقطوا حكومتين مُتعاقبتين.
سواء في الخرطوم أو بيروت أو بغداد، أَلهَمَ الشبان والشابات العرب العالم وهم يسعون جاهدين إلى جعل الشرق الأوسط مكاناً أفضل للعيش. لقد حان الوقت الآن للإستجابة لنداءاتهم، وليكون ذلك بدوره مَصدرَ إلهام.
رابط المقال اضغط هنا